الصوت الوحيد الذي ملأ ساحة التدريب الشاسعة كان صفير واصطدام الحديد، بينما كان سيف آشر يرقص في الهواء، كل ضربة تشق قوسًا فضيًا من الضوء عبر الفراغ. كل حركة كانت سلسة، دقيقة، فن في حركة. السيف كان حيًا في قبضته، متوازنًا تمامًا، وزنه متشكل حسب قوته كما لو صُنع خصيصًا له وحده.

ومع هذا التوازن المثالي، شعر آشر بالنبض الشرير للطاقة الماگية التي تهتز من جوهر إيثامار. على عكس الأسلحة العادية التي تعتمد على طاقة سيدها، كان هذا السيف يحمل خزانًا خاصًا، ينبوعًا عميقًا وقويًا كروحه. حضوره ضغط على عروقه، متحديًا إياه لمواكبة قوته.

الدرع الذي يغطي جسده لم يكن أقل حياة. متولد من غريزة إيثامار، تجسد فوق جسده محملاً بوزن حروب لا تُحصى محفورة في صفحاته المتعبة. يلمع تحت الضوء، لكنه يبدو قديمًا، مخدوشًا، مجربًا، يحمل عبء قرون من المذابح. بدا وكأنه ملك لحاكم حرب قديم، غاص في دم ونيران لا تنتهي. ذلك الجوع تسرب إلى كيان آشر، يحثه على الحركة، القتال، الغزو.

بصوت معدني حاد، ضغط حذاؤه المدرع على الحجر. ثم، كالبرق المنطلق، اندفع آشر عاليًا في الهواء، محلقًا أكثر من عشرين مترًا بسهولة. في أوجه، حرك سيفه بعرض واسع، يشق قوسًا رائعًا يقطع السماء، قوس هلالي يتلألأ قبل أن يختفي.

سقط مثل نيزك، وقعته تشقق الحجر المقوى تحته، ركباه تنحنيان في وضعية المقاتل. اهتزت الأرض مع امتصاصه للقوة، وفي نفس الحركة اندفع للأمام، جسده كالسهم المنطلق من وتر قوس.

للناظر، بدا وكأنه يقاتل أشباحًا، ضرباته تخترق الفراغ بوحشية ورشاقة. لكن آشر كان يرى عدوه. بعد ضربة أخيرة واسعة، خفض السيف وتحرك بسلاسة إلى وضعية جاهزة، وعيناه الذهبيتان تتوهجان كنار مصهورة.

من تحت قدميه، انفجر الصقيع، ممتدًا عبر أرضية الساحة في عروق متعرجة. تعمق البرد، ودخان ثقيل يلتف بينما تتشكل شخصيات من الجليد نفسه. تشكلت أشكال بشرية، فرسان مدرعون من جليد كايروس، أسطوريون وشبه لا يُقهرون. كل منهم يحمل سلاحًا، فؤوس، سيوف، مطارق، رماح، وحواف جليدية تتلألأ بالموت.

خرج نفس آشر في ضباب، ملتفًا في الهواء وهو يبتسم. اقترب فرسان الصقيع بصوت صرير الجليد، وأسلحتهم تلوح من كل اتجاه بتزامن كامل.

تحرك. ضربة من إيثامار شقت ثلاثة فرسان مرة واحدة، تحطمت أجسامهم إلى شظايا. انفجر الجليد من تحت حذائه، دافعًا إياه لتجاوز الفرسان الباقين بدفقة مفاجئة، سرعته تركت أثرًا هلاليًا في الهواء البارد كشبح القمر.

ظهر خلفهم، دفع سيفه للأمام، مخترقًا بطن فارس. تفرق الشظايا بينما سحب السيف، وانحنى تحت فأس متأرجح، ورد بضربته الخاصة، نظيفة وقاسية، شطر آخر من الفارس إلى نصفين في انفجار من القطع البلورية.

لم تكن هذه استحضارات ضعيفة. الفرسان المصنوعون من جليد كايروس كانوا شبه لا يُقهرون، أقوى من الفولاذ، قادرين على تحمل ضربات الجيوش. ومع ذلك، شق إيثامار طريقه بينهم كما لو كانوا زجاجًا هشًا. لم يساعده أي سلطة على الصقيع، فقط الفولاذ والمهارة والسيف الملعون، الذي جوعه يوازي جوعه الخاص.

«يا سيدي!»

قطع الصرخة المنبهة صخب الصدام، موقفة آشر في منتصف الضربة. ضيّق عينيه الذهبية واقفًا منتصبًا، خافضًا سيفه. حوله، تفتت فرسان الصقيع إلى شظايا ضبابية ثم تلاشت تمامًا، تاركين فقط برودة حضورهم. ساد الصمت في ساحة التدريب.

التفت نحو الصوت، مدركًا فجأة أن العالم قد تغير أثناء تدريبه. اختفت الشمس، وغطى الظلام السماء، وفي مكانها، توهج القمران بشعلات فضية باهتة، ملقية بظلال طويلة على بلاط الحجر.

على حافة الساحة وقف نيرو، حضوره دائمًا آمِن لكن رباطة جأشه تزعزعت. تعبير وجهه الجاد كشف لحظة نادرة من القلق. هدوءه المعتاد تصدع.

«ما الأمر؟» سأل آشر، صوته عادي رغم توتر جسده. ببطء مدروس، غرس إيثامار في الأرض. غاص السيف الملعون مع صوت همس منخفض، وتبدد دخان القرمزي بينما الدرع المتلاصق بجسده تلاشى، قطعة تلو الأخرى، ذائبًا في ضباب أحمر قبل أن يلمس الأرض، تاركًا آشر واقفًا كرجل عادي، لا كقائد حرب عملاق.

حمل صوت نيرو ثقلًا. «أولئك العبّاد البغيضون للهاوية فتحوا شقًا في أشكيلون. المدينة تحت الحصار، جحافل كاملة من الأورك تتدفق.»

شحذ آشر فكيه، أغمض عينيه للحظة، ثم فتحها مجددًا، ضوء ذهبي يلمع في نظره. «إذن لقد أتوا أخيرًا.» كلماته باردة وحازمة. «اجمعوا فرسان الحديد. ننطلق إلى أشكيلون فورًا.»

...

شعاع ذهبي لامع مزق سماء الليل كوميض إلهي، مرتفعًا من قناة النقل. وعندما اختفى، وقف آشر على ظهر فيلمورن، حصانه المهيب المصنوع للمعارك، قرنه يتوهج بضوء سماوي خافت. خلفه تمتد كتيبة قوة لا تضاهى: ثلاثمئة من فرسان الحديد، كل منهم على خيول عملاقة مطلية بالذهب.

درعهم يلمع كالشمس الحية تحت ضوء القمرين، كل انحناء منقوش برموز الحماية والحرب. أقنعتهم الذهبية الصارمة بلا تعبير، منحوتة بوجوه غضب وحكم أزلي. لا mortal يستطيع تمييز وجوههم الحقيقية، لكن الهالة القمعية التي يبعثونها كانت كافية لإسكات الجموع. لم يسير فرسان الحديد كالبشر؛ بل تجسدوا كالحتمية نفسها، يد إرادة الملك متجسدة.

«يا جلالة الملك»، ارتفع صوت فوق رهبة الجمع. كانت كاتارينا، تتقدم من بين الحشود في ساحة المدينة. انحنت بعمق، رغم ارتعاش يديها الذي كشف عن خوفها. «سمعت بوصولكم، لكن لم أتخيل أن يكون بهذه السرعة.»

مال آشر برأسه قليلاً، عينيه تجولان على الخلفية، الناس الركوع خلفها، بعضهم جنود، بعضهم خدم، ومعظمهم عوام. لم يكن عليهم الركوع، لكن ثقل حضوره، وحضور الفرسان، أجبرهم على النزول كما لو أن الهواء نفسه ثقل.

«الفرسان...» قالت إحدى خادمات كاتارينا، تغطي يديها المرتجفتين على فمها. استعادتها لحكايات زوجها، أساطير عن فرسان الحديد، فرسان بأقنعة ذهبية قادرين على ركوب المعركة جنبًا إلى جنب مع ملكهم، يدمرون الجيوش وحدهم. تقول الأساطير إن كل واحد منهم يساوي مئات الجنود، وسيوفهم تحمل غضب الله نفسه.

والآن، جاء ثلاثمئة منهم، يركبون تحت ضوء القمر، صمتهم أكثر رعبًا من أي صيحة حرب.

2025/10/25 · 10 مشاهدة · 855 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025