ارتطمت المياه بعنف على الأرض بينما جُرّ جسد آشر من الأعماق الجليدية، وصرّ الحديد على السلاسل كقرع جرسٍ قاتم.
ارتفعت الأبخرة من جلده كثيفة وبيضاء، امتزجت بالهواء كأنها أنفاس وحش يحتضر. شعره الشاحب ملتصق بصدره وكتفيه وظهره، لامع بالماء.
كان صدره يرتجف، يلتقط أنفاسًا عميقة وكأن مجرد التنفس أصبح معركة. وعيناه الذهبية الثاقبة، تلك الكرات النارية المتمردة، بقيت مختفية خلف جفونه المثقلة، مرهقة جدًا لتفتح.
"لديك حتى غروب الشمس لاستعادة أي قوة تستطيع استرجاعها"، قال إيرون، صوته حازمًا وثابتًا، كحد سكين مغلف بالهدوء لكنه مصنوع من فولاذ لا يلين.
فرست، يراقب من قريب، اكتفى بهز رأسه، تعبيره مزيج من عدم التصديق والاستسلام.
دون كلمة، استدار ومشى مبتعدًا، تاركًا الشاب اللورد والمرشد المحارب لغريزتهم القاسية.
مرت الساعات كالدماء المنسكبة من جرح. آشر، مستغلاً هذه الفرصة القصيرة، أتيح له أبسط رحمة: الراحة. غاص في نوم عميق بلا أحلام، حيث الألم مجرد ذكرى. تناول الطعام، بلا طعم، لكنه ضروري. تأمل، محاولًا الوصول إلى صفاء الذهن وسط عاصفة الألم والطموح. فكر في أعدائه، في هدفه، في الإرادة التي ما زالت تتقد داخله.
وعندما غربت الشمس، ملقيةً ظلالًا طويلة على الأرض، أزعجه صوت خطوات تقترب من وحدته.
خرج آشر من كوخه، يملأ الهواء النقي رئتيه، وعيناه الحادتان تتطلعان على إيرون، الذي وقف على بعد أمتار قليلة.
"اتبعني"، قال إيرون ببساطة.
تنهد آشر بتعب لكنه لم يخفف النار في قلبه، وتبع خطواته. قادهم الطريق إلى قاعدة تل هائل، ارتفاعه رمادي-أبيض، يقارب المئتي متر. درجات فولاذية ملتفة على جانبه تلمع في الضوء الخافت، طريق للمصممين أو المحكوم عليهم بالفشل. التل لم يكن مرتفعًا فحسب؛ بل امتد لأميال، وحش حجري عتيق لا يلين.
لكن ما جذب عين آشر وأوقف أنفاسه كان كومة جذوع تنتظر عند قدميه. مربوطة بأعشاب سميكة كذراع رجل، ارتفعت الكومة نحو خمسة أمتار على الأقل.
كل جذع، أدرك بخوف، مستخرج من أشجار بيضاء عمرها أكثر من ثلاثة قرون. وزنها هائل. مجتمعة، كانت جبلًا بحد ذاتها، بضع عشرات الأطنان.
"لماذا هذا؟" سأل آشر، رغم أن الإجابة بدت تلوح فوقه مثل التل نفسه.
نظر إيرون ببرود كالحديد. "كل جذع من هذه الأشجار أثقل من معظم الوحوش التي واجهتها. ستصعد بها إلى قمة التل، ثم تعود بها."
اتسعت عيناه، ضخامة المهمة تنهال عليه. "وإذا سقطت؟" سأل بصوت منخفض مشدود.
لم يخف إيرون نظره. "إذا سقطت"، قال بصوت كالصخر وهو يجرح الصخر، "سأسحق جمجمتك، وسأترك جسدك ليتعافى، وستبدأ من جديد. أفشل خمس مرات وسأترك ندبة على وجهك لن تمحوها أي قوة أو زمن. تذكر هذا: إما أن تخرج من هذا التدريب مولودًا من جديد... أو محطمًا، جبانًا لا يستحق جسد الملك."
دون انتظار رد، استدار إيرون، خطواته مثقلة بالنهائية، وترك آشر واقفًا وحيدًا عند قاعدة التل، يحدق في ثقل محنته القادمة.
اقترب آشر من الكومة الهائلة من الجذوع العتيقة، تنفسه بطيء، محسوب، كأنه يحاول تهدئة روحه قبل المحنة. بذل جهدًا عظيمًا، وذراعاه مشدودتان، عروقهما بارزة على جلده المشوه وهو يرفع الكتلة المربوطة.
الضغط أجبره على الانحناء، الوزن الهائل يثني جسده، مهددًا بإسقاطه على ركبتيه، لكنه ثبت مكانه، أسنانه مشدودة، وعيناه مشتعلة بالتحدي.
خطواته الأولى كانت كالقرع على جرس الموت، ثقيلة ومتأملة، وهو يبدأ الصعود. خطوة، اثنتان، ثلاث. بدا وكأن الدرج الحجري يئن تحت الحمل. بعد اثني عشر خطوة، شعر وكأن الوزن قد تضاعف. لا — إنها الإرهاق، الهواء الخافت، المنحدر القاسي يتآمرون لسحقه.
لكن آشر دفع قدمه للأمام، عزيمته أقوى من الحجر تحت قدميه.
العرق يتدفق منه كالشلال، يغمر ثوبه، متتبعًا خطوط الجروح القديمة والندوب الطازجة. رجلاه ترتجفان، العضلات ترتعش تحت الحمل القاسي.
أصابعه، ملتفة حول أسفل الجذوع كأساور حديدية، تتألم من التحمل، لكنه رفض الإفراج عنها.
خلف الأشجار الطويلة، راقب إيرون وفرست بصمت، أشكالهما نصف مخفية في ظلال الغابة.
"متى تعتقد أنه سيسقط أخيرًا؟" سأل فرست، وذراعا متقاطعتان، صوته منخفض بتوقع قاتم.
"سيستمر خطوات أخرى اثنتي عشرة"، أجاب إيرون، صوته جاف، كأنه يتحدث عن يقين منقوش على حجر. "هذا سيكون حدّه."
وهكذا انتظرا، مراقبي المحنة. شاهدا آشر يتباطأ، حركاته تصبح شاقة وهو يقترب من الدرجة الرابعة والعشرين، حافة القدرة البشرية. لكن عندما وضعت قدمه عليها بثبات رغم ارتجاف أطرافه، تبادلا نظرة، تأكدهما تهزّ.
ثم فعل آشر المستحيل. خطى خطوة أخرى. ثم أخرى. من الرابعة والعشرين إلى الثلاثين. من الثلاثين إلى الأربعين. تقدمه كان زحفًا مؤلمًا، لكن الصعود استمر.
ساعات اندمجت في أيام. صدمتهم الأولية تحولت إلى قلق، ثم رعب. الفاني الذي ظنوا أنه سينكسر تحدى توقعاتهم.
مر أسبوع، وما زال آشر يتسلق، مرتفعًا على وجه التل، خطوة مؤلمة تلو الأخرى. أصبح تقدمه بطيئًا لدرجة أن خطوة واحدة تستهلك نصف اليوم، جسده يتحرك كأنه في وحل من الحجر والإرادة.
مر أسبوع آخر، الشمس والقمر شهدا الصراع في دورتهما الأبدية. آشر، هزيل وعيناه غائرتان، اقترب من القمة. شفاهه مشققة، جسده خريطة من الإجهاد والمعاناة، لكنه لم يترك الجذوع. أخيرًا، فصلته خطوة واحدة عن النصر.
لكن في تلك اللحظة الأخيرة، فشل الجسد حيث لم تفشل الروح. انهار جسده، ساقاه استسلمتا، وسقط تحت الثقل الساحق. رجل وحمل، تدحرجا أسفل التل، يتدحرجان حتى استلقيا محطمين عند القاعدة.
لأيام، ظل آشر ساكنًا، يتعافى في ضباب الألم. وعندما نهض مرة أخرى، كان بلا شكوى، بلا تردد. عاد إلى التل، يحمل الوزن من جديد. وهكذا استمر، أسابيع من العذاب، يتصارع مع إيرون الذي حطم عظامه مرارًا وتكرارًا، يغرق في البحيرة الباردة التي تصبح أكثر قسوة مع كل محنة، ويتسلق الجبل الصلب من الحجر والخشب.
صقل لا نهاية له. طريق لم يُخلق لرجل.