الفصل 126 – الالتحاق بالأكاديمية (1)
أيها الشرقيون، لا تتفاخروا بالهرم.
أيها الغربيون، لا تذكروا بابل.
ففي حضرة "أكاديمية الكولوسيوم" الإمبراطورية، تذوب الأسماء وتُمحى الأمجاد.
إنها ظلٌّ يغشى كل شيء.
شهرةٌ تتوهج فلا يعلو فوقها مجد.
أكاديمية الكولوسيوم… أرفع جامعات العالم، تجمع الشرق والغرب والجنوب والشمال، بل والقارة الوسطى كلها.
تتربع في قلب العاصمة الإمبراطورية "ڤينيتور"، تحتل أقدس بقاعها وأغلاها.
على خلاف "برج السحر" المتخصص في الفنون السحرية، و"ڤارانجيان" التي تعتني بمهارات القتال، فإن الكولوسيوم تُعلي من شأن الأدب والسيف معًا، وتشتهر بمقاييسها الصارمة: فمن لا يلبّي شروطها الخاصة في أحدهما، يُحرم من الدخول، أو يُقصى عن التخرج.
ومع مطلع العام الدراسي الجديد، احتشدت الجموع في العاصمة:
الطلاب الجدد، وأسرهم، وحرسهم، وتجار الأسواق الذين يقتاتون على الزحام.
إنها أكبر موجة بشرية تشهدها الإمبراطورية كل عام: يوم الالتحاق بالأكاديمية.
يُدهش القادمون أولًا بجمال العاصمة، ثم تصعقهم عظمة الأكاديمية.
ڤينيتور، مدينة الماء.
عاصمة إمبراطورية "روك"، تقوم في وادٍ منحدر برفق، حيث تلتقي أنهار القارات لتنسج شبكة واسعة من المجاري المائية.
ومن الطريق الرئيس المؤدي إليها، تُطلّ على مدينةٍ مهيبة تحيطها بحيرات صافية كعناقٍ مائي، تتخللها 112 جزيرة، تصلها أربعمئة جسر.
مدينة تفيض بروح الحياة؛ أنهارها دافئة بطيئة الجريان، زوارقها تنساب بين الأزقة، وجسورها تغص بالباعة المتجولين.
وفيها مسارح ومتاحف وأبراج ساعات ومعابد ودار أوبرا ومكتبات ملكية وحمّامات عامة مترامية الأطراف.
لكن تاجها الأعظم كان الأكاديمية: حيث تلتقي أعظم العقول والمهارات.
الكولوسيوم.
تجمع من المباني الدائرية الضخمة ما يضم عشرين ألفًا بين طلاب وأساتذة وخدم، تحيط بحلبة مركزية هائلة.
ولكي يطوف المرء على أطرافها، يحتاج أربع ساعات سيرًا على الأقدام.
تنقسم إلى قسمين عظيمين: مساكن الطلبة وقاعات الدروس.
المساكن تُفرز حسب الصفوف والأجناس، والدروس بحسب السنوات والمناهج.
أربع سنوات، أربع طبقات: من السنة الأولى حتى الرابعة.
ومن عجز عن اجتياز امتحاناته، قد يُجبر على تأجيل عامٍ أو العودة لامتحانات التخرج.
أما المناهج فمقسومة إلى قسمين: القسم البارد و القسم الحار.
في القسم البارد يدرّس فنون السلاح: السيف، القوس، الرمح.
وفي القسم الحار يدرّس السحر: النار والجليد والأرض والنبات وسائر الفروع.
ومهما يكن التخصص، على الطالب أن يكتسب معرفة عامة من كلا القسمين خلال أربع سنوات.
إلى جانب ذلك، تُفتح مساقات في اللغات واللاهوت والقانون والفلك والجغرافيا وفنون الحرب.
التخرج رحلة معقدة: مزيج من مواد أساسية واختيارية، عامة ومتخصصة، مع إمكان مضاعفة التخصص أو إضافة فرعٍ ثانوي، وفق ميول الطالب ونظام الساعات.
بعض الصفوف إلزامية، وبعضها يُرتبها الطالب بنفسه.
وهكذا تتشكل هرمية خفية بين الطلاب بحسب الدرجات، تؤثر على حياتهم الاجتماعية ومسارهم الأكاديمي.
أما الأندية والأعمال التطوعية والتجارب المهنية والتخصصات المضاعفة، فمقيدة بشروط تفاضلية. لذا يسعى المستجدون دومًا للسبق.
"هل انتهت اختبارات المستجدين؟"
"من جاء أولًا؟"
"البارزون في التقييم العملي سيلفتون الأنظار، أليس كذلك؟"
انتشرت الشائعات كالنار. أوراق التقييم، ملفات شخصية، مراتب… تباع وتُشترى كالبورصات.
فمن يدخل الكولوسيوم، كاد يُكتب له مقعد بين عليّة الإمبراطورية.
"انظروا! علامات المستجدين مبهرة هذا العام!"
"سمعت أن المركز الأول في القسم البارد كان تعادلًا؟"
"تودور من عشيرة دونكيخوت، وبيانكا من بيت آشر."
كان الحديث في كل مكان عن هذين النجمين:
تودور دونكيخوت، وريث عشيرة الرماح.
بيانكا آشر، ابنة بيت السهام.
وإلى جانبهما، الثلاثة الأشقاء من عشيرة بَسْكرفيل: الابن الأكبر، الأوسط، الأصغر.
ومعهم "سانشو باراطاريا"، طالب من تحالف نقابة المرتزقة في الشمال، دخل بامتيازٍ خاص.
> ترتيب التقييم العملي – القسم البارد:
1- تودور دونكيخوت / بيانكا آشر
2- الابن الأكبر بَسْكرفيل
3- الابن الأوسط بَسْكرفيل
4- الابن الأصغر بَسْكرفيل
5- سانشو باراطاريا
أما القسم الحار فقد ضجّ باسم واحد:
سينكلير، عبقرية العبقريات.
نالت الدرجة الكاملة في العملي، وجاءت ثانية في التحريري.
ساحرة شابة، فاتنة، مجهولة الأصل، لكنها تملك دعمًا هائلًا لا شك فيه.
> ترتيب التقييم العملي – القسم الحار:
1- سينكلير
ومعها جاءت أسماء أخرى: من آل بورجوا الصناعيين، وآل ريفيادون القساة، وآل كوفاديس أهل الإيمان.
لقد اتفقت العائلات السبع العظمى على أمر نادر: أن يدفعوا بأبنائهم إلى صفٍ واحد.
جيلٌ كهذا، لم يُسمَّ إلا جيل المجد.
لو دخلوا في أزمنة متفرقة لكان لكلٍّ منهم صدارة أو رئاسة مجلس الطلبة، أما وقد اجتمعوا، فالمنافسة شرسة لا رحمة فيها.
لكن وسط هذا الوهج، في أروقة القسم الحار والبارد على السواء، غفل الجميع عن اسمٍ واحد، لم يلمع في الشائعات، ولم تتداوله الألسنة.
> التقييم الشامل (التحريري – النظري):
1- ڤيكر
مجرد "كتابي".
عامّي.
اسم عادي.
لا نسب، ولا راية.
كلبُ صيدٍ بلا طوق ولا سلسلة… يدخل الأكاديمية.