فصل 35: استعادة الذات والتهديد القادم"
جلس غريب في زاوية من المنزل، صامتًا لا يتحدث ولا يتفاعل مع أحد. حتى نورثان بدأ يشعر بالحزن عليه.
اقترب منه وجلس بجانبه، قائلاً بصوت حنون:
– ما بك؟ لمَ لا تتحدث معي أو مع سيليرا منذ عودتك من وعيك؟ أخبرني ما حدث، سنحاول إيجاد حل.
غرق غريب في الصمت، عيناه تحدّقان في الفراغ كأنهما تبحثان عن إجابات لا يستطيع التعبير عنها.
شعر نورثان بالقلق، فأردف:
– غريب، نحن هنا من أجلك. مهما كان ما يثقل قلبك، يمكنك مشاركته معنا. نريد مساعدتك.
نظر إليه غريب ببطء، وكأن كلماته بدأت تخترق الجدار الذي بناه داخله.
تنهد ثم قال بصوت خافت:
– أشعر وكأنني فقدت جزءًا من نفسي… ولا أعلم كيف أستعيده.
ابتسم نورثان بلطف وربت على كتفه:
– أحيانًا نحتاج فقط إلى الوقت لنرتّب أفكارنا. لا تتعجل، نحن معك في كل خطوة.
ثم وقف وقال:
– سأترك لك بعض الراحة… لكن غدًا نعود إلى التدريب، سيحسّن مزاجك. سأغيب لبعض الوقت، انتبه لسيليرا… فهي خرقاء أحيانًا.
واختفى نورثان، تاركًا غريب غارقًا في أفكاره.
شعر بشيء من الراحة تتسلل إليه. بدأ يتأمل في استعادة توازنه، والعودة إلى ذاته. وبينما كان غارقًا في تفكيره، دخلت سيليرا بابتسامة دافئة:
– غريب، ما رأيك أن نخرج قليلًا؟ الهواء النقي قد يساعدك.
تردد للحظة، ثم وافق. ومع كل خطوة يخطوها خارج المنزل، شعر أن عبء الماضي بدأ يخف، وأن الأمل ليس بعيدًا.
---
بعد عدة أيام...
في غابة معزولة، وقف نورثان في مواجهة شخص مجهول،
قال المجهول بصوت حاد:
– سلّم لنا غريب وشظايا الأزل.
رد نورثان بغضب:
– لن أسلّمه… حتى لو أخذتم حياتي.
اندلعت معركة بينهما، وانفجر المكان من شدة الاصطدام.
تراجع المجهول مصابًا، بينما بقي نورثان واقفًا دون أن يصيبه أذى.
قال الرجل بصوت متقطع:
– ستندم يا نورثان… سيتحرّك جلالة الملك بنفسه ليستعيده.
حتى وأنت أحد أبطال القِدم… لن تستطيع حمايته بمرضك هذا!
تقلصت عينا نورثان، لكنه ظل ثابتًا.
كان يعرف أن الخطر يقترب، وأن الملك لن يتردد في سحق كل من يقف في طريقه.
عاد إلى مكان الإقامة، حيث كان غريب بانتظاره.
جلس بجانبه وقال:
– علينا أن نستعد. الأيام القادمة لن تكون سهلة. سأحتاج مساعدتك.
نظر إليه غريب مطولًا، ثم أومأ برأسه.
في أعماقه، شعر بأنه استعاد جزءًا من ذاته، وأنه مستعد لخوض ما هو قادم.
---
لكن في لحظة، لاحظ غريب شيئًا غريبًا…
نورثان كان يسعل دمًا، وعرقه يتصبب بغزارة.
تجمّدت أنفاس غريب، وهو يهمس بقلق:
– نورثان… ما بك؟!