لأن الأساس القوي يؤدي إلى نتائج عظيمة، كان آشر متفقاً تماماً مع ماري.

إنشاء مدرسة لتدريب الأطفال سيُحدث تأثيراً بعيد المدى، يضمن أن يبلغ كل واحد منهم كامل إمكاناته عند بلوغ مرحلة الاختيار والترقي.

فالعالِم يمكن أن يصبح رجلاً ذا ذكاء وبصيرة عظيمة، ما يجعله كنزاً لا يُقدر بثمن لأي ساحر، وذخراً لأي لورد.

أما الجندي البسيط، فيمكن أن يصبح فارساً أكثر صلابة ومهارة وقوة من أقرانه.

كان هذا بمثابة «ثغرة» في النظام.

فسبب تصنيف مشاة «الدرع الأعظم» كـمشاة ثقيلة، وليس خفيفة مثل «فيلق الخط الأمامي»، يعود إلى أصلهم المختلف.

بعد عشرات المحاولات، أدرك آشر أخيراً نمط النظام.

فمجرد تجنيد الجنود وتحويلهم إلى فرسان عبر أبراج التحول في الثكنات ينتج نسخاً أضعف من المهنة الأصلية.

حتى لو وصلوا إلى رتبة الذهب، فلن يكونوا أقوياء مثل أولئك الذين تمت زراعتهم وتدريبهم بشكل صحيح منذ البداية — على الأقل، ليس فوراً.

قد يستغرق الأمر شهوراً أو سنوات حتى يصلوا إلى مستواهم، ولكن حينها… ألن يكون الآخرون قد ابتعدوا عنهم أكثر؟!

قالت ماري بابتسامة مشرقة: «سأخبر كيلفن بالأمر».

مدرسة، هاه؟

فكر آشر في الفكرة بينما كانت العربة تصعد التل نحو الحصن.

صوت صرير العجلات امتزج في أذنيه مع ضجيج الشوارع، لكنه تجاهلها وأغلق ذهنه، غارقاً في أعماق تفكيره.

مهارة اكتسبها من التأمل — القدرة على الانفصال عن الواقع والغوص في اللاوعي.

على المدى البعيد، بناء المدرسة سيجعل إقليمه مكتفياً ذاتياً، فلن يحتاج إلى استقدام المتعلمين من الأقاليم الأخرى، ولا انتظار قدوم المواهب مع موجات السكان أو غنائم الحروب.

لكن لبناء طرقه، كان يحتاج إلى مهندس من مستوى «القديس».

أما ترك الأمر للنظام فسيستهلك كمية خرافية من المال.

ومع ذلك، لو طلب من كيلفن تنفيذ المشروع وتوفرت الموارد والمال، فسيترك الأمر للنظام، لأنه يؤدي العمل بدقة تفوق أي إنسان.

---

بعد دخولهم القلعة بوقت قصير، اقتيدت ماري إلى غرفتها، بينما توجه آشر مباشرة إلى مكتبه.

نظر إلى المجلد في يده، ووضع كفه على العلامة الغائرة فيه، ولم يتغير تعبيره رغم وخز الألم الحاد.

زلزل!

اهتزت الغرفة، وتراجعت المرآة في الحائط إلى الخلف لتنزلق إلى تجويف سري، كاشفةً عن درج حجري قديم مغطى بالغبار يمتد نحو ظلامٍ عميق.

تنهد آشر بخفة، وأشعل شعلة، ثم بدأ بالنزول عبر الدرج الحلزوني حتى وصل إلى القاع.

في الأسفل، كانت هناك غرفة مربعة شبه خالية، لا تحتوي سوى على عمود حجري قصير، وخطافات كانت تعلق عليها السيوف قديماً، وطبقة كثيفة من الغبار.

نفخ فوق العمود، فتطاير الغبار، ثم وضع المجلد فوقه.

وبينما همّ بالمغادرة، انفتح المجلد من تلقاء نفسه، وتقلبت صفحاته حتى توقفت عند صفحة فارغة باهتة اللون.

ثم بدأت ضربات القلم تظهر من العدم، لترسم اسماً على الصفحة.

تراجع آشر بخطوات مذهولة، عيناه متسعتان وهو يراقب اسمه يُكتب أمامه.

وبعدها ظهرت سجلات حروبه، وإنجازاته، وطباعه، وتابعيه، وأسلحته، وحلفائه.

عاد نظره إلى العنوان العلوي، وضيّق عينيه وهو يستوعب ما يراه.

> «دوق الرماد، آشر آشْبورن، الدوق الخامس لبيت آشْبورن!»

هل فقد هذا المجلد صوابه؟!

طوال هذا الوقت، لم يدرك آشر أن هذا المجلد كان في الواقع أثرًا عتيقًا.

ولإثبات ذلك، بدأت خريطة دقيقة جديدة تتشكل على الصفحات، تمثل الأراضي الواقعة وراء جبال الرماد.

هكذا إذن كانت عائلة آشْبورن تحصل على خرائطها.

بعد فترة، عاد إلى مكتبه وما زال محتاراً من اللقب الذي ظهر في المجلد.

لكن ما إن جلس، حتى لفت انتباهه وجود رسالتين مختومتتين على مكتبه، ناصعتين بالبياض.

تجهمت ملامحه.

كان ختم الرسالة الأولى ختم الإمبراطور!

ولا أحد يملك الحق في استخدامه سوى صاحب السمو الثاني.

فتح آشر الختم، وبسط الورقة، وما إن بدأ القراءة حتى اتسعت عيناه.

---

> «إن إنجازاتك بصفتك كونتاً، ومدافعاً عن أراضي البراري، قد وصلت إلى كل زاوية من زوايا الإمبراطورية، ظاهرةً كانت أم خفية.

بإخمادك لتمرد اللورد ويليام تايغريس، أثبت أنك جدير بما هو أعظم.

ولهذا، وبموجب سلطتي كالأمير آرون نيثانئيل، الوريث الشرعي لهذه الأراضي، أمنحك لقب دوق.

مكافأةً على إخلاصك الثابت وإنجازاتك العظيمة في خدمة الإمبراطورية.

اعتباراً من الآن، تمتد أراضيك من الجدار العظيم الفاصل حتى البراري، وصولاً إلى أقصى جبال الرماد وما بعدها.

— الموقّع: الأمير آرون نيثانئيل.»

---

ساد الصمت الغرفة لدقائق طويلة بينما أعاد آشر قراءة الرسالة مراراً.

كان يفكر طوال الوقت كيف سيتعامل مع آرون، وهل سيرسل له نبلاءً يطالبون بأراضٍ ليزعجه كما فعل هو سابقاً مع الكونت ويليام… لكن بدلاً من ذلك، حصل على هذا اللقب!

هل كان الأمير آرون يدرك قيمة بيت آشْبورن؟

أم أنه أراد مجرد تابع مطيع؟

شخصاً يستخدمه كما يشاء؟

ابتسم آشر بخفة وقال بصوت منخفض:

«على أي حال، سأُظهر امتناني. سأطلب من دان أن يصنع له قفازاً كاملاً من الذهب».

لم يعد ينوي إخفاء قدراته كما في الماضي.

لا يمكنه دخول ساحة القوة هذه ثم يتراجع خوفاً.

ثم إن أكثر ما تعلمه من الحروب هو أنها تُقوّي جيشه.

وسرعان ما ستصبح قواته رعباً لقوى العالم.

كانت طموحات آشر تنمو بسرعة.

كان يشعر بها — تغيّر داخلي، وعطش لترسيخ سلطته، والتخلص من أي قيدٍ يحدّه.

أعاد طي الرسالة بعناية، ووضعها في ظرفها، ثم تذكّر الرسالة الثانية.

«من أرسل هذه؟!»

تساءل وهو يتأمل الختم الغريب الذي يحمل نقش جناحين.

فتحها أخيراً.

كانت طلباً بسيطاً — شخص ما يرغب بمرافقته في رحلة صيد.

لكن ما إن رأى الاسم حتى خفق قلبه بشدة.

> «سافيرا سيرين!»

ومن محتوى الرسالة، بدا أنها تريد أن تكون رحلة صيد خاصة، بينهما فقط.

طَرق!

انفتح الباب، ودخل كيلفن منحنياً قليلاً:

«أعتذر يا سيدي، لم أكن في القلعة حين وصلت. الأمير آرون و—»

قاطعه آشر قائلاً: «حضّر حصاني. أغادر إلى نِمرِيم غداً».

اتسعت عينا كيلفن:

«لكن يا سيدي، وجودك مطلوب في حصن الشتاء!»

ابتسم آشر بخبث:

«إذاً عليّ تجاهل طلب الكاهنة سافيرا بالخروج في رحلة صيدٍ معي؟ حسناً إذن—»

تصلب كيلفن في مكانه، وتغير صوته فجأة عند سماعه للاسم:

«هذا أمر بالغ الأهمية يا سيدي! قد تكون في خطر وهي تحتضر في هذه اللحظة! من الأفضل أن تغادر اليوم!»

رمش آشر بدهشة — حتى هو لم يتوقع هذه الاستجابة.

2025/10/14 · 53 مشاهدة · 919 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025