الفصل 524:

قال أبوليون بصوت عميق كقرع طبول الحرب:

"جئت ومعك ذئبك."

لم تكن كلماته سؤالًا، بل تصريحًا يحمل نغمة اعتراض. بالنسبة له، أن يُحضَر مخلوق بهذه الضخامة والقوة والهيبة إلى هذا المكان كان إهانة صريحة، تهديدًا صامتًا يُلقى عبر القاعة.

ردّت أرتميس بنظرة مضيئة وصوت هادئ لكنه ثابت:

"نعلم جميعًا أن أحد آل آشبرن لا يظهر في مكان كهذا من دون ذئبه."

تحولت أنظار الحكام الآخرين إليها واحدًا تلو الآخر:

نظرة جيرينت الحادة المليئة بالحسابات، وعيون سامسون المتقدة بالقوة، ونظرة فلاديمير الباردة الدقيقة. كان ثقل التقاليد القديمة يخيم على صمتهم.

قهقه أبوليون بازدراء وقال:

"أتُظهرون الاحترام لعائلة سقط مجدها؟!"

ارتسمت على وجهه سخرية متعالية، واستند إلى عرشه بثقة متغطرسة.

لكن سامسون تحدث لأول مرة، وصوته كهدير الصخور تحت ضغط الجبال:

"تلك العائلة التي تسخر منها هي السبب في أننا لم نُبتلع بعد في هاوية الظلام."

كان شعره رماديًا كالغيوم قبل العاصفة، ولحيته الكثيفة تؤطر وجهًا محفورًا بعلامات العمر والمعارك. عيناه تشعّان بضوء ذهبي كشمسين تشتعلان.

وأضاف بصوت وقور حازم:

"لا تنسَ أن زيناس وحده حمل العبء، وقاتل الظلمة، ووقف جدارًا أمامها."

قاطع جيرينت بحدة:

"ذلك الفتى ليس زيناس."

كان صوته حادًا كالنصل، ووجهه الجميل مغطى بظل كراهية قديمة وهو يحدق في آشر بعينين لا تعرفان التردد.

قال فلاديمير بنبرة باردة خالية من العاطفة:

"لقد عمّ الفوضى هذه القاعة قبل أن نبدأ حتى في مناقشة سبب اجتماعنا. كنت أتوقع من الأكبر بيننا اتزانًا أكثر."

تبدلت ملامح أبوليون للحظة، كأنه تفاجأ، ثم ابتسم ببطء وقال بصوت ناعم يخفي خلفه فولاذًا:

"لم أتوقع أن جثة زاحفة مثلَك، ممن انقرض نسلهم القوي منذ زمن، تجرؤ على مخاطبتي كندٍّ."

برقت عيناه بقسوة، وانحنى قليلًا للأمام، مهيمنًا بنظرته على القاعة.

"أنتم مجرد نمل… ولا أحتاج إلى أن أتصرف بلطف مع النمل."

توتر الجو حتى بدا الهواء نفسه يختنق، وارتجف الصمت بين المقاعد.

ثم…

تحطم الصمت.

تقدم آشر بخطوات هادئة لكنها ثقيلة كصدى الرعد.

تحولت الأنظار نحوه كأن القاعة كلها اعترفت بحضوره.

عيناه الذهبيتان، المتقدتان بالعمق والعزم، شقّتا التوتر كالنار وسط الجليد.

وعندما التقت نظراته بأبوليون، ارتبك الأخير للحظة، وكأن بصره خُطف بسطوع ذلك الضوء.

تسللت الشكوك لأول مرة إلى ملامحه.

ربما قلل من شأن هذا الشاب… فالقوة التي أحس بها منه لم تكن مجرد إرث دم، بل طاقة خانقة تنتمي لمن استيقظوا على قدرهم الكامل — من المستوى الثالث، مستوى لا يصل إليه إلا القلائل في الوجود.

ارتجف الصمت من حولهم، كأن الأرواح نفسها شعرت بذلك الإدراك.

التفتت مورغانا نحو والدتها، وتجمدت.

رأت أرتميس، ملكة القمر الفضي، ترتدي تعبيرًا لم تره من قبل — مزيج من الدهشة والذهول، كأن الظلال نفسها التصقت بوجهها النقي.

نظرت مورغانا مجددًا إلى آشر، وشعرت به قريبًا جدًا منها… قريبًا لدرجة أن نبضه كاد يلامس نبضها، لكنه في الوقت ذاته بدا بعيدًا بلا نهاية، كأن بينهما فجوة زمنية لا يمكن عبورها.

تسارعت أنفاسها وهي تهمس في داخلها:

"تحكم بالفضاء!"

كانت تلك السمة المميزة لمن استيقظ في المستوى الثالث — قدرة تُثير الرهبة حتى في القلوب الجريئة.

استدار آشر ليواجه الجميع، واقفًا أمام العرش المهشّم ذي الدرجات الثلاثين التي لم يجرؤ أحد على صعودها.

وبمجرد وقوفه أمامه، بدا كأنه يتحدى صمته الأبدي.

انطلقت طاقته كعاصفة لا تُرى، تهدر بثقلها في القاعة. لم يكن استعراضًا، بل إعلان ضرورة — فالهاوية قد بدأت بالفعل تمزّق مملكته.

في ذاكرته، ومضت صور لاثني عشر ألف روح أُبيدت في ليلة واحدة على يد وحوش الظلام.

ثم ألف آخرون ماتوا بعد أيام بالطاعون، أجسادهم تتآكل أمام عينيه.

وكان يعلم يقينًا أن هذا لم يكن سوى البداية…

حين تأتي جيوش الهاوية الحقيقية، لن تنفع الجيوش البشرية.

الطاعون وحده سيمحو الحياة من الأرض، سواء قاتل الناس أم فرّوا.

تحدثت أرتميس أخيرًا بصوت رقيق مدروس:

"سمعت أنك ترغب في تقاسم منجم الكريستال الميثريلي خاصتك."

ابتسمت بثقة وأكملت:

"أعطه لنا، وستنال ابنتي، أجمل فتيات الممالك، ونصف جيوشي لتقاتل إلى جانبك حين يحين الوقت."

كانت كلماتها لامعة كالذهب، لكنها بالنسبة لمورغانا كانت مريرة كالرماد.

اشتعل وجهها خجلًا، فها هي تُقدَّم كصفقة سياسية، كعملة تُبادل من أجل القوة.

لكن هكذا كانت الأمور تُدار دائمًا بين الممالك — الزواج كان أداة للتحالف لا للعاطفة.

نظر آشر نحو أرتميس، ثم إلى مورغانا، ثم إلى الأرض المتشققة تحت قدميه. رفع حاجبه وقال بهدوء:

"عليك أن تتحدثي مع..."

اهتزت الأرض فجأة.

تشققت الأحجار، وخرجت منها جذور ضخمة تتلوى وتتشابك كالأفاعي، حتى شكلت عرشًا هائلًا ينبض بالحياة، تتفرع من ظهره أغصان كأجنحة الطاووس.

جلس آشر عليه مبتسمًا بخفة وقال:

"...زوجتي."

ارتجفت الجذور ثانية، ومن بين لفّاتها خرجت امرأة شاهقة الجمال والجلال.

شعرها زمردي ينساب حتى قدميها، تتخلله جديلتان مزينتان بقطع ذهبية تلمع كالشمس.

كان طولها تسعة أقدام، وجسدها الممشوق يجمع بين الفتنة والرهبة. وجهها البهيّ يشعّ خلودًا وهيمنة، كأنها كيان من الأسطورة.

جلست إلى جوار آشر على عرش من الجذور الملتفة، ورفعت ذقنها بتحدٍّ خافت.

قالت بنبرة منخفضة لكنها مشبعة بالكبرياء:

"أنا كافية لإرواء رغباته."

ثم نظرت نحو أرتميس مباشرة وأضافت:

"زوجي لم يأتِ إلى هنا ليطلب جارية… بل جاء ليحذّركم من الهاوية."

---

2025/11/07 · 34 مشاهدة · 776 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025