انطلق فارس وحيد يندفع عبر شوارع نينيفه المرصوفة بالحصى، عباءته تتطاير خلفه كراية ممسوسة بعاصفة. قلبه يدق ضد ضلوعه مع كل قفزة من صهوة جواده، وعيناه مركّزتان على الظل البعيد للقلعة، يعلوها بين الغيوم كإكليل من الحجر.
تبعته سحابة من الغبار والصيحات المذعورة. ضربت حوافر الخيول الحصى بإيقاع مدوٍ، مبعثرة السكان حتى صُدم حراس المدينة. لكنه لم يولِ أي اهتمام للفوضى التي خلفها.
آمل ألا أكون قد تأخرت كثيرًا!
…
داخل القلعة، اندفع آشر عبر الممرات المطلية بالذهب، أنفاسه قصيرة ومتوترة. كل خطوة تقربه من الحضانة، ومع كل خطوة يزداد شعوره بالرعب، يتكور حول صدره كالحبل.
كانت سافيرا بجانبه، خطواتها خفيفة وسريعة، وحرير ثيابها يهمس بالإلحاح. عند استدارة الممر الأخير، واجهتهما مشهد جمد الدم في عروقهما—الصيادلة والكاهنات الأبيضات والفرسان المدرعون مكتظون أمام باب الحضانة، يهمسون بنبرات منخفضة وقلقة.
انفتحت الأمواج البشرية فورًا لرؤية الدوق وسافيرا. تغير الهواء.
اندفع النسيم عبر نوافذ الممر المفتوحة، يجتاح الغرفة بينما اقتحم الزوج العتبة.
توقف آشر، مجمد.
لكن سافيرا اندفعت للأمام، متسللة إلى دائرة الكاهنات حول سريرين، يغمرهما ضوء خافت ومرتجف. رفعت أيديهن فوق التوأمين، ناشرة موجات من السحر الشاحب.
حُبست أنفاس سافيرا.
أطفالها—الذين كانوا يومًا نابضين بالدفء—باتوا الآن ساكنين، بشرتهم شاحبة كرقائق البرد، وعروق سوداء تمتد على أجسادهم الصغيرة كشقوق في الخزف، ممتدة من مركز صدورهم إلى أطرافهم. بدأت أجزاء من لحمهم الطري تتصلب، متخذة لمعة حجرية باهتة.
بدأت إحدى الكاهنات بالكلام، صوتها يرتجف.
"الكاهنة الكبرى… إنه لعنة. لطالما كانت كامنة—تتغذى خفية على قوتهم الحياتية بينما تخفي صرخاتهم. نحن—"
تعثرت، ضاعت كلماتها في شهقة.
اندفعت ميا، وجهها محمر من الركض، تعابير وجهها مشدودة من الإجهاد.
"لا يمكننا الاستمرار لفترة أطول. قوتنا تتلاشى."
دون كلمة، وضعت سافيرا يديها المرتجفتين على أطفالها. كانت بشرتهم باردة كالثلج، لا نبض، لا دفء.
شهقت، والصدمة سرقت أنفاسها. ثم—
انفجر ضوء ذهبي-أخضر من داخلها. انفجر إلى الخارج في وميض ساحر، مغطيًا نفسها والتوأمين في شرنقة متوهجة من الضوء. كان النور ساطعًا لدرجة أن الجميع اضطروا لإبعاد أبصارهم.
خفق الضوء بالحياة. تدخلت الكاهنات داخل وخارج الحاجز المتلألئ—كل خروج يترك واحدة منهكة، منهارة من الإرهاق، وأخرى تندفع لتأخذ مكانها.
أما آشر—فقد وقف هناك.
متجمد.
قبضته مشدودة، لكنه كان عقله فراغًا.
لا حزن. لا غضب. لا يأس.
فقط صمت.
فقط سكون.
ارتجف الضوء.
تعثرت الكاهنات، وجوههن شاحبة، أنفاسهن متقطعة. ضعفت الشرنقة… ثم تلاشت، متبخرة كالضباب الصباحي.
وهناك كانت.
سافيرا، جاثية على الأرض، تحتضن أطفالها بين ذراعيها. بشرتهم—أصبحت الآن وردية وصحية. تحركت أصابعهم، أطرافهم الصغيرة تمتد برفق. أطلق أحد التوأمين صرخة خافتة، لكنها أسكتته برقة، صوتها دافئ وملطف.
خطا آشر خطوة إلى الأمام، عيناه واسعتان، متلألئتان.
"سافيرا…" همس.
لكن فرحته اخترقها مشهد رهيب.
كانت العروق السوداء لا تزال ملتفة على وجهها وذراعيها. تحولت بقع من بشرتها إلى حجر—رمادية، خشنة، بلا حياة—قبل أن تلين مرة أخرى في دورات مؤلمة من التجدد.
امتلأت الغرفة بالشهقات بينما شهد الجميع المشهد.
لم تصرخ سافيرا. لم ترتد.
ابتسمت فقط لأطفالها، ذراعيها حصن، ألمها منسي أمام ابتساماتهم.
بحلول نهاية الدورة، تحولت بعض خصلات شعر سافيرا إلى فضي شاحب، شاحب ضد ألوان شعرها الغنية. ندبة ليست على الجلد، بل على الروح. لن تُمحى أبدًا.
حتى رموشها الطويلة الداكنة تلألأت بخجل بنفس اللون الفضي. شهادة صامتة، دامغة، على الثمن الذي دفعته.
لم يكن آشر بحاجة إلى شرح—كان يعرف. لم يكن مجرد أثر جانبي تجميلي. كان علامة الزمن نفسه، مُقتطعًا من عمرها ومقدّمًا كفدية للّعنة.
والثمن لم يكن هينًا.
قد يظن المرء أن سافيرا—كونها إرادة العالم—كائن بلا حدود، لا يطالها أي محدودية بشرية. واقفة فوق الجميع، لا تُقهر.
لكن الحقيقة كانت قاسية.
هذا الجسد—وعاء من لحم ودم—مقيد بنفس حدود كل الكائنات الحية. شكلها الحقيقي، مكوّن من الأرض والحجر والماء وأنقى أنفاس الحياة، كان يحتوي على مانا بلا حدود. عملاقة الطبيعة نفسها.
لكن ذلك كان حينها.
قبل العصر المظلم.
ابتلع الهاوية أكثر من الأراضي. قوتها المتسللة المدمرة أضعفت تيناريا حتى الجذور. القارة نفسها تحتضر، ومعها السحر القديم الذي كان يمد القدماء بالقوة.
الضرر امتد لشكل سافيرا الجني، يقيدها، يستنزف بريقها. كما حدث لآخرين—مثل الفارس الذهبي الذي كان صوته يدوّي كالرعد في العصر الأول، لكنه الآن ضاع في طيات الزمن.
الآن، أصبحت مجرد برتبة إمبراطورية. وحتى ذلك جاء بثمن.
ارتعشت أنفاسها، اهتزت كتفاها، قبضت يديها حتى تحوّل بياض مفاصلها.
ثم انفجرت كلماتها—ليست ناعمة، ولا ملكية، بل حادة. غير مقيدة.
"ابحثوا عنهم! اعثروا على من فعل هذا بأطفالي واقطعوا رؤوسهم!"
صرخت سافيرا، عيناها تتوهجان، حزنها ابتلعه الغضب. نبرتها حادة بما يكفي لتجرح، ونظرتها مليئة بالدماء والكراهية.
لكن لم يكن الغضب موجّهًا نحو آشر.
لا. كان سخطها على الوحوش التي تجرأت على إيذاء من تحت رعايتها—أطفالها.
لم يقل آشر شيئًا.
لم يومئ. لم يعد بالانتقام بصوت مسموع. فقط استدار، عيناه تحترقان كالشمس، ومع ذلك شعر الجميع ببرودة غريبة.
النوم؟
لم يعد للكلمة معنى.
هربت كالظل في الليل.
ومع ذلك، لم يكن هناك فوضى في قلبه. لا عاصفة حزن. لا أيدٍ مرتجفة.
شعر… بالبرود.
كالرجل الذي غاص في أعماق بحيرة شتوية، البرد يلف عظامه، يخدر حرارة العاطفة.
خطواته كانت محسوبة.
هادئة. متعمدة.