كان إدوارد حالياً داخل ساحة القصر القديم، كانت الساحة واسعة لكنها فارغة بشكل مرعب و غامض في نفس الوقت،.لكن حالياً لم يكن تركيز إدواد على هذه الساحة بل ما يوجد فيها

الكتب!

"مع أني لا أعرف كيف وصلت إلى هنا مرة أخرى لكني متيقن الآن أن هذا ليس حلما، ما يتوجب علي التفكير فيه الآن هو كيف أستفيد من هذا القصر من أجل مصلحتي، حسنا...قد لا يكون هناك أي فائدة منه غير إيذاء النفس لكن هذا مستبعد جدا"

"هناك شيئ واحد أنا متأكد منه و هو أني لا يتوجب علي أن أفتح الكتب أبدا مرة أخرى! لم أمت المرة السابقة هذا له عدة تفسيرات أحدها أن الموت في هذا "الحلم" لا يقتل و التفسير الثاني هو أن الكتاب كان في حجم كتاب عادي رغم أنه لا يزال يؤلم بشكل فظيع...لكني إن تجرات و فتحت الكتب في الرفوف الأعلى فأنا متأكد أن الموت سيطرق بابي هذه المرة حقا!"

"سوف أرى ما يمكنني فعله غير تفحص هذه الكتب..." بعد أن إنتهى إدوارد من التفكير و تحليل وضعه الحالي قام يتجول في الساحة و يرى ما إن كان سيكتشف شيئا "مثيرا للاهتمام" مرة أخرى

فجأة فكر في شيئ ما و اوقف خطاه

لقد قرر أن يجرب قدرة "التخيل" و يرى ما سيحدث، حرص أن تكون كل شروط"التخيل" موجودة قبل أن يبدأ

ثم فجأة و بدون سابق إنذار،تظهر طاولة على ما يبدو أنها تتكون من نفس نوع الصخور الذي تم فرش الساحة بها و كان يحيط بالطاولة مقاعد رائعة مصنوعة من الحجر الصلب والمتين نفسه الذي صنعت منه الطاولة

كانت هناك نقوش غامضة على سطح الطاولة المستطيلة و كان على ما يبدو أن هذه النقوش لا يمكن للإنسان فهمها

كانت المقاعد أيضا منحوته بتلك النقوش الغامضة السحرية

إبتسم إدوارد بشكل طفيف أثناء مشاهدته لعملية خلق الطاولة و المقاعد، لقد "تخيل" هذه الطاولة القديمة التي رآها في أحد كتب التاريخ و حاول تطبيقها هنا، و قد شعر بالرضى لأن هذه "القدرة" قد نجحت

أما بالنسبة النقوش فقد كان مصدرهم غريبا قليلا...

لقد كانت تلك النقوش منحوته في ملابس دارسيل، كانت قد تركت انطباعا عميقاً عليه عندما رأى النقوش الغريبة لأول مرة بحيث لا يزال غير قادر على نسيانها

بعد أن نجح إدوارد في صنع مكان لائق للاستخدام"فكر" ،ثم، اختفى من مكانه و وصل إلى أكبر مقعد كان موجودا على رأسه الطاولة المستطيلة، كان من الواضح أنه مقعد "الرئيس"

الآن و هو جالس على المقعد الذي كان مريحا بشكل غريب رغم أنه تم صنعه من أحجار صلبة غامضة كان إدوارد يفكر في خطوته التالية

"هذا المكان يلفه الغموض حقا، بخلاف إمكانيتي "تخيل" أي شيئ مع الشروط الذي سبق و أن حددتها، لا أجد أي شيئ اخر يمكن الاستفادة منه بشكل خاص...ما عدى الكتب طبعا، لكنها خطيرة جدا"

"يمكن إستبعاد الكتب في الطوابق الثانية و الثالثة، إن كنت سأفتح كتابا مرة أخرى فمن الأفضل البدا ب"الأضعف"،حتى لو مت في الحلم اسوء ما سيحدث هو الأم الشديد ثم سأستيقظ في غرفتي"

لم يعد إدوارد يضيع وقته و جذب كتابا صغيرا نحوه، لقد كان مستعجلا لأنه لا يعرف متى سوف يطرد من هذا المكان، لقد استبعد إمكانية البقاء فيه متى شاء، إذا كان بإمكانه فعل ذلك فلماذا لم يستطع الدخول له متى شاء؟ لماذا عندما مات أول مرة في الحلم و جرب أن يعود مرة ثانية لم ينجح؟

أخذ الكتاب بيده التي كانت ترتعش قليلا و بعد بضعة دقائق من الشهيق و الزفير المنتظم هدأ أخيراً

يمكن لإدوارد تمييز هذا الكتاب الذي بين يديه، فبعد كل شيئ كان هو الذي "قتله" من قبل ، لقد إختاره عمدا لعدة أسباب

أولا أراد إختبار ما أن كان الكتاب يستطيع شن "هجماته" بشكل لانهائي أم هناك حد منها

ثانياً،كان يأمل في أن المرة السابقة قد إستهلكت القليل من قوته و بالتالي سيكون التأثير هذه المرة أضعف من ذي قبل

و مع كل هذه التحليلات إتخذ قراره و فتح الكتاب

وششش!

وششش!

وششش!

تخرج شفرات هوائية مثل المرة السابقة لكن كان من الواضح أنها ليست في نفس قوة المرة الأخيرة

إنتشرت رائحة الدم في الساحة و كان إدوارد جالسا على مقعده و هو ينزف الدم من ثلاث جروح عريضة لكن صرّ على أسنانه و ألقى نظرة على الكتاب

بمجرد أن ألقى بصره داخل الكتاب الذي أصبح كأنه كتاب عادي الآن بدون أي شفرات أخرى تخرج منه، أصيب بالإرتباك قليلا

"هذا...ما هذه الرموز؟" كانت هناك رموز غريبة مكتوبة بلغة لم يراها إدوارد من قبل

في تلك اللحظة أحس بألم خارق في رأسه و ألقى الكتاب من يده و هو يسقط من على مقعده ليرتطم بلساحة

" ااااغغ,ما الذي يحدث لي...أين أنا... رأسي سينقسم، هذا الألم أقوى من ألم تلك الشفرات الريحية بعدة مرات!!" كان إدوارد يمسك برأسه و هو يصرخ و أفكاره الداخلية تحاول إيجاد أجوبة لكل هذه الأسئلة

بعد مدة زمنية غير معروفة...

توقف الألم أخيرا، كان إدوارد يلهث من أجل الهواء، و الدم يخرج من فتحاته السبع،كانت عينيه مغمضة الآن بسبب الدم الذي خرج منها و الألم أيضا...

بمجرد أن خف الألم قليلا فتح إدوارد عينيه لكن ما قابله كان مشهدا لا يصدق

كانت الساحة المحيطة به فيها خيوط من الغاز الأبيض الباهت، ينبثق من الأرض ويتحرك ببطء مثل ألسنة من النار

كان هذا "الغاز" الأبيض يلتف حول الطاولة المستقيمة و مقاعدها، ويتداخل مع نقوشها الجميلة و الغامضة

لقد عرف إدوارد ما كان هذا في اللحظة التي فتح فيها عينيه

الطاقة الروحية!

لقد استشعر الطاقة الروحية!

أما عن سبب معرفته للطاقة الروحية فقد كان معروفا للجميع أنها كانت على شكل غاز أبيض ينتشر في الهواء و كأنه يطفو

لكن،يجب أن نعرف أن إدوارد لم يدخل السادسة عشر بعد، تبقت خمسة أيام بالظبط، و من المعروف أن لا أحد يستطيع أن يحاول تحسس الطاقة الروحية قبل هذا السن

إدوارد ليس لديه وقت الصدمة فعندما غمره الغاز الأبيض، شعر بنبضة ساحرة تملأ كل خلية في جسده،تنبعث الطاقة الروحية وتتسلل إلى وجدانه

كانت الطاقة الروحية الباهتة تتحرك بانسيابية و حيوية، كأنها كانو تنبثق من كل شيء

"الطاقة الروحية موجودة في كل شيئ بالعالم ، الأرض، السماء، الاشجار،الهواء، كلها تتكون من الطاقة الروحية و لكن في كل منطقة درجة مختلفة من الطاقة الروحية و كثافتها تختلف أيضا"

"يمكن الاستفادة من هذه الطاقة عن طريق تكثيفها على شكل هجمات باستعمال عنصر من عناصر الطبيعة، مثل: الرياح، النار، الصخر،الماء، الظلام، إلخ...."

"هذه هي الكلمات التي انتقلت إلى عقلي بعد أن فتحت ذاك الكتاب...إذا هكذا تعمل الطاقة الروحية...و لم أقرأ سوى الصفحة الأولى لحد الساعة...هذا حقا عجيب لدرجة يبدو کانه حلم"

بعد كل الصدمات التي تعرض لها إدوارد في هذه الأيام القليلة أصبحت حقيقة أنه يستطيع الإحساس بالطاقه الروحية قبل الموعد المحدد شيئا مقبولا و "لا بأس به"

لكن أكثر ما جذب إدوارد هو هذا الكتاب الذي يبدو أنه يمتلك معلومات مفيده عن الطاقة الروحية و كيفية إستغلالها

"أريد أن أقرا المزيد من الصفحات لكن لا أظن أني سأستطيع تحمل ذاك الألم من الشفرات مرة أخرى... ناهيك عن ألم نقل المعلومات مباشرة إلى رأسي...و لا أظن أن هذه هي آخر مرة سأكون فيها هنا"

"لكن كيف سأعود؟ أخر مرة كنت قد "توفيت" بسبب القطع و عندما أفقت وجدت نفسي في غرفتي...هل علي أن "أقتل" نفسي كي أعود؟ لكن كيف، هل أدع الشفرات تضربني مرة أخرى؟"

بقي إدوارد يفكر كيف يعود إلى منزله لكن لم يجد أي حلول مفيدة...

فجأة غلفته طاقة سوداء تمكن إدوارد من رؤيتها هذه المرة ، لا أحد يعرف هل بسبب "الإيقاظ" أم بسبب شيئ آخر

أحس إدوارد بعينيه تغمض شيئا فشيئا حتى نام...

كان المشهد عبارة عن ساحة عملاقة تتوسطها طاولة من العصور القديمة بمقاعد كبيرة لكن الأكثر إثارة للإهتمام هو ذاك الشخص الذي بدى مغمى عليه على أكبر المقاعد الموجودة في الساحة، كانت تغلفه طاقة سوداء

في الثانية التالية إختفى ذاك الجسد من الساحة و أصبح المكان مهجورا و موحشا مرة ثانية....

...

في مملكة 'لورانيا' و تحديداً في النواحي الشمالية للعاصمة 'سيفيريون'، كان هناك بيت منزل بسيط لعائلة متواضعه تدعى عائلة أغنيس، و حالياً في غرفة الإبن الأكبر للعائلة،-إدوارد أغنيس-، كانت الغرفة تتميز بإطلالة رائعة من النافذة تمكنك من رؤية ضوء القمر المهدئ للأعصاب، لكن الغريب هو أن السرير الذي يفترض أن يكون فيه إدوارد نائما كان فارغا...

في هذه اللحظة ضهر جسد تحيط به طاقة سوداء من العدم...

كان إدوارد يطفو لكن لا أحد يعلم كيف هل بمساعدة الطاقة السوداء أو شيئ اخر لكن المهم أنه بقي يطفو حتى وصل إلى سريره

عندما "وضعته" الطاقة السوداء على السرير تلاشت في الهواء کأنها لم تكن، لقد تمت هذه العملية بشكل إنسيابي و لم يلاحظ أحد وقوع حادثة غريبة كهذه

أما بالنسبة لإدوارد فقد كان نائما بسلام و سكينة...

...

يفتح إدوارد عينيه ببطء ليجد نفسه في غرفته، كانت خصلات من أشعة الشمس المنعشة تتسلل من نافذة الغرفة و تضرب في مكتبته لتلقي التحية على مجموعة الكتب تلك، لقد كان إدوارد يشعر بالانتعاش والحيوية التي تملأ جسده بعد ليلة من النوم العميق

لقد كان هناك شيئ مخالف في إدوارد هذا الصباح، يركز بعقله قليلا عندها يرى خصلات من الطاقة الروحية البيضاء الباهتة في الجو،

"رغم أني إستطعت إستشعار الطاقة الروحية بعد حادثة البارحة لكن حسب هذه "الخصلات" الباهتة التي آراها فموهبتي منخفضة...." شعر إدوارد بخيبة الأمل قليلا لكن عند التفكير في أن هناك صفحات أخرى لم يقرأها من الكتاب تحسن مزاجه فوراً، لقد كان إدوارد متأكدا من أن هناك فوائد عظيمة تنتظره ليحصدها

بدأ يشعر بدقة خفيفة في قلبه، ترتفع تدريجياً لتملأ جسده بالحيوية والنشاط لقد كان يحس بالطاقة الروحية في أوردته، تحركه من حالة الإرهاق العميقة إلى حالة من الانتعاش والقوة

"علي الذهاب إلى المدرسة مرة أخرى، تنهد...

فقط متى يصل موعد الإختبار لكي أتخلص من هذه الفصول المملة

لقد كان الأشخاص الذين ينجحون في إجتياز الاختبار و يتدربون على فنون الفرسان بإمكانهم إختيار عدم حضور الفصول الدراسية، لقد كانت لديهم الحرية في هذا، لكن هذه الدروس ليست كالقديمة التي كانت تتحدث فقط عن المعرفة المنتشرة بشكل عام عن الفرسان و فنونهم، كانت مركزة أكثر، لكن تم ازالة بعض الحصص الغير الضرورية أيصا...مما سيقلل من ملل إدوارد و يوفر عليه الوقت بشكل كبير...

ينهض إدوارد من سريره و يقوم بالمشي نحو المرآة المعلقة على جدار الغرفة، ينظر إلى نفسه بانتعاش وهو يقوم بترتيب شعره وتجهيز نفسه للخروج

بعد تناول فطوره المعتاد يذهب إلى المدرسة ثم كالعادة النوم أثناء الحصص و الذهاب إلى المكتبة و قراءة الكتب

...

بعد خمسة أيام...

إدوارد لم يعد إلى "الحلم" منذ ذاك اليوم الذي إستطاع أن يستشعر فيه الطاقة الروحية، لقد أحس بالإرتباك و الخوف حتى...لقد علم أنه إن لم يستطع العودة مجددا فسيندم على هذا طيلة حياته فمن الواضح أن ذاك "الحلم" هو كنز لا يقدر بثمن...فقط من في العالم سيمكنك من "الإيقاظ" قبل السادسة عشرة من العمر؟و المعرفة الموجودة في الكتب أيضا من يستطيع توفيرها بشكل مجاني ؟

لكن إدوارد لم يعد...و لم يستطع أن يفعل شيئ غير تمني أن يرجع مرة أخرى من تلقاء نفسه...

لقد كان إدوارد حاليا يجلس على كرسيه المريح بجوار النافذة المفتوحة، الليل يخيم على المدينة، وتتلألأ النجوم في السماء الصافية، ينظر إدوارد إلى القمر المتلألئ في بريقه الفضي الذي يضيئ غرفته الوحيدة

أشعة القمر تتسلل من خلال النافذة المفتوحة، تضرب وجه إدوارد بلطف و هو يغلق عينيه أثناء التفكير في إختبار الغد،

"أنا أصبحت متيقنا من اجتياز الاختبار بما أني حققت الشرط-الذي هو استشعار الطاقة الروحية- سلفا، الشيئ الوحيد الذي أفكر فيه هو درجة موهبتي في تكثيف الطاقة الروحية " تنهد إدوارد و علم أن على الأغلب لن تكون درجة موهبته جيدة فبعد كل شيئ هو لم يتم "إيقاظه" بشكل طبيعي بل عن طريق قوى خارجية...

أما درجات الموهبة فقد كانت: منخفضة-متوسطة-عالية-ممتازة-إستثنائية.

الدرجات من منخفضة إلى ممتازة ستمكن الشخص من أن يكون لديه الأساس في أن يصبح فارسا و الإستثنائية هذا يعني أن هناك فرصة أن تصبح ساحرا!

قطع إدوارد حبل أفكاره و نهض من كرسيه، فمع تصاعد هدوء الليل وتلاشى الضوء القمري، يشعر إدوارد بالتعب الذي يغلبه، تأتيه الرغبة في الراحة والنوم، يعض على شفتيه بخفة، ثم يقرر أنه حان الوقت للاسترخاء...

"غدا سيكون يوما طويلاً و حافلا بعد کل شيئ...اوه، كما أنه عيد ميلادي" بعد التمتمة بهذه الجملة يصل إدوارد إلى سريره و يغلق عينه و ينام بعمق...

2023/06/15 · 50 مشاهدة · 1900 كلمة
Truck-san
نادي الروايات - 2025