فصل 20:شظايا الأزل
استيقظ "غريب" في مكان مظلم بلا نهاية، لا يُرى فيه شيء سوى السواد. كانت أصوات طنين وهمسات تحيط به من كل جانب، دون أن يعرف مصدرها. فقد إدراكه بالمحيط من حوله، حتى لمح شيئًا يلمع في البُعد.
ركض نحوه بسرعة، وما إن لمس مصدر الضوء حتى تدفقت إلى ذهنه ذكرياتٌ غريبة... مشاهد غير مفهومة: امرأة تنادي بكلماتٍ مبهمة، أشخاص يتحدثون، ثم انفجارٌ أسود يمحو كل شيء.
اختفت الذكريات فجأة، وبدأ رأسه ينبض بألم حاد. استدار نحو الخلف بعدما سمع صوتًا مألوفًا... فوجد طيفًا أسود على هيئة سيف، جالسًا على عرش مصنوع من السيوف والدروع.
قال الطيف بصوتٍ غامض:
"مرحبًا بك في العالم الفاصل بين الحياة والموت.
سأل غريب: – "أين أنا؟ ماذا يحدث؟ كيف وصلت إلى هذا المكان؟"
رد الطيف بصوت حازم: – "أنا شظية الأزل وسيف الذي تحمله، وأنا أحد القدماء. وجودك هنا نتيجة لما فعله بك 'هامس الفوضى'. بعد أن التهمت الكثير من اللحم البشري، تضاءلت إنسانيتك لأقصى حد، مما سمح له بالتسلل إلى جسدك. لكن لا تقلق... لا يمكنه الاستحواذ الكامل على جسدٍ مثلك."
صمت قليلًا، ثم أضاف: – "لكن ما يجب أن تقلق بشأنه حقًا... هو أن خمس طوائف ستعلم باستيقاظ 'هامس الفوضى'، ومع اختفائه المفاجئ، سيبدأ الشك فيك."
جلس "غريب" على الأرض يحاول فهم ما جرى.
قال مجددًا: – "أيها السيف... أقصد، شظية الأزل، من هو هذا الوغد الذي يحاول سرقة جسدي؟ ومن هم هؤلاء الطوائف؟ أليس هناك فقط القلعة؟"
ابتسم شظية الأزل: – "أنت مخطئ. 'هامس الفوضى' كيان قديم، خُتم من قِبل تحالف بين ممالك وطوائف. أما الطوائف الخمس:
1. الأولى: تعبد 'هامس الفوضى'.
2. الثانية: أتباعي، طائفة 'شظايا الأزل'.
3. الثالثة: تعبدك أنت، أو بالأحرى الغرباء، ويظنون أنك المختار.
4. الرابعة: أعداء لي ولك، يعتقدون أن عليك أن تُمحى وتُختم.
5. الخامسة: مجهولة، لا يعرف عنها أحد شيئًا."
ثم أضاف: – "وإن كنت تظن أن القلعة هي الوحيدة... فهناك مدن أخرى، لكنها أكثر وحشية."
…
فجأة، دوى صوت عتيق من العدم: – "لنبدأ الحفل... في مسرح الجثث."
انطلقت المعركة مجددًا. مسخ ضخم اندفع نحو "هامس الفوضى"، لكن الأخير اختفى في ومضة، وقطع المسخ آلاف القطع قبل أن يُبعث مجددًا. لم يكن مسرح الجثث مجرد ساحة قتال، بل كائن شبه حي يتغذى على الألم والرعب. كل من يدخله يصبح جزءًا من عرضه.
وقف "هامس الفوضى" في مكان مرتفع يراقب الفوضى من حوله، ضاحكًا...
لكن جسد "غريب" بدأ يرتعش فجأة. كان يقاوم تأثير الكيان داخله.
قال "هامس الفوضى" بنبرة إعجاب: – "أنت مثابر، محظوظ لأن وقتي قد انتهى. أعجبني إصرارك... سأترك لك مسرح لبعض الوقت."
عاد "غريب" إلى وعيه. نظر حوله، لم يفهم تمامًا ما جرى. وفي لحظة واحدة، تدفقت الذكريات الحقيقية: وجوه، كلمات، ألم...
تجهم وجهه، حدّق في المسخ القادم، وقال بصوت خافت كالسُّم: – "سأتذوق لحمك، ولو كلفني ذلك حياتي."