في عمق الليل…
انفجار!
انفتحت أبواب القاعة المقدسة على مصراعيها، والمفصلات تصرخ من شدة تحركها إلى الداخل. اقتحم كيلفن المكان، خطواته على الرخام تتردد كصدى، وعجلة في كل حركة، لكن معها شعور أعمق—الرعب. كان وجهه منحوتًا في قناع من التوتر، وكأن الحقيقة التي يحملها أثقل من أن يتحملها روح واحدة.
في البداية لم يلاحظ شيئًا.
المشموعات التي تصطف على الممرات المكللة بالأعمدة، والثريات الذهبية العظيمة فوق، والتي من المفترض أن تضيء بلا انقطاع تكريمًا للقاعة، كانت مظلمة. انطفأت.
القاعة المقدسة بأكملها، الأبدية نفسها، كانت في صمت بارد، ملفوفة في ظلام كثيف وغير طبيعي.
ثم رآه.
أو بالأحرى… شعر به.
كان آشر جالسًا على العرش في نهاية القاعة، مائلًا إلى الخلف على المقعد الأسود البارد وكأنه بلا حياة. كانت ساقاه فقط مرئية تحت سقوط الظلال—لكن العيون هي التي كشفت عن حضوره.
نيران مزدوجة من الذهب تتأجج في الظلام. ليست مجرد توهج—كانت تحرق. تخترق.
حبس كيلفن أنفاسه.
تلك العيون لم تكن بشرية. لم تكن فانية. كانت العيون نفسها التي تحدث عنها الأساطير—العينان التي استخدمها زيناس الأول لرؤية ما وراء الظلام والوهم.
رؤية آشر هكذا، كظل ساكن محاط بالظلال، ونظرته الذهبية هي النور الوحيد—كانت رؤية شكل انتزع من الأساطير وأُيقظ في الغضب.
تعثّر كيلفن في خطواته، حلقه جاف، وحتى قبل أن ينطق بكلمة—
ضربه الوزن.
ضغط هائل اجتاح القاعة مثل موجة مد. المانا—ثخين وخانق—تدفق من العرش كعاصفة تكاد لا تسيطر عليها. لم يزمجر، ولم يتشقق، كان ساحقًا في هدوئه. كالجاذبية مجسدة.
ركبتيه استسلمتا دون مقاومة.
ثُقِل.
سقط على الأرض، مرتجفًا—ليس خوفًا من آشر نفسه، بل من أي شيء دفعه إلى هذه الحالة.
لم يجرؤ كيلفن على رفع رأسه مرة أخرى. كل ما كان يستطيع فعله هو الركوع وانتظار الإذن بالكلام. لم يعد وزن القاعة المقدسة في الحجر، ولا في التاريخ.
كان فيه.
وأيًا كانت الأخبار التي جاء بها كيلفن—لابد أن تستحق هذا الاضطراب.
"يا سيدي…"
صوت كيلفن كان خيطًا هشًا، بالكاد أعلى من همس الريح بين القبور. حدقت عيناه—مثبتة على دوامات الرخام المعقدة—ترتعش.
لم يجرؤ على رفع نظره.
لأن شيئًا قد تغير.
شيء انفجر داخل آشر.
سكينة شاسعة الآن تنبعث من العرش، تجعل حتى صمت القاعة المقدسة الثقيل يبدو ضوضاء. لم يكن هذا غضبًا، ولا حزنًا—كان شيئًا أخطر. شيئًا مطلقًا.
ثم تكلم آشر.
"نحن نستمع."
تدحرجت الكلمات—عميقة، رنانة، متعددة الطبقات. كأنها تتردد من جدران الأبدية، وكأن صوته ليس له وحده، بل يحمل ثقل حكم غير مرئي. ارتجف جسد كيلفن كله.
لم تكن كلمات صبي. ولا تأثر بأسلافه—لا ومضات تملكها الأرواح، لا تغيرات لون العيون، ولا أصوات تتحدث من خلاله.
هذا كان آشر.
لكن ليس آشر الذي يعرفه كيلفن.
كان روحًا أعيد تشكيلها بالغضب والحزن والهدف. حاكم مرّ بمحن العجز وخرج ليس فارغًا، بل متصلبًا. التغير كان واضحًا.
لقد بلغ عقلية المطلق.
عالم الفكر والحضور، حيث إرادة الحاكم هي الأمة، وكلماته تحمل ليس القانون فقط، بل الحق الإلهي. قيل إن شخصًا واحدًا فقط حيّ لمس هذه الحالة—إمبراطور جالفيا.
كان إمبراطور اللهب المقدس يترنح، نصف إمبراطوريته مخنوقة من قبل نقابات التجار، وضعه المقدس مدعوم بالعرض فقط، لا بالقوة الحقيقية.
أمير آرون؟ مفكك. أراضيه مقسمة كاللحم بين الذئاب.
آشر لم يكن مكبلًا بمثل هذه القيود.
وكان كيلفن يعلم—هذه ليست مسرحية. ليست تقليدًا للسلطة.
هذا أمر حقيقي.
الرحمة عند آشر الآن توزن بالعدالة. الإهمال يقابل بالعقاب. تحول ليس في السلوك، بل في الروح.
لم يعد صبيًا. صار إرادة مشحوذة إلى شكل.
ابتلع كيلفن أنفاسه وأخيرًا أبلغ بالخبر.
"هاجم إيفرارد سفننا."
انكسر صوته. "البارون يوسف… وجد جزيرة، أخيرًا، لكنه وقع في كمين من ثلاث سفن قراصنة إيفرارد. قُتل بعض رجالنا. البقية… أُخذوا."
"وماذا عن اللورد يوسف؟" سأل آشر بهدوء—هدوء كالسيف قبل الضربة.
حلق كيلفن انقبض. "أُخذ، سيدي. يبدو… أن الهدف الحقيقي كان سفينة الأملاك. لكنها كانت قوية جدًا. فقدوا سفينتين في محاولة الاستيلاء عليها."
"والثالثة؟"
"هربت. مع البارون و… مئة وعشرين من رجالنا."
لم يرمش نظر آشر. لم يتغير.
"كم قتلوا؟"
انفتحت شفاه كيلفن—ببطء. كأن النطق جعل الأمر أكثر واقعية.
"ستمئة."
في تلك اللحظة، اخترق الصوت الصمت الثقيل للقاعة المقدسة.
"سيدي، الرئيس لان قد عاد!"
لان!
تركزت أفكار آشر. الأرقى بين الملائكة—دقيق، فعال، بلا انفعال. كان يخضع لتدريب مكثف في أعماق أشكلون، لكن قبل شهر، استدعى آشر لان—موكلاً به مهمة خطيرة ودقيقة: التسلل إلى بيت مورمونت، وكشف الحقيقة عن الدوق أوهاد ووفاة ابنه.
"ادخل." أمر آشر.
تأوهت الأبواب مرة أخرى، ودخل الرجل القاعة، يكتنفه الظل والصمت.
بشعر بني وكتفين عريضين، يرتدي درعًا أسود ضيقًا منحوتًا على جسده. لفّ حول عنقه ووجهه السفلي وشاح أزرق داكن، يخفي كل شيء تحت أنفه. على ظهره، سلاح مستريح—أكبر من خنجر، أقصر من سيف. سلاح للموت السريع والصامت.
اتسعت عينا كيلفن بدهشة.
يمشي… بلا تأثر؟
المانا التي تتدفق من آشر كان يجب أن تثبته على الأرض. لقد سحقته، كيلفن المحارب المخضرم، بقوة ساحقة. لكن لان تحرك بسلاسة، بلا تردد، حتى وصل بعد خطوات قليلة من موقع كيلفن. حينها فقط استقر الوزن عليه كانهيار ثلجي.
دون تردد، انخفض لان على ركبة واحدة، لكنه رفع نظره.
كان في عينيه احترام.
وعجلة.
"سيدي،" قال لان بصوت ثابت رغم الثقل الساحق، "جيسيكا مورمونت وابنها يخططان لقتل أطفالكم. لدي دليل."
توقف، ثم أضاف بجدية:
"لقد احتاجوا لمساعدة الترتيب المظلل الذي يملك تصنيف القتلة."
سكنت القاعة مجددًا.
حتى ضوء القمر المنساب من النوافذ المقوسة بدا وكأنه توقف، كأن العالم يحبس أنفاسه.
ثم—
وقف آشر.
انهض كعمود صامت، جسده الشاهق يمد نفسه في ضوء القمر، يلقي بظلال طويلة وحادة على الأرض. أشعلت نيران عينيه الذهبية الهدف، مضيئة الحجاب المظلم الذي يحيط به. خيوط السيطرة التي حافظ عليها تفككت، واستبدلت ليس بالغضب، بل بالوضوح البارد والدقيق.
كانت هذه اللحظة التي انتظرها.
الأجوبة التي يحتاجها.
الأسماء.
المخططون الخفيون للقسوة التي لحقت بأطفاله.
المتآمرون وراء الخصل الفضية في شعر زوجته.
"هل هذا صحيح؟"