لم يتوقف سيريوس، بل زمجر بشراسة. انقضّت عليه الأورك المدرعة بالسواد، لكن لحظة التصادم تمدّد جسده حتى بلغ خمسة عشر قدمًا، فابتلع أحدهم، وسحق الآخر تحت قدميه، ثم نفث نارًا هائلة على البقية.

وفي لحظات... اختفى أولئك الأورك المفزِعون كأنهم لم يكونوا موجودين!

لم يتخيل أحد أن سيريوس سيجرؤ على التهام مخلوق يحمل قوة الهاوية في دمه، لكنهم رأوه بأعينهم يفعلها — وصدمتهم الفظيعة تجمدت على وجوههم.

طنين!

بصق سيريوس درع الأورك، ولعق فمه بعد ذلك بلذة غريبة.

دوّي!

رفع آشر رأسه، واتسعت عيناه حين رأى كتلة جليدية ضخمة كأنها نُحتت من ألف خنجر، تهبط من الغيوم البيضاء بسرعة مميتة.

كانت بارتفاع مبنى من طابقين، وكان آشر متأكدًا أنها إن سقطت، ستحطم الجليد تحتهم وتبتلعهم بحيرة الثلج المتجمدة.

كانت ليا قريبة منه، لكن قتلها الآن لن يوقف ما بدأته.

> "سيريوس!"

لم يكن بوسعه السماح بموت رجاله بهذه الطريقة!

اندفع سيريوس في هيئته العملاقة عابرًا سهل الثلوج، وكل خطوة له تهزّ الأرض كأنها طبول الحرب، مندفعًا نحو الكتلة الجليدية الساقطة.

> "ليا... لن أدع حياة رجالي تنتهي في أعماق هذه البحيرة. ليس الآن، ولا أبدًا!"

وقف آشر على ظهر سيريوس ودخل حالة محارب فوليبير. غطى الفراء الأبيض جسده، وتضخمت عضلاته، وامتدت خصل شعر كثيفة تنتهي بحلقات ذهبية تتدلى على صدره كأنها سلاسل نور.

في هيئة دب بشري عظيم، بدا كأنه خُلق فقط للمعارك. زمجر بصوتٍ عميق هزّ السماء، ثم قفز من ظهر سيريوس، موجّهًا لكمة هائلة نحو الكتلة الجليدية.

اصطدمت قبضته بالجليد، فانفجر إلى ملايين الشظايا اللامعة التي تساقطت كعاصفة ثلجية فوق الأرض.

ارتجّت السماء والأرض معًا بانفجارٍ صاعقٍ، وصوت تكسّرٍ رهيب.

تدلت ذراعه بلا حركة، وقد خرج العظم من اللحم، وتناثر الدم فوق الثلج.

تراجع آشر مترنحًا من الألم والصدمة.

وفي البعيد، علت ضحكة ليا المجنونة، وعيناها تلمعان بالاحتقار.

قال أحد سحرة الهاوية مذهولًا:

> "لقد حطم تعويذة من رتبة قديمة… بلكمة واحدة!"

استمرت ليا بالضحك، إلى أن التفت آشر نحوها، وقد صارت عيناه بيضاء تمامًا.

هبت عاصفة دوّامة حوله، وتحولت شظايا الجليد إلى قطرات ماء تخترق مئات الأورك كالرصاص!

تعافت ذراعه بسرعة، وسحب سيف إيثامار.

ارتفع شعره الأبيض في الهواء بينما غادر قدماه الثلج، وتحول جزء من شعره وجسده إلى لونٍ قرمزيٍّ ساطع، والعين اليمنى ازداد بياضها بينما صار بياضها أحمرَ ناريًّا.

وفي الإعصار المحيط به، ظهرت خلفه هيئة عملاقٍ قرمزيّ يحمل نفس السيف ولكن بحجمٍ أسطوري!

توقفت ليا عن الضحك، ورفعت يدها الموشومة بعروقٍ جليدية وهمست بتعويذةٍ غريبة، فانطلقت شظايا جليدية من كفها كأمطارٍ من سكاكين باردة.

قبض آشر يده، فتفجّر اللهيب من قبضته، وأطلق ضربة نارية هائلة اصطدمت بالعاصفة الجليدية — فاشتعلت معركة النار والجليد.

امتلأ الجو بدخانٍ حارق وصوت تبخر الثلوج، بينما اخترق آشر العاصفة ووقف محلّقًا فوق ليا.

عيناه المتوهجتان كالثلج والنار عكستا الغضب الخالص.

في تلك اللحظة، أنزل سيفه بقوةٍ هائلة، لكن درعًا سداسيّ الشكل من الجليد تكوّن أمامه، مانعًا الهجوم.

ترك سيفه أخدودين عميقين على جانبي القبة الشفافة.

رفع المراقبون رؤوسهم — خمسة من سحرة الهاوية، أيديهم مرفوعة، وكانوا مصدر الحاجز.

قال آشر بصوتٍ متهدج:

> "أيها الحمقى... رغم شرّكم..."

ثم تغيّر صوته فجأة، كأن المتحدث أصبح إيثامار نفسه.

> "...حتى في شرّكم، ما زال لكم قلب ينبض."

وبمجرد أن نطق تلك الكلمات، توقفت دقات قلوب السحرة الخمسة، اتسعت أعينهم رعبًا، وانهاروا متشبثين بصدورهم — لكن دون جدوى.

وفي اللحظة نفسها، تشوّه وجه ليا رعبًا.

قبل أن تسقط جثث السحرة، تشكّلت من دماء الأورك المقتولين رماحٌ دموية اخترقت أجسادهم وأبقتهم واقفين كتماثيل الموت.

فتحت ليا فمها لتلقي تعويذة أخرى، لكن دائرة من اللهب اشتعلت حولها.

وبينما كان آشر يهبط ببطء، انفجرت هي في ضحكٍ هستيري.

> "لقد تخلّيتُ عنك يا آشر! تركتك! ولهذا تفعل كل هذا؟!"

ابتسم آشر بسخرية باردة:

> "نحن... لسنا آشر."

وقعت كلماته عليها كطعنةٍ في صدرها.

وقبل أن تستوعب معناها، انقضّ سيريوس عليها، ومزّقها وابتلعها في لحظة.

رفع آشر حاجبه وهو يرى سيريوس يسحق عظامها بين أنيابه.

انطفأ بريق عينيه الأبيض، وهبط بهدوء على الأرض، يربت على أنف سيريوس بلطف.

رفع بصره فرأى طائرين يحومان في السماء.

> (أوريا...)

قالها في نفسه.

خطوات... خطوات...

التفت فرأى نيرو، وإليعازر، وليفي يقتربون.

وفي يد نيرو رأس أوثريد — زعيم الأورك المشتعل.

قال نيرو وهو يجثو على ركبةٍ واحدة، وصوته خفيض ومهيب:

> "رأس قائد الأورك، يا سيدي."

ساد الصمت لحظة، لا يُسمع فيها سوى صرير الدروع وأنفاس المحاربين.

فقال آشر بهدوء:

> "أحسنتم الصنيع."

2025/10/17 · 32 مشاهدة · 684 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025