---

تجمدت ماري.

رغم أنها تدربت كفارس وواجهت الكثير من المخاطر، إلا أن الوزن الذي يضغط عليها الآن كان غير طبيعي—كجبل قد استقر فوق عظامها. حتى رفع إصبع شعرت أنه مهمة مستحيلة.

لم يكن مجرد خوف.

لا، كان هناك شيء أكبر… غامض. شيئًا شاسعًا.

مجال القوة.

فقط أرقى المحاربين يمكنهم إظهار سيطرة على القوة بهذا المستوى—أولئك الذين هم على وشك أن يصبحوا مستيقظين (Awoken). ورغم أن الرجل أمامها لم يصل إلى ذلك المستوى الأسطوري، إلا أنه فعل الشيء التالي الأفضل.

لقد لوي القوانين نفسها للعالم حوله.

لم يكن مثل العوالم الحية التي يصنعها المستيقظون، بل كان مجاله أرق، وأكثر خبثًا. مكان لا تتدفق فيه القوة بحرية—لا، بل تتدفق كلها نحوه. مثل ثقب أسود في قلب الغرفة، يمتص كل ذرة طاقة من محيطه. أي محاولة لاستدعاء القوة هنا تؤدي إلى إرهاق سريع وقاسٍ.

ثم، بصوت مدوٍ، اندفعت الأبواب الكبيرة المصنوعة من البلوط—محطمة تحت قدم.

دخل أكسمان فوق الخشب المحطم، حواف فؤوسه العظمية تلامس الشظايا، تاركة خدوشًا طفيفة أثناء تقدمه. رأسه مائل قليلًا، وشفاهه المشقوقة تلتوي في ابتسامة غريبة ومرعبة.

"سمعت أن الوردة السوداء ذبحت كل نفس في قلعة أخيك"، قال، صوته مثل الحصى ينزلق عبر الدم. "حتى وحشه المحبوب تمزق. ومع ذلك… أخوك عاش."

ابتسم ابتسامة أوسع—كأنها جائعة.

"ماذا عنك أنت، يا ذات العينين الذهبية؟ هل روح البقاء نفسها تسكن صدرك؟"

تحركت يد ماري نحو الخنجر عند حزامها، لكن قبل أن تتمكن من الإمساك به، التفتت أصابع حول معصمها برفق لكن بحزم.

نفس دافئ على أذنها.

"لا تخافي، سيدتي. نحن معك."

ثم جاء صوت ثانٍ—حاد، واضح، وأعلى. تحدٍ يُلقى عبر الغرفة.

"هل تملكها، أيتها القاتلة؟"

ظهر شخصان من ظلها، كما لو سمح الواقع لنفسه أن يتفكك عنهم. كلاهما يرتديان جلدًا أسود ضيق، ووجوههم مخفية تحت الأغطية. كل واحد يحمل زوجًا من الشفرات—خنجر طويل مربوط على الفخذ، وآخر أقصر على الظهر.

اتسعت عينا أكسمان. غرائزه صرخت بالخطر. لكن أكثر ما أزعجه—لم يستطع استشعار قوتهم على الإطلاق. كانوا أمامه، لكن لا شيء ينبعث منهم.

لا أثر.

أشباح؟ لا… أسوأ.

لم يُخبروني عنهم، لعنه داخليًا، ووجهه أصبح قاتمًا.

"إذا كنتم مرتزقة"، زمجر، رافعًا فؤوسه، "أنصحكم بالمغادرة الآن. أنا أكسمان، المرتبة 21 عالميًا."

لم يفل الشخصان.

"نحن ملائكة سموه. ظلاله. منفذو إرادته—حكمه متجسد. لا تخلط بيننا وبين نوعكم. لسنا مرتزقة."

دون كلمة أخرى، اختفى أحد الملائكة في الظل، بينما قفز الآخر.

في طرفة عين، أغلق المسافة، مشقًا الهواء بشفرته اللامعة. تصدى له أكسمان، وارتطام الفأس بالخنجر أرسل موجات صدمة عبر القاعة. تراجع الشخصان—لكن فقط للحظة.

من ظل الأول، ظهر الثاني مرة أخرى.

متأخر جدًا.

تفاعل أكسمان، وتأرجح بعنف. الشفرة قطعت فقط الرماد—فالملائكة اختفى بالفعل.

ثم—الصلب قبل اللحم.

اخترق خنجر عنق أكسمان من الخلف، وخرج أمامه نظيفًا.

تجمدت ملامحه في ذهول كامل. فؤوسه سقطت من ذراعيه العظمية على الأرض بثقل. تعثر إلى الأمام، ممسكًا بالشفرة الغارزة في رقبته، والدم يتدفق من فمه.

تطلعت ماري والآخرون بصمت مذهول.

في ثوانٍ، الرجل الذي جعل الهواء نفسه وكأنه موت—كان يموت.

سقط أكسمان على ركبتيه، جسده يرتجف بالتحدي حتى مع انسحاب الحياة من عينيه. كيف…؟ لم يستطع فهم ذلك.

من هؤلاء الأشباح؟

كيف عبروا مجاله؟

هل هم بشر؟

ملائكة؟ لا. لم يكونوا كائنات سماوية.

كانوا الموت متجسدًا—ملائكة شريرة صُنعت للذبح.

صوت قطع ضبابه كالحديد الساخن يخترق اللحم المتجمد.

"من أرسلَك؟"

وقف أحد الملائكة فوقه، صوته عميق وقاسٍ.

ابتسم أكسمان ضعيفًا، الدم يتصاعد عند شفتيه. "ك… الكونتيسة… ن—نيفيس ني…كس."

نطق اسمها ليس ولاء، بل انتقام. لقد قادته إلى هذا. كانت تعرف. والآن، سيرد لها الجميل—بإرسال هؤلاء الوحوش إليها.

سقط قلب ماري.

الاسم صدمها كالبرق.

نيفيس نيكس—حضرت إلى حفل دوق مورمونت مرتدية الحرير والليل، ابتسامتها عسل وسكاكين. خطيبة الملك روييل.

امرأة ذات أناقة مظلمة.

امرأة تحمل طموحًا دمويًا.

تشددت ملامح ماري.

إذًا… كانت الفساد عميقًا هكذا.

كرهها للنبلاء لم يكن دائمًا بهذا العمق، لكنه بدأ يوم جاء النسور تحوم. يوم اختفى أخوها، وترددت شائعات موته في القاعات كأجراس جنازة. عندها جاءوا—نبلاء مغلفون بالحرير، بارونات تفوح منهم المظاهر الزائفة، فيسكون بابتسامات مخمرة—يقدمون الزواج كما لو كانت مجرد لقب لتوريث، جائزة لتملك.

تظاهروا بالتعاطف، مختبئين وراء كلمات مخملية، كل منهم تفوح منه رائحة عطر وجشع.

والآن، أحدهم—أرسل قاتلًا لإنهاء حياتها.

تحرك الملاك بهدوء، قفازاته مغطاة بالدم من المعركة. ركع بجانب جثة أكسمان، ما زال ملقى حيث سقط، فأسه متجمد في الهواء. بحذر، أخرج رسالة مطوية من جيب الميت الداخلي. خشخشته خفيفة وهو ينهض، ومرر المخطوطة الملطخة بالدم إلى ماري.

حدقت بها للحظة، ثم مزقتها.

رائحة الحديد والرماد ملأت الجو، وعيناها تجولت في النص. خط بخط، قبضتها تشددت، مفاصلها بيضاء، الورقة تتجعد في يديها المرتعشتين.

قرأتها:

"أكسمان، سافر إلى دوقية آشبورن وأرسل رسالة إلى الاسم الذي سيعطيك شعبنا داخل جدرانهم. يجب كتابة هذه الرسالة باسم الهدف، ويجب أن تكتب هذا—

'هذا وعدي.'

موقعة… الكونتيسة نيفيس نيكس."

الاسم صدمها كالصفعة—بارد ولاذع. نيفيس نيكس. امرأة لم تلتق بها أبدًا. امرأة لم تظلمها أبدًا. ومع ذلك، سمّت الكونتيسة حياتها للموت بتوقيعها.

احتد الحلق، انحبست الصرخة، نبضها أصبح كطبول حرب. عندما استدارت، سقطت المخطوطة من يديها، منسية.

سارت خارج القاعة، صدى حذائها يرن على الحجر، كل خطوة مثقلة بالغضب. عباءتها تتطاير خلفها كسحب العاصفة، قبضتها مشدودة حتى عضت أظافرها راحتيها.

الأجساد التي مرت بها لم تكن مجرد ضحايا. كانوا رجالها.

رجال لهم عائلات تنتظر في بيوت بعيدة.

رجال قطعوا عهودًا للحماية.

وقفوا بين ماري والموت—ودفعوا الثمن.

رائحة الدم بقيت. صمت الموتى ضغط عليها كغطاء خانق، لم يكسره سوى قطرات الدم البطيئة وخطواتها.

ومع ذلك، استمرت.

حتى أخيرًا، تحدثت—هادئة، لكنها مليئة بالحديد في صوتها:

"أرسل رسالة إلى أخي."

لم تلتفت خلفها.

"أريد أن يرى هذا بعينيه."

2025/10/18 · 23 مشاهدة · 866 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025