فصل 15:ولادة المسخ
تجمّد الجميع في ساحة التدريب، وقد شُلّت حركتهم من هول ما رأوه. من بين أنقاض ذراع زارك المبتورة، بدأت مادة سوداء لزجة تتسرّب ببطء، تتلوى وتنبض كما لو كانت حيّة. في ثوانٍ، تشكّلت يد جديدة… لكنها لم تكن بشرية. كانت مغلفة بطبقة هلامية داكنة، تشبه الجحيم في قوامها، نابضة كأنها تتنفس.
زارك، أو ما تبقى منه، رفع رأسه ببطء، وعيناه تلمعان بجنون غريب. فمه تمزق حتى أذنيه، كاشفًا عن صفوف غير طبيعية من الأسنان الحادة. صمت الساحة كليًا… قبل أن ينفجر المتدربون في فوضى، يركضون لالتقاط أسلحتهم.
كان غريب لا يزال واقفًا، يراقب بتحفّز. شعر أن الهواء من حوله تغيّر، أصبح أثقل، كأن شيئًا يولد من بطن الظلام.
همس السيف الأسود في ذهنه:
"انتبه… لقد فقد عقله تمامًا. لم يعد إنسانًا، بل مسخ من المستوى الثاني. لا تواجهه وحدك، انتظر كاين!"
وقبل أن يلتقط غريب أنفاسه، اندفع زارك الجديد نحوه بسرعة مرعبة. لم يكن يتحرك بعشوائية كالمسوخ العاديين، بل بتركيز قاتل
"… لا تتردد!"
كان صوت السيف حادًا هذه المرة.
رفع غريب سيفه عالياً، وهاجم بكل ما أوتي من قوة، مستهدفًا عنق زارك، لكن الضربة اصطدمت بجسد هلامي صلب. ارتدّت النصل عنه كأنها اصطدمت بصخرة مطاطية.
في لحظة خاطفة، كوّن زارك حاجزًا من المجسات اللزجة، حاصر به الحلبة بالكامل، مانعًا أي تدخل من الخارج. رأى غريب كاين من خلف الجدار، يصرخ لكنه لا يُسمع.
"إنه يستهدفك،" همس السيف مجددًا،
"أظنه شعر بشيء خاص فيك... لا تتراجع، لم يعد بشريًا."
تراجع غريب نصف خطوة، قفز للأعلى متفاديًا ضربة مخلب مفاجئة، ثم دار في الهواء محاولًا مهاجمة كتف المسخ. لكن الهجوم لم يُجدِ نفعًا، جسد زارك كان قد تحوّل بالكامل إلى مادة هلامية شبه مصفحة.
ظهر لزارك ذيل شائك يضرب الأرض ويثير الغبار، وحدبة بارزة خرجت من ظهره. هجم بكل أطرافه دفعة واحدة، كمن يحاول ابتلاع خصمه بالكامل.
"استخدم نيران السيف!"
صرخ كاين من خلف الجدار.
تذكّر غريب ما تعلمه قرب البحيرة… سرّ صغير في قلب النصل.
توهج السيف الأسود بنار خافتة بلون الغسق. أمسكه غريب بكلتا يديه، رفعه فوق رأسه، ثم اندفع كالسهم نحو زارك.
زارك أطلق هديرًا غاضبًا، صوته يمزّق الهواء، لكن غريب لم يتوقف. اخترق صدر المسخ بالسيف، وانفجرت ألسنة اللهب من الداخل، كأن النار قد وُلدت من قلب الظلام.
صرخ زارك صرخة مرعبة دوّت في الساحة، قبل أن يتحول جسده إلى رماد داكن تناثر في الهواء.
سقط غريب على ركبتيه، يتنفس بصعوبة، بينما السيف يتمتم بصوت خافت:
"هذه فقط... البداية."