13 - صبي مشاغب وفتاة نقية

قال كارب ردا على صراخ رافي

[ليست لدي الكثير من المعلومات حول هذا المنتج سوى أنه مكون من عناصر دقيقة بحجم الذرات، ومهمتي الوحيدة كـ "ذاكرة حية" هي توجيه هذه العناصر إلى المواضع التي قمنا بتحديدها أثناء تصميم شكلك الجديد، وربما تحتاج العملية إلى آليات أخرى أو أدوية معززة لا أعرفها]

لعن رافي حظّه ولم يجد ما يفعله سوى إخراج بعض مخفضات الحرارة ومزيلات الألم وتقاسمها مع نوبا، بعدها.. لم يشعر بنفسه إلا وهو مغمى عليه، وأثناء ذلك.. قام كارب تلقائيا بحماية جسد رافي و نوبا داخل الضباب كعملية أمان، حيث قام رافي ببرمجة كارب للقيام بها لحماية نفسه من الأعداء، وإن كان هذا سيفضحه بأنه حمال، فالفضيحة أفضل من الوقوع في الأسر أو التعرض للقتل.

بعد وقت غير معلوم.. استيقظ رافي من نومه ونظر نحو نوبا ليجد بأنها غير موجودة، دخل إلى الحمام بما أنه لا توجد غرفة أخرى، وهناك.. رأى شيئا مثيرا، رأى الأميرة نوبا -التي كانت جميلة أصلا- قد زادت جمالا بشكل غير متوقع، صار جسدها ممشوقا وجلدها حليبيا وتغير لون شعرها إلى الأحمر القاني، أما وجهها فقد صار مؤهلا ليجعلها ملكة جمال جميع الأجناس بعينين واسعتين ورموش واسعة وشفتين عسليتين، ابتسم وتقدم نحوها ليرى شكله الجديد في المرآة، انتبهت له نوبا قبل أن ترتجف وتتراجع للخلف نصف خطوة، ضحك رافي

"هل أنا بشِع إلى هذه الدرجة؟"

مصّت نوبا شفتيها قليلا قبل أن تهدأ

"ليس هذا، فقط فوجئت عندما رأيت شخصا غريبا يقف أمامي"

كانت في هذه اللحظة تلبس فستانا خفيفا يظهر فاتنها، يبدو بأنها قد استيقظت قبل فترة واغتسلت ثم غيرت ثيابها، ومع ذلك.. اقتربت من رافي وبدأت تمسح وجهه فلاحظ بأن هناك العديد من الشوائب التي تسقط منه، ربما كان هذا جلدا ميتا أو من بقايا من ذلك المحلول الغريب، مسحت نوبا وجهه ثم صدره العاري قبل أن تنحني عليه وتقول بنبرة مغرية نوعا ما

"أنا لا أهتم بشكلك القديم أو هذا الذي قمت باختياره، أنت هو منقذي، رجُلي، سيدي وملِكي، هذا كل ما يهمني"

خلال الأشهر الماضية.. كان رافي و نوبا يعيشان كزوج وزوجة، حينها.. قال رافي عبارة مرتجلة "بالسلطة الممنوحة لي كـ ملك، سأجعلك امرأتي"، وعندما رأى بأن نوبا لم تعترض وإنما فقط طأطأت رأسها في خجل.. قال شيئا آخر لم تتوقعه "أنت تعلمين بأني لست ملكا، أليس كذلك؟"، وبعد مناقشة طويلة بينهما، فهِم رافي بأن نوبا كانت تراه ملكا حقا، ولم تعترض على خدمته مهما كان شكل هذه الخدمة، حينها شرح لها رافي بطريقة مليئة بالفسفطة "أريد الحصول على امرأة قبل بدء مشواري حتى لا أتعرض للتشويش والإغراء، هذا كل ما في الأمر"

لهذا السبب كانت لا تزال تناديه بالملك رغم اطلاعها على ماضيه وخلفيته، ابتسم ثم تقدم نحو مرآة كاملة معلقة في الحمام ليرى شكله الجديد، وبخلاف القرف والشوائب التي لن تزول إلا بعد الاستحمام، رأى أمامه شابا مفتول العضلات بجلد يميل إلى الأصفر، شعر أبيض مرتفع أعلى رأسه وكأنه مصعوق، عينان ذهبيتان شريرتان وأنف حاد، اختفت الغمازات واتّسع فمه بطريقة توحي بأنه شخص ولِد في الوقت الخطأ، بتعبير آخر.. كان رافي يبدو وكأنه شخص مشاغب يبحث عن المتاعب ولا يخشى أحدا، تماما مثل ذلك القرد الذي يحمل عصا ذهبية في الأساطير القديمة.

رافي.. الذي كان يبدو طفوليا بشكله القديم واختار شكلا ملكيا في ملكة الحمالين، اليوم.. صار يشبه رجل عصابات انزلق من الشوارع، قهقهت نوبا عليه عندما رأته يفحص نفسه ثم قالت

"تبدو مثل عاصفة هوجاء تخطط لابتلاع كل شيء، أحببت شكلك الجديد"

رد عليها ساخرا

"هاه؟ ألم تقولي قبل قليل بأن الشكل غير مهم؟"

رفعت ذقنها ونظرت نحوه بعبوس مصطنع

"ولماذا لا أهتم بشكل رجُلي بينما يهتم هو بشكل ويساعدني على تشكيله؟"

عبث رافي بشعرها بشغب

"ههيهيهي، لقد ظهرتِ على حقيقتك في النهاية، فتاة مشاغبة، ساعديني على الاستحمام ثم دعينا نجرب فعلها بأشكالنا الجديدة، فأنا لم أطور شكلي فقط، هاهاها"

خلال الأشهر الماضية.. كان الاثنان يتدربان على الحديث برسمية أقل، ومع أن الأمر كان صعبا على الأميرة لأنها تربّت للعيش في القصور، وكانت دائما ما تنادي رافي بـ "صاحب الجلالة"، إلا أنه أقنعها في النهاية على تقليل الرسمية خاصة عندما يكونان بين الناس، فهو لا يخطط لجذب الانتباه إلى أنه ملك الحمالين، وإلا فستضيع جميع مخططاته.

ردّت عليه بنبرة مشاغبة أكثر من نبرته هو

"أوه؟ يبدو أنك لا تستطيع الصبر أمام جمالي، لكن.. ألم تفكر بأني سأجذب الرجال الآخرين بشكلي هذا؟"

تنهد بحسرة ثم قال

"هاه، هذه مشكلة حقا، ومع ذلك.. من يجرؤ على لمسك؟ أقصد.. هل يستطيعون لمسك أصلا؟"

خلال الأشهر الفائتة.. لم يكن الاثنان يتدربان جسديا فقط وإنما كانا أيضا يستكشفان قوة عنصر الفراغ ويتدربان على استخدام باقي العناصر الأخرى، ومن بين التقنيات الجديدة التي قاما بتطويرها بمساعدة كارب.. كانت تقنية تجعلهما قادرين على إخفاء جسديهما في الضباب بشكل جزئي أو كلي، وهي ليست تقنية في حقيقتها وإنما فقط تطوير للحالة التي يعيش فيها جميع الحمالين، والاختلاف الوحيد هو أن الضباب لم يعد يظهر للعيان أثناء غوص الجسد داخله، حيث يمكن لـ رافي مثلا أن يتلقى قذيفة قوية بجسده، لكنها لن تنفجر وإنما ستختفي، وعندما تختفي ستظهر تلقائيا في ساحة المعتدين في ملكة الحمالين.

هذه التقنية بالتأكيد ستجعل الآخرين يربطونها بما يحدث مع الحمالين، لذلك قام رافي باقتراح آخر وهو إخراج القذيفة أو الهجوم من الجهة المقابلة، حينها سيعتقد الجميع بأنهم قد أخطأوا في إصابته، أو أنه سريع لدرجة أن أعينهم لم تستطع رؤية حركته، وهذا مفيد جدا لـ رافي وباقي الحمالين، لكن هذا لم يكن التطوير الوحيد، وإنما قام رافي باقتراح آخر سيجعل الحمالين يستطيعون الهجوم أيضا وليس التفادي فقط، وذلك عبر عكس اتجاه القذيفة أو الضربة، أي أنهم سيدخلونها إلى ساحة المعتدين ثم يخرجونها من نفس مكان دخولها، وهذا سيجعل الناس يعتقدون بأنها مهارة لعكس الهجمات أو شيء مثل هذا، والمشكلة الوحيدة في هذا هو أنها تحتاج إلى القيام بها بسرعة أكبر من سرعة القذيفة نفسها، وإذا كانت ضربة أسرع فهذا يعني إصابة الجسد بأضرار قد تصل إلى الموت.

ابتسمت نوبا فرحا عندما سمعت جوابه، بالنسبة لها.. كانت كلماته البسيطة تعني لها الكثير بسبب ماضي الأليم، أميرةٌ عزيزة يتمناها الجميع تتحول في عمر الزهور إلى حمالة، وتقوم عائلتها بالتخلي عنها في ظروف غامضة، ثم تعيش في قوقعة مغلقة لأكثر من أربعين سنة يتم جرّها كالبهيمة، ناهيك عن الكم الكبير من الكلمات والأفعال المسيئة لها، فبالرغم من أن أيدي مستخدميها لم تكن تصل إليها إلا أن كلماتهم قد كانت تفعل، بل كانت تقطع قلبها تدريجيا حتى ضعُفت قوتها الذهنية بشكل خطير، وأخيرا.. تم إخراجها من طرف رافي الذي كان من طبقة اجتماعية منخفضة جدا مقارنة بها، نعم.. كان يبدو كملك أمامها لكنها تعرفت عليه بسرعة وعرفت تاريخه وبأنه من عشيرة متواضعة جدا، وفي النهاية.. هذا الشخص الغريب الذي كانت تعزل عنه نفسها عاطفيا بسبب عمرها وتجربتها القاسية مع المتحرشين.. هذا الملك المدّعي.. يقول بصوت مرتفع وأمام عدد مهول من السامعين بأنه سيتّخذها امرأته.

عاشت نوبا عدة صراعات نفسية منذ استيقاظها كحمالة، ومع ذلك كانت صراعاتها النفسية الأخيرة أكثر صعوبة، لكنها صبرت بحكمة واستعدت حتى لأن تتم الإساءة إليها ثم رميها، ببساطة.. كانت قد سئمت من الحياة منذ وقت طويل، ومع ذلك.. كان رافي خلال الأشهر الماضية يعتني بها جيدا ولا يبدو بأنه يقوم باستغلالها فقط، وحتى إن لم يعترف بذلك فلن يستطيع إخفاء اهتمامه بها، ربما لا يكون هناك حب في كلماته لكن هناك بالتأكيد بعض الغيرة، وأحيانا.. الكثير من الغيرة، وهذا أكثر من كاف لأميرة تم إعدادها للزواج السياسي ودون إعطائها حق اختيار من ستعيش معه، ومع الوقت.. قبِلت رافي كـ "رجلها" وليس كمجرد "سيد" لـ "جارية".

أجابته بابتسامة عريضة

"ومع ذلك اخترتَ لي مجموعة من الفساتين الواسعة والمستورة!"

أثناء وقت الفراغ.. كان الاثنان يناقشان ما سيفعلانه عند خروجهما، ومن بين هذه النقاشات كان طريقة لبسها، حيث اختار لها رافي مجموعة من الفساتين المستورة، والتي جعلتها تبدو مثل الجوهرة المحمية وتعطيها هالة باردة نوعا ما، وكأنها حكيمة في الخمسين من عمرها، ومع أن نوبا فعلا فوق الستين إلا أنها لا تزال فتاة صغيرة، ليس في شكلها فقط وإنما أيضا في عقلها وطريقة تفكيرها، نعم.. اكتسبت بعض الهدوء والرزانة لكنها لا تزال فتاة لم تجرب الحياة بعد، ومع ذلك.. وبنفس طريق فهم كلمات رافي.. قامت نوبا بشرح اختياره للفساتين على أنه غيرة.

في هذا العالم، تعتبر العلاقات الجنسية مفتوحة ولا يتم التضييق عليها، خاصة المباركين الذين يملكون نوعا من السيطرة على أجسادهم ويمكنهم تقليل احتمالات الحمل، أما الأخلاق فقد كانت في الحضيض فعلا، لذلك كان العجوز هارم يلقي نكاتا جنسية قذرة على حفيدته شيفر أمام الآخرين قبل عملية إيقاظ بذرتها المباركة، لكن هذا لا يعني بأنه لا يوجد أشخاص محافظين، بل وتوجد عشائر كاملة تحافظ على أخلاقها وتدعو إلى ذلك.

مرّر رافي يده على شعرها الأحمر القاني بلطف ثم أبعدها عنه قليلا وبدأ يدخل الحمام وهو يقول

"لا بأس إذا اتخذتُ شكل صبي مشاغب، لكن امرأتي يجب أن تتّخذ شكل فتاة نقية"

قالها بهدوء ثم دخل تحت رشاش المياه، اقتربت منه نوبا وبدأت تفرك جسده وتزيل عنه بقايا الجلد كما لو أنها خبيرة في هذه العملية، حيث كانت قد مرت بنفس الحالة قبله وتعرف بأن شكله النهائي لن يظهر حتى يغتسل.

2021/01/13 · 365 مشاهدة · 1405 كلمة
zombiking
نادي الروايات - 2024