13 - ماقبل المنصب

نزلنا واحدا تلو الآخر من العربات في تتابع منظم جدا, كنا نسير بشكل طوابير على طول رحلتنا التي امتدت من أول العاصمة إلى القصر مشيا على الأقدام, كان الأكثر أناقة ونظافة في ملابسه منا يبدو مشردا بالنسبة لهم, كلهم كانوا أغنياء بملابس فخمة وعطور كنت قد شممتها قبل دخول العربات إلى العاصمة وتوقفها هناك.

كنا نسير بخطى منظمة, والأهالي يقفون على كلا الجانبين ,يحيوننا ومنهم من كان يرمي الزهور .

لكن كان هناك أيضا الأوغاد الذين كانوا يرموننا بحجارة ويقولون لنا: فلتذهبوا أيها المتسولون من أرضنا.

حسنا من حسن حظهم أنني لم يكن في بالي شيء من هذا.

وصلنا أخيرا وقد كنا آخر الواصلين من الوحدات من كل ولاية-أو هذا بحسب ما أعتقده- , كان المكان ساحة كبيرة وفي المقدمة كان هناك خشبة تذكرني بخشبة المسرح.

تبا, لماذا لا يتوقفون عن ذلك, ينهون خطابا ليبدؤوا الآخر .

يبدو أنه لا يوجد منهم من أحد يجيد فعل شيء سوى الكلام والكلام والثرثرة هذا يغضبني.

بدأت ألاحظ أنني كنت في الفترة الأخيرة تثار مشاعري كثيرا عكس طبيعتي, كم أكره حياتي

ظهر رجل بدى على ملامحه الهدوء والحكمة رغم شبابة , كان يرتدي زيا لم أستطع فهمه , أعني بطالا ضيقا من الأعلى وواسعا من الأسفل.

ومعطفا كان يصل إلى أسفل ركبته, على الأرجح لو كان في عالمي لتم اعتباره كمهرج.

في فترة تفكير بمدى غباء زيه كان الكل قد انحنى له إلا أنا.

كنت مطالبا بالانحناء للحظة , و انحنيت بعدها أمر شخص بأن نقف فوقفنا.

قال ذلك الشاب: أيها الجنود الشجعان, اليوم أنتم قد جئتم لتواجهوا الشر المهدد للبشرية طوال الألف عام الماضية كان البشر يعيشون بسلام حتى بوجود تلك الوحوش حولهم لكن في الآونة الأخيرة أصبحت الوحوش أكثر تنظيما وتهاجم الولايات الحدودية بانتظام, وللأسف هجماتهم تصبح قوية أكثر فأكثر, ووصلتنا أخبار أن هناك أنواع أخرى ظهرت.

ظهرت أصوات استنكار ومنهم من يقول أن نوعا واحدا نعرف حدوده يرعبنا فما بالك بالأنواع الأخرى .

أخذ الرجل يخرس الحشد الغاضب ومن ثم قال: أعلم أن هذا مفاجئ لكن, حتى أنا الملك قد وصلتني المعلومة منذ أيام قليلة.

لم يلفت انتباهي شيء في حديثة سوى أول كلمتين من آخر جملة قالها , هذا المهرج يقع على عاتقه البشرية في هذا العالم.

بابتسامة ساخرة قلت في نفسي: لهذا البشرية مهددة.

تابع قائلا: وللأسف بما أنكم قد أخذتم تدريبات واختبارات ضعيفة قد لا تستطيعون مواجهة تلك الوحوش , لذلك....

هل يمزح , لم ننل التدريب الكافي؟

قلت له بصوت عال أسكته عما كان سيقول وجعل الكل يلتفت إلي: ماذا تقول يا هذا؟, لم ننل التدريب الكافي؟, كان أول اختبار فردي لي هو قتل أربعة من الوحوش, وحتى لم أكن قد استرحت من الاختبار الأول.

قال ذلك الشاب في ارتباك أخفي ببراعة: لكن لربما تكون أنت فقط

رد أحد آخر ممن كانوا في مجموعتي: لا ليس وحده , نحن واجهنا في ثنائيات, تلك الوحوش في موطنها, كان مطلوبا منا أن نقتل على الأقل خمسة.

بكلامي وكلامه عمت الفوضى , حسنا أنا أشعر بالمتعة الآن لذلك سأزيد الفوضة : لقد واجهت ثلاثة أنواع جديدة غير النوع الذي يعرفه الكل وكانوا أقوى على الأقل عشرة أضعاف, نجوت بذراع مهشمة منهم واضطررت أن أحمل شريكي والغنيمة طوال الطريق, كل المهمات التي حزت عليها كانت شبه مستحيلة لبشري مثلي لكن كنت أتخطاها بأغرب ما يكون.

تنهد الملك(المهرج) وقال بصوت فيه تعبير من التعجب: حقا؟, لم أظن أن الولاية الأربعين الحدودية التي تشتهر بالزراعة يمكنها أن تخرج شخصا مثلك

كلامه استفذني فقلت له: ولم أظن أن طفلا مثلك سيمسك زمام الأمور ويكون مسؤولا عن البشرية.

هنا حصل شيئين نفس اللحظة, أولهما أن الظل صرخ في دماغي: أحمق!. قالها بغضب وبعدها بأقل من جزء من جزء من الثانية ضربني حازم ضربة جعلتني أنحني جزئيا وقال لي بغضب: أحمق. ومن ثم التفت إلى الحاكم(المهرج) وقال: أعتذر إنه فتى ريفي جاهل قليلا ومغرور

أنا مغرور!

قل هذا لحاكمك الذي كان على وشك أن يتفاخر علينا بقواته ويعطيهم زمام الأمور, هو لم يقل ذلك ولكن من السهل استنتاج ذلك من طريقة حديثة.

المهم

تبسم الحاكم بعد عدة ألفاظ مدح له وذم لي على لسان حازم وقال: للأسف بعد الذي كنت قد سمعته منك عن اختباراتك أيها المجند كنت سأجعل برتبة جنرال, لكن للأسف شخص يكره الحاكم لا يمكن الوثوق به كمدافع عن الدولة التي يحكمها أليس كذلك , لهذ.....

قاطعه صوت يقول: لماذا لا تجعل شريكه الأول يكون هو الجنرال

تمالك غضبة بصعوبة وقال: إذن فليتقدم شريكه وليأتي إلى هنا .

تقدمت آسيا من وسط الحشد كانت قد وصلت في عشر ثوان إلى هناك, وقفت وأمامه وانحنت على ركبتها, أمرها بالوقوف فوقفت, قال: إذن أنت شريكته؟

بوجه خال من المشاعر: أجل

-وقد واجهتما ذلك النوع من الوحوش معا

-أجل

-ما رأيك أن تكوني الجنرال؟

-هذا شرف لي ولكن أنا أرفض أن آخذ ما ليس لي

-ماذا تعنين

أنا أيضا كنت أود أن أعرف ماذا كانت تعني فهي بالتأكيد لا تعني مساعديه أو شيء من هذا القبيل

قالت: بحسب قوانين هذه الدولة العسكرية منصب الجنرال يمنح للأقوى أليس كذلك؟

-أجل

-لهذا السبب لا يمكنني القبول, فشريكي, المجند الذي هناك كان هو من تكفل بأمر تلك الوحوش وأنا كنت مجرد دعم لا فائدة منه له.

-أنت تعنين.....

-أجل, أنا أعني بكلامي هذا أن منير هو المجند الأقوى في هذه الدولة

هنا نظر الكل إلي بتعجب واستصغار, ومنهم من قال أنها تحبني لذلك قالت هذا ومنهم من قال أنه لو واجهني سيقضي علي في ثوان

نظر الملك إلي بتعجب ثم التفت لها وقال: أتعنين أن ذلك الفتى الريفي ذو الملابس الغريبة أقوى حتى من قائد قوات الحاكم

-أجل

كانت إجاباتها بسيطة جدا وتتسم بالوضوح الشديد.

قال الحاكم وابتسامة تعلو وجهه: ما رأيك إذن يا أيتها الشريكة أن يواجه شريكك قائد قواتي في معركة حتى الموت

ابتسمت وقالت: لا بأس

أنا أشعر أنه قد تم استبعادي من تلك المحادثة تماما

و مرة أخرى سأقع في مشكلة بسبب تصرفات غيري

2018/09/30 · 426 مشاهدة · 920 كلمة
aasdfa
نادي الروايات - 2024