الفصل 528:

بينما كانت الاستعدادات جارية في آشبرن، والقادة يحشدون رجالاتهم في تشكيلات منضبطة، والحدّادون يعملون نهارًا وليلًا لصنع أكبر عدد ممكن من دروع السجلّ، وسافيرا تُدير شؤون البلاط برزانة الملكة، كان أشر قد غادر إلى مكان آخر.

بعيدًا عن صخب المدينة، سافر عميقًا إلى جبال آش مع سيريوس بجانبه.

ها هو يقف في قلب البرية، ممسكًا بـ "إيثامار" بيده. من حوله، ترتفع الجبال المسننة كعمالقة قديمة، قممها مغطاة بالغيوم، وجوانبها ممتدة بالغابات التي تهمس مع الريح. في هذا الامتداد المنعزل، وقف أشر عاري الصدر تحت الشمس الساطعة، عضلاته مشدودة مع الإجهاد، صدره يرتفع وينخفض بشدة بينما يلوّح بالسيف الضخم مرة أخرى.

«هذا لا يجدي.» صوته يحمل ثقلًا مجوفًا من الندم.

مرت أيام منذ أن جاء إلى هنا، أيام من التدريب المستمر، ومع ذلك لم يظهر أي تقدم، حتى الوميض الأصغر للنمو لم يكن موجودًا.

تتوهج الشمس منتصف النهار على شفرة السيف الطويلة، متناثرة الضوء كما النار المذابة. خفضه ببطء، وسمح للطرف أن يلمس الأرض، ساكنًا. رفع رأسه نحو السماء الساطعة، لأول مرة منذ وقت طويل شعر بثقل ينهشه. شعر وكأنه ضائع، بلا خارطة، مثل رجل يحدق في الأفق دون سبيل للمتابعة. كل ما أرادته كان القوة، والاعتراف بين العظماء، فرصة ليتسلم عرشه ويقود شعبه إلى المجد. ومع ذلك، تسللت فكرة قاسية بلا رحمة.

هل هو مجرد جسر؟

هل هذا كل ما قُدر له أن يكون؟

«سأواصل غدًا»، تمتم أخيرًا. وغرز "إيثامار" في الأرض، ملتفتًا ظهره إليه. الأرض الصخرية استسلمت لحدة السيف، مفصولة دون مقاومة حتى غاص الفولاذ عميقًا.

على بعد قليل، جلس سيريوس على صخرة متآكلة، يتحرك بحدة. أذناه الفضيّتان تراقبان شيئًا لم يلحظه أشر بعد. زمجرة منخفضة اهتزت في حلقه، تحذر من حضور يقترب.

ثم ارتفع صوت خلف أشر.

«هل انتهيت؟»

النبرة كانت هادئة لكنها آمرة، عميقة وثابتة، صوت المعلم الذي يظهر لحظة يفكر فيها الطالب في التراجع عن درسه.

استدار أشر بدهشة، وعيناه تجوبان ما خلفه. هناك، بجانب "إيثامار"، كان زيناس يقف. شكل القدماء كان ثابتًا، ونظره لا يُقْرَأ. بالنسبة لقامته الطويلة، بدا السيف وكأنه امتداد له، طوله الضخم أقصر فقط برأس عن جسده.

«بدأ التدريب والآن تريد التوقف؟» نبرة زيناس كانت هادئة، لكنها تحمل ثقل المعلم الذي لا يتسامح مع الضعف. رسم السيف وأشار نحو "إيثامار": «اذهب إلى من يمسك بك.»

فجأة، اهتز السيف، وانطلق في الهواء ليسقط في قبضته، ثقل السلاح يثبت نفسه ويستقر. عينيه التقت بعيني زيناس، الذي دار بسيفه في دوائر سلسة، كما لو كان يستعد لرقصة تدرب عليها ألف مرة.

«قد تكون قويًا،» قال زيناس متقدمًا خطوة خطوة، «لكن القوة وحدها عكازة للطفل. عمرك يقيدك، تفتقد ندوب الخبرة، صقل المعرفة. وهذا ما أعاقك عن رؤية ما أمام عينيك.»

اقترب وأحدث ضربة رأسية نظيفة. تقدم أشر بردة فعل هجومية مائلة لقطع تدفق الضربة. للحظة، كان من المفترض أن يلتقي الفولاذ بالفولاذ، لكن البرق تشقّق حول جسد زيناس، وفي غمضة عين اختفى.

تجمد أشر عندما جاء سيف إلى عنقه من الخلف.

لكن أنفاسه علقت، لأن طرف زيناس لم يلمس بشرته، بل استقر على جانب "إيثامار". لقد تصرف في اللحظة المناسبة.

ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتي زيناس.

دار أشر، متابعًا ضربة أفقية واسعة شقّت الهواء. ارتدّ زيناس إلى الخلف كثلج متساقط، ينزل خفيفًا، حركات الثلج تتطاير من قوة الضربة، تدور ببطء في الهواء.

ثم اشتعلت حدقة زيناس. لم يعد أشر أمامه، بل كان فوقه. عضلاته مشدودة، دفن أشر "إيثامار" بضربة ساحقة. الأرض انشقت، مخترقة الغابة، وأشجار بأكملها تحطمت وانقلبت كما العشب في العاصفة.

وقف أشر متجمدًا، عيناه على الدمار. لإحداث مثل هذا الخراب، كان عليه دمج قوة "إيثامار" وعالمه الداخلي في هجوم واحد. أما زيناس فقد فعلها بطعنة واحدة.

«لم أُوهب هبة»، قال زيناس فجأة، مخفضًا السيف ويمسكه بيد واحدة. صوته ثابت، يكاد يكون بعيدًا: «في شبابي، قالوا إنني لا أستحق الفولاذ. حتى عندما ارتدى والدي رداء الفارس، تم رفضي. بعد موته، وجدت سيفًا خشبيًا. لم أكن أعرف الأشكال، ولا الحركات. ففعلت ما استطعت، طعنة وراء طعنة. إذا لم أكن موهوبًا، سأكون بلا هوادة.»

نظر إلى أشر، ثم إلى الغابة المدمرة.

«مع الوقت، اكتشفت أنني لا أحتاج لحركة أخرى. أحببت الطعنة. بها أسقطت أعداء بالعشرات، ثم بالمئات. صقلتها إلى ما يفوق ما يظنه العالم ممكنًا. كنت أحني الواقع نفسه حتى تصبح الطعنة أكثر من مجرد سلاح. ثم… بدأت تتغير.»

تجهم أشر: «تتغير؟»

حدق زيناس بحدة: «كل طعنة بدأت تعيد كتابة الواقع. لم أعد أفرض قوتي في أشعة أو أقواس، بل كنت أطعن، والعالم نفسه يعيد تشكيله عند نقطة سيفي.»

لحظة شعر أشر وكأن كل هذا ليس حقيقيًا، وأنه عالق في وهم، والقوة الحقيقية للعالم مخفية عنه.

ضحك زيناس خفيفًا، شاعراً بالشك: «لا تحسد بسرعة. الثمن ثقيل. تلك الطعنة الواحدة استنزفت أكثر مما يمكن لمقاتل مُمجَّد أن يجمعه طوال حياته. لتستخدمها، يجب أن تفرغ نفسك تمامًا.»

صوته أصبح أعمق: «ستحتاج لقوة المحارب الذي لا يُقهَر. والمضحك أن لديك موهبة تمنحك ذلك. لكن أراهن أنك لا تعرف حتى ما يمكن لموهبتك أن تفعل.»

------

[الترجمة: Rose] 📜📜📜📜

گايز هذه شرح لاسلوب القتالي لزيناس وكيف تتفوق طعنته على اشر من عندي اذا حابين تكدرون تتخطوة

---

1. فلسفة القتال: الطعنة مقابل القوة الخام

زيناس: يعتمد على حركة واحدة متقنة، وهي الطعنة.

كل طعنة لديه ليست مجرد هجوم، بل إعادة تشكيل الواقع عند نقطة السيف.

فلسفته: “القوة وحدها لا تكفي، لكن الإتقان والتجربة يُحوّلان الضربة البسيطة إلى كارثة شاملة.”

الميزة: الهجوم لا يعتمد على طول الوقت أو قوة العضلات فقط، بل على السيطرة المطلقة على السيف والبيئة من حوله.

أشر: يعتمد على القوة الخام والمهارات المكتسبة تدريجيًا مع سيفه “إيثامار”.

يتحكم بالقوة والسحر والقدرة على الجمع بين الطاقة الداخلية والسيف.

لكنه لا يمتلك بعد القدرة على جعل العالم نفسه يتفاعل مع ضربة واحدة، كما يفعل زيناس.

---

2. تأثير الطعنة

طعنة زيناس: تحطم الأرض والغابة بضربة واحدة، دون الحاجة لتجميع القوة الداخلية أو السحر.

طاقة أشر: يحتاج لمزيج من سيفه وقوته الداخلية لإحداث تأثير مماثل.

النتيجة: زيناس قادر على تدمير المساحات الكبيرة بخفة حركة، بينما أشر يحتاج إلى إعداد أكبر وتركيز مستمر.

---

3. تكلفة القوة

زيناس: استخدام الطعنة الواحدة يستنزف طاقة المحارب مدى الحياة.

أشر: مجهول، لكن من المحتمل أن قوته المستمرة قد تكون أقل استنزافًا لأنه لم يصل بعد إلى مستوى طعنة زيناس المتقنة.

الدرس: القوة المطلقة تأتي بثمن باهظ. زيناس يستطيع السيطرة على الواقع، لكن ذلك يترك جسده شبه فارغ بعد كل استخدام.

---

4. الخبرة والتجربة

زيناس: عاش تجربة قاسية منذ شبابه، واجه الرفض، واجتهد في تطوير طعنة واحدة فقط حتى أصبحت قادرة على إعادة تشكيل الواقع.

أشر: موهوب، لكنه لا يملك بعد سنوات الخبرة الطويلة التي منحها زيناس طعنة وحيدة فتاكة.

الاستنتاج: التفوق هنا ليس بالعضلات أو طول السيف، بل بالخبرة والتقنية العميقة التي تجعل من كل حركة قوة مدروسة ومطلقة.

---

باختصار، زيناس يمتلك الضربة المثالية: حركة واحدة تكفي لإحداث دمار هائل، بينما أشر يحتاج للوقت والمهارة لتقليد نفس التأثير. ومع ذلك، أشر لديه موهبة فريدة منحت له القدرة على النمو والتطور، وقد يكون تجاوز زيناس ممكنًا مع الوقت.

---

2025/11/07 · 45 مشاهدة · 1087 كلمة
Rose
نادي الروايات - 2025