دوت حوافر الخيول كطبول متدحرجة، ثلاثمئة منها، كل واحدة تعود لحصان أعرض وذو رقبة سميكة وعضلات ضخمة أكثر من أي مخلوق على السطح. اندفاعها الثقيل هز الحجر تحتهم، كفيضان من وحوش الحرب تجتاح طريقًا تحت الأرض واسعًا بما يكفي لعشر عربات أن تسير جنبًا إلى جنب. في مقدمة الهجوم كان آشر، عباءته تتطاير خلفه مثل راية، ويداه ثابتتان على اللجام بينما يقود فيلمورن بخطى لا تعرف التوقف، حوافره تشعل الشرر من الحجر المصقول.
«جلالته! افتحوا البوابات!» صرخ رقيب في الخط الأمامي، صوته مدوٍ عبر الممر الكهفي. حمل الصدى كقرن حرب، حاثًا رجاله على التحرك السريع. شد الجنود عجلات المعدات الضخمة، تصطك السلاسل الحديدية وتطرق بينما كانت الأبواب المزدوجة العملاقة تهتز وتئن، تُسحب ببطء إلى الداخل.
انحنى آشر فوق عنق فيلمورن، ريح اندفاعه تضرب وجهه بينما اجتاز الرقيب ورجاله، وخلفه تدفقت فرسانه كمد ذهبي. اندفعوا عبر البوابة إلى العالم السطحي، فواجهتهم الفوضى.
كان الأمر كما لو أنه ركب إلى الجحيم ذاته. النار سيطرت على الأفق، ألسنة اللهب البرتقالية والحمراء تلتهم المنازل والحظائر على حد سواء، تلوّن السماء بألوان عنيفة. الحرارة تقصف بشرته، والدخان يتصاعد كثيفًا وخانقًا، أعمدة سوداء تمسح السماء. صرخات تمزق الليل، صرخات نساء، بكاء أطفال، أنين الموتى من الرجال. وفوق كل ذلك، صدى ضربات الحديد ضد الحديد، سيمفونية قاسية من المجازر.
اتسعت عينا آشر الذهبية، برّاقتهما تعكس الجحيم. بحواس تفوق البشر، سمع كل شيء دفعة واحدة: كل صدام سيوف، كل صرخة، كل شعاع سقف ينهار تحت اللهب، من across الوادي المحاط بجبال أشكيلون.
كانت الجبال الأربع شاهقة وعملاقة حول المستوطنة المشتعلة، منحدراتها الوعرة تشكل حصنًا طبيعيًا لم تخترقه أي جيش. كانت تحيط بالوادي كحراس حجرية ضخمة، مهد حماية طالما حمى شعب أشكيلون. لكن الآن، حتى هذا المهد يحترق.
مرة، بنى الناس حياتهم هنا، مزارعون يفلحون الحقول الخصبة، أطفال يركضون بين الأكواخ، تجار ينصبون أكشاكهم قرب الطرق. لكن الآن الأرض أصبحت رمادًا، الأكواخ مشتعلة، الحقول تحولت إلى تربة سوداء. المعيشة والإرث ابتلعته الجنون والنار في لحظة.
«أولئك المجانين الملعونون»، تمتم آشر بغضب. ضغط فكيه بشدة حتى صرّت أضراسه، الضغط شديد لدرجة أن الألم امتد إلى لثته. قبض على اللجام حتى أصبح عقده تحت القفازات بيضاء.
الأورك لم يكن يمكنه عبور أشكيلون، الجبال الحصينة تمنعهم كما لو أن الأرض نفسها رفضتهم. لكن عباد الهاوية كانوا مختلفين. كانوا بشرًا، مثل أي إنسان، لكنهم استهلكتهم الجنون والعبادة لساليكس.
حيث قوة الأورك الخام لا يمكن أن تخترق الجدران الجبلية، كانت الطقوس الكفرية للعباد تستطيع فتح شقوق في الواقع. يمكنهم فتح فجوات في أي مكان، لتتدفق وحوش الفوضى بلا رادع.
شد آشر فكيه. علم أن هؤلاء المتعصبون يمجدون القتل، نقشوا على أجسادهم أرقام الأبرياء الذين قتلوا. بعضهم غطت أسلحتهم ووجوههم بأرقام دموية، خرائط فظيعة للقتل يرتدونها بفخر. غليان الغضب انتشر في عروقه، وعيناه الذهبية تلتمع بلمعان المفترس.
انكسر صمت فجأة، تحطم شيء أمامه في الدخان المتطاير على بعد مئات الياردات. جسم اصطدم بالأرض بقوة مروعة، العظام تتكسر تحت الثقل. كان جنديًا في الخط الأمامي، سيفه ما زال في يده، لكن فأسًا أكبر اخترق صدره، مثبتًا إياه في الأرض كالدمية المكسورة، والدم ينساب تحته، داكنًا ويتلألأ في ضوء النار.
ثم، من الدخان، ظهر الوحش.
ظل ضخم يتقدم، سبعة أقدام من العضلات والوحشية. جلده بلون الطحالب المتعفنة، وأنيابه السفلى تبرز من شفتيه المتلوية. وشم قبائل رمادية تمتد على جسده كندوب نقشها القسوة نفسها. لم يرتدِ شيئًا سوى عقد من الأصابع المسنونة والأسنان المكسورة، وتنورة حربية من الجلد المخيط تفوح منها رائحة الدم والدخان. رأسه الأصلع يتلألأ بالعرق وعيناه الصفراء تلتقيان بعيني آشر.
بزئير مدوٍ، سحب الأورك الفأس من صدر الجندي، والدم يرش الأرض. ثم اندفع، يركض عبر الأرض المدمرة كفيل غضبان، كل خطوة تهز التراب تحت قدميه.
التقى فيلمورن بالهجوم، حوافره تمزق الأرض، قرنه يلتقط نور النار، وجسمه الضخم يتقدم كجبار حي. مُعززًا ببركة دم الملك القديم، لم يكن فيلمورن مجرد جواد، بل وحش خلق للحرب، كل نفس له كأنها نار في الفرن. وعلى ظهره ركب آشر، عالٍ عشرة أقدام، قائد حرب مكلل بدروع فضية قديمة.
لدى الأورك، أدرك في اللحظة الأخيرة أن الظل الذي تحداه ليس إنسانًا.
انزلق إيثامار من غمده بصوت مزق المعدن، سيفه يغني أغنية الموت. ضربة واحدة، سلسة ولا ترحم، شقت الهواء. رأس الأورك انقطع من كتفيه، يدور بعينين مدهوشتين. تدفق من الدم الداكن ينبثق من الرقبة السميكة، الأرض تصبغت بالسواد. الجسم بلا رأس تعثر خطوتين قبل أن يسقط على الأرض.
لم يبطئ آشر. دفع فيلمورن عبر الدخان، متجهًا مباشرة إلى قلب الفوضى.
كانت الشوارع تغلي بالأورك، المئات منهم. بعضهم يسحق القرويين بالعصي، صرخاتهم تصدح في الليل. آخرون يصطدمون بجنود الخط الأمامي، القوة الخام تصطدم بالانضباط والحديد.
زحف الصقيع من تحت حوافر فيلمورن، ممتدًا في خطوط متعرجة عبر الأرض. تشقق الأرض بينما تنهض أبراج كريستالية، تثقب الأورك من الأسفل. صرخوا بينما اجتاح الصقيع عروقهم، شطر العضلات والنخاع، حتى انفجرت أجسادهم إلى تماثيل مشوهة من الجليد المتناثر.
حتى النار تراجعت أمام حضوره. اللهب خمد وفَسَّر بينما الصقيع يبتلعه، يخمد النيران التي كانت مشتعلة قبل لحظات. كان عاصفة جليدية متجسدة، وعندما ركب، وجده المواطنون مخلوقًا يثير الإعجاب والارتياح والوقار.
أمامهم، اهتزت الشارع بالرعد. موجة أكبر اندفعت، مد كامل من الأورك يغمر الطريق. معظمهم من النوع الشائع، ذوي البشرة الخضراء، يحملون فؤوسًا مقشرة وسكاكين متعرجة. لكن بينهم ظهرت رعب أكبر: أورك ذو بشرة حمراء، ثمانية أقدام ونصف، فؤوسه الضخمة تتوهج بحرارة خافتة. لحومهم تلمع بنار فرن غير طبيعية، الهواء حولهم يلتف بموجات حرارة حارقة تشوه أجسادهم الضخمة.
ضغط آشر شفتيه في خط بارد ورفيع. قبضته على إيثامار ازدادت شدّة بينما رفع فيلمورن أرجله الأمامية وصرخ، ليس خوفًا بل توقعًا.