فصل 33 : انعكاس

أمسك غريب بسيفه جيدًا، واستعد للهجوم على خصمه بكل ثقة وعزيمة. كان يعلم أن المواجهة لن تكون سهلة، لكن شجاعته لم تهتز. راح يراقب تحركات خصمه بعناية، محاولًا اكتشاف نقاط ضعفه. خصمه كان وحشًا غريبًا، ينسخ كل حركاته بدقة، مما أضاف تحديًا جديدًا إلى المعركة.

تراجع الاثنان خطوة. لا كلمات، فقط أنفاس متقطعة وعيون مشتعلة.

فجأة، ظهر الزاحف المُقنَّع أمامه كأنه يُقتطع من الظلال، ومخالبه تلمع كالزجاج المشروخ. اصطدمت ضربته بسيف غريب في وميض شراري، دوى الصوت كما لو أن حجرين عظيمين تصادما في جوف كهف.

باغته الوحش بدوران منخفض، ضرب الأرض بقوة فتناثرت الشظايا الصغيرة، حجبت الرؤية للحظة. لحظة عمياء... لكن غريب شعر بوجوده. أغمض عينيه وقفز للخلف، متفاديًا شقًا مميتًا كاد يعبر صدره.

وحين فتح عينيه، كان الوحش قد صار خلفه.

استدار غريب بحركة نصف دائرية، مستغلًا دوران جسده ليحول سيفه إلى شفرة راقصة، يضرب بها دون هوادة. لكن الزاحف لم يكن أبطأ. كل ضربة يتلقاها يرد عليها بثلاث. تحولت المعركة إلى رقصة موت، تتخللها أصوات الاحتكاك ونبض الأرض تحت أقدامهم.

تراجع الاثنان قليلًا. وفي لحظة، اندفع غريب كالسهم، سيفه يشق الهواء بصافرة حادة.

انغرست شفرة غريب في صدر الزاحف، لكن في اللحظة نفسها، كانت مخالب الوحش قد غاصت في كتفه الأيسر.

كلاهما نزف. كلاهما صرخ. لكن أحدهما ابتسم.

ثم… بدأ القتال الحقيقي.

تحرك غريب برشاقة، يتفادى ضربات الزاحف المقنَّع بمهارة، بينما يسدد هجمات سريعة ودقيقة. كان خصمًا عنيدًا، لكن غريب لم يسمح له بالسيطرة. ضغط عليه باستمرار، محاولًا إجباره على ارتكاب خطأ.

التحم السيف والمخالب مجددًا، الشرر يتطاير من حولهما. شعر غريب بقوة الزاحف، لكنها لم تثنه. قاتل بكل ما أوتي من طاقة، مصممًا على البقاء، على النصر.

وفجأة، انقض الزاحف بسرعة مذهلة، كاد يفقد غريب توازنه، لكنه تمكن من التماسك في اللحظة الأخيرة وتفادى الضربة القاتلة. قفز إلى الخلف، أخذ نفسًا عميقًا، واستعد للهجوم من جديد.

كان يعلم أن خصمه خطير، وأن الحذر وحده لا يكفي. بدأ يفكر بتركيز: لا بد من نقطة ضعف.

ولاحظ شيئًا… حركة غير طبيعية في خطوات الزاحف. وكأنه يتألم. إصابة خفية.

قرر استغلال الفرصة. هاجمه بشراسة، محاولًا دفعه إلى كشف موضع إصابته. الزاحف كان يتراجع، يتفادى، لكنه بدأ ينهك.

وفي النهاية، أصاب غريب موضع الضعف. صرخ الزاحف من الألم وتراجع. كانت الفرصة. انقض غريب، وسدد ضربة قاطعة بسيفه.

سقط الزاحف المقنَّع أرضًا… ولم يتحرك.

تنفس غريب بارتياح. نظر إلى جسده المرتجف، إلى الدماء، ثم أراد أن يجلس قليلًا... لكن موجة من الذكريات ضربت عقله.

رأى نفسه يرتدي ملابس غريبة، محاطًا بأشخاص لا يعرفهم. ثم تغير المشهد: المكان نفسه… لكن الجميع ماتوا.

استفاق غريب، جسده يرتعش، ونظر إلى جثة الزاحف.

فجأة، تحرك الزاحف. فتح عينيه، ونطق بجملة غامضة:

"حينما تنام الليلة، فكّر… كم قرارًا اتخذته بنفسك، وكم واحدًا زرعته أنا داخلك؟"

2025/05/27 · 2 مشاهدة · 433 كلمة
Amen
نادي الروايات - 2025