مرت أسبوع هادئ، وانبثق الفجر كأي يوم آخر فوق مملكة ملك المينوتور. الساحة الكبيرة في قلب الفوهة كانت تعج بالتوتر الصامت، وكأن الأرض نفسها تحبس أنفاسها تحت ثقل الحضور.

كانت عشرات الآلاف من المينوتورات، مخلوقات القوة العاتية، الأطوال الشاهقة، والعضلات المتوترة، مصطفة في صفوف طويلة لا تتزعزع.

كانت رؤوسهم مائلة قليلاً، ليس خضوعًا، بل انضباطًا. المحاربون المرعبون، المعروفون في البلاد كلها بشراستهم، بدوا الآن كالقطط الوديع، كل واحد ينتظر دوره وفق القانون الذي وضعه ملكهم.

بينهم تحركت المينوتورات الكبرى، عمالقة بين العمالقة. هذه الجبابرة كانت قرونهم أعرض من فخذ الإنسان، ويضيء امتدادها كأنها حديد مذاب حديثًا، يتلألأ بحرارة خافتة حمراء.

كل خطوة يخطونها أرسلت اهتزازات في الأرض، حوافرهم الضخمة تغوص في التراب والصخور، تاركة آثارًا عميقة لا يمحوها ريح أو مطر بسهولة.

وفي أيديهم، كانوا يحملون السياط، أدوات رهيبة مصنوعة من أوتار وحوش قديمة مهزومة منذ زمن بعيد.

بحركة رسغ واحدة، تشق السياط خطوطًا مضيئة في الهواء وعلى الأرض، تذكير بثمن التمرد. كانت نظراتهم الحادة تجوب الصفوف مثل عاصفتين، تفحص كل مينوتور على حدة، متحدية أي واحد لكسر الصف.

لكن لم يتحرك أحد. لم يقم أي مخلوق بزعزعة النظام المقدس للتجمع. لم يرف جفن. الأصوات الوحيدة كانت صرير الجلد، همهمة خافتة للريح بين الساحة، وطرق الحوافر الصامتة وهي تحرك الوزن بصبر.

في عالم المينوتورات، حيث القوة ليست فضيلة فحسب، بل قانون الوجود ذاته، كان الانضباط مقياس قيمة المحارب.

وهنا، تحت عين حراس الملك، حتى أشدهم شراسة يعرف، أن القوة هنا تعني السيطرة.

"روووووااار!"

انطلقت الزئير المرعب في الهواء، يتردد كالعاصفة داخل الفوهة الضخمة.

بدا أن الأرض نفسها تهتز تحت قوته، موجهة موجات في الحجر والتراب. الغبار والحصى ارتفع في الهواء، كأنه يحاول الهرب من الغضب الذي ولد ذلك الصوت.

استدارت كل عين، لعشرات الآلاف من المينوتورات، نحو مصدر الزئير. هناك، في قلب الفوهة، كان يقف شكل هائل: مينوتور بطول أحد عشر قدمًا، جبل حي من العضلات والغضب.

انفجر بخار أبيض من فتحتي أنفه العريضتين، ملتويًا كالمدخن في الهواء البارد، كل زفير تحذير للعاصفة داخله.

مع زمجرة اهتزت عظام كل من سمعها، رمى الوحش العظيم جسد ماموث محطم، مخلوق أكبر منه بمرتين، على الأرض ككيس قش.

تحطم جسد الماموث على الأرض، مرفوعًا سحابة من الغبار، وحياته انتهت بتحدٍ وحشي.

وصل المينوتور المتحدي إلى الخلف وتمزق فأسه العظمية الكبيرة المثبتة عبر ظهره العريض. كانت أداة ضخمة، النصل وحده بحجم الإنسان، مصنوعة من بقايا مخلوق ضخم منقرض، وحافته مشحذة بحدة قاسية تتلألأ في الضوء الخافت.

"ملك." خرجت الكلمة منه منخفضة وغليظة، لكنها دوت بثقل الرعد المحاصر في سحب العاصفة، تتردد عبر الفوهة وما حولها. كان التحدي واضحًا، لا يُنكر، ولا مهرب منه.

في لمح البصر، تحطم الصمت. انفجر أربعة من حراس الملك في الحركة، أشكالهم الهائلة تتحرك بسرعة وهدف رهيب.

حوافرهم تضرب الأرض كقرع طبول الحرب، مرفوعة سحب ضخمة من الرمل والغبار. رفع كل واحد منهم سياطًا عالية، أسلحة مضفرة من أوتار وحوش سقطت، تتلألأ بالتهديد تحت الشمس الخافتة.

هدفهم: المينوتور الذي تجرأ على نطق اللقب المقدس، من انتهك سلام الفوهة بتحدٍ لم يجرؤ أحد على نطقه منذ عقود.

بوم!

سقط شيء من الأعلى أمامهم، مينوتور ضخم يرتفع إلى ثلاثة عشر قدمًا، يفوق حتى العمالقة الذين يخدمون كحراس للملك. حضوره ابتلع الساحة في صمت.

كان تجسيدًا حيًا للحرب، شكل وحشي منحوت من العضلات والغضب. صدره وذراعيه المنتفخة بالقوة الخام، كل حركة تجعل العروق تنتفخ تحت جلد صلب وداكن كحديد مطروق. يديه الضخمتان، تكفيان لسحق جمجمة الإنسان كالفاكهة الناضجة، قبضت واسترخيت بجانب جسده كأنها تتوق للقتال.

من رأسه الشبيه بالبقرة، ارتفعت قرون هائلة، داكنة، مشقوقة، أسمك من فروع الأشجار البيضاء، مقوسة بقسوة تؤطر وجهًا أقرب للوحش من الإنسان.

انبسطت فتحته، زفيره يتصاعد كبخار أبيض من بركان. عيناه تتوهجان بخفة تحت عرف أسود كثيف يتدلى على كتفيه كراية حرب، برية وغير مروضة.

حول خصره حزام خشن من الحديد والعظم، تتدلى منه جوائز فظيعة من معارك سابقة، شفرات محطمة، خوذ مكسورة، وجماجم من تجرأ على تحديه.

حوافره الضخمة، القديمة والمتصدعة كالمنحوتات الحجرية، تغوص عميقًا في الأرض مع كل خطوة، وكأن الأرض نفسها تكافح تحت وزنه.

وقف المينوتور الضخم بلا حركة، قوة طبيعية متجسدة، وتقلصت الساحة تحت نظره. أمامه، حتى أعظم حراس الملك ترددوا، ارتفعت السياط مترددة بينما اجتاح الخوف البدائي قلوبهم.

السبب وراء هذا الرعب العارم؟

كان ملكهم، كيلور، تجسيد الهلاك.

حول عنقه السميك، المهيب، علّقت سلسلة مروعة، جماجم لوردات تجرأوا على تحديه خلال حكمه الطويل والوحشي.

تحلل اللحم منذ زمن بعيد، تاركًا العظام ومقابض العيون الفارغة التي تبدو ساخرة من كل من يحدق فيها. كل جمجمة كانت جائزة، تذكير صامت بعدم هزيمته.

حكم كيلور، ملك المينوتورات بلا منازع، لقرون، بلا تحدٍ لأكثر من مئة عام.

في غرفه الواسعة داخل الكهف، احتفظ بجماجم المتطلعين للسيطرة والمنافسين، مكدسة كقرابين لقوته، ابتساماتهم المجوفة متجمدة في الهزيمة إلى الأبد.

ومع ذلك، هنا، أمام الجموع، وقف متحدٍ. بلا خوف، ربما مدفوع بالجنون أو اليأس، زأر المينوتور الأصغر، هجومًا إلى الأمام.

فأسه العظمية، سلاح صُنع من بقايا الوحوش القديمة، قطع قوسًا غاضبًا عبر الهواء. قوة ضربةه كانت عظيمة لدرجة أن الريح نفسها انقسمت، تفرقت كالماء أمام مقدمة السفينة.

لكن كيلور لم يتحرك.

بسهولة عملاق ضجر من ذبابة، رفع يده الوحيدة. أصابعه الضخمة أمسكت حافة الفأس، نصل مشحوذ بحيث يمكنه شطر عظم الفخذ للماموث إلى نصفين، ولرعب المشاهدين، غاصت أصابعه في سطح السلاح، محطمًا إياه كأنه خشب لين.

التقى عينا المتحدي بعيني كيلور وما رآه جمده أكثر من الغضب أو شهوة الدم.

الملل.

ازدراء عميق، كما لو أن هذا مجرد واجب لإنجازه.

في النفس التالي، اندفعت يد كيلور. التفّت أصابعه حول رأس المتحدي، وبحركة واحدة سلسة، مزقته عن جسده، العمود الفقري ينكسر كالعيدان الجافة.

بزمجرة منخفضة تهز الأرض، رفع كيلور الرأس المقطوع عاليًا، الدم لا يزال يتقطر من الرقبة، الجائزة تم الاستيلاء عليها.

انفجرت الفوهة بزئير مدوٍ. رفع عشرات الآلاف من المينوتورات أسلحتهم نحو السماء، حوافرهم تضرب الأرض، الفخر والرهبة تتدفق في صدورهم العظيمة. ملكهم، لا يُضاهى، لا يُكسر، متفوق.

ثم—مرت بقعة زرقاء عبر الهواء.

أزرق. بارد. سريع كالبرق.

انطلقت البقعة بجانب قرن كيلور الأيسر، بسرعة لا تستطيع معظم العيون متابعتها. بعد لحظة، انغرس بقوة في الأرض عند قدمي كيلور بصوت ثقيل وممتد.

لأول مرة في الذاكرة الحية، سيطر الصمت على الفوهة.

توجهت كل النظرات نحو وجه كيلور، نحو سقوط نصف قرنه الأيسر، مقطوع بوضوح من القاعدة. سقط على الأرض بصوت خافت، تدحرج ليستقر في الغبار.

تجمد الهواء ذاته. دم الملك انساب على حافة قرنه المتبقية. صدمة. عدم تصديق. وفي عيون المينوتورات، وميض لما لم يشعروا به منذ أجيال.

الخوف.

2025/10/23 · 14 مشاهدة · 1008 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025