كانت رائحة معدنية لاذعة تعبق في الهواء، حادة بما يكفي لحرق الحلق وإدماع العيون، لكنها كانت مرتفعة، لم تنزل إلى الأسفل. لو أُجبروا على التنفس داخل هذا الضباب الخانق، لما كان البقاء ممكنًا، بل كان موتًا سريعًا وقاسيًا مغطى بهالة حمراء.

فجأة، انشق الضباب الكثيف كما لو مزقته مخالب غير مرئية، كاشفًا عن ظهور هائل ومروع. ظهر شبح أحمر ضخم، نصفه السفلي يتلاشى في دوامة متلاطمة من البخار القرمزي، كأنه يطفو فوق الغضب ذاته. جذعه، المنحوت من ضباب كثيف كالدم، كان عريضًا وخارقًا، وكل تموج فيه ينبض بالحياة غير الطبيعية. عيونه كالمصاهر المتوهجة، تنظر بغضب مكبوت، تلقي نظرة قاتلة على الأحياء. يد هائلة، مشكّلة من الضباب المتجمع، ضغطت على الأرض، وأصابعها كافية لابتلاع بيت، والأخرى تحوم فوق رأس آشر، ظلها يبتلعه بالكامل.

في الوقت ذاته، تحول جسد آشر تحت هذا النظر المرعب. درع فضي كثيف، مهترئ ومخطط من معارك نُسيت منذ زمن، غطى جسده بثقل لا ينكسر. لم يكن شيئًا جميلاً، لا الدرع الملكي المرصع بالجواهر، بل لباس الحرب القاتم. لوحاته السميكة وكتفه العريض منحاه هالة بطل قديم.

الخُوذة على رأسه كانت بسيطة لكن سيادية، مصنوعة مع تاج دائري في القمة، كأن الحديد نفسه تذكر شكل الملكية.

بامتداد كامل، عشرة أقدام من العضلات الصلبة والدفاع المغطى بالفضة، وقف آشر كأثر حي لعصر مضى، قائد حرب مستحضر من الأساطير والذاكرة. شعره الأبيض الطويل يتدفق على الدروع، يتلألأ بخيوط شاحبة، ولم يجرؤ أي رجل من لحم ودم على مواجهته وجهًا لوجه، فحتى أطول البشر، النادرون منهم الذين يصل طولهم إلى ستة أقدام ونصف أو سبعة، يظهرون ضعفاء أمام هذه الهيبة.

«سآخذ جسدك.» صوت إيثامار كان نشيد doom، كلماته مليئة بالشر إلى حد يثقل الصدر كالسلاسل الحديدية. الهواء حولهم انحنى، اهتز وكأن العالم نفسه يتراجع أمام حضوره.

أطلق ميرلين سعالًا حادًا، لحظة ضعف أمام الرهبة الغامرة. اشتعلت عينا آشر الذهبيتان بنار مفاجئة حين التفت ورأى الألم على وجوه أبنائه الصغار. أمهم تمسك بهم بيأس، وذراعاها ممدودتان، لكنها لم تستطع إخفاء القلق على ملامحها.

«ليس أمامهم.» انخفض صوت آشر إلى هدوء جليدي، كل كلمة كانت شفرة من الغضب المكبوت.

«أو ماذا؟» رد إيثامار بسخرية هادئة، أكثر كالرعد من الضحك. لم يكن قويًا فحسب، بل بدائيًا. أحد الأوائل في الخلق، حين كانت النجوم نفسها شابة، قوته كانت مطلقة لدرجة أن تقييد روحه من جسده الذي لا يُقهر وحده أوقف اندفاعه. أسطورته محفورة في عظام الأرض وتُهمس بها الظلال عبر الألفيات. لم يُسقطه أي سلاح، أو يد بشرية، أو جيش في معركة عادلة.

لم يكن تباهيًا، بل حقيقة باردة لا تتزعزع منذ آلاف السنين.

«أو سألقيك في بحر داخل العالم الروحي، أعظم وأوسع من البحر الأحمر. هناك ستتعفن، منسيًا، إلى الأبد.»

دحرج صوت آشر كالرعد الملفوف بالحديد، كل كلمة تضرب بثقل حكم إلهي. هزت التهديد جوهر إيثامار، حتى أن الروح صرخت وبدا الدخان القرمزي يتصاعد من شقوقه.

تبع ذلك صمت، كثيف وخانق، مشحون كهدوء ما قبل العاصفة. تجمدت الأنظار، كأنهما يتصارعان بشفرات من الإرادة. ثم، مع صفير، تراجع هالة إيثامار. ارتجف شكله الشامخ وتفكك إلى شرائح من الضباب، عاد إلى السيف الذي كان يحويه.

أطلق آشر زفيرًا بطيئًا، استرخى كتفاه، رغم أن عينيه لا تزالان تتوهجان بنار مكبوتة. بعناية، أعاد السيف إلى غمده. «يا له من سلاح مزعج»، تمتم بصوت ثقيل، ممتزج بالتعب والاحترام القاتم. ثم نظر إلى الرجل العجوز بجانبه وأضاف، «كل ما تبقى هو زيارة الحكام الآخرين.»

«سيستغرق ذلك وقتًا ثمينًا»، رد صانع الملوك، يلمس لحيته الرمادية المتدرجة التي تتدفق إلى بطنه كأنه نهر من خيوط الحديد. «من الأجدر استدعاؤهم إلى القاعة المدمرة في عدن. كان هذا المكان دومًا عرشًا للنقاش بين العظماء. جمع أسلافك هناك في العصر المظلم، حين كادت الهاوية أن تغرق العالم بطاعونها.»

جعد آشر حاجبيه، صوته خافت كالهدير. «لماذا يجب أن يلبوا ندائي؟ الكثير قد يرفضه. الكبرياء عظم اللوردات.»

«ليس إذا أغرت كبرياءهم بالرغبة»، رد صانع الملوك، عينيه تلمعان بالحكمة. «اذكر منجم بلور الميثريل الذي تمتلكه. لا لورد في هذا العصر يجرؤ على السماح لآخر بأخذ ميزة على هذه الثروة. الجشع سيجعلهم يهرعون أسرع من الولاء.»

قبل أن يرد آشر، رن صوت هادئ لكن حازم من الأعلى. «دعوني أكتب الرسالة.»

نزلت ساففيرا من السلم الكبير، ثوبها يتدفق كضوء القمر المنسوج، كل خطوة هادئة وملكية، وعيناها مشتعلة بعزم مختلط بالحب. عبرت آخر درجة ووضعّت يدها الرقيقة على ذراع آشر، لمسة ناعمة لكنها ثابتة. «دع الأمر لي»، قالت بابتسامة حانية. «سيُعقد الاجتماع بعد أسبوع.»

وبعد هذا الوعد، لمست ذراعه مرة أخرى قبل أن تبتعد، تاركة حضورها يلمس الجو حتى مع رحيلها.

ظل صانع الملوك يراقبها، كأنه يحاول استيعاب المشهد المستحيل. ثم هز رأسه ببطء، لحيته تتمايل. «ما زلت لا أستطيع تصديقه»، اعترف بصوت خشن من الدهشة. «لقد تزوجت تناريا نفسها، الأرض تحت أقدامنا، روح هذا العالم متجسدًا. رجل بسيط يرتبط بسيادة حية… مثل هذا الشيء يتحدى العقل.»

رمقها آشر نظرة خالية من التعبير، وبدون كلمة أخرى، سحب إيثامار مرة أخرى. انفجر الضباب القرمزي بعنف، مائجًا عبر القاعة، يبدد الجسيمات الضوئية الخافتة. دون تردد، ارتفع آشر في الهواء، حاملاً بواسطة إرادة السيف، حتى وصل إلى ساحة التدريب المفتوحة أعلاه.

قبضته تشددت على السيف، وهمس: «حان وقت التدريب.»

2025/10/25 · 5 مشاهدة · 794 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025