كانت الشمعة الموضوعة فوق حاملها البرونزي تترنح بضعف، تلقي هالة باهتة من الضوء تكافح لطرد الظلال المتشبثة بزوايا الغرفة الحجرية. في منتصف القاعة، وُضع طاولة خشبية مصقولة، سطحها ناعم من أثر السنين. على طرفيها كرسيان متقابلان — جلس اللورد آشر على أحدهما، والجنرال كليغان على الآخر.

زفر كليغان ببطء، وكأن أنفاسه تحمل ثقل أسابيع من الإنهاك.

"لولا وصولكم في الوقت المناسب، لسقطت قلعة الظلام لا محالة،" قال بصوت منخفض متعب. "إن الدومينيون يقف على حافة الخطر. بيت وايفرن يهاجم من الحدود الشمالية الشرقية — وقد استولى بالفعل على مدينتين. الآن لم يتبقَّ بينه وبين بقية الإقليم سوى هذه القلعة."

مال إلى الأمام، يسند مرفقيه على الطاولة، وكأن الحديث بحد ذاته عبء ثقيل.

"ومن الجنوب الشرقي، غزا بيت إنتيس أراضينا. استولوا على مدينة المستنقع الأحمر — المدينة التي تمدنا بالطعام. الأرز، القمح، الذرة — كلها ضاعت. نزفنا رجالاً لاستعادتها، لكن الثمن كان..."

توقف، وتصلبت عضلات فكه.

"أكثر مما يمكن عدّه."

ساد صمت ثقيل، خانق.

ثم قال بمرارة:

"لا ينبغي لي قول هذا، ولكن... لو سقطت قلعة الظلام، لسقطت كل الدومينيون بعدها. والآن، الأمر مجرد وقت حتى تفرغ المخازن من الطعام."

لم يقل آشر شيئاً. وضع يده على الطاولة، أصابعه ثابتة، ثم بدأ يطرق بخفة — إيقاع هادئ على الخشب، كنبض فكر متزن، والجنرال يترقب جوابه.

قال آشر بصوت عميق بارد كأمواج البحر تحت العاصفة:

"الأسوار."

"الأسوار؟" قال كليغان متقدماً قليلاً، حاجباه ينعقدان في حيرة.

تابع آشر بهدوء:

"سمعتُ أن جدران قلعة الظلام لا تُقهر — قادرة على الصمود أمام المقاليع لأيام دون أن تتداعى."

أطلق كليغان زفرة حادة.

"للأسف يا سيدي، تلك الأيام ولّت. جيش التحالف ليس خصماً بسيطاً — جاؤوا بمئةٍ وعشرين منجنيقاً، وتنانين وايفرن تنفث النار الكافية لتمزيق الحجر نفسه. قضى رجالي وقتهم في ترميم الأسوار أكثر مما قاتلوا العدو."

ثم تنفس بعمق، كأن شفرة الموت تلامس صدره.

"لقد شوَت تلك التنانين الآلاف. بعض رجالي سحقوا بين أنيابها. أما الدوق فلا يستطيع إرسال المنجنيقات إلينا — جميعها أُرسلت لصدّ سلاح الجو التابع لبيت إنتيس."

أومأ آشر برأسه.

"فهمت. إذن، هذه الليلة سنتولى أمر المقاليع. وغداً نستعد للهجوم التالي. أما الطعام — فقد جلبنا ما يكفي لإطعام عشرة آلاف جندي لأشهر. لستَ مضطراً للقلق بعد الآن."

انفرجت ملامح الجنرال قليلاً.

"وكيف تنوي التعامل مع المقاليع يا سيدي؟"

ـــ

من دون علم رجال جيش التحالف، كانت الظلال تنساب عبر الليل — عشرات منها، خافتة كالهسيس، تتسلل في الظلام وتختفي واحدة تلو الأخرى...

حتى بقي ظلٌّ واحد فقط.

طَقة!

جندي كان يجلس بجانب منجنيق ضخم، يرتشف الحساء من وعاء خشبي، رفع رأسه متفاجئاً بالصوت. أمامه وقف شخص مغطى بالسواد بالكامل، لا يُرى منه جلد ولا عينان، حتى ملامحه اختفت تحت نقاب داكن.

وقبل أن يتمكن الجندي من الصراخ، غرست خنجر القاتل — أحد الملائكة — في عنقه.

وفي تلك اللحظة، انبثقت عشرات الظلال من ذلك الرجل الوحيد، كأنها أشباح خرجت من جسده، وانطلقت عبر المعسكر.

ضربوا بدقة متناهية، يستهدفون فرق تشغيل المقاليع. لم يُسمع إنذار، ولم يصرخ أحد.

في دقائق معدودة، ذُبح أكثر من أربعمئة رجل على يد ثلاثين ملاكاً فقط.

قال أحدهم ببرود:

"أحرقوا المقاليع."

فتحرك الباقون فوراً — بسرعة مذهلة، بخطوات محسوبة — يثبتون لفائف تحمل أختاماً تفجيرية على كل منجنيق.

وفي الطرف الآخر من المخيم، توقف جندي دورية، حاجباه يرتفعان وهو يتطلع نحو صفوف المقاليع.

كانت المشاعل مضاءة هناك، تلمع على الأخشاب، لكن... لم يكن أحد موجوداً.

غريب...

قبل لحظات، كان المكان يعجّ بالحركة والصياح.

عبس، ورفع شعلة يده، يتقدم بحذر فوق التراب المتشقق. لمح نار المخيم البعيدة ترقص بهدوء خلف الخيام.

تمتم ساخطاً:

"اللعنة... هؤلاء الأنذال يأكلون اللحم ونحن نبتلع الحساء المالح، والآن نائمون؟ سألقنهم درساً..."

بوووم!

سلسلة انفجارات مزّقت الليل.

ارتفعت النيران إلى السماء، تلطخها بألسنة اللهب البرتقالية والحمراء.

"حريق!"

ارتفع الصراخ في المعسكر كصوت بوق حرب.

اندفع الرجال في فوضى، يسكبون دلاء الماء عبثاً بينما تتساقط الشظايا المشتعلة فوقهم، تُشعل الخيام وتلتهم الأخشاب بسرعة رهيبة.

انتشر اللهب بجنون، يحول المعسكر إلى بحرٍ من النار.

على الأسوار، وقف الجنرال كليغان يحدّق في الأفق المشتعل. انعكست النيران في عينيه كبركة من الذهب المنصهر.

وبجانبه، كان آشر واقفاً، شعره الأبيض يلمع في وهج النار، وجهه ثابت لا يتزحزح أمام هذا المشهد الكارثي.

"إنهم عائدون!" صرخ أحد الجنود مشيراً إلى البعيد.

التفت كليغان بسرعة، ض narrowing عينيه.

في البداية، لم يرَ سوى بريق خافت — نقاط صغيرة مضيئة تتهادى في الظلام، كجمرٍ يحتضر.

ثم، في طرفة عين، ظهرت ثلاثون هيئة من العدم.

رجال يرتدون جلوداً سوداء قاتمة، وأوشحة زرقاء ترفرف على أعناقهم بخفة، يقفون في صفٍّ منظم خارج البوابة — الملائكة، عائدون من الظلال كما ظهروا منها.

قال آشر بصوت منخفض لكنه لا يعرف التردد:

"افتحوا البوابة. لقد أتمّ الملائكة مهمتهم."

تحرك الحراس فوراً.

تصدعت الأبواب الحديدية الضخمة وهي تُفتح ببطء، لتكشف عن المحاربين الشبحية.

دخلوا صامتين، لا كلمة، لا أنين.

والجنود الذين اصطفوا على الجدران والساحة راقبوهم بعيون متسعة — بعضها بالرهبة، وبعضها بالخوف — كأنهم يشاهدون أرواحاً خرجت من عالم الموتى.

2025/10/20 · 21 مشاهدة · 773 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025