الفصل 530:
مر عام كامل. في ساحة واسعة، قرب سلسلة جبال عرين التنين، تجمع ما يقرب من مليون جندي.
كانوا أفضل من جُنّدتهم الأمم، رجال ونساء صقلتهم التدريبات المتواصلة، مرتدين أثقل الدروع المصممة للحرب، وقلوبهم تنبض بحماسة لا تتزعزع. لم يكن جيشًا عاديًا، بل كان تجمعًا للأساطير.
لم يُسمح لأي رجل يشعر بأقل ارتعاشة خوف بالانضمام، فالخوف رائحة الفريسة، وسايليكس سيصطادها.
في المقدمة، امتدت فرقة من مئتي ألف فارس عبر السهل، يمتطون الخيول والذئاب على حد سواء. خطهم بدا غير قابل للكسر، موجة من العضلات والحديد قادرة على دك المدن بتقدم واحد.
خلفهم، امتدت ست مئة ألف من المشاة في صفوف منضبطة، العمود الفقري الحقيقي للجيش. الرماح والفؤوس تلمع تحت الضوء الخافت، وأعلامهم تصفق بعنف مع ارتفاع الريح.
فوقهم، تكاثفت الغيوم وتدوّرت، كأن حتى السماء تستعد لما هو قادم.
بين هؤلاء البشر وقف عشرات الآلاف من وحوش البشر: رجال الثعالب، رجال الذئاب، النمور والدببة، وحتى فرسان الغزلان ذو القرون، كل واحد منهم محارب مشهور، مكرس لخدمة دوق الوحوش في سايرينيا.
زئيرهم وهتافهم دوت كالبرق عبر الساحة. أمامهم، في الجدار الأمامي، وقف الأقزام، ممتلئون ومتسقون كالحصون الحية.
درعهم الكبير متشابك بإحكام، الرماح مثبتة، لحاهم مضفورة كرموز عائلية، كانوا جدارًا من الحديد والعضلات لا يتحرك.
وراءهم، جنود جالڤيا المظلمون، فرسان الموت، بستين ألفًا، يمشون في صمت أكثر رعبًا من هتافات الحرب، كل واحد منهم وعاء للطاعون والدمار. جدار النار الذي أطلقه إليوس، أحد جبال العظام الأربعة، حمى الجيش من فسادهم، حاجز من اللهب الحي يفصلهم عن بقية القوات.
وراء هذه المشاة المخيفة، وقف الجنود الإلفيون في صفوف متقنة. عشرات الآلاف من الرماة ممسكين بأقواسهم، يرتدون دروعًا فنية تحميهم وتزينهم معًا.
مرت قرون منذ آخر ظهور لهم في الحروب، ومع ذلك كانت انضباطهم مثاليًا، وحضورهم تذكير بأن أبناء الغابات الأوائل لم يفقدوا مكانتهم كأفضل رماة في العالم.
فوقهم، حلق ما يقرب من عشرة آلاف جنية، أجنحتهم تتلألأ كاليعسوب تحت الشمس. حلقوا في تشكيل متقن، أقواسهم مشدودة، عاصفة براقة جاهزة للنزول.
بالنسبة للكثيرين، بمن فيهم شعب أشر، كانت هذه المرة الأولى التي يرون فيها الجنيات بهذا العدد، مشهد أثيري يبدو رقيقًا ومرعبًا في الوقت ذاته.
بجانب الإلفيون، وقف رماة آخرون، مميزون في حد ذاتهم، لكن جميعهم بدوا باهتين أمام جالبات العواصف.
نساء طويلات ونحيلات من بيت آشبورن، كل واحدة بطول ثمانية أقدام، تمتطين خيول أوفوك الرائعة. بأجساد قوية ودقة متناهية، اشتهرن بسهمهن الكهربائي الذي يصيب من ارتفاعات لا يُرى منها أحد.
المعروفات باسم بنات الموت، يجلبن الدمار، العاصفة في شكل بشري. على ظهور خيولهن السريعة، لم يكنّن مجرد رماة، بل فرسان، سريعات كالريح وقاتلات كالبرق.
خلفهن، كانت آلات الحصار العظيمة لبيت آشبورن جاهزة: آلاف المنجنيقات، الباليسترات، وغيرها من آلات الدمار. كل واحدة يقودها سحرة قادرون على توجيه القوة لأقصى تدمير.
امتد الجيش أكثر مما تستطيع العين البشرية رؤيته، بحر حي من الحديد والفرو واللهب. ومع ذلك، كان هذا نصف القوة فقط. إلى يمين الجيش البشري وقف جيش الأرواح، أعدادهم أكبر، وهالتهم أثقل.
أكثر من مليون، وحضورهم ضاعف القوة الإجمالية تقريبًا إلى مليوني مقاتل.
كان جيشًا قادرًا على دك الإمبراطوريات في حملة واحدة، تاركًا وراءه الدم والرماد فقط.
أمام هذا الجيش العظيم وقف قادته، الأباطرة والملوك والدوقات والعديد من اللوردات المعروفين. على رأسهم، على ظهر سيريوس، رفع أشر تاج والد الحرب أمام الجميع. الخوذة القديمة تلمع تحت السماء المظلمة. بدأ بتمزيقها ببطء.
حتى بقوته الهائلة، تلك القوة القادرة على اقتلاع الجبال وتمزيق الصخور كالكتان، وجد نفسه يكافح ضد المعدن.
لم تكن خوذة عادية.
قاومت التاج، تصدر أنينًا، كأن إرادة القرون متمسكة به بعناد. فقط عندما صب أشر كل قوته تقريبًا بدأت الشقوق تنتشر على سطحه، خطوط دقيقة تتوهج بخفوت.
ثم تفاعلت الدنيا. فوقهم، انقسمت السماء، خطوط ضخمة من التشققات انتشرت كالزجاج المكسور من الداخل. انكسر الصمت بلا صوت، وضغط في كل صدر. قبض أشر على التاج، ومع قوة أخيرة مزقه إلى نصفين.
سقطت القطع على الأرض، وتحطمت السماء لأميال، كل جزء من الواقع تلاشى في الفجوة العظيمة فوقهم. من الشق الكبير انبعث نور أحمر، molten، حي، يتلوى كما لو كان يتنفس ويجوع. بدا أن السماء نفسها تنزف.
ثم انقلب العالم. للحظة، شعر الجيش أن الأرض انقلبت رأسًا على عقب. وقف الناس على السماء، رؤوسهم نحو الأرض، بطونهم تتقلب وكأن قوانين الوجود نفسها أخطأت.
ومع رمشة عين، اختفت هذه الظاهرة.
وجد أشر والجيش أنفسهم في عالم جديد.
امتدت أرض بركانية مدمرة بقدر ما ترى العين. الأرض سوداء، من الحمم المتصلدة، متشققة وبخار يتصاعد منها كجلد عملاق مصاب. عند الأفق، مئات البراكين تقذف النار والدخان، نوافير من الصخور المنصهرة ترتفع إلى السماء. تتدفق الحمم كسيل النار على الجانبين، وفوقهم، سماء من الرماد والغيوم الرمادية تضغط خنقًا. لم يكن هناك سماء، فقط هذا الغطاء الدخاني المسمم.
كان الهواء نفسه مليئًا بالقسوة. ليس مجرد شعور، بل يُستنشق، سم في الرئتين، شر كثيف يبدو منسوجًا في كل نفس.
لا شمس، لا قمر، لا نجوم. فقط خراب لا ينتهي يختنق بالنار والدخان، جوه فاسد قادر على تآكل الحديد وأكل اللحم وتحلل أجساد الفرسان.
كان عالمًا ليس للبشر، ولا للوحوش، ولا لأي مخلوق فاني. كان الخراب في صورة، أفظع العوالم. الهاوية.
"إذًا هذه هي الهاوية،" قال أثاناتوس، صوته صارم. ضرب سيفه الأرض، والصوت لم يكن من الحجر بل من المعدن.
كأن العالم نفسه أجاب، اهتز الهواء. نزل ظل ضخم، حجب توهج البراكين البعيدة. مخلوق ضخم ذو أجنحة هبط فوق كثيب من الحمم المتصلدة، جسده الهائل يهز الأرض.
أجنحته، التي كانت يومًا فخرية، ممزقة ومثقوبة، ممتدة بشكل مترهل من جروح قديمة لم تلتئم. ثلاثة رؤوس تنينية، كل واحد مشوه في هيئة شر مختلفة، تتلوى على كتفيه، الدخان واللهب يتصاعد من أفواهها المليئة بالأسنان.
وعلى ظهره المدرع جلس شخص.
رجل، أو ما تبقى منه. وجهه مخفي خلف قناع جمجمة، أبيض وعابس بابتسامة الموت. جسده ضخم، مدرع بالحديد الأسود، ينبت منه أربعة أذرع، عضلاتها قوية بما يكفي لتمزيق الحديد. جلس على التنين كما لو كان مجرد جواد، حضوره أثقل من الهواء البركاني نفسه.
"آه… لقد جئتم."