بينما امتلأ الفناء بقوات العدو، ازدحمت آلاف أخرى عند البوابة المفتوحة، ما زالت تضغط للداخل. ثم، في ومضة من الفولاذ، وقف جندي على الأسوار، مستقيمًا، سيفه يلمع في ضوء الصباح وهو يقطع الحبل الرئيسي.

صخب!

انزلقت البوابة الحديدية مع هدير مدوٍ، مغلقة البوابة بقوة. اصطدم الفولاذ بالحجر، وارتجت الأرض بأكملها.

"ما الذي يحدث؟!"

"إنها كمين!"

اجتاحت الذعر الصفوف مثل النار في القمح اليابس. ارتفعت زئير الفوضى—حتى غُطي بالصمت الأثقل.

فوق الأسوار، بدأت الأجسام بالظهور.

أولاً واحد. ثم آخر. ثم العشرات، يطلون على الحصون مثل العمالقة المستيقظة. في مركزهم، وقف آشر—ذو أكتاف عريضة، متعرق من القتال، شعره فوضوي، وعيناه تحترقان مثل نجمين تحت سحب العاصفة.

شهيق عميق. صدره يتمدد، وجناته تنتفخ وهو يتخذ وضعية ثابتة، أقدامه مغروسة في الأرض.

ثم حدث ما لم يكن متوقعًا.

اندفعت قوة هائلة منه، غير مرئية لكنها لا يمكن إنكارها، اجتاحت القلعة كموجة ساحقة. الهواء نفسه اشتد، كثُر وضغط. سقط الرجال على ركبهم، بعضهم انهار بالكامل. أجسادهم ارتجفت، عاجزة عن الحركة أو التنفس—تحت ثقل تلك القوة.

كان الاختناق ملموسًا.

حتى كونت ريمون من حصن بيت وايفرن شعر بذلك، واقفًا فوق الأسوار الخشبية، يمسك زمام ويفرن مضطرب، جناحاه يرتجفان وعيناه تتوهجان بالاضطراب البدائي. القلعة بدت على الأفق بعيدة لكنها ثقيلة، وكأنها تكبر كلما طالت نظراته.

وصلت القوة إليه كانهيار جليدي يهز عظام الأرض.

"يا له من قوة… أحد المستيقظين." شحب وجه كونت ريمون.

في قلعة بلاك، امتد صدر آشر للمرة الأخيرة—ثم—

فووووووش!

انفجر بخار قارس من فمه، ليس ساخنًا بل موتيًا باردًا—أبيض كالثلج تحت ضوء القمر، انتشر بسرعة خارقة. غمر الفناء، مغطياً الجنود المحاصرين. تحولت الصرخات إلى صمت، والحركة إلى سكون.

سقط آشر على ركبة واحدة، زفيره ثقيل، يده تستند على الحجر. بقيت أنفاس البرد معلقة في الهواء، تتلألأ وهي تبدأ بالانحسار.

وقف جنوده في صمت مهيب، أعينهم واسعة.

حتى هم لم يفهموا تمامًا الوحش بينهم.

ثم، ببطء، انقشع الضباب.

ارتجفت الصفوف، وصاح الجميع.

ما تبقى لم تكن أجسادًا.

كانت تماثيل—رجال مجمدون في لحظة أنفاسهم الأخيرة. وجوههم محجوزة في الرعب، أطرافهم محاطة بطبقة من الصقيع، جامدة بلا حركة.

ألفا جندي، قُتلوا في نفس النفس.

حتى محاربوا آشر نظروا إليه بإعجاب—مختلط بالخوف.

هل هذه حقًا قوة المستيقظين؟

ثم جاء الصرخة.

"اهربوا!"

تحول الجنود الباقون خارج الجدار—أكثر من ثلاثة عشر ألفًا—للهروب، أقدامهم تدق في هروب ذعر.

لكن من التلال الشرقية، كالرعد، جاء الضربة الأخيرة.

ظهرت عشرة آلاف من كاسري الشفرات.

على ظهور نسور-دبابة ضخمة، دروعهم السوداء تلمع بضوء الفجر كالماس الأسود. رماح طويلة منخفضة، رايات ترفرف خلفهم، انطلقوا.

لقد انتظروا.

والآن، هبطوا.

ارتجت الأرض تحت وزنهم الهائل—كل فرس أكثر من طن، مخالبه تمزق الأرض واللحم معًا. حاول الجنود تشكيل صفوف، لكن ذلك كان عديم الجدوى.

هبطت الهجمة كعقاب إلهي.

صرخ الفولاذ. قُذف الرجال كدمى من القش. تكسر الرماح العظام. ابتلعت صيحاتهم هدير كاسري الشفرات.

حتى الخالدون—محاربو بيت وايفرن المخيفون—لم يستطيعوا الصمود.

واحدًا تلو الآخر، سقطوا.

دُهسوا. طُعنوا. تحطموا.

"انقسموا!" صرخ لامبرت.

أطاع الفرسان على الفور، منقسمين إلى خمس إسافين مدمرة—ألفان في كل تشكيلة. من أعلى جدران قلعة بلاك، بدت كاسري الشفرات كأنه أنهار من الحبر الأسود صُبّت على صفحة بيضاء.

وكالحبر، لوّنوا كل شيء في طريقهم.

الجيش الموحد—المحنك والمنضبط والشهير—لم يكن له فرصة. مزقهم كاسرو الشفرات بسهولة مخيفة، كل هجمة كمسح المنجل. سقط الجنود المدربون كفلاحين بحربة صدئة، تشكيلهم يتفكك تحت ثقل الوحوش الحديدية والفرسان القساة.

انتشر الموت، أسود وغير متوقف.

من مكانه البعيد، شاهد كونت ريمون—وايفرن الشمالي—كل ذلك. ارتجف جسده بلا توقف، ورؤيته مشوشة من الغضب وعدم التصديق.

هؤلاء هم جنوده—الذين أنفق عليهم ثروة لتدريبهم وتسليحهم وتجهيزهم للحرب. والآن، سُحبوا كحقل قمح عادي تحت منجل الفلاح.

صرخ قلبه في صمت.

"الدوق آشر!" تمتم ريمون بأسنان مشدودة، فكه يصر حتى ظهر الدم تحت لسانه. الاسم كان لعنة، شرارة نار في روحه.

كان يرى آشر حتى الآن—طويل، ثابت فوق القلعة، يراقب المذبحة كإله يشهد الحكم.

"سأقتلك"، همس ريمون، صوته مرتعش كوتر مشدود. "سأكون أنا من يقتلك."

تحرك ويفرنه خلفه بلا راحة، حاسسًا بالغضب في سيده.

حتى لو استلزم الأمر كل ويفرن في بيت وايفرن، حتى لو اضطر لحرق السماوات وحرق الأرض—لن يتوقف ريمون.

ليس حتى يصبح آشر رمادًا.

ليس حتى يبقى شيء.

في تلك الليلة، شربت ساحة المعركة الدماء—أربعة آلاف قتيل، وأكثر من سبعة آلاف جريح لا رجعة فيهم. عسكريو كونت وايفرن الباقون في خراب.

مشلول، مذل، ومهزوم، لم يكن أمامه خيار سوى سحب ما تبقى من قواته.

قبل أن يلون الفجر السماء، لم يبق من المعسكر الضخم الذي كان يعج بالجنود والفولاذ سوى مقبرة من الجمر المتقد والخيام العظمية. الصمت الذي تركه كان أعلى من أي صرخة حرب.

وانتشر الخبر كالنار في الهشيم.

عانى الجيش الموحد أول هزيمة ساحقة له—هزيمة حاسمة هزت العروش ومجالس الحرب على حد سواء.

لكن ما صدم العالم حقًا هو التحالف الذي جعل ذلك ممكنًا.

بيت آشبرن وبيت نوبس.

متنافسان لقرون. عداوتهما أسطورية، نزاعات دموية محفورة في كل سجل.

والآن—وقفا جنبًا إلى جنب.

معًا، حطموا قوة جيش ملكي. معًا، قدموا لسموه أول طعم مر للهزيمة.

2025/10/20 · 24 مشاهدة · 770 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025