32 - فصل 32: مرآة الذات

فصل 32: مرآة الذات

تقدّم غريب إلى الأمام، وإحساسه متأرجح بين الخوف والتردد.

رغم أنه مرّ بمواقف مماثلة من قبل، فإن ما يراه الآن يصعب تصديقه. لكنه لم يعُد يملك رفاهية التراجع، فالمواجهة أصبحت أمرًا لا مفرّ منه.

وفجأة، ظهر

وحش بلا ملامح، يغطي وجهه قناع خزفي مشقوق من المنتصف، وجسده مغطى بقشور كأنها جلد محروق. صرخ بصوت أجوف:

"أنا مظهر الإنكار... والهرب من الذات."

تجمد كل شيء من حول غريب، شعر أنه وحده من يستطيع كسر هذا الجمود. راوده سؤال:

هل هذا الوحش تجسيد لمخاوفه؟ أم أنه رمز لما يرفض مواجهته داخله؟

استجمع شجاعته. لم يعُد هناك مفر.

المواجهة وحدها ستقوده إلى الفهم، وربما التحرر.

بدأ الخوف يتلاشى، وظهرت بارقة أمل خافتة في قلبه.

"أنا مستعد."

قالها بصوت خافت وهو يقترب من الوحش.

كان قد أخذ سيفًا ودرعًا بني اللون، يشبه جلد الباب الأول في وعيه. أمسك بالسيف، وقفز نحو الزاحف المُقنَّع بكل قوته.

لكن الكائن اختفى في لحظة، وظهر خلفه. هاجمه بضربة خاطفة، فتفاداها غريب بصعوبة، لكن ما رآه بعد ذلك جعله يتوقف مصدومًا.

كان القناع يعكس وجه غريب نفسه.

في كل مرة ينظر إليه، يرى انعكاسًا له... يقوم بفعل لم يعترف به بعد.

تقدم بخطوات مترددة. بدأ يدرك أن هذه المعركة ليست ضد الوحش، بل ضده هو.

عليه أن يواجه ما أنكره. أن يعترف بما دفنه داخله.

كان القناع، في الحقيقة، مرآة.

وفي تلك اللحظة، تذكر كل ما تجاهله، كل ما كذّب نفسه بسببه، كل الذنوب الصغيرة التي كدّسها في الزوايا المظلمة من وعيه.

ربما لم يكن الوحش عدوه... بل جزءًا منه.

جزء يحتاج للفهم، للرحمة، وربما للقتال الأخير.

ثبت سيفه في يده، وصرخ بثقة:

"استعد! أنا قادم لقتلك... أو مواجهة نفسي."

2025/05/25 · 3 مشاهدة · 265 كلمة
Amen
نادي الروايات - 2025