فصل 25: وعيٌ مستهدف

بعد محاولات عديدة، حاول فيها غريب أن يُحرّك السيف من الختم، تمتم بكلماتٍ علّمه إياها شظايا الأزل، لكن دون جدوى… لم يتحرك شيء.

انتهى به الأمر مرهقًا، فاستلقى على الأرض، وتمتم بنبرة حزن:

"أشعر أنني ما زلتُ بشريًا… لكن وجوه أولئك الذين أكلتهم، دون وعي، لا تفارق أحلامي."

بعد لحظات، سمع صوت خطواتٍ خفيفة تنزل من الأعلى. كانت سيليرا.

"آسفة على الإزعاج، أيها الضيف… سمعت أن جدي قد حَبَسك هنا. لستَ الأول، على كل حال…"

جلست بجانبه وقالت:

"هل تسمح أن نتحدث قليلًا؟ لم يكن لدي أحد أتكلم معه منذ سنوات."

ردّ غريب بصوت متردد:

"أجل..."

اقتربت منه وسألته:

"ما سبب حبس جدي لك؟ لا تبدو شخصًا سيئًا."

تنهد غريب:

"أنا نفسي لا أعرف… سألني سؤالًا واحدًا فقط، ولما لم أجب، تركني هنا."

رفعت حاجبيها باستغراب:

"وما هو سؤاله؟"

قال غريب بصوت خافت:

"سألني: هل ما زلت تعتبر نفسك بشريًا؟ هل ما زلت تمتلك شيئًا من إنسانيتك؟ ولم أستطع الرد... أكلت بشرًا دون وعي، وما زلت مترددًا… هذا يُمزقني من الداخل."

ابتسمت سيليرا بلطف وقالت:

"إذن... المهم أنك ما زلت تفكر كإنسان طبيعي."

ردّ بصوت حزين:

"أخشى أنني لم أعد أميز من أنا… وبين ما أصبحت عليه."

وضعت يدها على كتفه:

"لا تقلق… ما زلت تملك عقلك. وما زال أمامك وقت لتقرر من ستكون. القوة الحقيقية لا تكمن في قتل الوحوش، بل في ألا تصبح مثلهم."

كانت كلماتها كعلاجٍ نفسي له، فشعر ببعض الراحة. وبعد فترة، نهضت فجأة:

"جدي قد عاد! سنلتقي مرة أخرى!"

ثم ركضت نحو الأعلى.

جلس غريب وحده يُعيد ترتيب أفكاره.

"شظايا الأزل، هل تسمعني؟"

"أجل… ماذا تريد؟ أحاول الخروج من هذا الختم المزعج

وفجأة، ظهر نورثان من العدم، ونظر إلى غريب نظرة صارمة:

"هل وجدت جوابًا لسؤالي؟"

صمت غريب، لم يجب.

استدار نورثان نحو بابٍ مغطى بالرماد،

— "انتظر، أيها العجوز! ماذا تريد؟ لن تخرج من ختم حتي يجب غريب

"كنت سأعطيه فكرة… لإنقاذ حفيدتك."

اهتز المكان فجأة، وارتفعت الحرارة كأنها جحيم.

صرخ نورثان:

— "لا تذكرها على لسانك! أنت لا تعلم ما يحدث لها!"

— "بل أعلم… إنها تملك نورًا مقدسًا بداخلها، يشعُّ بقوة هائلة. لو علم أحد بوجودها، ستموت قبل أن يكتمل نضوجها."

غضب نورثان:

— "اصمت! سأجد طريقة لحمايتها."

سأل غريب السيف:

— "ما هو هذا النور المقدس؟ لم أفهم."

— "لك الحق أن تعرف. ذلك العجوز يريد استغلالك لإنقاذ الفتاة. النور المقدس هو أصل هذا العالم. بعد الانفجار العظيم، اختفى، وجاء هذا العصر المظلم. إن عاد النور، سيعود النظام… ولن يسمح الحكماء بحدوث ذلك."

"لكن… كيف يستغلني؟"

صمت السيف لحظة، ثم قال بصوتٍ خافت ومظلم:

— "إنه لا يريد جسدك… بل وعيك."

2025/05/16 · 4 مشاهدة · 414 كلمة
Amen
نادي الروايات - 2025