عند النظر إلى سقف غرفة النوم المزخرف بالذهب، شعرت آنا ببعض الإحباط.
أظهرت لها معركة الأمس أنها في مشكلة لا تُحسد عليها. فرغم فوزها الساحق على إيفار، كانت تدرك أن كونها أضعف العشرة الأوائل سيجعلها هدفًا لكل من يريد دخول العشرة الأوائل.
سيبدأ جميع النبلاء في تحديها مرارًا، مما سيتسبب في إرهاقها بشدة.
لكنها لم تستطع الخسارة.
لم تستطع خسارة مركزها بين العشرة الأوائل أبدًا، أو سيصبح الفرق بينها وبينه أوسع مع مرور الوقت.
بعد فترة من الاستلقاء على السرير وعدم فعل شيء سوى التفكير، وقفت آنا وتوجهت لتجهيز نفسها الفصل اليوم.
بعد فترة، خرجت من غرفتها وهي ترتدي زيها المدرسي وبدأت تمشي في الممر الفارغ.
كانت تحب الخروج مبكرًا، إذ لم تكن تريد الاختلاط ببقية العشرة الأوائل. في الواقع، لم تكن تحب الاختلاط بأحد.
بعد فترة من المشي في الممرات الفارغة، رأت أحد الطلاب.
عند رؤيته، لم تستطع آنا سوى التنهد. لقد كانت تعرف الطالب، بعد كل شيء، كان ما يمكن أن يُطلق عليه أحدهم "صديق طفولتها".
عندما رأى آنا تتحرك في نفس الاتجاه، ابتسم الطالب وبدأ في التحرك نحوها.
"أهلا آنا، كيف الحال؟"
"بخير."
عند رؤية تجاوب آنا الفاتر، لم يشعر الطالب بالصدمة أو خيبة الأمل. لقد كان يعرفها منذ فترة طويلة ويعرف أنها هكذا دوماً.
"حسنًا، لقد سمعت من بعض الطلاب الآخرين أنهم يخططون للتجمع وتحديك واحدًا تلو الآخر، لذا فكرت أنه ربما يمكنني مساعدتك."
كانت آنا مرهقة بالفعل مما حدث أمس ومن التفكير بما سيحدث اليوم، لذا لم تكن تمتلك الوقت لسماع هراء أحدهم.
"لا، شكرًا. لا أحتاج إلى المساعدة. وحتى لو كنت أحتاجها، كيف تخطط لمساعدتي يا زيون؟"
عند سماع رد آنا القاسي، رد زيون بإحراج وهو يخفض رأسه للأسفل.
"لا أعرف، ربما أساعدك عن طريق أخذ أحدهم."
عند سماع هذا، قالت آنا بسخرية
"أخذ أحدهم؟ بقوتك هذه؟ كم ستجعله مشغولاً؟ خمس عشرة ثانية؟ وحتى لو استطعت جعله مشغولاً بقتالك طوال اليوم، ماذا سأستفيد من اختفاء خصم واحد بين عشرات، ربما؟"
"آنا... أنا... كنت فقط أحاول—"
لم تسمح آنا لزيون بإكمال كلامه، حيث التفتت نحوه وقالت بغضب
"توقف. لا أريد سماع المزيد من هرائك. إن أردت مساعدتي، فانقلع من أمامي."
دون انتظار سماع المزيد، توجهت آنا نحو الفصل بسرعة أكبر، تاركة زيون الذي كان يقف هناك مع رأسه المنخفض بسبب الحرج.
بينما تتوجه نحو الفصل، بدأت آنا تفكر بما حدث قبل قليل مع زيون.
عادة، كانت إنسانة هادئة ونادرًا ما تغضب. لكن كل هذا الهراء الذي حصل في آخر يومين...
في أول يوم لها في الأكاديمية، ظهر عدوها اللدود الذي اختفى منذ أكثر من سنتين. لم تكن قادرة على فعل شيء له بسبب ضعفها.
وفي ثاني يوم، تحداها أحد النبلاء المدللين في إحدى عشرة معركة على التوالي، مما جعلها مرهقة بلا حدود.
وبعد عشرين دقيقة من المشي، وصلت أخيرًا إلى الفصل. كان المكان فارغًا، حيث لم يصل أحد بعد.
بالطبع، هي لم تهتم. لقد كانت تحب الوحدة، رغم أنها لا تعرف متى بدأت في حبها.
بعد فترة، بدأ الطلاب بالوصول ببطء حتى امتلأ الفصل.
وبعد فترة قصيرة من وصول الجميع، دخل الأستاذ لورانس بيرغنورث.
عند وقوفه على المنصة، سأل لورانس الطلاب:
"حسنًا، من منكم قرأ كتاب [المانا والمشاعر والإرادة وتأثيرهم على بعضهم البعض] للكاتب رولاند بيرغنورث؟"
لم يرفع أحد يده.
عند رؤية هذا، عبس لورانس قليلاً وقال
"يالكم من مجموعة من الكُسالى! كيف تتوقعون النجاح في فصلي وأنتم غير قادرين حتى على قراءة كتاب واحد؟"
"على أي حال، سأبدأ في شرح تأثير المشاعر على المانا، لذا انتبهوا لي. هذا الأمر يمكن أن ينقذ حياتكم."
"عند ظهور المانا لأول مرة في عالمنا، عاملها أسلافنا من البشر كمصدر طاقة خطير. ومع ذلك، لم يدركوا خطورتها إلا عند ظهور أول بشري من الرتبة A.
"وما سبب هذا برأيكم؟"
لم ينتظر لورانس أن يجيبه أحد، حيث لوّح بيده في الهواء وظهر هولوغرام لمحاربة ذات بشرة شديدة الحمرة وتعبير مسعور.
"كان هذا بسبب أنه كلما زادت كمية المانا التي يمتلكها الشخص، زاد تأثرها بالمشاعر مثل الغضب والاستياء. وعندما تكون المشاعر شديدة جدًا، فإنها تؤثر على المانا، والتي بدورها تضخم تلك المشاعر، مما يجعل المحارب يدخل الحالة التي نسميها فقدان السيطرة."
لوّح لورانس بيده مرة أخرى، حيث تغير الهولوغرام لإظهار كرة بلورية مليئة بالوجوه الصارخة.
"طبعًا، فقدان السيطرة على المشاعر ليس الطريقة الوحيدة لفقدان السيطرة. استهلاك قلوب المانا الخاصة بالآخرين أو الجرعات المصنوعة منها قد يسبب فقدان السيطرة أو ضعف موهبة الشخص.
ورغم موت مالك قلب المانا الأصلي، يبقى جزء من إرادته ومشاعره، أو كما نسميه الهوس، محفورًا على المانا المخزنة داخل القلب.
لذا، عند استهلاك عدد كبير من قلوب المانا، أو قلب مانا أقوى من الشخص نفسه، هناك احتمال للتأثر بالهوس. طبعًا، الهوس يكون أضعف داخل جرعات المانا، لكن هذا يقلل من شدة الخطر ولا يلغيها."
"كما أن هناك خطرًا آخر، وهو فساد المانا الخاصة بالمستخدم، حيث سيصبح جزء من المانا تحت سيطرة الهوس، مما يجعله غير قادر على استخدامها."
"وفي أسوأ السيناريوهات، سينفجر قلب المانا، ويموت المحارب. وفي أفضل السيناريوهات، سيتم استئصال جزء من قلب المانا، مما يضعف موهبة الشخص."
توقف لورانس قليلاً قبل أن يشير إلى الهواء، حيث تم استبدال هولوغرام الكرة المليئة بالوجوه باثنين من السحرة
. ب الإضافة إلى إشارتان فوق رؤسهم تقول هادئ و غاضب فوق رأسيهما، وهما يطلقان كرات نارية. لكن كرة الساحر الغاضب كانت أكبر حجمًا.
"طبعًا، تأثر المانا بالمشاعر ليس له مساوئ فقط، بل لديه أيضًا فوائد.
على سبيل المثال، تعزيز المشاعر للمانا.
لسبب ما، المشاعر الشديدة تعزز تعاويذ عناصر معينة. مثلًا، الشخص الغاضب يستطيع إطلاق تعويذة نارية أقوى من الشخص الهادئ أو الحزين."
بدأ لورانس يشرح تأثيرات المشاعر المختلفة على المانا، وأنواع التعزيز الممكنة، والمشاعر المطلوبة لتعزيز كل عنصر.
بعد ما يقارب ساعة ونصف من الشرح، أنهى لورانس الدرس.
"وفي النهاية، رغم معرفتنا لكيفية تفاعل المانا مع المشاعر، فإننا لا نعرف لماذا تتأثر بها. لذا، لا يمكننا سوى معاملة الأمر على أنه إحدى خصائص المانا الغريبة."
"وهنا ينتهي درسنا."
عند قوله هذا، توجه لورانس للخروج من الفصل.
وجهة نظر إدوارد
عند رؤية خروج لورانس من الفصل، بدأت في المغادرة بسرعة، حيث كان عليّ البدء في تنفيذ الجزء الثاني من خطتي.
وبينما كنت أتمشى في ممرات الأكاديمية، لم أستطع سوى ملاحظة الفوضى التي تسببت فيها أفعالي. كان الطلاب يركضون في كل مكان بحثًا عن خصم مناسب.
كان النبلاء يسيرون بشكل منفرد، وعند إيجاد خصم مناسب، كانوا يتحدونه. بينما كان العامة يتحركون في مجموعات من ثلاثة أشخاص على الأقل. وعندما يجدون خصمًا مناسبًا، سواء كان عاميًا أو نبيلًا، كان أحدهم يتحداه، بينما يتبعه الآخرون نحو الحلبة منتظرين فرصتهم.
حتى عند النظر إلى قائمة التصنيف، يمكن للشخص أن يلاحظ أن التصنيف كان يتغير كل عدة دقائق.
على الأغلب، كان اتحاد العامة من تخطيط ألكسندر، لكنه لم يتوقع أن ينفذ العامة خطته دون أن يستفيدوا منها.
فبعد كل شيء، لو أنهم استمعوا إلى ألكسندر، لركزوا هجومهم على أقوى النبلاء مع تجاهل زيادة تصنيفه.
بعد فترة، وصلت أخيرًا إلى برج النخبة. لكني لم أتوجه إلى غرفتي، بل صعدت إلى الطابق الثاني، حيث يقيم طلاب السنة الثانية.
بينما كنت أصعد، لاحظت أحد الطلاب الذين أعرفهم ينزل عبر الدرج.
لقد كان "جيس"، وربما كنت أمتلك فكرة عن سبب نزوله من طابق السنة الثانية.
لم يكن طابق السنة الثانية مختلفًا عن طابق السنة الأولى، باستثناء أن أرقام الغرف تحتوي على الرقم "2" على اليسار بدلًا من الرقم "1".
توجهت نحو غرفة ذات الرقم ستة على اليمين وطرقت الباب برفق.
"نعم، من هناك؟"
خرج صوت رجل عميق من الغرفة، ولولا معرفتي بعمر الشخص الذي في الغرفة، لظننت أنه رجل في منتصف العمر.
"هذا أنا، إدوارد لايتستار، وأريد شراء شيء ما."
عند سماع هذا، سكت الصوت الذي في الغرفة قليلًا قبل أن يقول
"حسنًا، انتظر قليلًا."
بعد فترة، فُتح الباب ليقابلني ألين دبران، صاحب المرتبة السادسة على السنة الثانية.
كان يشبه أميرًا من قصص الأطفال بشعره الأشقر القصير وعينيه الزرقاوين.
عند رؤيتي، ابتسم ألين بخفة وأشار لي بالدخول إلى غرفته قائلًا
"تفضل بالدخول، لورد لايتستار."
كانت الغرفة من الداخل مشابهة لغرفتي، حيث امتلكت جميع غرف النخبة نفس التصميم.
عند دخولي غرفة ألين، لم أضيع وقتي في المقدمات عديمة الفائدة وقدمت طلبي مباشرة.
"أريد خمس نوى شيطانية من الرتبة F مع عشر جرعات تعزيز مانا من الرتبة F."
عند سماع طلبي، عبس ألين قليلًا قبل أن يسأل
"لماذا تريد هذا العدد من النوى والجرع؟ رغم أنها قد تزيد قوتك، إلا أنها قد تسبب الكثير من المشاكل."
"هل أنت تاجر أم محقق؟"
تنهد ألين باستسلام، بينما أخرج خمس بلورات دائرية ذات لون أرجواني داكن، وعشر زجاجات زرقاء اللون.
عند رؤيته يُخرج البضائع، ابتسمت بخفة وأشرت للنوى والجرع لتخزينها في مساحتي الخاصة.
على عكس اسمها، لم تكن مساحة سحرية من الفضاء المعزول عن العالم، بل كانت أشبه بخزينة سرية تقع في قلب النطاق البشري.
وعندما يرغب أحدهم في تخزين غرض ما، كل ما عليه فعله هو استخدام الرونية الموجودة على معصمه. يقوم الذكاء الاصطناعي الخاص بجيش الاتحاد، المرتبط بجميع البشر، بنقلها إلى الخزينة الخاصة بذلك الشخص.
طبعًا، لم تكن هذه الخدمة الفاخرة متاحة للجميع، بل فقط لمن يمتلكون رمكانة معينة.
عند رؤية أنني أخذت البضائع، ابتسم ألين وبدأ في الحديث:
"إذن، كيف تريد الدفع، لورد لايتستار؟ هل تفضل رهن نقاطك المستقبلية، أم الدفع عن طريق الرصيد؟"
"كما أحتاج أن أنوه بأن بضائعي أغلى بنسبة 20% من سعر السوق، لكن من أجلك سأبيعها فقط بزيادة 10%."
"سأدفع عن طريق الرصيد."
بعد الدفع لألين، غادرت برج النخبة وأنا أرسل رسائل إلى خمسة من طلاب السنة الأولى.
وعلى عكس ما قد يتوقعه أحدهم، لم يكن التواصل مع طالب آخر صعبًا. كل ما كان عليك فعله هو كتابة رتبته وإرسال رسالة إليه.
الأمر يعتمد فقط على ما إذا كان سيقبل طلبك أم لا.
لكني كنت واثقًا بنسبة 100% أن الطلاب الذين راسلتهم سيقبلون طلبي، فقد اخترتهم بنفسي بناءً على معرفتي ب الرواية الأصلية
بعد فترة، وصلت إلى إحدى ساحات الأكاديمية المعزولة.
كانت الساحة تحتوي على خمسة طلاب فقط، وعند رؤيتي أدخل الساحة، تقدم أحدهم بشعر برتقالي.
لقد كان دارون، إحدى الشخصيات الرئيسية في روايتي سجلات النهاية.
"إذن، هل ستخبرنا لماذا طلبت مقابلتنا؟"
عند سماع هذا، ابتسمت، وفي الوقت نفسه شعرت ببعض التوتر. إن لم تسر الأمور كما خططت لها، قد أقتل إحدى الشخصيات الرئيسية.
"كما هو مذكور في رسالتي، طلبت حضوركم من أجل صفقة ستفيدنا جميعًا."
عند سماع هذا، عبس دارون قليلًا قبل أن يسأل:
"وما هي صفقتك؟"
ابتسمت وأظهرت النوى الشيطانية الخمس وجرعات تعزيز المانا العشر.
"الأمر بسيط. سأعطيكم هذه النوى والجرع لتصبحوا أقوى، وفي المقابل أريد منكم تحدي ألكسندر لإرهاقه."
هذه المرة، كان زيون هو من تحدث وسأل
"أليس استهلاك هذه الأشياء يمكن أن يجعلنا نفقد السيطرة؟"
"لا، إنها مجرد كمية صغيرة. لن تفقدوا السيطرة طالما أن مشاعركم مستقرة."
عند سماع هذا، تبادل الطلاب الخمسة نظرات غريبة فيما بينهم، قبل أن يوافقوا جميعًا.
لقد اخترتهم بعناية لأنهم جميعًا يمتلكون الرغبة في أن يصبحوا أقوى، مع إرادة قوية ومشاعر مستقرة.
لذا، كنت واثقًا في قدرتهم جميعًا على السيطرة على مشاعرهم، باستثناء واحد.
بعد فترة من إتمام الصفقة مع الطلاب الخمسة، حان الوقت أخيرًا لمواجهة ألكسندر.
لقد خاض معركة مع الطلاب الخمسة الذين زادوا قوتهم بالفعل، ومع ذلك لم يشكلوا تهديدًا حقيقيًا له.
كنت أتوقع هذا من البداية، حيث أن الهدف الرئيسي من إعطائهم النوى والجرع لم يكن هزيمة ألكسندر.
كانت معركتنا ككل المعارك السابقة ستُجرى في إحدى ساحات قتال الأكاديمية. لكن بسبب كثرة التحديات،
قام الأساتذة بوضع حاجز حجري على شكل "+"، يقسم الساحة إلى أربع ساحات أصغر، لتوفير المزيد من المساحة.
عند دخولي الساحة، كان أول ما قابلني هو شكل الفارس الذهبي لألكسندر، بدرعه الذهبي البراق وسيفه العظيم.
وبدون تردد، اندفع نحوي بسرعة غير إنسانية.
كنت مصممًا على إنهاء المعركة بسرعة.
سحبت إحدى النجوم السبعة الموجودة في قلب المانا الخاص بي، واستخدمتها جنبًا إلى جنب مع سيفي لإطلاق شعاع من الليزر الحارق نحو ألكسندر.
تفادى ألكسندر الهجوم بسهولة. لكني استغللت الوقت الذي كان يتفادى فيه هجومًي الأول لشن هجوم آخر.
حيث ظهرت أمامه وحاولت قطع رأسه بسيفي، لكنه لوّح بسيفه العظيم ليقطعني بينما يتراجع للخلف.
لكن الشيء الوحيد الذي قطعه كان نسخة مزيفة مني، تجسيدًا من الضوء الأزرق.
كان هذا أحد فنون لايتستار، الذي يسمح لي باستخدام نجوم المانا لتشويه الهواء وإظهار نسخة زائفة مني.
عند رؤيته أن ما قطعه كان مجرد نسخة، بدأ ألكسندر في النظر حوله بحثًا عن الجسد الحقيقي.
لكن الأوان كان قد فات، حيث اخترق شعاع من الضوء الأزرق بطنه، مدمرًا درعه ومسببًا جرحًا عميقًا.
لكن على عكس أي طالب آخر كان سيستسلم بعد إصابته بهكذا جرح، فإن ألكسندر اندفع نحو مكان ظهور الشعاع ليجد إدوارد الذي كان يصوب سيفه نحوه.
للأسف، لم أستطع الانسحاب في الوقت المناسب، حيث وصل ألكسندر وهاجمني بسيفه المرعب بهجوم يمكن أن يقطع الحجر إلى نصفين.
لكني لم أشعر بالذعر، حيث فعلت هبتي التي حولت جسدي وكل ما أحمله إلى ضيف من المانا الزرقاء، لكن على عكس المرة الماضية،
هذه المرة عندما عبر سيف ألكسندر من جسدي شعرت بألم شنيع، كما لو أنني أقسم إلى نصفين. حيث تذبذب جسدي وبدى الأمر كما لو أنه هولوغرام تعرض لنوع من التشويش.
عند الشعور بهذا، ألغيت حالة ضيف المانا وتراجعت بسرعة، حيث عرفت أن ألكسندر اكتشف طريقة مواجهة هبتي، وهو أمر غريب حيث لم يرها سوى مرة واحدة.
عند رؤية ألكسندر لتراجعي، سخر بخفة
"كما توقعت، دخولك لتلك الحالة الغريبة يجعلك محصنًا ضد الهجمات الجسدية، لكن ليس ضد الهجمات المشحونة بالمانا".
عند سماع هذا، لم أستطع سوى النظر إلى سيف ألكسندر المغطى بنوع من الهالة الزرقاء الشفافة.
تراجعت أكثر وبدأت في تجهيز نفسي للقتال بأقصى ما لدي.
عند رؤية تراجعي، سخر ألكسندر أكثر
"توقف عن التصرف كالفتيات وقاتل كالرجال! أنت سياف ولست قناصًا لعينا".
لم أهتم لكلام ألكسندر، واكتفيت بتفعيل هبتي وتفجير نجوم المانا الأربعة الموجودة في قلب المانا الخاص بي.
في العادة، كان سيكون تصرف كهذا عبارة عن جنون وانتحار، حيث إن تفجير نجوم المانا سيجعل المانا هائجة وتدمر جسد المستخدم.
لكن في أحداث المجلد الثاني من الرواية الأصلية، اكتشف إدوارد أنه في حالته كضيف من المانا، ستندمج المانا الهائجة مع المانا التي تكون جسده، مما يعطيه قوة هائلة.
كانت تلك الهيئة تسمى "هيئة النجم المشتعل".
لكن إذا لم يكن حذرًا، فقد يتبخر جسده إلى العدم بسبب استهلاك المانا السريع في حالتها الهائجة.
عند انفجار نجوم المانا، بدا الأمر كما لو أن تيارًا من النار اندفع من قلب المانا واندمج داخل جسدي، محولًا إياه إلى نيران.
كان المنظر الذي رآه ألكسندر هو إدوارد يتحول إلى شكل ضيف المانا لعدة ثوانٍ قبل أن يحترق في النيران ويصبح مغطى بطبقة من النيران الزرقاء، وحتى سيفه تحول إلى سيف من النار الزرقاء.
عند رؤية هذا، صر ألكسندر على أسنانه واستعمل هبته، حيث تحول جزء الدرع الذي كان يغطي إصابته إلى أشواك دخلت جسده وأجبرت الجرح على الانغلاق.
تسبب إغلاق الجرح بهذه الطريقة في ألم لا يوصف لألكسندر، لكنه صر على أسنانه واستعد للاشتباك مع ضيف النار الزرقاء.
وبالفعل، اندفع نحوه إدوارد بسرعة غير حقيقية. حاول ألكسندر استعمال سيفه العريض كدرع، لكن إدوارد غير اتجاهه بسرعة مرعبة وهاجمه من الجانب.
كان الوقت قد فات لمحاولة صد هجوم إدوارد من زاويته الجديدة، لذا لم يستطع ألكسندر سوى الصرير على أسنانه وحقن المانا في درعه.
لكن درعه، الذي كان يبدو غير قابل للكسر في رتبته، تحطم إلى شظايا ذهبية بسبب سيف إدوارد الذي شق جسده مثل السكين في الزبدة.
لكن من سوء أو حسن حظه، فإن الجرح لم ينزف بسبب احتراقه.
عند الشعور بألم الحرق، صر ألكسندر على أسنانه وبدأ في التراجع، لكن إدوارد لم يسمح له، حيث إنه التصق به وبدأ في الهجوم عليه بجنون.
في هذه الحالة، لم يمتلك ألكسندر سوى رمي سيفه الذي أصبح عبئًا وتحويل درعه، حيث نمت أشواك من قفازات الدرع التي استعملها في لكم شبح النار الملتصق به.
لكن حتى مع هذه الحركة اليائسة، لم يصبح الوضع أفضل، بل كان يزداد سوءًا بالنسبة لألكسندر، حيث تحطم درعه وتمزق لحمه واحترق. ومع ذلك، ثابر ولم يستسلم.
ثابر.
ثابر من أجل الفوز.
ثابر من أجل العيش.
ثابر رغم الألم.
ثابر مهما بدا الوضع يائسًا.
لا تستسلم مهما كانت الظروف يائسة.
وبينما كان عقله غير واضح بسبب الأدرينالين والألم، تذكر ألكسندر أول معركة له.
كانت في أحد أزقة المدينة السفلية. في ذلك الوقت، كان جسده صغيرًا مقارنة بمن كانوا في عمره.
وبينما كان يجر جسده الضعيف في الأزقة على وشك أن يموت من الجوع، رأى جثة قطة متحولة. كانت الجثة ضعف حجم القطط الطبيعية مع وجه قبيح بتسع عيون وفم واسع.
لكن ألكسندر الصغير لم يعرف هذه المعلومات، حيث إن جميع المخلوقات التي رآها، بما في ذلك البشر، امتلكت أشكالًا غريبة ووحشية.
الشيء الوحيد الذي عرفه هو أنها جثة طازجة ويمكن أكلها.
لكن في الطرف الآخر من الزقاق كان يوجد طفل بنفس عمر ألكسندر، لكن جسده ضعف حجم ألكسندر، كما أن ذراعه كانت متحورة مما جعلها تشبه جذع شجرة بنفسجي.
لو كان أي وقت آخر، لكان ألكسندر هرب بعد رؤية هذا الخصم، لكن الجوع واليأس والخوف من اقتراب الموت يصنعون العجائب.
حمل ألكسندر الصغير قطعتين حادتين من المعدن الصدئ، وتوجه واندفع نحو المسخ وضربه.
عند الشعور بالألم، لم يعرف الطفل الآخر ماذا يفعل، حيث بدا أنه غير متعود على أن يتجرأ الأطفال في عمره على مهاجمته.
لكن ألكسندر لم يهتم، واستمر بالهجوم مثل المجنون، حتى عندما جرحت يداه بسبب الحديد الذي كان يحمله في يده.
عند هذه المرحلة، بدأ الطفل الآخر بالذعر وبدأ في التلويح بيديه بغباء.
في النهاية، اتضح أن جذعه المتحور عديم الفائدة في القتال، حيث لم يفد في شيء سوى ترهيب الآخرين.
لكن لا تزال مجرد ضربة من يده السليمة كافية لإسقاط ألكسندر الطفل.
لكنه لم يستمر بالهجوم، بل حاول الفرار، رغم أن يده المتحورة كانت تبطئه.
عند رؤية الطفل الآخر يحاول الفرار، لم يتوقف ألكسندر ليذهب للمطالبة بغنيمته، بل وفي لحظة شجاعة أو جنون، اندفع ألكسندر نحو الطفل الآخر وضربه في مؤخرة رأسه.
لا أحد يعرف كيف. هل كان القدر؟ أم كانت صدفة؟ أم أنها معجزة؟
لكن ألكسندر الطفل الصغير الجائع حتى الموت، الذي كان بالكاد يتحرك...
فعلها. لقد أسقط طفلًا ضعف حجمه بضربة واحدة. لكنه لم يتوقف، بل جلس على ظهر الطفل وبدأ في ضرب رأسه حتى حوله إلى لب دموي.
جلس فوق الجثة وحيدًا في زقاق في أدنى بقاع العالم، ونظر ألكسندر نحو السماء وضحك.
"هههههههههه."
"ههههههههههه."
"هاهاهاهاها."
ضحك.
"هههههههههههه."
ضحك أكثر.
لقد ضحك بجنون وهو يبكي. حينها نظر إلى السماء وبدأ في الصراخ:
"كم هو شنيع أن تكون ضعيفًا!"
"كم هو فضيع أن تكون حياتك تعتمد على ما يقرره الأقوياء!"
"كم أكره هذا الشعور!"
"أكرهه، أكرهه، أكرهه، أكرهه!"
"أكرهه من كل قلبي!"
حينها كان قد قرر أنه يجب أن يكون الأقوى مهما كلفه الأمر.
لكنه لم يستطع أن يصبح أقوى عن طريق أكل جثث الحيوانات النافقة فقط.
ثم نظر ألكسندر إلى الجثة التي تحته بعيون تحترق بالجنون والجشع.
لم يعرف ألكسندر منذ متى كان يضرب. لقد توقف عقله عن التفكير منذ فترة طويلة بسبب الألم، لكنه لم يتوقف عن الضرب.
حتى عندما كان يشعر أن الشيء الوحيد الذي كان يضربه هو الهواء، استمر في الضرب بلا نهاية.
حتى أخيرًا، شعر أنه ضرب شيئًا ما، واختفى الألم.
عند اختفاء الألم، بدأت رؤية ألكسندر تعود إلى طبيعتها. أمامه كان يرقد إدوارد، الذي لم يصب بأي إصابة سوى الكدمة الدموية على خده الأيمن.
عند النظر إلى جسد ألكسندر المدمر، لم أستطع سوى الشعور بالصدمة.
كان درعه العظيم قد دمر منذ زمن، بينما كان جسده قد احترق بشكل غير طبيعي، حيث أصبح من الصعب إيجاد بقعة غير محترقة، بالإضافة إلى علامات القطع الموجودة في كل جزء من جسده، لدرجة أن أذنه اليسرى ويده اليمنى قد تم قطعهما.
بينما لم تبقَ سوى ذراعه اليسرى التي ترتدي قفازًا ذهبيًا مع أشواك تبرز منه. كانت أشواك القفاز مغطاة بدمي.
كنت مصدومًا لعدة أسباب. أولًا، لم أتوقع أني أستطيع إحداث هذا الكم من الضرر بألكسندر، حيث أني كنت شديد الانغماس في المعركة لدرجة أني لم ألاحظ أين كنت أضرب، كما أن خوفي من انتهاء وقت هيئة النجم المحترق، والذي يعني موتي.
وثانيًا، حقيقة أن ألكسندر كان لا يزال يقاتل رغم هذه الإصابات المرعبة.
والآن، كنت ساقطًا على الأرض غير قادر على الحركة، حيث تم إنفاق كل ذرة من قوتي أثناء استعمال هيئة النجم المحترق.
لا أستطيع سوى أن آمل أن يسقط ألكسندر مغمى عليه بسبب إصاباته. لكن، كما لو أن العالم يضحك علي، بدأ ألكسندر في التحرك نحوي ببطء.
"تنهد."
"لقد استهنت بك حقًا. إنه فوزك يا ألكسندر، أنا أستسلم."
لكن، كما لو أنه لم يسمعني، استمر ألكسندر في التوجه نحوي مع نظرة مجنونة في عينيه.
لكني لم أشعر بالذعر. بعد كل شيء، استسلامي أنهى المعركة بالفعل.
وكما توقعت، ظهر شلال من الضوء الذهبي وأحاط بألكسندر وبدأ في شفائه وفي نفس الوقت تقيده.
وكما لو أنه ظهر من العدم، ظهر أحد أساتذة الأكاديمية بزيه الأسود وبشرة سوداء بنفس القدر، مع بنية قصيرة لكن عضلية.
---
الفصل الثالث من تحدي الأبعين يوم و يعتبر أيضا أطول فصل في الرواية لي حد الآن