فصل 30: جحيم التدريب

هل أنهيتَ الراحة؟

كان صوت نورثان صاخبًا كالصاعقة، أيقظ غريب من لحظةٍ من الخدر الجسدي والعقلي. كان ممددًا على الأرض، لا يقوى حتى على التنفس، كل عضلة في جسده تصرخ من الألم والتعب.

تمتم غريب بصوت متقطع، بالكاد تُسمع كلماته:

"سيدي... لم أعد قادرًا... جسدي كله... لا يتحرك..."

اقترب نورثان منه، عيناه تلمعان بقسوة وقوة:

"توقف عن هذا التذمر، هذا ليس سوى البداية. هذه المرة لن تساعدك سيليرا. تدريبك القادم سيكون أكثر قسوة... اربط هذه القيود الثقيلة في يديك ورجليك، وابدأ بالجري من أسفل هذا الجبل إلى قمته، ثم أعد الكرة نزولًا وصعودًا من جديد!"

رفع غريب رأسه بصعوبة، نظرة صامتة في عينيه، خليط من اليأس والعزيمة. وقف على قدميه وهو يتمايل، ثم ربط الأثقال حول أطرافه. كانت القيود باردة، ثقيلة بشكل خانق، كل حركة تُشعره وكأنها ستمزق عظامه.

"يومان دون راحة... وبعدها يوم واحد فقط لتلتقط أنفاسك!"

صرخ نورثان مجددًا وهو يراقبه ينطلق بخطوات ثقيلة.

بدأ غريب الجري، ساقاه ترتجفان تحت وطأة الحمل. كان يسقط مرارًا، ينزف من راحتيه وركبتيه، لكنه ينهض في كل مرة، يهمس بصوت خافت:

"إن أردت النجاة... إن أردت الحقيقة... عليّ أن أواصل، مهما كان الألم..."

مرّ اليوم الأول ببطء مميت، وفي اليوم الثاني كانت الشمس تحرق جلده، والرياح تُلهب جراحه، لكنه واصل، حتى لم يعد يشعر بجسده، فقط الهدف الذي يراه في أعماق روحه.

حين عاد أخيرًا إلى المنزل بعد يومين، لم يكن سوى ظلًا لرجل. خطواته متعثرة، أنفاسه قصيرة، عيناه شبه مغلقتين. توجه مباشرة إلى المطبخ، حيث وجد سيليرا في انتظاره، ابتسامة هادئة ترتسم على وجهها.

"حضّرت لك وجبةً خاصة، مناسبة ليوم الإجازة."

قالت وهي تضع أمامه طبقًا دائريًا، ذهبي اللون من الخارج، محمّرًا بشكلٍ مثالي، تفوح منه رائحة شهية. بجانبه كوب من العصير البارد، الحامض المنعش.

جلس غريب بصمت، التهم الطعام بنهم، وكأن الحياة عادت إلى جسده مع كل لقمة. بعد ذلك، استلقى على سريره، عيناه تغلقان ببطء، وعضلاته تتوسل للراحة.

"كم تغيرت... كم اقتربت من الحقيقة..."

فكر في نفسه، وهو يتذكر الأيام الماضية، كيف كانت كل لحظة من التدريب تشكل جزءًا جديدًا من كيانه، تبني فيه مقاتلًا حقيقيًا.

من بعيد، وقف نورثان يراقبه، عيناه أكثر هدوءًا هذه المرة، وقال بصوت منخفض:

"لقد أظهرت شجاعة كبيرة، يا فتى."

ابتسم غريب رغم الإنهاك، وغمغم:

"غدًا... سيكون يومًا جديدًا."

غرق في نومٍ عميق، غارقًا في السكون، مستعدًا لجولة جديدة من الجحيم... لكن هذه المرة، بقلبٍ أقوى، وإرادة لا تنكسر.

2025/05/22 · 3 مشاهدة · 379 كلمة
Amen
نادي الروايات - 2025