فصل 19: مسرح جثث

خرجت الكلمات من فم غريب، ومع كل كلمة، بدأ المكان يختل كأنه يتفكك من هذا العالم، وكأن الواقع نفسه ينكمش حوله.

تحرك غريب ببطء، كأن خطواته تترك ندوبًا في الهواء.

توقّف الجميع؛ المسوخ، والجنود، وكأنهم يخضعون لسلطانٍ لا إرادة لهم أمامه.

بدأ شكل غريب يتحوّل ببطء، ملامحه تتشوه كما لو أن كيانًا آخر يُعاد نحته من جسده.

ظهر قناع عظمي على وجهه، تتدفق منه هالة غير مفهومة، ومن كل جهة من رأسه خرج قرنان مزدوجان، أربعة في المجموع، مائلة ومخيفة.

تحول شعره إلى أبيض حريري يتطاير بلا ريح، وأصابعه استطالت كمخالب جائعة.

بدأ جسده ينتفخ ويكتسب كتلًا عضلية ضخمة، بينما لون بشرته تحوّل إلى أسود زيتي لامع، كأن درعًا عضويًا يغلفه.

لكن الأسوأ كان صوته... لم يعد بشريًا، بل خليطًا من همسات متراكبة، كأن مئات الكائنات تتكلم في وقت واحد من فمه الممزق.

كل حركة منه تُصدر صوت تمزّق لزج، كما لو أن جلده يُعاد تشكيله باستمرار.

رفع يده للأعلى، وإذا بالسيف يطير من مكانٍ بعيد ليستقر في قبضته.

ثم سمع همسات مألوفة داخله:

> "سيف النداء"

القدرة: يعود دائمًا إلى غريبه، ويزداد قوة حين يقاتل من أجل البقاء لا من أجل القتل.

التأثير: لا يُظهر قوته الكاملة إلا عندما يكون غريب على شفا الموت.

الجانب المظلم: إن طلب غريب القوة طوعًا، بدأ السيف يتغذى على مشاعره.

ضحك غريب ضحكة كأنها تُفجِّر التربة من تحت قدميه، وقال: – "ما زلتَ تهمس لي يا... شظية الأزل؟! أكنت تظن أني نسيتك؟ لقد غيّرت شكلك هذه المرة، جيد... مرآة جديدة."

صوت السيف أجابه بغضب: – "يا هامس الفوضى... أتقول هذا بعد أن تخلّيتَ عني؟"

سأل هامس الفوضى باستغراب: – "مَن هذا؟ كيف لم يتأثر؟ من يكون صاحب جسد؟ اجب سيف

هل تظن أن باستطاعتك سرقة جسده؟"أنه أحد غرباء

ضحك هامس الفوضى ثم قال: – "يا لسوء حظي أن يكون جسدي الجديد... هو غريب."

هاجم المسخ الضخم بكل ما يملك، لكن هامس الفوضى تحرّك خطوة واحدة فقط وقال باستهزاء: – "كومة قذارة تحاول لمسي؟ حسنًا... لنستمتع قليلًا قبل الاختفاء."

غرس سيفه في الأرض وقال بصوتٍ عميق: – "افتح يا مسرح الجثث!"

توقف الزمن للحظة.

انفصل المكان عن الواقع، وظهرت حدود من ظلٍ أسود كثيف تفصل كل من يقف داخله عن العالم الخارجي.

وما ظهر... لم يكن إلا كابوسًا متجسدًا:

الأرضية مرصوفة بأسنان بشرية، كفسيفساء مروّعة، تتخللها بركٌ صفراء تتصاعد منها أبخرة خفيفة.

في الوسط، منصة عالية من عظامٍ متشابكة، تتدلى منها جثث كأعلام حيّة، تتلوّى وكأنها تختنق باستمرار.

الممرات مضاءة بمصابيح من أمعاء متوهجة، تتدلّى من السقف ككرات لحم حمراء.

الجدران مغطاة بأيدٍ متحجّرة تمسك بفوانيس مصنوعة من جلد بشري، تُطلق ضوءًا أخضر باهتًا.

الأشجار تتكوّن من أذرعٍ ملتوية، وأوراقها من رئات مجففة تتحرك كأنها تتنفس.

الحيوانات: كلاب بلا جلود، تنبح بأصواتٍ تشبه بكاء أطفال، تلتهم بعضها وتعود للحياة.

الموسيقى: لحنٌ مشوّه، تعزفه فرقة من الأموات، بآلات من عظام وأوتار بشرية، يُسمع في كل زاوية.

الزوار: ظلالٌ بشرية تختفي إن نظرتَ نحوها مباشرة، تترافق مع ضحكات مكتومة من أكشاك مهجورة.

وفي الزوايا: تماثيل نصف ذائبة من لحمٍ وشمع، تذوب وتُجمّد باستمرار، تحاول الهرب من شكلها.

ثم دوّى صوت من العدم:

> "هيا... لنبدأ الحفل."

2025/05/09 · 3 مشاهدة · 494 كلمة
Amen
نادي الروايات - 2025