أقدام الذئاب البيضاء الضخمة دقت على الثلج، تاركة آثارًا عميقة تشبه الفوهات في الأرض المتجمدة بينما تشق طريقها عبر العاصفة الثلجية. فراؤها الكثيف مغطى بالصقيع، وتنفسها يتصاعد على شكل سحب بخارية تتلاشى فورًا في الأبيض الدوار. الريح كانت مفترسًا لا يرحم، يمزق المعاطف ويقصف الشعر في وجوههم كالجلد اللاسع. كل خطوة كانت تدفعهم أعمق إلى أراضي نوبس، حيث الهواء أشد برودة.

فجأة، صاف الهواء ثم أصبح صاخبًا، سهام، المئات منها، مزقت العاصفة كالطوفان المفاجئ للموت. السماء بدت وكأنها ممتلئة بالحديد. قبل أن يتمكن آشر من الرد، اخترق سهم كتفه بصوت مرعب، أجبره على الانحناء مؤقتًا، وعيناه تضيقان من الألم. الدم الدافئ بدأ يتسرب، مظلمًا ثوب معطفه الأبيض.

زأر سيريوس بصوت يشق الأذن، وفتح فمه العظيم، مطلقًا طوفانًا من اللهب المحترق الذي هسس وهو يشق الهواء المليء بالثلج. في الوقت نفسه، أمال شورا رأسه نحو السماء واستدعى عاصفة خاصة به، صواعق من البرق تخترق السماء، لتضيء الأفق كنهار قصير. الاشهارات أحرقت في الجو، وتحولت إلى رماد. في الإضاءة اللحظية، انفتحت العاصفة بما يكفي لتكشف عن شخصيات مظللة على تل بعيد.

«لوسيان! نحن لسنا هنا للقتال!» صرخ زيناس عبر العاصفة، صوته مدوي عبر المنظر المتجمد بثقل القيادة. حتى فوق الريح، وصل صوته إلى الأعالي. جرف سهمًا من ساعده دون أن يرف له جفن، وظهر الدم على كمّه.

توقفت زخات الموت. وعمّت لحظة توتر، ثم بدأ شخص واحد يظهر من الضباب الأبيض. كان ظله واسعًا وموحيًا بالهيبة. كلما اقترب، كشف الثلج عن رجل طويل الشعر الأسود، مرتدٍ معطفًا أبيض الفراء، متشبثًا بالثلج في بقع بلورية. وجهه محفور وقاسٍ، الملامح التي صنعتها حياة طويلة من الحروب، ذقنه القوي مؤطر بلحية على شكل حدوة حصان داكنة. في يده اليمنى كان قوس حرب ضخم، وانحناء أطرافه متلألئ بخفة. على ظهره سيف، مقبضه ملفوف بجلد متآكل.

تبع آخرون خلفه، شكلهم يتضح تدريجيًا من حجب الثلج، صامتين، مراقبين، مسلحين. ومن بينهم، وقع نظر آشر على وجه يعرفه جيدًا.

سليد.

حين التقت عينا سليد بعين آشر، تحولت إلى مزيج من التعرف والكراهية، وشفاهه تجعدت في عبوس. قبضاته بيضاء حول مقبض سيفه. رمق لوسيان بعين حادة، ملتقطًا التحول في سلوك سليد.

«إذن… هو الذي قتلك.» جاءت كلمات لوسيان ببطء، متعمدة، باردة كالحديد الملقى في الثلج.

ضغط سليد على فكيه، لكنه أومأ برأسه بصعوبة واحدة.

«لسنا هنا من أجل هذا!» صرخ زيناس، صوته يقطع التوتر المتصاعد، صارم الآن، متوجًا بنفاد صبره. «لقد قتلت أكثر من نصيبي من نوبس، وكذلك أنت. العديد من موتانا سقطوا بأيدي بعضنا البعض. لكن هذا ليس وقت الحسابات أو الانتقام، وإلا لما جئت بقليل من الرجال.»

انتقلت عينا لوسيان إلى زورا، وظهر التعبير واضحًا. «ومع ذلك، تحضرونه. أعظم مقاتل من دم آشبورن بعدك، أليس هذا وحده جيشًا؟»

ارتجفت شفتا زورا في ابتسامة شبحية. «أحضرناه أيضًا.» وحرك نظره نحو آشر.

ارتفع حاجب لوسيان، يفكر: «ماذا يمكنه أن يفعل؟» الفكر كان حادًا، مشككًا. كان يشعر بالقوة في آشر، نعم، لكن القوة في العصر الجديد كانت ظلًا مقارنة بمحاربي العصر المظلم. هل يستطيع هذا الرجل، بالكاد تجاوز عقده الثالث، الوقوف بين الأساطير؟

«لا تحجز شيئًا»، قال زيناس، صوته يحمل ثقل القيادة والتحدي.

حدث التغيير فورًا. اشتعلت عين آشر اليمنى بتوهج مصهور، وتضاعفت حضوره. إرادة مشكّلة في المعارك وذكريات أعداء لا تحصى تندفقت منه في مد هائل من القوة الخام. أصبح الهواء ثقيلاً، يكاد يخنق. الضغط وحده دفع سليد إلى الركوع، وجهه مشوه بالصدمة والغضب وهو يكافح للتنفس.

اتسعت عينا لوسيان، ولأول مرة انكسر هدوؤه. «واحد مستيقظ… عند الثلاثين؟ إذاً كيف مات؟»

«لستُ كذلك»، أجاب آشر بصوت ثابت، غير متزعزع، والتوهج في عينه مستمر.

«يمتلك آشر موهبة نادرة»، شرح زيناس، صوته الآن مثقل بالمعنى، «تسمح له بالمرور بحرية إلى عالم الأرواح، وأكثر من ذلك، يمكنه جلب الأرواح إلى العالم المادي.»

ما إن خرجت هذه الكلمات، تغير الجو. توجهت العيون، العشرات منها، نحو آشر بوزن جديد، نظراتها حادة ومراقبة. لم تعد فضولًا، بل جوع. فجأة، شعر بأنه ليس مجرد إنسان، بل جائزة، منجم ذهب لم يُستغل الآن، يقيسه كل محارب من نوبس بصمت وخطر.

«رجل يمكنه استدعاء الأرواح إلى العالم المادي… موهبة نادرة ورائعة»، قال لوسيان، صوته يلمسه الفضول. لكنه حول نظره من آشر إلى زيناس، يبحث. «ولكن لماذا جلبتموه إلى هنا؟»

«الهاوية»، أجاب زيناس ببساطة.

ضيقت عينا لوسيان، البريق الحاد للاعتراف يقطعها. ارتفع صدره بتنفس بطيء، كأنه يستنشق رائحة ذكرى قديمة متعفنة. «عاد»، قال أخيرًا، صوته مثقل بوزن غل قديم.

«وجدنا طريقة لضرب أولاً، قبل أن تغرس مخالبه فينا»، واصل زيناس، صوته هادئ لكن مشحون بالعزم. «مع المحاربين من كلا العالمين يقاتلون جنبًا إلى جنب، لا أعتقد أننا سنخسر أمام الهاوية.»

صدح ضحك منخفض من لوسيان، رغم أنه بلا مرح. «لم أظن أن هذا اليوم سيأتي»، قال، يهز رأسه بخفة. «أن أعيد نفسي من بين الأموات… فقط لأمشي مرة أخرى ضد الهاوية.» نظر إلى آشر، مثبتًا عينيه عليه. «ما القول؟ صحيح، عدو عدوي صديقي. إذا كان السير إلى الجحيم بجانبكم يا آشبورن ضروريًا لحفظ بيتي، فليكن.» صوته ثابت، لكن شعلة خفية من التحدي تتلألأ تحته.

«أفترض أنك قد جمعت البشر قبل وصولك هنا؟»

«كنت بحاجة لإقناعك أولًا»، قال زيناس، زوايا فمه ترتفع بخفة. «وكيف يمكنني فعل ذلك… بدونه؟» أشار برأسه نحو آشر. «سيعود إلى العالم المادي، بينما نظل هنا لنتعامل مع أمراء الأرواح.»

ثم خفف صوته، والتفت بالكامل إلى آشر: «سأتولى الأمر من هنا. عد إلى العالم المادي.»

2025/10/25 · 4 مشاهدة · 827 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025