استدار آشر، وعيناه الذهبيتان تضيقان وهو يركز على شخصية واقفة وحدها عند المدخل الذي دخل منه للتو. بالكاد يصل ضوء القمر إليه، لكن حضوره كان واضحًا رغم الظلال. شعره الرمادي يلمع بعمر وفخر، وعيناه ذهبيتان كثاقب الشمس. وقف طويلًا، ذراعيه متقاطعتين، مشعًا بهدوء السلطة التي لا تحتاج إلى إعلان.

باستثناء آشر وزيناس، تم إرسال الجميع بعيدًا بصمت احترام، لأن الرجل القادم لم يكن من آل آشبورن العاديين.

كان هو زورا.

البكر لزيناس.

الموهوب المطرود.

رجل لم يضعف الزمن أمامه، ولم تتلاشى سمعته قط. كان يُقال إنه أعظم موهبة من والده، يجسد القوة الكاملة وإمكانات دماء آشبورن. لكن السياسة، الملتوية والعتيقة، أدارته ضده.

وبسبب ذلك، عرف آشر بلا ريب: لو لم يكن زورا في المنفى، لكان هو أول ملك لعائلة آشبورن، وليس هو.

سادت صمت خانق.

تقدم زورا بخطوات محسوبة، صرير كعب حذائه على العشب المغطى بالصقيع. تحرك كالشبح، كرجل قضى قرونًا في العزلة، يصقل مهاراته واستياءه معًا.

«القتال بسيفين كان تقليدًا»، بدأ زيناس بصوت هادئ وقوي من عرشه الخشبي المبجل، «لكن لم يعد كذلك. آشر أثبت أن السيف الواحد، في اليد الصحيحة، يمكن أن يتجاوز قوة سيفين. يُشاد به كرابع أقوى سياف في العالم البشري.» بدا فخره واضحًا، مع ومضة دفاعية.

اقترب زورا ببطء، عيناه مثبتتان على آشر، ضيقتا قليلًا، كما لو كان يقيس شيئًا أعمق من المظهر أو الشهرة. كما لو كان يزن الثقل.

«العالم البشري لم يعد كما كان»، قال بصوت بارد كالهواء. «أخبرني، إلى أي حد يمكن أن يكون الإنسان جيدًا... في عالم الأرواح؟»

لم يكن أسلوبه فضولًا، بل تحديًا، حكمًا.

تجهم زيناس، ويده تضغط على ذراع العرش قليلاً. «لماذا تتحداه؟ ما الذي أساءه إليك؟»

لم ينظر زورا إلى والده مباشرة. بقيت عيناه على آشر كأنها شفرة مثبتة على هدف، كما لو أنه لم يتواصل معه من قبل.

ثم التفت وقال: «لقد عدت متصلًا بالنسب مرة أخرى»، صوته مثقل بالمرارة القديمة، «أنت تعرف ذلك. لقد سمعت كلمات صانع الملوك. أعلم ما المصير الذي يحمله بين أيدينا، بين يديه. رجل لم يتجاوز الثلاثين من عمره، بالكاد يفهم القوة داخله، مختار ليقودنا جميعًا إلى الخلاص؟»

ترك الكلمات معلقة.

«قد يكون مختارًا، وربما موهوبًا بسيف. لكن رجل لم يسيطر بعد على طبيعته، كيف يأمل في إنقاذ Boundless؟»

شد آشر فكه قليلًا، عيناه الذهبية لا ترتجفان، لكن ثقلهما الآن واضح. فهم. لم يكن الأمر عن القوة فقط، بل عن الإرث والشك.

تنهد زيناس ببطء، كما لو أن قرونًا من الزمن تثقل كتفيه من جديد. «الآن ليس الوقت لـ—»

«الآن ليس الوقت؟» قاطع زورا sharply، صوته يرتفع بغضب، وابتسامة مريرة تتسرب إلى شفتيه. «هل كان الوقت مناسبًا إذًا، يا أبي؟ عندما نبذتني لأنني لم أتمكن من التحكم في موهبتي؟ لأنني لم أولد مثل الآخرين، بسيفين في اليد وإرث التماثل؟ أليس هذا مشابهًا له؟»

أشار بإصبعه نحو آشر.

«لقد أعجبك، أليس كذلك؟ لقد أعاد مجد آشبورن، ولذلك تغيرت القوانين. مناسب جدًا.» صوته يقطر ازدراء.

لم يرتجف زيناس، لكن شيء في نظره تغير. الفخر تحول إلى شعور بالذنب.

«كل إنسان يخطئ»، قال زيناس أخيرًا، ببطء، كل كلمة مستخلصة من أعماق. «وأنا أخطأت. ولائي للعالم... خوفي من الفشل... أعمى بصيرتي. لكن هذا ليس وقت الفخر أو التكفير. علينا أن نرشدَه إلى كثبان نوبس ونساعده في جمع لوردات عالم الأرواح قبل أن يواجه الجبال الأربعة الكبرى.»

تنهد زورا، صوت ثقيل بعمر من الغضب لكنه غير متصلب. سماع والده يعترف بالخطأ، بعد قرون من الصمت والانفصال، هدأ شيئًا فيه، ولو مؤقتًا.

التفت مرة أخرى إلى آشر، عيناه لم تعد عدائية بل صارمة، ثابتة بالتوقع. «يجب أن يتقن موهبته.»

ثم إلى والده، بصوت هادئ لا يتزعزع:

«يجب أن يتعلم كيفية تجسير الفجوة بين عالم الأرواح والعالم البشري... واستدعاء ذئبه. وإلا سيسافر إلى نوبس على قدميه.»

ومع ذلك، استقر وزن اسم آشبورن كعباءة على كتفي آشر، ليس مصوغًا بالدم أو اللقب فقط، بل بحكم من سبقوه.

«لدينا شهر. شهر قبل أن يُصنع سيفك»، قال زورا، صوته عميق وهادئ.

«في ذلك الوقت، يجب أن تتقن أكثر من مجرد المرور، يجب أن تسيطر على الحجاب بين العالم البشري وعالم الأرواح. يجب أن تتعلم العبور بحرية. والأهم، أن تتعلم جلب الأشياء معك عبر الفجوة. ستبدأ بحيوانك الأليف.»

...

تسلل ضوء الشمس من خلال النوافذ المقوسة العالية، كأنه شفرات ذهبية، يقطع الأرض الرخامية ويلمس الأعمدة المزخرفة التي تصطف في غرفة الملك، أقدس غرفة في الإقليم كله. ومع ذلك، رغم الدفء الذي ملأ المكان، ظل السكون ثقيلًا كما لو أن النفس محبوسة طويلًا.

مر يومان، وما زال الملك مستلقيًا بلا حراك على سريره، جسده مغطى بأقمشة حريرية زرقاء ملكية وعاجية. للعالم، بدا وكأنه نائم فقط، لكن سافيرا كانت تعرف أكثر. كانت تعرف إلى أين ذهب.

جلست بجانبه، غمسَت قطعة كتان في وعاء ماء معطر باللافندر ومسحت وجهه برفق، بحركات رقيقة، تقريبًا بوقار.

كان جلده دافئًا، تنفسه منتظمًا، لكن روحه كانت بعيدة، تعبر العوالم حيث يلتوي الزمن وتهمس الإمبراطوريات عبر الأبدية.

كانت عيناها الزمرديتان تمتلئان بأمل صبور وهادئ. كانت تعرف المهمة التي تنتظره. في أراضي عالم الأرواح، يجب على آشر أن يجد ويعرض قضيته أمام الملوك الذين ماتوا منذ زمن طويل، السيادة الذين حكموا في العصر الأول، العصر المجيد، وحتى العصر المظلم.

أساطير رجال طووا قارة تيناريا بكلمة، أو سيف، أو رؤية.

ثم هناك الجبال الأربعة الكبرى للأرواح، سيادة قديمة بحضور لا يُصدق، حكام أصليون للإمبراطورية الخالدة، إمبراطورية اللهب المقدس، إمبراطورية جالفيا، والشمال الأبدي. قيل إن هؤلاء الأربعة شكّلوا ليس الأراضي فقط، بل قوانين البشر نفسها.

إذا استطاع آشر الوصول إليهم، وإقناعهم، يمكن أن يصبحوا أساس النصر ضد الهاوية.

لكن هل سيستمعون؟ هل سيخضعون لإنسان حي يحمل فقط أحلام عصر محطم؟ أم سيختبرونه، يتحدونه، ويطرحونه جانبًا كحامل أمل عبثي آخر؟

هل سيخرج قائدًا بين العمالقة، أم مجرد رسول للثورة، يُستبدل بمجرد انتهاء مهمته؟

تدفقت الأسئلة في ذهن سافيرا كموجات عاصفة تضرب قلبها. لكنها لم تتراجع. كانت عزيمتها صلبة كالحديد.

ثم جاء صوت القديس الحديدي من وراء أبواب الغرفة، مكتوم لكنه حازم، جذبت انتباهها إلى الحاضر:

«جلالتك، اللورد إريك آداموس في القاعة المقدسة.»

2025/10/25 · 8 مشاهدة · 927 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025