2 - المقدمة الجزء الثاني ( رائحة البارود )

لقد كان الأسطول مكوناً من خمس سفن...


" أجل...."


تمتم بها الكابتن و هو ينظر من منظاره نحو الأفق , لقد كانت مشاعره في حالة متناقضة بين الأمواج الهادئة و النيران الثائرة , علي الرغم من ارتياحه لمعرفة أن معلوماتهم كانت صحيحة إلا أنه بات يشعر بشعور هو مزيج بين القلق و الترقب ....


فخصماك هما الأدميرال قسطنطين و الكابتن إزميرالدا , لقد كان هناك جزء صغير جداً من نفسية إدوارد يتمني فيها أن تكون معلوماتهم خاطئة ...


بالمنظار البحري الموضوع علي عينه اليمني رأي الكابتن إدوارد خمسة سفن متقدمين ناحيتهم , أربعة منها يحيطون بالخامسة علي شكل رؤوس معين , بالطبع السفن الأربعة هي لتأمين السفينة الخامسة التي تحمل علي متنها السجينة , أربعة سفن تحت قيادة الأدميرال قسطنطين و سفينة تحت قيادة إزميرالدا ..


وضع الكابتن منظاره في جيب سترته اليمني ثم أخذ شهيق قوياً حابساً إياه بين قضبان قفصه اصدري ليحرر بعدها علي هيئة زفير...


لقد صفي ذهنه قليلاً ....


ألتفت يمني باحثاً عن صامويل _نائبه_ لكي يتولي الدفة ...


لقد كانت الأجواء هادئة و المياه ساكنة , لقد كان يعلم أنه لولا المحركات السحرية لما كانت السفن الحربية قادرة علي الحركة في هذه الظروف ....


تباً للمحركات السحرية .... هذا ما كان يفكر فيه الكابتن إدوارد الان لكن هذا لا يعني أن سفينة القراصنة تلك لا تحوي محركاً سحرياً !! , لقد كان من الطراز الأرضي حصل عليه بعض القراصنة من غارة لهم علي مرفأ بحري و حصل عليه طاقمنا هنا من مزاد بالسوق السوداء و علي الرغم انه محرك ارضي إلا أن سعره كان خرافيٌ ؛ لأن لا أحد غير البحرية و الأثرياء يمتلك واحداً , لأن لا أحد غير البحرية و الأثرياء قد يستطيع تكفل ثمن غبار الجان الذي يدير المحرك , من المعروف لدي الجميع أن الجنيات ينقسمون إلي أربع أنواع : هوائية , مائية , نارية , أرضية و من المعرف لدي الجميع قدرة غبار الجنيات علي التفاعل مع المياه معطيةً قوة انفجارية , أسطوانتان حلزونيتا الشكل يمتد أحد أطراف كل أسطوانة إلي الماء متخذاً شكلاً قريباً إلي البوق و ثقب من الناحتين : من ناحية الامتدادة و الناحية الأخري و في كل أسطوانة من الداخل عجلة مصنوعة من مادة حركية متصلة بأنبوبة تمد لها غبار الجنيات الذي يكون مخزناً في خزان متصل بالأنبوبتين حيث تقوم حركة المياه الناتجة عن حركة السفينة بتحريك العجلات لتخلط المياه بالغبار فتقوم العجلة بامتصاص طاقة الأنفجار الناتج ثم تعيد توجيهها إلي الخارج دافعة السفينة , هناك بعض الحمقي المستخدمين للسحر من يحاول أن يحرك العجلات مستخدماً طاقته السحرية مما يؤدي إلي موته في لمح البصر , لكن محركات البحرية أقوي و محركات سفن الأدميرالات أفضل من الكل ...


الشئ الوحيد الذي يمكنك سماعه علي متن هذه السفينة هو صوت صرير الخشب الناتج من سير الكابتن علي متن السفينة متجهاً إلي مقدمتها .....


لقد كان الطاقم ينظر إليه ....


لأن جميع من هنا يعلم ما علي وشك الحدوث ....


و لأن جميع من هنا مستعد متأهب لتنفيذ خطة مجنونة ....


بكل خطوة يخطوها كان يتذكر الذكريات البعيدة التي عاشها علي متن هذه السفينة ....


في كل جانب من هذه السفينة هناك ذكريات له تتقافز في الأرجاء .....


هذه ليست بالسفينة بل فرداً من عائلته ....


ليس هو فحسب بل باقي الطاقم .....


واقف و ظهره للصاري الرئيسي مد يده إلي جيب بنطاله مخرجاً عملة ذهبية هي القديمة من حالتها السيئة , مقرباً العملة من فمه ليطبع عليها قبلة دافئة , لقد كانت هذه العملة الذهبية هي أول حصة له حصل عليها بعدما خطت قدماه عالم البحر ....


شهيق ....


زفير....


نظر إلي الأعلي ليري الشمس الذهبية و هي ترسل أشعتها من بين الأشرعة نصف المغلقة لكي تنير ما يحيط حول السفينة و كأنه نور إلهي يحط بمبشر جاء يحمل الخير إلي الأراضي المفقرة....


لم يعيده إلي أرض الواقع من عالم أفكاره إلا صوت الصرير الذي يعلن اقتراب أحدهم منه ....


دون أن يلتفت علم من هو ....


" .... أعصابك حقاً حديدية ...دراكو إيربتور "


لقد كان صوت الصرير قوياً لا لأن مصدره سمين بل لأن ما يحمله ثقيل ...


" هااه .... أنا لا أعرف حقاً لما القلق ...."



" بالطبع فمن مثلك لا يقلق ...."


ثم يلتفت الكابتن إدوارد إلي الطاقم و يقول " .... يارجال ....


أنا لن أعد أحدكم أنه سيعود حياً اليوم ......


أنا لن أعدكم أننا سننجح اليوم......


لكن .....


ما أعدكم إياه ...


هو أن قراصنة قلب الإعصار ستدخل التاريخ اليوم...


ما أعدكم إياه أن الجميع سيعلم اسماءكم ....


ما أعدكم إياه أن القصاصين سيحكون قصصكم بجوار النيران و الناس ستطرب لها ....


لكن إن عُدتم أحياءاً اليوم أعدكم أن المشروب علي حسابي ...... "


" هاااااااي كابتن ...!! "


لقد صرختهم قوية ....


لقد كانت صرختهم لا تحمل من الخوف شيئاً .....


" ها قد بدأنا ...."


ما لبث أن قالها الكابتن إدوارد إلا و صوت قوي كالرعد يصدر من تجاه أسطول البحرية يليه خمس نقاط حمراء تنطلق منهم نحو السماء علي شكل منحني باتجاءه القراصنة ...


" تمسكوا جيداً ....."


قالها الكابتن إدوارد لطاقمه الذي سارع كل منهم إلي مكانه المحدد طبعاً للخطة ليحتمي عنده ....


لكن الكابتن و دراكو لم يتمسكا بشئ ....


سرعان ما تحولت النقاط الحمراء إلي قذائف مشتعلة اطلقتها سفينة من سفن الأسطول ...


لقد كانت تقترب بسرعة لكنها لم تصبهم بل سقطت أمامهم بمسافة 100 متر ليتنهد بعض البحارة لكنهم سرعان ما أدركوا انها ليست إلا البداية , علي الرغم من الموجات التي أخذت تتشر في الماء لتهز السفينة هم أدركوا أنها ليست إلا البداية ...


بين أنفاس البحارة الحارقة كان يقف شبح الموت ....


بين قطرات العرق المتساقطة كان يخيف ذلك الشبح فوق رؤوسهم .....


لقد كان يعلم الكابتن أن الهجوم سيتوقف إلي أن يقتربوا منهم حتي لا تذهب هجماتهم سدي .....


لكن البحرية لا تعلم.....


لا تعلم إلي أي حد قد يصل جنون القراصنة إذ هم جنوا ....



نظر إلي خلفه و رأي دراكو و هو واقف و كأن شيئاً لا يحدث و خلفه موجيني السمين و و هو متمسك بالصاري ليوجه إله الكابتن نظرة حادة لكي يحثه علي الاهتمام بالقنابل الصغيرة الملفوفة حول الصاري .....



يجب ألا تبتل هذه القنابل ....



" تمسكوا بالمدافع ....." قالها الكابتن لتنتقل كصدي الصوت المتردد من أقواه البحارة في أرجاء السفينة ....


" سايروس ....سوراتارو .... تأهبوا ...."


" صامويل ثبت العجلة ....إلي الأمام مباشرة ..."



" تمسكوا جميعاً فطريقنا وعرة "


ما إن أتم كلماته إلا و انطلق قذائف البحرية نحو الأفق ....


لقد باتت المسافة بينهم و بين أسطول البحرية لا تتعدي الكيلو مترين....


إحدي الأسباب التي جعلت الكابتن إدوارد من أشهر الأسماء التي ترددت مع ضربات الموج لا إنه رجل سئ , لا أنه رجل متعطش للدماء بل هو أنه ملاح ممتاز و مخطط عبقري ....


لهذا في هذه الأجواء الهادئة التي تنعدم فيها الرياح , في هذا المشهد الذي لا يوجد به إلا أسطول من البحرية يسير بقوة دفع المحركات مثله مثل سفينة القراصنة التي تتقدم في اتجاه الأسطول , وهذه القذائف النارية التي اطلقتها ثلاث من سفن الأسطول تتجه ناحيتهم , كانت هناك عاصفة آتية بسرعة من الاتجاه الذي جاءت منه سفينة القراصنة ....


لقد كانت سريعة .....


لقد كان يعلم بها....


بل أنه قد تنبأ بها....


لهذا بني عليها خططته ....


لكن كل ما يحتاجه هو أن تنقضي هذه الهجمة ....


المدافع النارية تختلف عن المدافع العادية ف أنها تعتدم علي الغبار السحري في استخدمها لهذا تعتبر أقوي من المدافع العادية في الهجوم ....



لكن أقصي ما تستطيع السفينة حمله منها هو اثنان فحسب ....

لهذا كان الطاقم ينظر إلي الست قذائف التي تتوجه نحوهم و كلهم أمل ....


و هم يدعون أن تخطأهم ....


تقترب....

و تقترب....

تقترب.....

و

و معها تقترب العاصفة من الخلف ....


و يقترب الأسطول من الأمام .....


و دقات قلب الطاقم تتزايد....



و لا زال دراكو بلا أي قلقٍ علي وجهه ....


اثنان من القذائف و هما أبعد اثنين عن السفينة قد صدمتا الماء ليرتفع الموج....


" تقدم ....."


صرخها الكابتن و أمواج البحر تصرخ معه.....


تبقي أربعة .....


تبقي كيلومتراً و نصف الكيلو متر بين الأسطول و السفينة ....


و تبقي مائة متر بينهم و بين العاصفة....


تبقي مائة بينهم و بين الرياح.....


جاءتهم قذيفتان مباشرتان لتصطدم بجانبي السفينة .....


لقد اهتزت السفينة والطاقم و البحر و سقط من الطاقم في الماء....


لقد انتشر الضرر في الطابق الثانث حيث المدافع و لكنه أمر لا يهم ....


فهم يعلمون ما النتيجة منذ البداية ....


هم يعلمون أنها معركة لن تمر بلا خسائر .....


هم يعلمون أنهم لن يعودوا بلا خسائر .......



هيا...

هيا....

هيااااااااااااااااااااااا...


تبقي قذيفتان.....


تقتربان.....

و تبقي 20 متراً و الرياح تهب....


15...

و القذيفتان تقتربان....


10

و القذيفتان تقتربان ....

علي هذا النحو سوف تصيب السارية و بقوة القذائف النارية حينها سيصير جميع من بالسفية في عداد الموتي ....


5.....

ها هما تقتربان ....


و العاصفة قد حلت ....


" افتحوا الأشرعة ........"


" أثقبوا الخزان ....."


" السرعةالقصوي ....."


لقد كانت هذه الكلمات ه يطوق النجاة التي أنقذ أرواحهم من الغرق , بعدما قالها الكابتن أخذ الطاقم بترديدها ثم فتحوا الأشرعة , و أخذ الطاقم يرددها وصولاً لقاع السفينة ليفجروا خزان الغبار كما هو متفق عليه , لقد كان الأنفجار هائلاً لتنطلق السفينة بقوته و قوة الرياح بسرعة هائلة ....

و تصدم بهم القذائف , لكنها قد اصابت المقصورة , نعم انتشرت الموجات في أرجاء السفينة و تصدعت , نعم سقط من الرجال في الماء لكنه كان عدداً قليلاً , نعم اشتعلت النيران في السفينة لكن لا أحد عباً بها ....


لأن الطة وضعت في حيز التنفيذ ....


" إلي الأمام .... الجميع في أماكنهم ....تمسكوا بالمدافع.."


" صامويل ثبت الدفة ...."


" سايرس .... سوروتارو جهزوا المدافع علي 45 درجة, و استعدوا!! "


" أخرجوا الرماح ....."


في السفينة التي اشتعلت فيها النيران و اخذ بعض أجزاءها في الموت , في السفينة ذات تمثال رأس التنين علي مقدمتها , أخذ فم ذلك الرأس بالانفتاح شيئاً فشيئاً و أخذ نصلٌ مدبب ضخم بالخروج منه ....

من جانبي السفينة المتداعية , و من النوافذ الخشبية المغلقة التي يبدو عليها الحداثة و الأستعجال في الصنع , أخذت النصال الفولاذية الحادة بالخروج من الجناحين ....


تحت السماء التي امتلأت بالغيوم السوداء , و تحت نصال البرق التي تقطع أحشاء الغيوم أخذت السفينة بالتقدم بسرعة كبيرة .....


لقد كان يعلم الكابتن أن لسان حال طاقم البحرية يقول " أجن هؤلاء الحمقي ؟..." " ما الذي يسعي إليه هؤلاء ؟! !!!"


يعلم انه الان قد بدأ الأدميرال قسطنطين بإدراك ما يسعون لتنفيذه ....


إنه يعلم جيداً منذ البداية أنها معركة خاسرة...

لذلك هو لن يضحي بطاقمه ....


بل سيضحي بالسفينة ....


هجوم مباشر انتحاري ....


إذ استطاع أن يتكفل و طاقمه بأمر أربع سفن و إرسال دراكو إلي السفينة التي تحمل الساحرة ....


حينها ستكون نسب الفوز ليست بالضئيلة .....



نعم سفينتهم ليست بالمتينة مقارنة بسفن البحرية ....



نعم سفينتهم قد تداعت علي يدي قذائف البحرية ....


نعم هو يعلم أن سفن الأدميرال مزودة بمدافع أمامية ستطلقها عليهم كما يحدث الأن ....


نعم يعلم أن السفينة ستنهار و تنهار ....


لكنه يعلم أن سرعتهم كفيلة بصنع قوة اصطدام ستؤثر علي سفن الأدميرال ....



نعم يعلم أن الأدميرال لن يجرؤ علي تغيير اتجاهه كي لا يعرض السفينة التي يحميها إلي الخطر ....


نعم يعلم أن الأدميرال سيرسل الأمر إلي السفينتين الواقعتين علي اليمين و اليسار لكي يتعرضا للهجوم ....


لكنه يعلم أن سرعتهم ستكون كفيلة لكي يقتربوا من سفينة الأدميرال ....


لكي يصطدموا بسفينة الأدميرال


" استعد ..."


قالها لدراكو ثم أخذ جسدهما يشعان لوناً أزرقاً ....


قبل عملته الذهبية ثم وضعها في جيب بنطاله ....


" الأن ...."


لقد كانت الأشارة لكي تشتعل نيران المدافع النارية و تهاجم السفينة الجنوبية ....


من اليمين و اليسار قد جاءت سفينتي البحرية لكنهما لم تمنعا رمح سفينة القراصنة من الأصطدام بسفينة الأدميرال .....


لقد اختار الكابتن مهاجمة سفينة الأدميرال علي الرغم من أنها ستكون معركة قاسية حتي يقطع الأتصال بينه و بين الجنود ليلهو معهم طاقمه ....


لقد اختار الكابتن تدمير مقدمة سفينة الأدميرال ليشل حركة السفن الأربع كلها....


" اطلقوا المدافع ................"


هذه هي إشارته لكي يطلقوا مدافعهم من الجانبين علي سفن البحرية التي تلقت هجومهم ....


لقد رأي وجوه جنود البحرية و هم منذهلين , و سمع أصواتهم الصارخة .....


لقد هاجموهم علي غفلة .....


تبقي سفينتين....


" موجيني ....."



سمع موجيني صوت الكابتن و هو يناديه و علم أن دوره قد جاء , لقد كان مسؤولاً عن حماية القنابل التي كانت تحيط بالصاري .....


بعدما أشعل عود الثقاب بين لهاثه و تعبه ...


أشعل موجيني القنابل ....


في هذه السفينة التي شهدت حياته ....


أحلامه ....



و حبه الأول .....



إنفجرت القنابل أمام عيني الكابتن و سقط الساري ليصل بين سفينته و سفينة الأدميرال قسطنطين.....



إذ استطاع دراكو الوصول إلي سفينة إزميرالدا ....


إذ تمكن من إلهاء الأدميرال .....


شهيق....


زفير ....


لقد كان الهواء الصافي منذ دقائق يملؤه الان رائحة البارود و الدماء....



لقد كان البحر الهادئ منذ دقائق تملؤه الأن أصوات الرجال الصارخة و هي تقفز من سفينة إلي اخري ....


أصوات النصال المتلاحمة....


أصوات المسدسات ....


أصوات المدافع...


لقد تمكنوا من ثلاث سفن ...


من الصاري الذي بات يمثل جسراً بينهم و سفينة الأدميرال ....


من الصاري الذي يقف خلفه دراكو و الكابتن يشع جسدهما بضوء أزرق ....


تفوه الأثنان بكلمة واحدة .....



" كوجو !!....."



________________



لا أصدق أني أنهيت هذا الجزء أخيراً لا ليس الفصل الأول بل الجزء الثاني من الفصل الأول , أعتقد أنه تبقي للفصل جزء أو اثنين , آه قبل أن أنسي المصطلحات الغريبة المستخدمة هنا هي نطق كلمات بالاتينية ....


كوجو : تعني تصليح أو تدعيم وهي كما يبدو نطق لأسم تعويذة :)

2017/07/07 · 324 مشاهدة · 2159 كلمة
someone_else
نادي الروايات - 2024