بعد فترة طويلة، دخل آشر غرفته، مثقلًا بعبء الأمسية على كتفيه. كانت عيناه تتجه نحو السرير حيث كانت سافيرا مستلقية، ملتفة على نفسها، صدرها يرتفع وينخفض على إيقاع النوم. كان ضوء القمر يتسلل عبر النوافذ المقوسة، مرسلاً نقوشًا فضية على وجهها الهادئ. مالت رأسه قليلًا، يدرس ملامحها الرقيقة، رموشها ترتجف وكأنها محاصرة في حلم ما.

تنهد، صوت مليء بالإرهاق، واقترب بهدوء. جلس بجانب السرير، ومد يده ليمسح بعض خصل شعرها الزمردية المتطايرة عن وجهها. استقرّت أصابعه في خصلاتها، نعومتها ثبتته في لحظة الصمت هذه.

كانت عيناه الذهبيتان، التي كانت يومًا متألقتين كشمسين مزدوجتين، الآن تخبوان كمشاعل واهية. تحدقت في رموشها المرتجفة، واشتد في حلقه شعور لا يوصف.

تنهد ببطء، ثم ارتفع إلى قدميه وتوجه نحو الحمام. بعد لحظات، خرج، البخار يتصاعد من خلفه. كان شعره الأبيض كالثلج ملتصقًا برأسه، يتدلى على عنقه وكتفيه الواسعين بخصلات مبللة. قطرات الماء تتدلى على عظام الترقوة وذراعيه، والوشاح ملقى بشكل عشوائي على كتفه. تلك العينان الذهبيتان، اللتان كانتا يوما رموزًا للسلطة، الآن تحملان ملامح رجل يحمل قرونًا من التجارب، متعب، مطارد، لكنه صامد.

صعد على السرير بحذر، متجنبًا إزعاج سافيرا، واستند إلى الإطار المزخرف للسرير.

أذرعه متشابكة، ساقاه ممدودتان، تحدق في السقف الخافت فوقه. كان وميض الشموع من الثريات يرقص على جدران الغرفة، يرسم ظلالًا تتحرك كذكريات قديمة.

لم يكن هذا ما اعتاد فعله؛ حياته كانت دائمًا حصنًا من السيطرة، الانعزال، والقوة. كان يعتمد على نفسه وحده، لا ينحني أمام رياح الدبلوماسية. لكن الآن؟

الآن يبدو أن ما يفتقر إليه، الاتصال، هو ما يطالب به العالم.

هل عليه أن يناشد الممالك والإمبراطوريات التي تحمل له الكراهية فقط؟ يطلب راياتها وسيوفها ليس لتقاتل لأجله، بل معه؟ كان يعرف جيدًا: أن يسير بآلاف الجنود لن يعني شيئًا إذا كانوا يقتلون بعضهم البعض بينما يلوح التهديد الحقيقي.

في الهاوية، كانت هناك أشياء من الأفضل نسيانها، وحوش قديمة، أجناس ضائعة في الزمن، وجيوش لا نهائية مخلوقة للحرب. لم يكن جيشًا، بل فمًا حيًا يلتهم كل شيء.

«لا أستطيع توحيدهم. لا أستطيع جعل من ذاق دم شعبي، أو من سقطت دماؤه على يدي، يقف فجأة لمصلحتي. ليس تحت رايتي.»

توقف، عيناه تضيقان قليلًا. «لكن... يمكننا الاتحاد تحت شيء آخر. على الأقل لا أحد منا يريد الموت، أليس كذلك؟»

ارتفعت عيناه نحو الثريا، أذرعها الذهبية مزينة بشموع مشتعلة ببطء. كانت تتمايل بلطف، دفء هش في واقع بارد ينتظره.

«إمبراطور سيرينيا... بالتأكيد ليس أحمقًا ليضع الانتقام أو الدم الضائع فوق البقاء. ليس مع اقتراب العاصفة... حتى لو أراد ابنته مرة أخرى.»

عاد نظره إلى سافيرا، نائمة بجانبه تحت اللحاف المخملي الناعم، مرفوعة حتى كتفيها.

«...ابنة ليست حتى ابنته. علاوة على ذلك، نحن مرتبطون بالفعل، بالحب، بالقسم، بالأطفال الذين ولدوا من رابطنا.»

أدار رأسه، ثقل الأفكار يضغط عليه كحديد. أغلق عينيه، أفرغ نفسه من نفس بطيء، ثم آخر، حتى أصبح إيقاعًا من التنهدات، كل واحدة محاولة لتصفية الضباب في ذهنه.

حتى لم يعد في الغرفة.

تغير العالم.

وجد نفسه واقفًا وسط غابة تغطيها السكينة الأثيرية. أشجار طويلة وعتيقة تقف كحراس صامتين، متباعدة على نحو واسع، فروعها المغطاة بالثلوج لا تتحرك في ليلة بلا ريح. الأرض مغطاة بطبقة ناصعة من الثلج، ناعمة وغير مخربة، تصدر صوت صرير خافت تحت قدميه.

فوقه، السماء تتكشف بعظمة خلابة.

سماء مظلمة تمتد إلى الأبد، لكنها لم تكن فارغة. كانت تتلوى بألوان الشفق، شرائط متلألئة كحرير حي، تتماوج بألوان البنفسج، اليشم، القرمزي، والذهب، كأن النجوم نفسها اختارت البكاء بالنور بدل النار.

وفي تلك اللحظة، تحت كاتدرائية الثلج والسماء، وقف آشر وحيدًا، يغمره السلام كالبطانية الدافئة.

«لقد مضى وقت طويل، أيها الملك الشاب.»

سمع آشر الصوت ينساب في الليل كهمسة يحملها الريح. التفت، عيناه تضيقان أمام الشفق العميق. رغم اختفاء القمر خلف الغيوم الثقيلة، كانت رؤيته واضحة، مشحونة بحدة دماء آشبورن.

من الظلال بين الصنوبر ظهر ذئب أبيض ضخم، فروه ناصع كالثلج، يلمع تحت ضوء النجوم. وعلى ظهره رجل يرتدي عباءة من جلد الذئب، حضوره ملكي ولكن بري. شعره الرمادي الطويل يتدلى بشكل فوضوي على كتفيه، والسكينتان برؤوس الذئب تتدلى عند خصره في غمدٍ متقن الصنع، الحديد قديم وحيوي بالقوة الكامنة.

«اللورد أتيكوس؟» رمش آشر، متوقعًا أن يختفي. لكن الصوت المألوف قطع سنوات الصمت، حقًا مضى وقت طويل منذ أن رآه أو سمعه.

«أرى أنك لم تتوقعني»، قال أتيكوس، صوته منخفض وثابت، صوت كان يوما يأمر الجيوش ويخضع الذئاب للطاعة. «لقد دعاك الأسلاف. حان الوقت لترى الجميع مرة أخرى. بعد كل شيء، لقد انتظرنا جميعًا لنعين عيوننا على أول ملك من آشبورن... الذي تجاوز حتى اللورد زيناس.»

لم يرد آشر. لم تكن هناك حاجة للكلمات. تبع أتيكوس وهو يقلب الذئب بسهولة الفارس المتمرس. تحرك الوحش كضباب على الأرض، صامت وهادئ الهدف.

ركبا عبر مسار غابة يبدو أنه موجود منذ قرون، ممر شُق بخطوات وحوش مرت منذ زمن بعيد. ثم وصلا إلى مرج واسع ومهيب، أطول مما هو عريض، على شكل شفرة غارسة في الأرض.

في الطرف البعيد، أربعة عروش خشبية من خشب الحديد، ظهرها مرتفع، وأذرعها محفورة برموز آشبورن المتداولة عبر الأجيال.

جلس على ثلاثة منها الدوقات العظام:

زيناس، هالة عتيقة وثابتة كصخرة الجبل.

توراه، مرتدٍ عباءة من فراء الذئب، عيناه تتلألأان كالنسور.

أرييل، هادئة لكنها شرسة، بنظرة ذهبية تحمل ألف كلمة غير منطوقة.

العرش الرابع ظل فارغًا، مكان أتيكوس المستحق.

لكن ما جعل آشر يتوقف حقًا هو ما على جانبي المرج. كل جانب مليء بعشرات، بل مئات من آشبورن. جيش من الأقارب عبر الأجيال، رجال ونساء من الدم نفسه، واقفون بفخر ملكي. شعرهم الرمادي يلمع كالحديد تحت ضوء النجوم، وبجوارهم رفقاؤهم الأبديون، ذئاب قطبية شاهقة بعيون باردة وعرائس أكثر كثافة من أي وحش عادي.

أكثر من ألف ذئب يملأون المرج بصمت مهيب. أنفاسهم إيقاع البرية، وجودهم صمت مدوٍ. بين أسيادهم كان هناك لوردات ومحاربون، بعضهم مشهور، وبعضهم نُسي عبر الزمن، لكن جميعهم مرتبطون بالدم المقدس.

«اعو!»

من خلف العروش، نهض مخلوق أسطوري، شورا، أول كل الذئاب القطبية، عملاق بين العمالقة، رفع رأسه للسماء. بصوت يمزق الليل، عوى.

ثم انضمت باقي الذئاب واحدة تلو الأخرى. عواءهم لم يكن بريًا، بل كان ترانيم. كان مقدسًا. كان محترمًا.

انحنى الرجال والنساء. حتى أرييل وتوراه ركعا قليلًا احترامًا، وساد الصمت المهيب.

رغم أن سيريوس، الأصل الحالي لسلالتهم، لم يكن حاضرًا جسديًا، إلا أن جوهره ينبض في آشر

2025/10/25 · 12 مشاهدة · 965 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025