الفصل 522:

حاول آدم أن ينهض، لكنه لم يستطع. عضلاته كانت تصرخ بأقصى طاقتها، ترتجف بعنف تحت الجلد الممزق. كل نفس كان يأتي متقطعًا، حادًا ومحترقًا، كأن رئتيه تُسحبان من الداخل بمخالب نارية. ضلوعه المكسورة كانت تتحرك مع كل محاولة، أطرافها الحادة تمزق الأنسجة وتغوص أعمق في جسده. الألم انتشر في صدره كالنار، يغمر كيانه بالعذاب فيما كان يزحف على الأرض بأصابعه.

رؤيته بدأت تتلاشى، وقوته تخور، ورغم توسلاته لجسده أن يطيعه، ورغم صراخه داخليًا وخارجيًا، لم يتغير شيء. أطرافه كانت أثقالًا من الرصاص.

والمطرقة، الضخمة الوحشية، كانت تهوي بالفعل نحو مؤخرة جمجمته.

لكن في تلك اللحظة، قبل أن يحطم الضرب العنيف عظامه وينثر حياته على ساحة المعركة، اهتزت الأرض ذاتها. دويّ سنابك الخيل شقّ الفوضى، ذاك الصوت الذي يزرع الرعب في القلوب ويرفع الأرواح في الوقت ذاته.

قوة هائلة، كصخرة قذفها منجنيق حصار، ارتطمت بالأورك العظيم.

زمجر الوحش فيما جسده الهائل يُسحب جانبًا، والأرض تنفجر غبارًا تحت مخالبه المنغرزة.

اتسعت عينا آدم الخافتتان بدهشة.

كان هناك آشر — جلال صاحب اليقظة، عملاق بين البشر. بيدٍ واحدة أمسك بأحد قرون الأورك الأربعة، عضلاته تتلوى من شدة القوة، والغبار يتصاعد من حوله فيما ينتزع الوحش من توازنه ويقذفه في الهواء كما يُرمى بالحطام.

ذاك الجسد، المكوّن من آلاف الكيلوغرامات من اللحم والغضب، قُذف وكأنه لا يزن شيئًا. وكان هذا مجرد لمحة صغيرة من قوة الكائنات المستيقظة — رعب الحروب ومغير مسارها.

تدفقت موجة من الغبار في دوائر هائلة، تجتاح الجنود والجثث على السواء، بينما انطلق آشر قافزًا نحو السماء ليلاقي الشيطان الطائر.

تألقت سيفه "إيثامار" بنية القتل، ثم اندفع في طعنة عمودية مزقت الجلد.

انشقت اللحم، وتكسر العظم، وفي ضربة واحدة هائلة، شطر آشر الوحش من بطنه إلى جمجمته، قاطعًا إياه نصفين كما يشق الجزار ثمرة ناضجة بساطور حاد.

وفيما كان لا يزال في الهواء، أمسك بما تبقى من جسد الأورك بكلتا يديه، موجهًا سقوطه. ثم، كنيزك ساقط، ارتطم بالأرض. اهتزت التربة، تصاعد الغبار، والجثة نفسها تحولت إلى سلاح، تسحق مجموعة من الأورك تحت ثقلها. صرخاتهم تلاشت وسط دويّ الارتطام.

اندفع الفرسان المقدسون كمدٍّ ذهبيّ، راياتهم تشق الدخان والرماد.

اصطدمت صفوفهم بجيش الأورك بدقة قاتلة، وفي أول اندفاع، سقط نحو ألف منهم قتلى.

كل رمح اخترق ثلاثة أجساد دفعة واحدة، يحصد الأرواح كمقصٍّ من حديد.

وتدفقت الموجات التالية بالموت.

ثم في حركة موحدة، سحبوا رماحهم بعرض الميدان، يرسمون أقواسًا من الذبح.

تطايرت أجساد الأورك، وتمزقت في رذاذ من الدماء.

ومع كل جولة، تبدل وجه المعركة — من صراع يائس إلى طوفانٍ من العدالة والانتقام.

وبدخول الفرسان المقدسين، مالت الكفة من جديد، وسُحقت جموع الأورك حتى لم يبقَ منهم أحد.

جلس آشر على جواده "فيلمورن"، يراقب بصمتٍ قاتم معالجة الجرحى — لكن دون جدوى.

صرخاتهم كانت تشق الليل، حادة وممزقة، فيما يتلوّون على الأرض الملطخة بالدم.

واحدًا تلو الآخر، بدأت أجسادهم بالارتجاف، عروقهم تسوَدّ بسمّ الهاوية، حتى اضطر رفاقهم لإنهاء معاناتهم قبل أن تلتهمهم العدوى كليًا.

بعضهم مات فورًا، وجوههم متشنجة بالحمى، مختنقة بالوباء الذي أكلهم من الداخل.

من فوق حصانه الفخور، شهد آشر موت رجالٍ أكثر هنا، بأيدي المعالجين، مما قُتل في ساحة القتال.

المعالجون، أرديتهم ملوثة ببقع سوداء، انتقلوا من جثة إلى أخرى، يغطّون الوجوه بالأقمشة حين يتوقف التنفس، ثم يهرعون إلى التالي.

الهواء فاحت منه رائحة الصفراء والحديد.

الصرخات مزّقت أذنيه.

الدم، القيء، وأنين الصدور المحتضرة ملأت سمعه وبصره، حتى تحولت الساحة إلى مسلخٍ لليأس.

ولم يكن الجنود وحدهم من سقطوا.

المواطنون، الضعفاء العزّل، سقطوا أسرع.

عائلات انهارت معًا، سلالات أُبيدت في ليلة واحدة.

فساد سايليكس كان لا يرحم، لا علاج له، لا إيقاف.

كل ما استطاعوا فعله هو المشاهدة — يشاهدون الموت يزحف نحو الباقين، عارفين أن دورهم قادم.

وعندما أشرقت أنفاس الفجر على الأفق، عاد آشر، لا يزال على صهوة فيلمورن، وقد نزع درعه، وسيفه إيثامار يتدلى بصمتٍ إلى جانبه.

الأرض من تحته كانت مقبرة — آلاف الجثث تفرش التراب، طبقة فوق أخرى، حتى بدا الصباح لا يحمل نصرًا بل خرابًا.

قال آدم بصوتٍ مبحوح، مكتوم تحت الضمادات التي تلف جسده:

“اثنا عشر ألف أورك ماتوا الليلة الماضية. وثمانية آلاف من شعبنا ماتوا بوباء الهاوية. وإن أضفنا من سقطوا في المعركة...”

خفض رأسه وهو على ظهر جواده، عيناه غارقتان بالحزن.

“لقد خسرنا اثني عشر ألفًا. لقد خسرنا.”

لم يجب آشر.

عيناه الذهبيتان جالتا على الجثث، وفي بريقهما ثقل لا يُحتمل.

حتى "نيرو"، خلفه، ضيّق عينيه بقلق صامت.

الهواء كان خانقًا، والمعنويات محطمَة.

لا يزال مئات الآلاف في المدينة السفلى، لكن المرض بدأ ينتشر بينهم.

الوباء صار أشد فتكًا، وأعمق تأثيرًا.

أولئك دون رتبة الذهب سقطوا كالذباب، وحتى من بلغوا الذهب لم يعودوا بمنأى عن الخطر.

الأدلة كانت أمامهم — جثث مكدّسة، شاحبة تحت شمسٍ باهتة.

قال آدم بصوت مرتجف لكنه ثابت:

“نحتاج إلى غبار بلّور الميثريل. الفيلق الأمامي مشلول. إن جاء هجوم آخر، ستحترق آشكلون عن بكرة أبيها.”

رد آشر، نبرته باردة كالفولاذ:

“وهل سيكفي ذلك؟ لو أعطينا كل بيت كيسًا من غبار الميثريل، فلن يكفي لصنع درع واحد، لا لقواتنا، ولا لمن سيقاتل معنا. وبدون دروع، وبدون إرادة القتال، فالكيس لا يساوي شيئًا. حين يعبر سايليكس عالمنا، لن تنقذهم الحليّ ولا البريق.”

أجابه آدم بمرارةٍ يائسة:

“إذًا هذا العالم هالك... سنموت جميعًا.”

عمّ الصمت، ثقيلًا كحدّ السيف فوق القلوب.

ثم جاء صوت آشر، كحكمٍ لا يُرد:

“ستموتون…”

اتسعت عينا آدم، الخوف يرتجف في داخله مع وقع كلمات قائده التي حفرت الهواء.

“…لكن ليس قبل موتي.”

2025/11/07 · 40 مشاهدة · 840 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025