66

( الأرك الثانى : بداية جديدة )

{ حـلـم أم كـابـوس }

فى حديقة جميلة تملؤها أشجار الفاكهة والطيور التى تغنى ، كانت إمرأة جميلة فى الثلاثينات تقريباً تجلس بهدوء فى الحديقة مستمتعة بينما تمسح على فرو قطة بيضاء جميلة بيديها.

كان هناك شخص أخر فى الحديقة ، شاب فى العشرين بملامح عادية يسير بخطى هادئة إلى أن رأى المرأة فصرخ وهو يركض نحوها " أمى ".

حولت المرأة رأسها لا إرادياً نحو صوت الشاب ولكن بدلاً من التسأول عن دعوته لها بأمه تحولت لشاحبة وبدأت تركض كالمجنونة " وحش.... وحش ".

" لا أمى ، أنا لست وحشاً " صرخ الشاب " إنتظرينى أرجوكى ".

فجأة تحول المشهد لمسار لا متناهى أو كأبعاد متوازية ، كان المشهد من الصعب وصفه والسبب هو رغم أن الشاب كان يركض بسرعه شديدة إلا أن المسافة ظلت تكبر بينه وبين المرأة مع تغير العالم من حوله ليتبدل من حديقة جميلة إلى أرض ذات لون واحد بلا بداية أو نهاية أما المرأة فقد إختفت تماماً.

توقفت خطوات الشاب بينما كانت الدموع تنهمر على وجهة " إنتظرينى... إنتظرينى " إنحنى الشاب وبدأ يبكى وسرعان ما رأى بحيرة وفيها رأى نفسه وهو يتحول لوحش وحوله جثث كثيرة ، أطفال ونساء وعجائز...

شحب وجه الشاب وتراجع على عجل ليبدأ فى سماع العديد من الصوت التى تنتمى للأشباح.

" لما ؟... ".

" لما قتلتنى ؟ ".

" أنا.. أنا لم أقتل أحداً " صرخ الشاب.

" لما ؟... " ظهر الصوت المرعب مرة أخرى بينما ظهرت العديد من الأرواح بلون أبيض تطوف حوله.

" إبتعدوا ، إبتعدوا " صرخ الشاب وركض ولكن يبدو أن المسار بلا نهاية وفجأة رأى جثة لأمرأة تظهر أمامه وطفل صغير فى الثالثة تقريباً ينحنى عليها ويبكى " أمى... أمى ".

توقفت أصوات الأشباح ومعها توقفت خطوات الشاب وحدق فى الطفل وإقترب.

" ماذا حدث لها ، من قتلها ؟ " سأل الشاب.

إلتف الطفل نحو الشاب وفجأة بدأ يصرخ " أنت.. أنت من قتلها " لم تكن عيون الطفل عادية رغم أن وجه كان كذلك ، لقد كانت حمراء كالدم وفجأة ظهرت العديد من النسخ للأم وطفلها فقط المختلف هو شكلهم وشكل أمهاتهم ولكنهم كانوا يتشاركون كلهم فى العيون الحمراء.

" أنت من قتلها ".

" أنت من قتلها ".

دوى صوت مرعب ومتطابق من كل الأطفال وبدأوا يقتربون من الشاب بطريقة تذكرنا بالعرائس { الدمى } كما لو أن أحداً يتحكم بهم وفجأة مع إستمرار أصواتهم بدأ الدم ينزف من عيونهم.

" أنت من قتلها ".

" أنت من قتلها ".

شجب الشاب وإلتف مسرعاً ولكن لصدمته كان الأطفال بمختلف الأشكال والملابس والجنس يأتون من كل جانب بالطبع كانت عيونهم حمراء مع نزول الدم من عيونهم ليصل إلى الأرض والذى شكل العديد من الخطوط الحمراء وبدمجها معاً مع سير بعض الأطفال على خطوط أخرين أو بسبب إكتظاظهم لأجل الشاب فقد شكل بِركاً من الدم.

{ جمع : بِركة }

إزداد شحوب الشاب ووضع يديه على رأسه وجلس القرفصاء وبدأ يصرخ " لم أقتلهم.. لم أقتلهم ".

إستمر صراخ الشاب والأطفال لفترة حتى إختفى صراخ الأطفال ولكن الشاب لم يتوقف إلى أن سمع صوت الطيور من حوله فرفع رأسه بصعوبة لينظر حوله ليجد نفسه فى المشهد الأول... من المرأة إلى الأشجار والطيور...

وقف الشاب وحدق فى المرأة ومد يده ولكنه تذكر المشهد من سابق فتردد إلى أن قبض قبضته ثم أنزلها مع تنهد وهو يبكى قبل أن يلتف وفجأة " ديفيد.. أين تذهب ؟ ".

تشدد جسد الشاب والذى لم يكن غير صديقنا ديفيد وإلتف بصدمة إلى المرأة " أنا... أنا " حاول ديفيد أن يُكون جملة ولم يستطع.

" ما الخطب ، هل أنت مريض ؟ " سألت المرأة بقلق وتركت القطة من يدها لتقف على كتفها وتوجهت نحو ديفيد بخطوات سريعة والقلق ظاهر على وجهها وضعت المرأة يدها على رأسه وسألت بقلق " حرارتك ليست مرتفعة ، هل تعانى من شئ فى بطنك أو فى أى مكان أخر ".

" أنتِ.. أنتِ ".

" ما الخطب ؟ " المرأة.

" ألا تريننى وحشاً ؟ " أشار ديفيد إلى نفسه.

" وحشاً " تنهدت المرأة وفجأة بغضب قام بسحب إذن ديفيد كما لو كانت تشد أذن طفل " كم مرة أخبرتك ألا تشاهد تلك الأفلام ، لازلتَ طفلاً ".

طفل.. ، فوجئ ديفيد ولكن فجأة شعر بأن حجم المرأة يتضخم أو بمعنى أدق هو مَن كان يصغر.

نظر ديفيد إلى يديه بصدمة والتى تحولت ليد طفل فى الثالثة أو أصغر ثم نظر إلى باقى جسده ولم يعرف ماذا يقول ولكن فجأة ظهر صوت مازح يتبعه ظهور رجل فى الثلاثينات " ألم أخبركِ ألا تدلليه كثيراً ، أنظرى إلى النتيجة ".

" أبى " صرخ ديفيد.

" ما الخطب يا طفل " ضحك الرجل وحمل ديفيد بين يديه وقال " هل أذتك هذه المرأة أخبرنى وسوف... ".

" وسوف ماذا ؟ " المرأة.

حدق الرجل فيها وتعرق " لقد كنت أمزح ".

" حقاً ؟ ".

" بالطبع ، أنتِ تعلمين كم أحبكِ ".

" هه.. ههه.. ههههههههههههههههههه " ضحك ديفيد بسعادة والدموع تقطر من عينيه ولكن لم تكن مثل السابق دموع حزن بل دموع فرح وسعادة.

حدق الزوجان المتشاجران فى ديفيد قبل أن ينظرا إلى بعضهما البعض بإستامة وبدءأ بالضحك.

إستمر المشهد الجميل قبل أن تقول الأم وجسدها يتشقق كباقى العالم وكأنها زجاج قبل أن يختفى " إعتنى بنفسك ".

" نعم ، إعتنى بنفسك يا طفل ، لا تجلب العار لإسمى " قال الأب بإبتسامه مشرقة وهو يختفى بينما قبلت المرأة ديفيد بساعدة قبل أن تختفى هى الأخرى.

" شكراً لكما " لم يجد ديفيد أى كلمة لوصف حالته الحالية أو ما قد يقوله إلى والدية سوى شكراً ولكن علامات السعادة كانت تبرز على وجهة أما مشهد القتل والأشباح من سابق فيبدو أن ديفيد نسيهم أو أنهم لم يكونوا موجودين أصلاً.

*****

فى الزنزانة التى يسكن فيها ديفيد حالياً.

فتح ديفيد عينيه ببطئ ودمعتان كالؤلؤة تنزل منها " شكراً لكما ".

داخل جسد ديفيد كان ملك الجسد متفكراً " هناك شخص يساعد هذا الصبى على تجاوز شيطان القلب ، ولكن من هو ؟ ، لا أعرف ما هى علاقتة به ولا أعرف حتى كيف تمكن من إختراق دفاعاتى ".

عبس ملك الجسد متأملاً ، مع أن ديفيد لم يكن له مكانة عظيمة عند ملك الجسد أو صدقاً أى مكانه لأنه فى نظرة مجرد وعاء إن فسد فسيغيره ولكن طالما هو موجود فى جسد ديفيد فلقد وضع عليه بعض الدفاعات حتى لا يموت أو يتعرض لأى ضرر قد يؤثر على ملك الجسد.

" هل يعقل أن الجانى مرتبط بذلك الشخص ؟ ! " فكر ملك الجسد.

2021/04/29 · 281 مشاهدة · 1036 كلمة
نادي الروايات - 2024