خرج ألكسندر من الكنيسة و هو يفكر في كلمات جوبير

اذا سأله احدهم من هو اكثر شخص يكرهه

فهو سيفكر مباشرةً في إسمين محددين

جوبير و فورنييه

هؤلاء هم الضباط المسؤولين عن هذا الحصن

كان كليمون مجرد شاب عادي تم اجباره على الخدمة في الجيش خلال الحرب العالمية

أغلب من في عمره امتلكوا بعض الخيالات الرومانسية و الدرامية عن الحرب

من منهم لا يريد ان يصبح بطلاً و ينقذ بلاده من الغزاة المعتدين

لكن ما كان ينتظرهم هو الجحيم

قامت الحرب بنزع ما تبقى من برائتهم، مثل جزار يقوم بسلخ جلد ضحيته غير عابئ بصراخها و ألمها

الشيء الوحيد الذي ابقاه عاقلاً هو الصديق الذي اكتسبه هناك

اوغسطين لومبيرت

كان لومبيرت اكبر منه بثلاث سنوات، و لكن جسده كان هزيلاً، يرتدي نظارات دائرية اكسبته منظراً علمياً

كان من النوع المتدين، و استطاع اقناع ضباطه بتحويل احدى غرف الحصن الى كنيسة

قبل الضباط بهذا الإقتراح، هم ظنوا ان وجود كنيسة داخل هذا الحصن الموحش سوف يوفر بعض الدعم المعنوي للجنود

بنى لومبيرت هذه الكنيسة الصغيرة بنفسه

و كان يقيم الصلوات قبل كل هجوم وشيك

اذا اراد احدهم ان يجد لومبيرت، فكل ما عليه فعله هو الذهاب الى الكنيسة

هو سيكون هناك بلا شك

إحترم الكسندر صديقه العزيز بشدة

كان لومبيرت دائماً ما يتحدث عن ابنته الصغيرة التي تنتظره في المنزل

هو استطاع ان يجد دمية أرنب في احد غرف الحصن ، و منذ ذلك الوقت هو يحمل هذه الدمية معه أينما ذهب

انا متأكد بأن تاسي سوف تحب هذه الدمية...... هكذا كان لومبيرت يقول، و على وجهه ابتسامة أب بسيط

كان كل شيء يسير بشكل صحيح، هم كانوا يعانون بسبب الحرب، لكنهم كانوا يعيشون حياتهم العادية البسيطة

لكن كل شيء قد تغيير فجأة

شعر ألكسندر بقلبه ينقبض و هو يمشي عبر هذه الممرات المألوفة

وقف امام غرفة مغلقة بإحكام

هذه غرفة الضابط جوبير

احد الضباط الذين تخلوا عنهم و هربوا

هم لم يتخلوا عنهم فقط، بل قاموا بتفجير المخرج و إغلاقه

أدى هذا الى حبسهم داخل الحصن تحت الأرض مع ذلك الوحش المريع

استمر ألكسندر بالمشي حتى وصل الى نفق واسع

كانت انفاق الحصن مصنوعة من الإسمنت و مدعمة بأعمدة معدنية

لكن هذا النفق الذي يقف ألكسندر امامه كان مختلفاً ، كأنه تم نحته من الحجر، مع انماط و تعاويذ صوفية على جدرانه و سقفه

أي شخص يستطيع أن يدرك أن هذا النفق كان ينتمي لحضارة قديمة

تاب! تاب! تاب!

سمع ألكسندر صوت خطوات تأتي من داخل النفق المظلم

ظهر امامه جندي يحمل بندقية

كان هاذ الجندي في حالة مزرية، لحيته غير مرتبه، ملابسه ممزقه، و يغطي عينيه بقطعة قماش بيضاء

وجه الرجل البندقية نحو ألكسندر ، و تحدث بصوت أجش. " لم أتوقع أن أراك هنا..."

" أنا أيضاً لست سعيداً برؤيتك، ساليم..". جلس ألكسندر على احد الصناديق الموضوعة جانباً

و نظر بعمق الى ساليم

كان هذا الجندي هو احد الناجين القليلين من المجزرة التي حصلت داخل الحصن

لكن أصيب بالجنون

كان على ألكسندر في ذلك الوقت أن يهرب من الوحش، و في نفس الوقت يجب أن يقاتل ساليم الذي أصيب بالجنون

تذكر ألكسندر كيف كان يخاف من ساليم عندما كان يقاتله داخل انفاق و غرف الحصن

كانوا يلعبون لعبة القط و الفأر، المشكلة أن ألكسندر كان سيموت اذا تم الإمساك به

حتى بعد أن تمكن من قتله و التخلص منه نهائياً، بدأ ساليم يأتي إليه في أحلامه

في البداية هو حاول الهروب و محاربة ساليم، لكن في النهاية هو شعر بالتعب

هو قاتل ساليم آلاف المرات، لم يستطع الإستمرار في هذا

" يبدو انك ما زلت تستمتع بوقتك..". نظر ألكسندر الى الزجاجة المعلقة على خصر ساليم

" سنحت لك فرصة ان تشاركني هذه المتعة...".

" هل تريدني أن استمر بالعيش في هذه الأوهام المجنونة؟.." اصبح صوت ألكسندر ساخراً. " لا شكراً، انا ليس لدي إهتمام بطقوس العربدة التي يقوم بها اولئك المجانين.."

" على الأقل، لن تضطر للمرور بكل تلك المعاناة و الألم.."

" أنا لا اريد أن اعيش بجسد مخدر و عقل يفكر فقط في الملذات...بالإضافة، الى انك تملك الكثير من الرفاق الذين يرافقونك, لذلك لا اريد ازعجكم و انت تؤدون طقوسكم الشيطانية.."

"هممم؟..". أمال ساليم رأسه للجانب قليلاً

" انا اتحدث عن المثرائيين..". وضح ألكسندر

" اوه..". اومئ ساليم

نهض ألكسندر من مكانه و وقف على بعد عدة امتار من ساليم و هو ينشر ذراعيه. " حسناً ، اخرجني من هذا الكابوس.."

شخر ساليم بإنزعاج، لكنه لم يتحدث

اغمض ألكسندر عينيه ، حتى بعد تعرضه لإطلاق النار لآلاف المرات، هو لم يستطع الإعتياد على ذلك

سمع ألكسندر صوت اطلاق النار

فتح عينيه، ليجد ألفريد امامه، و هو يضع شيئاً على الطاولة

" السيد الشاب، جلبت لك بعض الكعك و الشاي حتى تستمع بهما بعد دراستك..."

كانت هناك طاولة صغيرة امام ألكسندر ، عليها صحن يحتوي بعض الكعك و بجانب الصحن يوجد كوب ينبعث منه البخار

" اعتذر بشدة اذا ازعجت قيلولتك..". انحنى ألفريد

ابتسم ألكسندر بلطف و هو يلتقط كوب الشاي. " شكراً، الفريد.."

"لا داعي للشكر، السيد الشاب، انت تبذل قصارى جهدك هذه الايام...". ابتسم ألفريد مثل جد فخور بحفيده

" ألا تعتقد ان هذه الجهود جاءت بعد فوات الاوان؟...". اخذ ألكسندر رشفه من الشاي الساخن

" على الإطلاق، السيد الشاب مر بالعديد من الصعوبات و واجه إنتكاسات في طريقة، لكنك وقفت على قدميك و حاولت مرة اخرى، حتى لو رفضك الآخرون و لم يهتموا بمحاولاتك، فإن هذا العجوز سوف يشجعك في كل مرة تسقط فيها و يصفق لك في كل مرة تقف فيها مرة أخرى..."

نظر ألكسندر الى الخادم العجوز بذهول، هو لم يتوقع مثل هذه الكلمات

تذكر فجأة الذكريات ألكسندر التي تتعلق بألفريد

كان والديه مشغولين طوال الوقت بسبب مسؤولياتهم، لذلك تولى ألفريد دور المربي

كان هذا العجوز يعتبر ألكسندر مثل حفيده

" ألفريد..".

" نعم، السيد الشاب؟.."

"شكراً لك.."

2023/09/24 · 238 مشاهدة · 906 كلمة
Lordran
نادي الروايات - 2025