23 - هامس الفوضى يستيقظ

فصل 23: هامس الفوضى يستيقظ

في أعلى جبل مهجور، اقترب رجل يرتدي زيًا أسود قاتمًا من مدخل متهدم. كان هناك رجال آخرون يجلسون في صمت، يرتدون الثياب نفسها، وقد التفوا حول شعار غريب محفور في الأرض.

كان الشعار عبارة عن دائرة غير مكتملة الحواف، تحيط بعين عملاقة بلا جفن، تنزف خطوطًا رفيعة من الحبر الأسود كأنها دموع زمنٍ محطم. خلف العين، تتشابك شروخ زجاجية، يمثل كل منها تصدّعًا في النظام، وتحمل نقوشًا بلغة منقرضة.

من مركز الشعار، تمتد ثمانية خطوط غير متوازنة كأطراف تلتف على نفسها كثعابين، بعضها يتوهج، وبعضها يتبخر، في تجسيد للفوضى التي لا يمكن كبحها.

وفي أسفل الشعار، وُجد رمز مثلث مقلوب يتقاطع مع دائرة صغيرة — ختم "هامس الفوضى"، يُقال إنه يزرع الجنون في كل من يطيل النظر إليه.

تكلم صوت عجوز، وهو يقود طقسًا مروّعًا في صمت مرعب.

في منتصف الكهف، كانت هناك دائرة من الدماء — بشرية ووحشية — محفورة في الأرض القاحلة. كُتبت الرموز القديمة على الجدران برماد عظام محروقة لضحايا قُدّموا قربانًا.

وُضع في منتصف الدائرة وعاء حجري مملوء بسائل أسود لزج يُسمى "دم الأصل"، مأخوذ من جثة مخلوق يُقال إنه سليل الفوضى الأولى.

أُشعلت شموع سوداء، تردّد الكهنة تراتيل بلغة منسية. بدأ الهمس... ثم ارتفع الصوت، ومع كل بيت يُتلى، تشققت الجدران، واهتز الهواء، حتى وصلت الطقوس ذروتها.

تم ذبح أحد المختارين من القلب إلى الحنجرة، وسُكب دمه في الوعاء، لتنطفئ الشموع في لحظة واحدة. ساد الصمت... ثم سُمِع صوت.

كان همسًا يتردد داخل العظام، لا يُسمع بالأذنين بل يُحسّ في العقل.

ثم تجسد الطيف...

"لم أستعد قوتي الكاملة... لكني شعرت به... غريب. ذلك الذي يحملني."

تابع الهمس المظلم:

"أمري لكم: ابحثوا عنه. زعزعوا ذاكرته، شوّشوا أفكاره، حتى ينكسر ويفتح لي الباب."

أراد أحد الحاضرين الاعتراض:

"سيدي، هذا محفوف بالخطر. وعي غريب مغلق بإحكام."

فجاء الجواب القاطع:

"نفّذوا دون اعتراض."

في مكان آخر…

استفاق غريب على صوت خافت، كان شيخًا يقول:

"أخيرًا... استيقظت، أيها الغريب."

فتح عينيه بصعوبة. كان ملفوفًا بالضمادات، مستلقيًا في غرفة دافئة، خشبية الجدران.

سمع صوت فتاة:

"جدي، هل استيقظ؟"

نظر فرأى شيخًا هادئ الملامح، وفتاة في الرابعة أو الخامسة عشرة تقترب منه.

قال الشيخ بنبرة حنونة:

"اجل، أحضري له بعض الطعام يا سيليرا."

ثم التفت إلى غريب:

"اهدأ، لن يؤذيك أحد. أنا نورثان، وهذه حفيدتي سيليرا. وجدناك في الغابة قرب حدود النبلاء."

قالت الفتاة بابتسامة قلقة:

"كنت مرميًا بين الأشجار، تنزف وتهمهم بكلمات غريبة."

همس غريب بصوت متعب:

"من أنتما؟ وأين أنا؟ وهل... تتذكرون شيئًا عني؟"

رد نورثان بنبرة هادئة:

"بل أنت من عليه أن يتذكر... أي ذكرى عن عالمك القديم أو لماذا أنت هنا…"

2025/05/15 · 3 مشاهدة · 409 كلمة
Amen
نادي الروايات - 2025