"ما الذي حدث بالضبط؟" سأل آشر بصوت منخفض، لكنه كان مشحونًا بالعجلة والقلق. كان يجثو أمام ملك الدببة الراكع، تقطب حاجباه بقلق وخوف متزايد. "إن كانت بهذه الخطورة… كيف لم يعرف أحد منكم؟"

ارتفع كتفا ثامّوز الضخمان وهبطا وهو يسحب أنفاسًا ثقيلة. عيناه الزرقاوان الحادتان التقتا بعيني آشر الذهبيتين، مرهقتين ومطاردتين بالكوابيس.

قال بصوت مبحوح:

"ذلك التاج... غيّرها."

تحدث ببطء، وكأن كل كلمة كانت تثقل على لسانه بعمرٍ كامل.

"قالت بنفسها إن الرغبة في النمو والسيطرة والهيمنة كانت تعصف في داخلها كوحشٍ مسعور، يضرب جدران عقلها محاولًا الخروج."

تصلب فكّ آشر، وشعر بثقل الفقد يضغط على صدره. عشرون ألفًا من محاربي الدببة، معروفين بقوتهم وضبطهم الحديدي… تبخروا. كان بإمكانهم أن يقفوا خلفه، ويجعلوا جيشه أعظم!

لكن ما شغل باله أكثر من خسارتهم كان شيئًا آخر، أعمق من مجرد الأرقام.

قال ببطء:

"تاج؟ أي تاج؟"

تبدل وجه ثامّوز، وارتجفت شفتاه وهو يهمس كمن يذكر لعنة:

"درع والد الحروب... لم يكن درعًا. كان تاجًا."

حلّ صمت ثقيل ومخيف.

تابع ثامّوز بصوتٍ مكسور:

"صاغه شقيق صانع الملوك، أحد القدماء الذين سقطوا في الجنون… تلوثت روحه بالعتمة. خدعنا أنفسنا، قلنا إن التاج صُنع قبل سقوطه، قبل أن يفسد. لكنه لم يكن كذلك. لقد صُنع بعد أن فسد."

رفع نظره نحو آشر، ولأول مرة منذ التقيا، بان في عينيه خوفٌ حقيقي.

"ذلك التاج لم يُخلق لقيادة جيوش البشر. صُنع من أجل سيد الظلال."

تبدل وجه آشر، لكن لسانه بقي صامتًا. كان الاسم وحده يهمس في ذهنه كرائحة خرابٍ قديم.

قال ثامّوز بصوت مرتجف:

"هو من حكم سلالة الدماء العظمى... وما زال. قاتل الأمم القديمة، هدم أسوارها، أحرق مدنها، وأجبر ملوكها على الركوع. اسمه لم يُكتب قط، بل خُشي فقط. بسببه انتشرت لعنة الهاوية، وبسببه احترقت تيناريا."

وقف آشر ببطء، والهواء من حوله صار أخف، أبرد.

"إنه ليس مجرد فاتح..." أكمل ثامّوز هامسًا. "إنه والد الحروب، أول الجبابرة، ونحن كنا نقاتل من أجل إرثه."

قال آشر بصوت هادئ كالنصل:

"أين هي الآن؟ تلك الملكة الجليدية؟"

رفع ثامّوز رأسه بتردد، الخزي والغضب يتصارعان في ملامحه.

"في أعماق التلال الجليدية. هناك عرينها. لم تعد تسير بين شعبها، بل تحكمهم من فوق، كإلهة طاغية. رأيتها حين ظهرت… لم تعد منهم."

تقدم كايل‌زهران، حاجباه مقطبان:

"السهول الجليدية؟ إنها خارج حدود الغابة... حتى كشّافونا لا يجرؤون على دخولها."

شدّ آشر قبضته على مقبض سيفه العظيم حتى صرّت الجلود.

"سنذهب إلى هناك."

رفع عمر رأسه بجدية:

"إن كانت ملوثة بالعتمة... وإن استيقظ التاج بداخلها، فنحن نسير إلى موتنا بلا معالجين ولا طهّارين."

أجاب آشر بثبات:

"ليس بيننا من يشفي الأرواح. سأواجهها بنفسي... ومعها جنودها."

حدّق به ثامّوز في صمتٍ مذهول. كان جسده الضخم يبدو أصغر أمام ثقل تلك الكلمات. التفت إلى القادة الآخرين، كأنه يبحث عن اعتراض، لكن وجوههم ظلت ساكنة، غير مصدقة، لكنها لم تنكر.

كيف لرجلٍ واحد أن يقف أمام ملكة أبادت سلالة كاملة من المحاربين؟

اقترب آشر خطوة وقال بهدوء:

"هل ستنحني... وتقف بجانبي؟ أم ستختفي من هذا العالم بلا أثر؟"

طال الصمت... قبل أن يزفر ثامّوز بقوة، ويسحب خاتمه، رمز مُلكه، ثم يضعه في كف آشر.

...

بعد سبعة أيام من المسير القاسي، وقف آشر عند قاعدة تلٍ هائل، شاهق كأنه بوابة خُلقت للعمالقة.

كانت العاصفة الثلجية تزمجر حوله، نثر الثلج يجلد وجهه ومعطفه، وشَعره الأبيض يتطاير في الريح. خلفه، ستون ألف جندي واقفون بثبات، أقدامهم مغروسة في الثلوج، أنفاسهم تتصاعد كالدخان، ينتظرون أمره.

استدار إلى جنرالاته وقال بصوت ثابت:

"من هنا أكمل وحدي."

"سيدي—"

"كفى." قالها بحدة أنهت أي نقاش.

ثم سار. كل خطوة غاصت عميقًا في الثلج، تاركة أثرًا جريئًا سرعان ما محته الرياح. شيئًا فشيئًا، ابتلعته العاصفة، حتى صار مجرد ظلٍ باهتٍ في بياض لا نهاية له.

راقبه نيرو بعينيه اللتين تخترقان الضباب، متتبعًا خطواته حتى اختفى. وفجأة، اهتزت الأرض.

انبثقت من تحت قدميه أعمدة من الجليد، ارتفعت بسرعة مهيبة، رافعة إياه نحو السماء حتى غاب عن النظر.

قال نيرو بصوت خافت:

"سيعود."

جاءه صوت من خلفه:

"إنه يواجه امرأة تحمل لعنة في تاجها."

كان المتحدث ثامّوز، وإلى جانبه موسى، كلاهما ينظران نحو التلة.

قال موسى وهو يضع يده على كتف نيرو:

"ربما لهذا يذهب وحده. لا يريد دماءً تُسفك عبثًا. لكنه أيضًا... يريد أن نحطم القيود التي رسمناها له في عقولنا. لم نقبل بعد ما أصبح عليه. سمعت القصص... يقولون إنه صُنع بيد القدر نفسه، صُهر في نار الحرب، وصُقِل بالمعاناة. رجل خُلِق ليكون مختلفًا."

ابتسم بخفة، لكن صوته كان جادًا:

"لن يموت في جبلٍ بلا اسم. لديه ولداه الصغيران ينتظرانه. وزوجة. ومملكة بأكملها تعتمد عليه. العبء الذي وُضع على كتفيه لا يمكن للموت أن يسلبه… لا هنا، ولا الآن."

أجابه نيرو بصوت خافت:

"إن مات... سأقطع رأسك."

ضحك موسى ضحكة ثقيلة، وهز رأسه. "اتفقنا."

لكن حين ابتعد نيرو، اختفت الضحكة، وحل مكانها القلق.

تمتم ثامّوز:

"كائيلور وكايل‌زهران يظنان أنه لن يعود."

قال موسى بجدية:

"ربما لأنهما لم يشهدا ما رأيناه."

...

وقف آشر أخيرًا على قمة التل. الرياح تعصف حوله، والثلج يدور كأن السماء نفسها تتنفس بردًا. أمامه، امتدت ساحة ضخمة كأنها مسرحٌ منسيٌّ حفرته معارك العصور الأولى.

لكن ما لفت نظره لم يكن الحجارة، بل الجيوش التي تنتظر.

آلافٌ من العمالقة ذوي البشرة الزرقاء الفاترة، تقف صفوفًا كالجدران، أسلحتهم ضخمة، وأعينهم تلمع بوحشية.

وفوق الجميع، على منصة حجرية مرتفعة، جلست هي.

امرأة ترتدي درعًا أسود لامعًا كلون العاصفة، يكسوها بريق معدني قاتم. كانت مخالب قفازها تلمع كالفضة، وذقنها يستند إلى قبضتها، تراقبه كأنها تستقبل زائرًا، لا خصمًا.

عيناها المتلألئتان بالأزرق البارد اخترقتا أعماقه.

وفوق خوذتها ارتفع تاجٌ مسنن، كأنه ظلّ يطعن السماء.

ابتسمت بخفة وقالت بصوت رخيم كأن الجليد نفسه يغني:

"كنت أعلم أنك ستأتي."

رفعت بصرها نحو السماء، نحو آثار الموجات التي تركها وصوله، ثم أعادت نظرها إليه:

"لكن ألا تعرف آداب التحية؟" قالت بسخرية ناعمة. "هكذا تعامل من تقف أمام عرشها، يا من يتحدّى ملكة الجليد؟"

يتبع...

2025/10/24 · 26 مشاهدة · 907 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025