فصل 27:
"بوابة الوعي: الطقوس والظلال
استيقظ! هيا، سنبدأ تدريب اليوم!"
كان صوت نورثان صاخبًا، فنهض غريب على الفور وتبعه إلى خارج المنزل. المكان بدا معزولًا عن العالم الخارجي، وكأنه مفصول بحد ذاته عن كل ما هو مألوف.
قال نورثان:
"تدريب اليوم سيكون عن التحكم في وعيك. أول ما يجب أن تعرفه هو أن وعيك مقسوم إلى أربع مناطق، لا يمكن اختراقها من الخارج بأي وسيلة.
المنطقة الأولى تُمكنك من تخزين الأسلحة والمواد الأسطورية، والثانية تُستخدم لختم قوى الآخرين أو مشاركتها، أما الثالثة فتمكنك من ختم أشخاص لفترة مؤقتة."
قاطعه غريب:
"وماذا عن الرابعة؟ لم تذكرها."
أجاب نورثان بنبرة صارمة:
"لا تقترب منها مهما حدث… هناك تُختم ذكرياتك القديمة. لن تتحمل حتى جزءًا صغيرًا منها. لذلك، لا تحاول لمسها حتى تتقن التحكم في المناطق الثلاث الأولى."
سأل غريب بتردد:
"ولكن… سيد نورثان، كيف يمكنني الدخول إلى وعيي؟"
تنهد نورثان، وصوته يحمل لمحة حنين:
"الأمر ليس سهلًا، ولا صعبًا تمامًا… الأسوأ هو الوحش الذي ستقابله عند كل مستوى. إنه انعكاس من ظلك… جزء من جانبك المظلم."
ثم صرخ:
"سيليرا! تعالي وساعديني."
سُمع صوت خطوات خفيفة تقترب، ثم قالت سيليرا:
"أين أنت يا جدي؟ أين المواد؟"
وصلت بعد لحظات حاملة مجموعة من الأدوات، من بينها شموع سوداء وزيت أحمر.
قالت بنبرة حزينة:
"عذرًا على التأخير… جدي..."
أشار لها نورثان بسرعة:
"هيا، أيها الغريب، استعد."
تمتم بكلمات غريبة، وفجأة وجد غريب نفسه في غرفة دائرية محفورة في الصخر، تملؤها نقوش قديمة تتوهج بألوان باهتة. وقف نورثان في المنتصف، يرسم رموزًا معقدة على الأرض باستخدام مسحوق رمادي يشبه الرماد البارد. الهواء كان ثقيلًا، ممزوجًا برائحة غريبة بين العطر والاحتراق.
سأل غريب:
"هل هذا أنت، سيد نورثان؟"
ردّ بنبرة جادة:
"لا، هذه مجرد صورة. نحن الآن في فراغ منفصل عن العالم."
ثم أضاف:
"إن أردت السيطرة على قوتك، فعليك أولًا أن تواجه ذاتك. هذه الطقوس ستفتح بوابة وعيك... لكن لا أحد يعلم ما الذي ينتظرك خلفها."
جلس غريب في منتصف الدائرة بعد أن اكتملت الرموز. أمامه وُضِع وعاء نحاسي صغير، تتصاعد منه أدخنة زرقاء متراقصة. أسقط نورثان قطرة من دمه في الوعاء، فاشتعل الدخان فجأة بلون بنفسجي عميق، وتغيّر الهواء من حول غريب. راحت كلمات غير مفهومة تُردد في الهواء:
"الطقس يبدأ الآن."
ارتجف جسده فجأة من قوة الطقس، وبدأ يرى صورًا تتسلل إلى ذهنه: وجوه من أكلهم، عيون سيليرا، يده المقطوعة، السيف يصرخ… ثم سقط كل شيء في صمتٍ قاتل.
انقلبت الأرض من تحته. لم يعد هناك جدران، ولا نورثان… فقط ظلام لا قرار له.
وسمع صوتًا لا يشبه أي شيء عرفه من قبل:
"أهلًا بك… في داخلك، يا غريب."
"هنا، علمك… ذكرياتك… وجنونك. كل شيء هنا، وسيقودك إمّا إلى القوة… أو إلى الجنون."