6 - الفصل 6: الصفحات الممزقة

الفصل 6: الصفحات الممزقة

ومع بداية نوم الشاب، بدأت صور غريبة تتسلل إلى رأسه. ذكريات مشوشة، وجوه بلا ملامح، وأشخاص يقفون في صمت قاتل، يقتربون كلما أغلق عينيه. لم يستطع الهرب، حتى ظهر منهم واحد... كائن مريع، يمتد من جسده مجسات لزجة، وفي نهايتها سكاكين حادة تلمع في الظلام. في لحظة خاطفة، انقض عليه وقطع رأسه.

استفاق الشاب من نومه مذعورًا، يتصبب العرق من جسده، يلهث كمن نجا من موتٍ حقيقي. نظر حوله بارتباك، شعر وكأن ألف عين تراقبه من زوايا الغرفة. لم يقدر على الحركة... تجمد في مكانه، وكأن الهواء ذاته أصبح سميكًا وثقيلاً.

لكن بعد لحظات من الرعب، عاد كل شيء إلى طبيعته. التقط أنفاسه، ونهض متثاقلاً، وتوجه إلى الحوض الصغير ليغسل وجهه من العرق. رشّ بعض الماء البارد على بشرته المتوترة، وتمتم بصوت خافت:

"هذا ليس حلمًا عاديًا... في هذا المكان، لا شيء يحدث بالصدفة."

عاد إلى فراشه، وتمكن أخيرًا من إغلاق عينيه لبعض الراحة. وعندما استيقظ مجددًا، تسللت أشعة الشمس الدافئة عبر النوافذ، فشعر للحظة أنه في عالم مختلف... عالم أكثر دفئًا وطمأنينة. لكنه ما إن سمع صوت القزم يصرخ، حتى تبدد هذا الشعور:

"أيها الغريب! انتهى الوقت، هيا، غادر الآن!"

نهض بسرعة، ارتدى ملابسه، وخرج ليشكر القزم على ما قدّمه له. ثم غادر البيت، وبدأ يتجول في أنحاء القلعة. كانت شاسعة، تشبه المتاهة، وأدرك أن يومًا كاملًا لن يكفي لاستكشافها.

وأثناء مشيه، تمتم لنفسه:

"يجب أن أجد هدفًا واضحًا... إن لم أعرف طبيعة هذا العالم أو زمنه أو قوانينه، سأضيع فيه إلى الأبد."

وبينما كان يتجول، لمح بابًا خشبيًا ضخمًا شبه مفتوح، كتب عليه بخط باهت: "مكتب المحفوظات". دخله على أمل أن يجد فيه إجابات.

لكن ما إن دخل، حتى اعترض طريقه رجل ضخم الجثة، طويل القامة، ملامحه أقرب إلى الوحوش منها للبشر. قال بصوت أجش:

"ما الذي تفعله هنا؟"

ردّ الشاب بثبات نسبي:

"أريد فقط أن أقرأ بعض الكتب."

حدّق فيه العملاق ثم قال مهددًا:

"لا تسرق شيئًا... أو سأجعلك عشائي الليلة."

ابتلع الشاب ريقه، ثم واصل سيره بين الأرفف بصمت. وبينما يتنقّل بين الكتب، وقعت عيناه على كتاب غريب. لم يكن له غلاف، وأوراقه ممزقة، لكن الكلمات التي قرأها جعلت أنفاسه تتوقف:

> "أيها الغريب الذي لا تعرف اسمك...

أنا كنت مثلك. غريب تائه في هذا العالم.

هذه اللغة لن يفهمها إلا من عاش ما عشته.

إن أردت فهم هذا المكان، فابحث عني... أو اجمع ما تبقى من هذا الكتاب.

وتذكّر دائمًا:

من يسعى خلف القوة دون أن يفهم ثمنها...

سيدفع الثمن بجسده أو بروحه."

2025/05/03 · 6 مشاهدة · 392 كلمة
Amen
نادي الروايات - 2025