انعقد حاجبا جيريانت بتوتر.

"في أراضي البشر."

أجاب جيرالد بإيماءة مؤكدة:

"من خلال الأداة التتبعية التي وجدناها، تبيّن أنها بالفعل وراء سلسلة الجبال التي تفصل أراضينا عن أراضي البشر."

نهض جيريانت، وهالة الغضب تفيض منه.

"هل أنت متأكد من هذا؟ هل البشر هم من اختطفوا طفلتي؟!"

صمت جيرالد للحظة ثم قال بهدوء:

"... لسنا متأكدين تمامًا، يا صاحب السمو الإمبراطوري. ربما التقى السارق بإنسان، وهناك تم أخذ الطفلة."

"هذا عذر واهٍ!" صاح جارد من الخلف.

لم يكن من السهل التواجد في حضرة ثلاثة من أفراد العائلة الإمبراطورية الغاضبين، كلٌّ منهم يملك القدرة على قتل من يشاء في أرجاء الإمبراطورية.

ومع ذلك، بقي جيرالد متماسكًا.

فهو أقوى فرسان الدوقيات الأربع في سيرينيا، وقد تعامل مع مواقف أشد خطورة من هذه.

وكان يمتلك الجرأة ليتحدث حتى في وجه الإمبراطور إن لزم الأمر.

وهذه اللحظة تطلبت ذلك.

"هل تريدون حربًا إذن؟!"

واجه جيرالد جارد، الابن البكر وولي العهد، بنظرة حادة.

لكن في الحقيقة، كانت كلماته موجهة للجميع.

"أريد طفلتي، ولا يهمني إن احترقت أراضي البشر عن بكرة أبيها."

قالت أرجينتا، الجنية ذات الشعر الفضي، بصوت بارد لا يحمل تردّدًا.

كانت تعلم أن كلمة واحدة منها يمكن أن تزهق أرواح مئات الآلاف، ومع ذلك لم ترتجف عيناها.

"إن كان استعادة أختي ستشعل حربًا، فليكن ذلك. فرسان سيرينيا لن يتراجعوا عن مواجهة البشر."

تنهد جيرالد بعمق:

"تتحدثين كطفلة رغم أنك تجاوزت المئتي عام. الفرسان في أراضي البشر ليسوا مثل من عندنا، أولئك أدهى وأخبث."

أغلق جيريانت عينيه للحظة، ثم فتحهما قائلاً بهدوء:

"الحرب ليست خيارًا."

"مولاي!"

"أبي!"

صرخت أرجينتا وجارد بذهول.

قال جيرالد باحترام:

"قرار حكيم يا صاحب الجلالة، سنبذل نحن فرسان الحراسة والعرافون أقصى جهدنا لاستعادتـ—"

"لا."

توقف جيرالد مذهولًا.

"مولاي...؟"

رد الإمبراطور بحزم:

"لن تُرسل أي كتيبة، ولا جندي، ولا ساحر، ولا نبيل."

في تلك اللحظة، علت وجوه جارد وأرجينتا ملامح الغضب.

حتى جيرالد نفسه بدا عليه الارتباك.

هل ينوي الإمبراطور التخلي عن ابنته لأجل سلام الإمبراطورية؟

لكن أفراد الدم الإمبراطوري يمتلكون القدرة على تشكيل فرق خاصة بهم بفضل مواهبهم الفريدة.

قال الإمبراطور بصوت عميق:

"أرسلك أنت، يا جيرالد، فارس سيرينيا المجهول وركيزتها، لتعيد لي ابنتي."

اتسعت عينا جيرالد بدهشة:

"مولاي... وماذا عن مخلوقات الهاوية؟ وقت النبوءة يقترب."

"أثق بأنك ستعود قبل ذلك، ومعك ابنتي."

أومأ جيرالد قائلًا:

"إذن، سأذهب."

استدار بخطوات واسعة وغادر القاعة.

كان يعلم سبب اختيار الإمبراطور له — فإرساله يعادل إرسال مئات الآلاف من الفرسان.

فهو الأقوى في الإمبراطورية، وللوصول إلى تلك المرتبة كان عليه أن يخطو داخل الحقل المحظور للقوة — عالم المستيقظين.

كان وقع حوافر الخيول وصوت عجلات العربة الخفيف يتردد في أرجاء العاصمة "فيل"، عاصمة دوقية مورمونت.

في الشارع الواسع المعبد جيدًا، كانت عشرات العربات تمرّ بين الفرسان الممتطين خيولهم.

جلس آشر على المقعد الأحمر المخملي داخل العربة، متكئًا إلى الخلف وقد شبك ساقًا فوق أخرى.

ارتدى معطفًا طويلاً من الحرير الفاخر، صنعته له أفضل خيّاطة لديه — "آنا" — من خيوط حرير مستخرجة من ديدان حصل عليها كغنيمة من زيبولون.

تحت معطفه، ارتدى قميصًا أسود وبنطالًا وبوتًا طويلًا مزينًا بأقفال معدنية، مما جعله يبدو كأمير شاب من إمبراطورية الشعلة المقدسة.

أما الجالس أمامه، فكان نيرو، مرتديًا درعًا خفيفًا من الجلد الأسود، وبنطالًا جلديًا، وحذاءً طويلًا، وسيفين معلقين على خصره.

سقطت خصلات شعره المجعد على جبينه، وعيناه تتفحصان الحشود خارج النافذة — على عكس آشر الذي بدا مسترخيًا.

صوت تقليب صفحة كتاب قطع الصمت، تلاه صوت آشر العميق:

"نحن هنا من أجل الحفل، لا تشد أعصابك هكذا."

رفع نيرو نظره من النافذة إليه قائلًا:

"لكن مهمتي حمايتك، لا الرقص."

ابتسم آشر رافعًا حاجبه:

"ومن الذي يدربك؟"

ارتبك نيرو قليلًا:

"أنت... وعمي أليك."

"جيد. أحضرتك لتتعرف على النبلاء الشباب، لأنك يومًا ما ستصعد وتأخذ المكان الذي لم يستطع والدك الوصول إليه."

رمش نيرو بدهشة، محاولًا فهم كلامه — هل سيتعين عليه الرقص مع فتيات؟

كان يفضل قضاء الليل يتدرب على ضرب الأشجار بسيفه بدلًا من ذلك.

"إنها أوامر سيدك."

كلمات آشر حسمت الأمر، فتنهد نيرو واستدار ناحية النافذة، بينما ابتسم سيده بخفة.

في نيرو، كان آشر يرى نسخةً شابة من أليك.

خارج العربة، كان الفرسان يركبون خيولهم المزدانة، يرتدون ملابس فاخرة وسلاحهم معلق على جوانبهم.

ستة أمام العربة وستة خلفها.

وجذبوا أنظار العامة بفضل خوذهم الذهبية التي غطت نصف وجوههم.

طَقطَقَة!

كانت حوافر الخيول تصطدم بالحجارة المرصوفة بإيقاع منتظم.

حدق موسى في القصر الفخم الذي يعلو كل مباني المقاطعة وقال بجدية:

"لم أرَ من قبل راية سوداء تحمل رأس ذئب أبيض. أي بيت هذا؟"

سأله أحد المارة:

"لا أعلم، ربما أحد البارونات الصغار."

رد رجل يقف أمام متجره الفارغ باستهزاء:

"هاه! أيّ بارون يملك عربة بتلك الفخامة وفرسانًا بتلك الهيئة؟ هل نظرت جيدًا إلى خشب العربة أو إلى نسيج ملابسهم؟"

قال صاحب المتجر متذمرًا:

"لست نجارًا ولا خياطًا، ثم ما شأني بهم؟"

أجابه الآخر بنبرة حادة:

"عليك أن تهتم! ذلك الذي في العربة هو من قطع رأس ابن الدوق الأكبر نوبيس، وأشعل حروبًا عدة في الشمال.

جنوده صقلتهم المعارك، وجيشه من أقوى الجيوش في هذه الأنحاء!"

تجمد صاحب المتجر، فتابع الرجل بصوت خافت:

"احذر أن تهمس باسمه، فربما يفصل رأسك كما فعل مع الكونت ويليام... سمعت أنه يهوى قطع الرؤوس."

ارتجف الرجل من الخوف، والبرد تسلل إلى عظامه.

---

2025/10/13 · 56 مشاهدة · 813 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025