"هذا لا معنى له"، همست جيسيكا، صوتها يرتفع بالهلع بينما تتردد خطوات حذائها على الأرض الحجرية الباردة. تتراقص ألسنة اللهب من المشاعل على وجهها، كاشفة عن خطوط التوتر العميقة في جبينها. قبضت على ثوبها لتتماشى، متتبعة ابنها. "كيف قُتل الكونت ماروويند وأسرته بأكملها—ولا أسمع أي خبر عن ذلك؟ لماذا لم ينهار العالم بهذا الخبر؟"

"سنكتشف ذلك عندما نخرج من هذا القصر اللعين"، رد كوهاث بحدة، وفكه مشدود وهو يقودها عبر الممر الخفي، محاطًا بستة من حراسهم الأكثر ثقة. كان الهواء عالقًا وثقيلاً، مشبعًا برائحة الغبار الحديدي القديم.

فوقهم، على أسوار قلعة فيرنا، تحطمت سكينة الليل.

سقط شكل أسود من السماء كالصقر الغائص نحو فريسته، ليهبط على السور بصوت معدني أزاح الجنود عن حالة التأهب التام. استداروا، رماحهم مرفوعة—ثم تجمدوا.

أمامهم وقف رجل يرتدي درعًا جلديًا أسود ضيقًا، رشيقًا ومتوجسًا كالحيّة. كان وشاح فضي يتدلى من رقبته، يلمع تحت ضوء القمر كخيط شبح. خوذته أخفت كل شيء سوى بريق عينيه البارد.

"باسم الدوق آشر أشبورن"، أعلن الرجل، صوته خالٍ من الدفء—فولاذ ملفوف بالجليد، "استسلموا أو اهلكوا."

"اقتلو هذا الوغد!" صاح أحد الفرسان، متقدّمًا.

لم يقطع مسافة طويلة.

وميض فضي. صوت مبلل مختنق. تمايل الفارس بينما اخترقت خنجر رقبته، والدم يتدفق من فمه، فسقط كالشجرة المقطوعة.

تصدّرت صيحات الدهشة المكان—ثم ظهر ضباب آخر من الحركة.

خلف الحراس المذهولين، ظهر شخصية ثانية بصمت، كالظل المقتطع من الليل. ملاك آخر. قبل أن يتمكن الرجال من الرد، تحرك القاتلان معًا بتناسق.

طارت الخناجر.

أقواس فضية همست في الهواء، وفتحت الحناجر كالأوراق. تمسك الجنود برقابهم، وعيونهم مليئة بالدهشة بينما ينسكب الدم من حولهم.

تبدّل الملائكة أماكنهم في غمضة عين، يعبرون وسط التشكيل. حيث مروا، سقط الرجال، مقطوعي الرؤوس بدقة، وخوذاتهم تتدحرج بعيدًا.

لم يُقرع أي جرس. لم يُطلَق أي صراخ.

عاد الصمت، بينما نزل اثنان من الملائكة من الأسوار وفتحوا البوابة الحديدية. أصدرت صريرًا لتكشف عن شخصية ثالثة—مرتدية كالآخرين، لكن وشاحها أزرق يتطاير من الرقبة. خطواته هادئة، متعمدة، كما لو كان يمشي في حديقة لا في أرض العدو.

كان لان.

عند دخوله الساحة، خرج جنود مُدرّعون من القلعة الداخلية—عشرات، مسلحين بالكامل، دروعهم لامعة، أسلحتهم موجهة. تشكلوا في خط دفاعي. كل العيون موجهة نحو الملائكة على الأسوار.

توقف لان في منتصف الساحة. جذبه الريح، وهو يسحب خنجره ببطء، صوت الانزلاق المعدني يرن كجرس موت.

"استسلموا"، قال بصوت بارد لا ينثني، "أو موتوا."

"أطلقوا قواتكم!" صرخ قائد حامية القلعة، رافعًا سيفه في الهواء.

كانت هذه آخر أوامره.

رمى الملائكة خناجرهم مرة أخرى.

لكن هذه المرة، حدث شيء غريب. في الهواء، اشتعلت الأسلحة، متفجرة بشرر متوهج. اختفى القتلة، مستهلكين باللهب نفسه.

بعد لحظة، ظهروا مجددًا، بجانب الجثث التي أصابت خناجرهم.

تبعها صراخ.

انفجرت الساحة في فوضى. لوح الجنود بأسلحتهم بلا هوادة، لكنهم يقاتلون أشباحًا. رقص الملائكة بينهم، سيوفهم تشق الفراغ بين الدروع بدقة جراحية. كل ضربة قاتلة، كل خطوة محسوبة.

غمر الدم الحجر المرصوف.

حاول البعض الهرب، لكنه استدار عند زاوية ليجد ملاكًا ينتظره، يخرج من جمر متوهج يتلاشى في الظلام.

عندما بلغ القمر ذروته، لم يعد لحامية قلعة فيرنا أثر.

بدأت المطاردة.

بعد زحف طويل عبر أنفاق رطبة وخانقة تحت القلعة، خرجت جيسيكا وابنها كوهاث والفرسان المتبقون على أطراف قلعة فيرنا. ألقى ضوء القمر على التلال العشبية، ولفت برودة الليل حولهم ككفن.

ليس بعيدًا، كان هناك غابة مظلمة—ملاذ مرحب به مقارنة بالموت الذي فرّوا منه. لكن بينهم وبين النجاة، وقف صف من الرجال على خيول، مرتدين الأسود، خيولهم صامتة وثابتة كالقبر.

في مقدمتهم، نزلت شخصية—رجل يلوّح الوشاح الأزرق مثل راية تنفيذ.

لان.

"قال الحفيد العظيم للمصمم أنكم ستخرجون من هذا الممر"، قال لان، بنبرة عادية كأنه يتحدث عن الطقس. أمال رأسه قليلًا، يدرسهم. "شككت في كلامه. لكن… ها أنتم."

قذف خنجره في الهواء.

في لحظة، اشتعل، متحولًا إلى شرر، يذوب في لهب متلألئ. اتسعت عينا كوهاث، أفكاره تتسارع: 'هل هؤلاء… جنود من عدن؟'

اختفى لان.

ظهر مجددًا في الهواء، الضوء الشرري يلتف حوله، الخنجر في يده مرة أخرى. قبل أن يتفاعل كوهاث بالكامل، مزق الشفرة خده—كادت تلمسه—ثم غرست نفسها في رقبة الفارس خلفه.

همس!

غمضة عين—استولى لان على سيفه مجددًا، اختفى، وظهر عند الفارس التالي، الذي لم تتسع عيناه قبل أن يلمس الخنجر وريده. اندفعت الدماء على العشب.

رفع الفارس الأخير سيفه مرتجفًا—ليتجمد.

سقط كوهاث على ركبتيه، يده تمسك رقبته، والدم يتسرب بين أصابعه. عيناه تحدقان في الفراغ، واسعتيْن، غير مصدق.

"كوهاث!" صرخت جيسيكا، ممسكة بجسم ابنها المترنح، أنفاسها ترتجف ودموعها تنهمر. "لا… رجاءً، لا…"

خطا لان إلى الأمام، جاثيًا أمامها. عينيه، بلا روح، جليديتان—التقيا بعينيها.

"هل تدركين الرحمة التي أظهرها لكم الدوق آشر بعدم إرسالنا عاجلاً؟" صوته همسة منخفضة، متوترة بغضب هادئ. "هل قرأتِ عن ملائكة الغضب—رسل الموت المرسلين من قبل أنا؟"

التفت نحو الفارس الأخير الناجي.

"نحن تجسيداتهم."

بوشي!

انفجرت كرة نار من كف لان، حرقت الهواء وابتلعت الرجل في لهب. صرخته مزقت الليل، تتردد بين الأشجار. بقي الملائكة حوله بلا حراك، جامدين كالتماثيل—غير إنسانيين في هدوئهم.

ارتجفت جيسيكا بينما يرقص الضوء على ملابسهم السوداء. تمسكت بجسد ابنها، تبكي الآن بلا تحفظ.

"أنتم… شياطين…" همست.

ابتسم لان ابتسامة باردة. "لا تصرخين، يا سيدتي جيسيكا. لقد فتحتِ أبوابك للشيطان لحظة أن فعلتِ ضد سموه."

التفت نحو رجاله. "علّقيها. كما علّقتِ الخادمة البريئة… والسيدة كيرا."

"نعم، الرئيس"، رد أحد الملائكة بلا تردد.

ارتفع صراخ جيسيكا في الغابة.

===============

[المترجمة: Rose]

هلو گايز الاحداث حلوة بس انا كتيير مشغولة بدراستي مافي وقت حتى انو اعلق على الاحداث وايضا روايتنا دخلت المرتبة 6 🥳🎉🎉

لهيك نزلت 10 فصول اضافية كأحتفال 🎉✨✨

2025/10/21 · 34 مشاهدة · 852 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025