"ثم إن… أي دوق يجرؤ على إعلان العداء لنا؟" قالت جيسيكا بنغمة باردة حادة كحدّ الخنجر. "وحده الدوق آشر يمكن أن يكون متهورًا إلى هذا الحد. وبمجرد أن نحصل على تحالف مع العائلة الإمبراطورية عبر يونا، سيصبح بيتنا لا يُضاهى — الأقوى في الإمبراطورية القادمة."

كانت كلماتها كالسياط، ترتطم في الهواء وترسل قشعريرة في أجساد يونا وكورا وأمهما كيرا. بدا وكأن الجدران نفسها قد ارتجفت. ضغط غير مرئي خيّم عليهم، خانقًا وثقيلاً.

وكأنه يختم إعلان والدته القاسي، مال كوهاث إلى الأمام وسحب من داخل ردائه رسالة مختومة بالشمع، تتلألأ تحت أضواء قاعة المجلس. وضعها على الطاولة المصقولة باحترام رسمي وقال بصوت مفعم بالانتصار:

"هذه رسالة الأمير آرون. تحمل نيّته بخطبة يونا وجعلها زوجته. ومن خلالها، ستنجب وريث العرش الإمبراطوري."

تجمّد العالم للحظة واحدة.

ثم—

"كيف تجرؤ؟!"

قفزت يونا من مقعدها بقوة حتى سقط الكرسي خلفها محدثًا صوتًا مدوّيًا. الهواء حولها بدأ يتلألأ، والحرارة تفور من جسدها كأنها لهب مكبوت. يد واحدة فقط، نبضة واحدة أخرى، وكانت النيران ستنفجر حرة. قبضت يداها على جانبيها، تكاد تفقد السيطرة.

كوهاث، كالأفعى، ابتسم بكسلٍ ساخرٍ أمام غضبها، ثم مال للأمام قائلاً بنبرة تظاهر بالصبر:

"الدوق آشر قد بصق على عرض الأمير بنفسه، واختار بدلًا من ذلك تزويج أخته لابن الكونت آداموس الأول. فليُذكر يوم موته أن دوقية أخرى امتلكت الحكمة — والجمال — لتتقدم حيث تراجع هو."

جال بصر كورا عبر اللوردات والأتباع المجتمعين.

رأى الجشع في أعينهم.

ورأى الخوف أيضًا — لكنه لم يكن كافيًا.

قال الفيكونت إديفان وهو يهز كتفيه كأنما يتحدث عن الطقس:

"لا يمكننا رفض الأمير. نحن أساس هذا التحالف. وما إن نغادر، سننضم إلى القوة العظمى — الجيش الموحد. بيت آشبورن وبيت آداموس إما أن يركعا أو يُسحقا في التراب."

ارتجفت يدا كيرا فوق حجرها، تكاد تمزق ثوبها وهي تشاهده يتجعد تحت قبضتها. رفعت عينيها نحو ظهر ابنتها وهي تغادر قاعة المجلس، وقلبها يتفتت ألف قطعة.

هذا... هذا لم يكن بيت آشبورن. ذلك البيت العنيد الذي لا ينحني.

أخوها — رغم قوته — بالكاد كان يسيطر على رجاله. فكيف له الآن أن يحميها أو يحمي أطفالها من أعداء الخارج؟ لقد حُوصر بالفعل، عالق بين جدران تنهار حوله.

تنفّس كورا بعمق، يخرج من فمه بخار بارد في الصقيع الذي غلّف القاعة.

نظر إلى الرسالة الملقاة على الخشب اللامع أمامه، وكأنها مسمار أخير في نعشهم.

قال بصوت مبحوح خافت:

"كنتم جميعًا متحمسين للتحالف مع بيت آشبورن. إن فعلتم هذا… فلن تكون هناك عودة."

قهقه الكونت ماروين بازدراء وهو يطوي ذراعيه:

"حين نمنع عنهم تصدير زيت الزيتون، سينضب دمهم. وسينهار بيت آشبورن إلى رماد — كما يوحي اسمه."

ابتسم كورا ابتسامة مرة، بلا دفء. التفت قليلًا فرأى وجه أمه المتوتر وصمت الباب الثقيل الذي عبرت منه يونا. انقبض صدره بألمٍ لا اسم له.

قال أخيرًا بصوت يخرج منه كأنّه يُنزف:

"حسنًا… فلنأمل أن يكون الدوق آشر قد مات فعلًا — وبقي ميتًا — لأن…"

لكنه لم يُكمل.

كان هناك في داخله شظية من خوفٍ وندمٍ تغوص أعمق فأعمق.

شعر كوهاث بانتصاره، فاعتدل في جلسته قائلًا:

"إذن، تم الاتفاق. ستُقدَّم يونا للأمير آرون. وسنعلن ولاءنا للجيش الموحد."

تجمعت الأعين كلها على كورا، تزن ردّه، تترصده.

ورغم أن كل ذرة في روحه كانت تصرخ رفضًا، أومأ برأسه.

لم يكن أمامه خيار آخر.

الطريقة الوحيدة لحماية يونا.

الطريقة الوحيدة لحماية أمه.

حتى وإن كان الثمن فقدان آريا إلى الأبد.

حتى وإن فقد نفسه.

انقبض قلبه بقوة حتى كاد يختنق. يده، المخفية تحت الطاولة، كانت ترتجف بلا توقف.

قال بصوت مبحوح وهو ينهض:

"لنذهب، أمي."

ابتعد بخطوات مثقلة، دون أن يلتفت، مغادرًا المجلس خلفه.

لم يعرف لماذا، لكن حين أُغلقت الأبواب خلفه شعر وكأنه تجرد من كل شيء — بلا أتباع، بلا ولاء، بلا أمل.

ملك بلا تاج.

قائد بلا سلطة.

وفي أعماقه، رغبة مُرّة انكمشت بشدة:

كيف يشعر أن يكون آشر آشبورن؟

حتى لو لثانية واحدة… لكان مستعدًا أن يبادل كل شيء ليعرف.

لكن الآن، عليه أن يصبر.

سوف ينحني، سوف ينزف، سوف يتحطم إن لزم الأمر —

حتى يأتي اليوم الذي يكون فيه عباءة الدوق له.

---

في قلب حديقة فخمة، حيث تنفث الأزهار الغريبة عبيرها في هواء الربيع وتُغني النوافير الرخامية بألحانٍ رقيقة، جلس رجلان تحت ظلال جناح ذهبي فاخر.

كان شعرهما الأسود اللامع مصففًا بعناية، وثيابهما من أرقى الحرير والأقمشة المطرزة في إمبراطورية الخلود الأبدية، تتلألأ خيوطها في الضوء برونقٍ مهيب. خواتم تزين أصابعهما، وحركاتهما كلها تنطق بثقة وسلطان.

في أيديهما أكواب شاي ذهبية رقيقة وثقيلة، يحتسيان منها شرابًا نادرًا صُنع من أوراقٍ لا تُقدّم إلا للأباطرة.

إلى اليسار جلس روييل زور، ملك مملكة إنتيس — رجل ذو عقل حاد وغريزةٍ أشد حدة. وُلد في الأرض، لكنه تعلم منذ زمن كيف يجعل الطموح سيفه.

وبعد أن كسب ودّ أجمل محظياته — تلك التي كانت تُحكى أساطير عن سحرها في كل قصر نبيل — أصبح روييل الآن اليد اليمنى للأمير آرون.

ضحك بخفة وهو يدير كوبه الذهبي قائلاً:

"سقط الدوقات الثلاثة جميعًا. الشمال أصبح لك أخيرًا."

رفع آرون، وريث إمبراطورية الخلود الأبدية، كوبه بهدوء إلى شفتيه وابتسم ابتسامة باردة، مفترسة، تحمل جوعًا لا حدود له. قال بصوتٍ ناعمٍ كالسُمّ:

"الجنّيات ساعدن في التخلص من اللورد آشر."

تلألأت عيناه بانتصارٍ متجمّد.

"وحين نسيطر على آشبورن، سنستولي على أراضيهم كمكافأة مستحقة. تجارة عبيد الجن، وزيت الزيتون الزمردي…" تنفّس بعمق وكأنه يتذوق الطمع نفسه،

"…ستجعل الإمبراطورية أغنى من أي دولة على القارة."

ضحك روييل بخبث، ضحكة من باع واشترى مصائر الرجال مرات كثيرة.

"بالطبع،" تمتم وهو يتخيل جبال الذهب التي ستتدفق إلى خزائنهم.

وبينهما على الطاولة الزجاجية المنخفضة، بين صحون الفواكه المسكّرة واللوز المحلى، كانت هناك رسالة واحدة مختومة بالشمع ومفتوحة — رسالة من السيدة جيسيكا من بيت مورمونت، تؤكد نجاح مهمتها.

نظر آرون إليها نظرة سريعة قبل أن تتسع ابتسامته القاسية أكثر.

"لقد حان الوقت،" قال بصوتٍ مليء باليقين، "لكي تنهض إمبراطورية الخلود الأبدية من جديد."

اتجه بنظره نحو الأفق البعيد، كأنه يرى جيوشًا تزحف وراء الجبال، ومدنًا تشتعل في طريقها.

"وحين نغزو الأراضي خلف جبال آشبورن،" تابع بصوتٍ خافتٍ مهيب،

"سنصبح أعظم… وأقوى من أي وقت مضى."

وبدا أن جمال الحديقة وسلامها ذاب فجأة تحت ثقل تلك الكلمات.

في مكانٍ ما، بعيدًا عن جدران الرخام، بدأت رياح الغزو تعوي.

2025/10/19 · 31 مشاهدة · 965 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025