"أين وجدته؟" همس آشر، صوته لا يكاد يُسمع وسط صمت القاعة المتلاطم، وهو يقف بجانب زوجته. عيناه الحادتان ظلّت ثابتة على الجسم القصير الذي يتحرك عبر القاعة الواسعة، كل نظرة دقيقة ومدروسة.

سار صانع الملوك بخطوات هادئة، يلمس بين الحين والآخر خلفيات المعادن واللوحات الرائعة المصنوعة من المعدن والخشب، ويومئ فقط عندما يلتقي شيء بمعاييره الخفية.

"هنا"، أجابت سافيرا بابتسامة خافتة، صوتها همس لطيف موجه لآشر وحده. "استشعرت وجوده في مقاطعة آداموس… فاتجهت لأحضره بنفسي."

تألقت كلماتها بفخر، وعندما نظرت إلى آشر، شعرت قلبها بوميض نادر من الدهشة في تعابيره الصارمة، تلك التعابير المنحوتة عادة من الجرانيت.

لكن الدهشة سرعان ما تلاشت مع تركيز كلا النظرتين على الرجل الغامض المقترب من المنصة.

دون أن يلاحظها أحد، أو ربما دون اكتراث، مالّت كاترينا برأسها قليلاً، حاجباها مقوسين وهي تراقب الزوجين يهمسان لبعضهما. سمعها، المعزز بما يتجاوز قدرات البشر، التقط كل كلمة. "هل يمكن أن يُسمّى هذا همسًا؟" تأملت بصمت.

التفت آشر نحوها، والسؤال على شفتيه: "هل رأيته في حلمك؟"

ثابتت نظرة كاترينا، وهزت رأسها ببطء.

تجهمت حاجبا سافيرا. "أي حلم؟" سألت، صوتها مشوب بتوتر مفاجئ.

لكن قبل أن يجيب آشر، قطعت كاترينا القاعة بصوت حاسم:

"لقد خسرنا أمام ملك الهاوية وجيشه"، قالت بصوت ملون بالخوف. "ملكنا كان أول من يموت. شاهدت وهم يطعنه مرارًا وتكرارًا… ثم قطعوا رأسه أمام الجيش الموحد لعشر قارات."

تغير وجه سافيرا، الذي قبل لحظات كان يلمع بالرضا لإرضاء آشر، إلى الرعب الشاحب. كان التغير سريعًا لدرجة أن كاترينا شعرت تقريبًا بالشفقة عليها. تقريبًا.

لقد أبلغت وجهتها. وكان ذلك كافيًا.

إذا كان هناك من يستطيع أن يجعل آشر يشكك في قراراته، فهو المرأة بجانبه، مرساته، نصفه الآخر.

لكن صوت آشر كان حازمًا، يكاد يكون متحديًا: "هذا شأن المستقبل. نحن في الحاضر، وما زال بإمكاننا تغييره."

أعاد نظره إلى الأمام. ربما زار الموت حلمه، لكنه لم يكن يستعد لجنازة.

كان يستعد للحرب.

هبطت كتف سافيرا قليلًا، لكنها تحدثت بصوت ثابت كالحديد مخفي خلف الحرير: "حينها ستحلم مرة أخرى"، همست، وعيناها التقتا بعين كاترينا في صراع صامت للإرادة، "بعد أن يصنع صانع الملوك سيف الملوك المناسب له."

في تلك اللحظة، وصل صانع الملوك إلى قاعدة المنصة وصعد درجاتها بهدوء المعتاد بين الحكام. حضوره كان ثقيلاً في الغرفة.

وقف أمام العرش الفارغ، عيناه مثبتتان عليه بجديّة عميقة. ثم، ببطء، التفت إلى آشر:

"إذاً…" قال، صوته كصرير التروس القديمة. "كنت أنت من ارتدى هذا أخيرًا."

وبتبجيل بطيء، مد يده ورفع التاج-الخُوذة من وقفته المخملية. أصابعه الخشنة ملامستها وكأنه يلمس ذكرى حية.

"قطعة فنية رائعة"، تمتم، صوته مشوب بالحنين. "صنعها أخي… والد الحداد."

التفت ليواجههم بالكامل، رفع التاج-الخُوذة عاليًا في ضوء الذهب، وعاينه بعين ترى أعمق من معظم البشر:

"لقد كنت ترتدي باب عالم الهاوية طوال هذا الوقت."

ضيقت عيون آشر. عمّ صمت مثل النفس المعلق القاعة. تقدمت كاترينا خطوة للخلف، بؤبؤاها اتسعا بدهشة لا تصدق. وقفت سافيرا بلا حراك، لكن تجاعيد جبينها تعمقت، وتسارعت شعور البرودة على طول عمودها الفقري. وقع كلام صانع الملوك كجرس في عظامهم.

"ماذا؟!" زأر آشر، صوته مملوء بالدهشة والغضب. "تلك الخوذة… لا يمكن أن تكون باب عالم الهاوية، إنها خوذة والد الحرب صممت لمواجهة سيوف الملوك."

ابتسم صانع الملوك ابتسامة خفية، عيونه نصف مغمضة، وكأنه ملّ من تصحيح الجهال: "يا له من جهل بائس"، تمتم. "تتكلم عن أمور لا تفهمها. لا يوجد ما يُسمّى 'ملك الهاوية'. هذا الاسم… مجرد أسطورة صنعها من يخافون. الخوذة التي تتباهى بها، والتي ترتديها بفخر، لم تُصنع لتكريم أي شخص. لقد صنعها أخي، مجبرًا على الركوع وتشكيلها بيديه… من أجل مالرايث."

خطا خطوة للأمام، صوته هادئ لكنه قاطع، كل كلمة سيف: "لا يمكنك هزيمته. ولا أحد يمكنه. مالرايث لم يكن مجرد محارب—كان الحرب متجسدًا. أعظم سياف سار على الأرض اللامتناهية. القدماء، الخالدون القدماء، ارتجفوا أمامه. سقطوا واحدًا تلو الآخر، لا من عبادة، بل من هزيمة مريرة. لهذا حصل على الاسم: والد الحرب."

بهدوء مخيف، أعاد صانع الملوك الخوذة الممزقة إلى وقفتها.

"هل تعرفون القصة الحقيقية؟" سأل، مائلًا رأسه، عيناه تتوهجان بخفة. "دماؤكم الإلهية التي تقدسونها لم تكن أول مولود للخالق. نحن كنا. القدماء."

تجمدت سافيرا. سقط صمت ثقيل لا يُزعزع. حتى هي، الباحثة في الأسرار، لم تعرف ذلك.

هبط صانع الملوك ببطء من المنصة، كل خطوة تدوي كجرس عبر التاريخ: "لقد شهدت سقوط الإمبراطوريات، دوران النجوم. عشت أطول مما يسمح به الذاكرة. أنا آخر الخلق الأوائل. وقبل أن يصبح عالمكم صغيرًا، متشظيًا، ومغطى بالأكاذيب، كان عالمنا حقًا بلا حدود. عالم بثلاث قارات تتسع بلا توقف."

رفع عينيه، غارقًا في الذكريات: "الأولى كانت عدن، أرض غنية بالخير، خلقها الخالق كملاذ لأول أبنائه. حديقة عجائب. موطن القدماء."

صوته خفّ، كراوي يتذكر أول قصة له: "الثانية… كانت تيناريا. لكنها لم تُصنع، بل وُلدت. أرض حية تتنفس، قارة كانت أحد القدماء. قد تظنونها استعارة شعرية، لكنها حقيقة. لو نظرت إلى نسج الخلق من السماء، لرأيت شكلها الحقيقي: جسد امرأة نائمة. هي."

التفت صانع الملوك إلى سافيرا، عينيه تلتقيان بعينيها:

"أنتِ"، قال، كأنها تقدير.

تعثرت كاترينا إلى الوراء، أنفاسها محبوسة: "م-ماذا…؟"

أومأ صانع الملوك ببطء: "لم يكن لديها أفكار. لا أحلام. لكنها سُمّيت ’الأم’. الخالق، بنسمة من إرادته، منحها القدرة على الولادة، ليس للبشر، بل لنا. أنجبت أول موجة من القدماء، مزروعة في وديانها وجبالها ومحيطها. جسدها كان تيناريا… وأطفالها كنا نحن."

"والثالث؟" سأل آشر، متوقعًا الإجابة.

مرّت ظلّة على وجه صانع الملوك: "الثالث كان يوما."

2025/10/25 · 17 مشاهدة · 830 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025