ابتسم آرون بازدراء بينما كان تنينه يرفع عنقه الضخم، عضلاته تتقلص استعدادًا لإطلاق نَفَسه الجحيمي. لكن في تلك اللحظة بالضبط، التفت آشر برأسه.

كانت الزاوية مثالية، فرأى آرون جانب وجهه — وما لفت انتباهه أكثر من أي شيء، تلك العين. العين البيضاء المتوهجة.

لم تكن تحتوي على بؤبؤ ولا قزحية، ولا يجب أن تعبر عن أي شعور، ومع ذلك شعر آرون به. طوفان من المشاعر انبثق من ذلك البريق الفارغ — خيبة أمل. حزن. ندم.

وأخيرًا... غضب.

ليس غضب آشر وحده، بل الغضب الصامت لعشرات الأرواح، أولئك الذين نذروا حياتهم بولاء لبيت نيثانيل، ليُخدعوا في النهاية بخيانةٍ أودت بهم جميعًا، وحطمت إرثهم.

قال آشر بصوت منخفض لكنه حمل صدى أرواح كثيرة:

"أنت."

وفي اللحظة نفسها، اندفع رأس التنين إلى الأمام، وفمه مفتوح على اتساعه، لينفجر من أعماقه إعصار من اللهب، جامحًا وغاضبًا.

زأرت النار مثل وحش حي، تبتلع البقعة التي كان يقف فيها آشر. أضاءت السماء بوهج ذهبي ناري، والحرارة تموجت عبر السهل كموجات صادمة.

وحين انقشع اللهب وانقشعت سحب الدخان، حدّق آرون — فتجمد مكانه.

كان هناك جدار من الجليد. ضخم، متشقق، لامع تحت الضوء، يصدر طقطقة خافتة متحديًا اللهب الذي حاول ابتلاعه. أما آشر، فلم يكن خلفه.

ت dartت عينا آرون بسرعة. لقد ارتكب هذا الخطأ من قبل. لن يصدق بموت آشر حتى يرى جسده بارداً بلا روح.

صرخة مدوية شقت الميدان — كانت صوت غارين.

"جلالتك!" صاح، سيفه مسحوب، عيناه متسعتان تحذيرًا، تنظران خلف جناح التنين الأيمن.

وهناك كان آشر.

هادئ. ثابت. غير مرئي حتى تلك اللحظة.

هوت سيف الملوك بوحشية متقنة، ممزقًا جناح التنين العملاق، فتعالت صرخته المدوية، والدماء السوداء تساقطت من جناحه الممزق.

اندفع آشر بخفة خارقة، متجاوزًا الجناح الممزق ليصل إلى الجهة الأخرى بسرعةٍ أرعبت حتى غارين، الفارس الذي لا يخشى شيئًا.

دار التنين برقبته المرنة بسرعةٍ شيطانية، وأطلق من فمه سيلًا آخر من اللهب، يبتلع السماء. لكن حين اختفى اللهب، لم يكن آشر هناك.

سمع آرون صوتًا هادئًا فوقه:

"أنت سريع، أيها المخلوق العظيم..."

كان آشر يحوم فوق رأس التنين مباشرة، جسده يطفو كالشبح، وعباءته البيضاء ترفرف حوله بهدوء مهيب، وسيفه يستند على كتفه.

"...لكن من تواجههم، ليس رجلًا واحدًا."

وفي لحظة واحدة، غُرس سيف الملوك في جمجمة التنين.

اختراق مباشر، عميق، شطر العظم والقرن والجلد.

وانفجر الجليد من نقطة الاختراق، منتشرًا كشبكة بلورية عبر رأس التنين. زمجر الوحش بصوتٍ هز السماء، اهتزت الأرض من شدته.

أمسك الجنود آذانهم، بعضهم سقط مغشيًا عليه، وآخرون انهاروا من قوة الصرخة.

ثم ارتطم جسد التنين بالأرض بانفجارٍ مهول، حطم ما تحته من بشر وحديد، وارتفعت سحب الدخان والنار.

وقف آشر فوق جثة التنين بهدوء، وسيفه يقطر جليدًا ودمًا.

لكن قبل أن يتحرك، ارتطم به ظل بسرعةٍ خاطفة — آرون.

عيناه تشتعلان كالنار، وسيفه مرفوع للقتل.

صرخ بجنون:

"سأمحوك من الوجود!"

اصطدم السيفان.

صوت معدني جلجل في السماء.

تردد صداه عبر السهل، واهتز الهواء حولهما بقوةٍ مرعبة، ثم تراجعا كلٌّ منهما عدة خطوات.

من فوق، نزل غارين كسقوط نجمٍ محترق، سيفه يجر وراءه نارًا متقدة. اندفع مباشرة نحو آشر.

أدار آشر سيفه في حركةٍ دائرية ليصد الضربة، والتقت سيوفهما وسط الهواء بانفجارٍ هائل.

انفجرت الأرض تحتهما، وتشققت التربة كصواعق متفرعة.

عاد آرون مجددًا من الخلف، طاعنًا سيفه نحو ظهر آشر، متخيلًا لحظة اختراقه جسده — لكن آشر لم ينظر.

مال قليلًا، فمر السيف بجانبه تاركًا شقًا أبيض على درعه.

ثم... انبثق رمح جليدي من الأرض، واخترق حنجرة آرون مباشرة. خرج طرفه من مؤخرة رقبته، وجمد جسده للحظة، عيناه متسعتان دهشةً وألمًا.

لكن شفتيه ابتسمتا بسخرية.

فجأةً، انبعثت نار جارين من طرف سيفه، وانفجر لهيب هائل أحاط بآشر بالكامل.

حرارة اللهب كانت جهنمية، حتى أن نصف جسد آرون بدأ يذوب كالشمع.

انتزع آرون نفسه من الرمح، والدماء المتجمدة تتطاير.

وتعافى جسده بسرعةٍ غير بشرية.

قال بصوتٍ مبحوح وهو يضحك بخبث:

"لن تتمكن من قتلي أبدًا."

رفع عينيه نحو آشر، الذي وقف خلف جدار جليدي آخر تصدع تحت قوة الانفجار. اندفعت قوة اللهب لترميه بعيدًا في السماء.

قال آرون، وصوته متقطع بين أنفاسه:

"لم يستطع أحد من أسلافي أن يُقتل... ولا حتى بسيف الملوك."

لكن آشر بدأ بالارتفاع مجددًا، عائمًا فوق ساحة المعركة، عباءته البيضاء تتطاير كأجنحة روحٍ غاضبة، وعينه البيضاء تتوهج بلا ملامح.

قال بهدوءٍ رهيب:

"كان من الغباء أن أقاتلك بالسيف..."

مدّ يده للأمام، أصابعه ممدودة.

"...بينما يمكنني أن أقتلك بأنفاسي فقط."

تجمد آرون، وعيناه اتسعتا رعبًا. بدأ الهواء يُسحب من رئتيه بقوةٍ خفية، كأن شيئًا غير مرئي يجذبه من صدره.

اختنق، تهاوى على ركبتيه، يلهث بلا صوت، وجهه احمرّ، وعروقه انتفخت، حتى سقط على الأرض يتلوى، والهواء محبوس داخل قوقعةٍ شفافة حوله.

ثم دوّى صوت غارين.

لم يكن صرخة غضب — بل صرخة حرب.

رفع سيفه بكلتا يديه، وضرب الأرض بقدمه المدرعة، فأطلق من سلاحه شعاعًا ناريًا عملاقًا اخترق السماء كسيفٍ من لهب صافٍ، يشق الغيوم الداكنة بخطٍ أحمرٍ مشتعل.

انحرف آشر في اللحظة الأخيرة، متفاديًا الهجوم، لكن السيف الناري مزق الغيوم، تاركًا أثرًا محترقًا في السماء — ندبة من نارٍ في قلب العاصفة.

زأر غارين:

"رأسك لي!"

لكن قبل أن يتحرك خطوة أخرى، جاءه صوت من خلفه، منخفضًا كهمس الموت:

"ولاؤك... يذكرني بصديق. صديقٍ خانته يد سيدك وحلفائه."

تسمرت عيناه.

نظرتاه هبطتا نحو صدره — سيف الملوك يخترق صدره من الخلف، يخرج من أمامه لامعًا ومغطى بالدم.

تجمد غارين، شفاهه ترتجف بصمت.

لم يسمع شيئًا، لم يشعر بشيء، سوى الصدمة.

كيف؟ لم يرَ ظلًا، لم يسمع صوتًا.

الرجل الوحيد الذي كان يتحرك بهذه السرعة الأسطورية كان الفارس الأسطوري، اللورد توراه أشبورن نفسه.

والآن... وقف آشر خلفه، مجسدًا نفس السرعة، نفس الأسطورة — لكن كسيفٍ من الانتقام.

2025/10/25 · 21 مشاهدة · 871 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025