فصل 17:بداية اللعنة
اللّعنة تبدأ من اليوم" — كانت تلك الكلمات كفيلة بزعزعة استقرار عقل غريب. التفت حوله، يحاول أن يحدد مصدر الصوت، لكن لم يكن هناك أحد. سوى رائحة خفيفة للماء ونسيم غريب يمر من خلفه.
لاحظ السيف توتره وهمس:
"لماذا تتصرف كأنك رأيت شبحًا؟"
رد غريب وهو ينظر للأفق:
"لم أره، لكنني سمعته... فهمت الآن، من هذه اللحظة تبدأ لعنتنا."
"ما هي هذه اللعنة، أيها السيف؟"
"لا يجب أن تعرف الكثير الآن... مع الوقت ستفهم. لكن سأقول شيئًا واحدًا فقط... اسمها: الوحدة."
غرق عقل غريب في بحر من الأفكار.
ومنذ تلك المعركة، بات كل من في معسكر المرتزقة يتجنبه، يتهامسون حوله كما لو كان لعنة تمشي على قدمين.
**
دفع غريب باب غرفة كاين بقوة:
"كاين، أريد أن أتحدث معك في أمر مهم."
"تفضل، اجلس. ما الأمر؟"
لكن قبل أن يتمكن من إخراج الكلمات، سُمِعَت دقات قوية على الباب.
"أيها القائد! هناك تجمّع ضخم من المسوخ يقترب من موقعنا! المنطقة تطلب دعمًا قبل أن يصل الجيش."
نهض كاين فورًا، التقط سلاحه وقال:
"جهزوا كل من يستطيع القتال! أما الآخرون، فليحموا القاعدة!"
ثم التفت إلى غريب:
"أنت ستكون معي، جهّز نفسك فورًا."
**
خرج الجميع إلى الساحة، الوجوه متوترة، العيون تتبادل القلق.
ساروا طوال اليوم، وغريب يقف إلى جانب كاين في المقدمة، وقد نال مكانته عن جدارة.
فجأة، صرخ أحد الجنود وهو يركض خارجًا من الغابة، يتنفس بصعوبة شديدة:
"عودوا! لا تذهبوا هناك! ستُذبحون دون رحمة!"
وما إن نطق كلماته الأخيرة، حتى هاجمتهم مجموعة ضخمة من المسوخ من المستوى الأول، قافزة، سريعة، لا ترحم.
بدأ القتال، وغريب كان يقاتل بقوة وشراسة، لكن بدا أن عددًا كبيرًا من المسوخ يتجمع حوله تحديدًا.
قفز كاين بجانبه وساعده في صد الهجمات.
وفجأة... توقفت المسوخ عن الهجوم.
صمت غريب. الجميع صمت.
انقسمت المسوخ إلى صفوف، كأنها تستعد لاستقبال شيء عظيم.
الأرض بدأت تهتز.
ثم، صوت صراخ وحشي يدوّي من أعماق الغابة.
شقّ الوحش طريقه بين الأشجار، طوله أربعة أمتار، جسده كتلة من اللزوجة العضلية، مجساته تتحرك كأفاعٍ جائعة.
رفع إحدى يديه، ومسح بها نصف المقدمة، التهم المرتزقة كما لو كانوا ترابًا.
ثم رفع رأسه الثقيل نحو غريب، وفي عينيه بريق وحشي وقال:
"أنت هنا... أخيرًا."