# منظور الشخص الثالث #
كان الوقت مثل النهر ، يتحرك بإنسيابة ، ولا يتوقف لأي سبب كان .
وكان الأمر نفسه بالنسبة للويس ، ولينا ، وبلتر ، ورغم وجود اساطير تقول أن بعض الأشخاص الذين وصلوا لعوالم عالية ، يستطعون التأثير على نهر الزمن ، إلا أن أحدا لم يكن يعرف صحّة هذه الأساطير ، على الأقل لم يصل أحد لهذا المستوى بعد .
ومع بقاء أقل من ساعتين ، على وصول لينا لقصر المنفى الخاص بلويس ، كان بلتر يتحرك جيئة وذهاب في توتر مستمر .
" تُرى هل أصبح لويس آلة متحجرة القلب أم أنه لازال يمتلك بعض المشاعر ؟ "
كان هذا همًّ بلتر في الوقت الحالي ، وبعد مراقبة متأنية لتصرفات لويس منذ نزعه لقناعه ، أصبح التوتر يزداد مع مرور الوقت ، وكذلك لم يكن الزمن رحيما ببلتر وإبنته المتبناه ، وكان مرضها يتفاقم مع مرور الوقت .
وإن لم يتحرك لويس لشفاء إبنتها ، فقد تموت في الوقت الذي كانت بلتر فيه مترددة لطلب المساعدة .
" لاكن أخشى إن طلبت منه المساعدة أن يرفض رفضا قاطعا " .
لم تكن سخرية لويس من حال بلتر شيء مهما بالنسبة لها ، لكن المخيف هو أن يتجاهل لويس أمر إبنة بلتر ، كما تجاهلته بلتر في السابق .
لهذا السبب ترددت بلتر أكثر ، ولم تستطع إخراج الكمات للتوسل لمساعدة لويس ، فهي تدرك برودة لويس الحاليه ، وإن لم يكن هناك ما يفيد لويس ، فلن يتحرك لمساعدها .
" هاااااا ، لكني لا أملك شيء أقدمه له ليسامحني ويساعد إبنتي " .
لذا ، لم يكن أمام بلتر سوى أداء المهام الموكلة لها من لويس بأمانة حتى يهدأ ، ثم تطلب المساعده .
بالطبع المشكلة أن نهر الزمن يتدفق ، وكانت حالة إنتها تتدهور مع مرور الوقت ، وربما تموت إبنتها قبل أن يهدأ غضب لويس البارد .
فلو كان الغضب في قلبه نارا مشتعله ، ربما كان بإمكانها القيام بشيء ما لإطفائها ، ولكن غضبه كان صقيعا باردا ، ومن الصعب ، إن لم يكن من المستحيل ، إشعال الدفء في قلبه ليهدأ غضبه البارد .
ولم تعلم بلتر أن هذه أوهامها فقط ، وأن لويس وضع خطط لإستغلالها هي وإبنتها بالفعل .
من جهة أخرى كان لويس يتابع تدريبه الشاق ، وهو يجلس بوضعية اللوتس ، ويصب كل تركيزه على الدانجو خاصته .
" الآن وقد أصبح الإختراق وشيكا أكثر فأكثر ، لم يعد أمامي شيء إضافي لفعله " .
في الوقت الحالي كان لويس قد أتقن تقنية التنفس التي إبتكرها ، وكان يوسع مسارات المانا في جسده ويزيد كميتها ، حتى بدون وعيه ، ومع المسارات الوسعة ، وحب المانا له ، كانت قوته تصبح أقوى مع مرور الوقت بمجرد التنفس .
هااااااا
أطلق لويس الصعداء ، ووقف لإنهاء تدريبه .
" يجب أن أستعد للقاء أختي الكبرى ، وبعد مغادرتها يجب علي الإختراق لمستوى ' الفارس المتقدم ' ، ومن ثم البدأ في تشكيل السلسله الثانيه ، وثم لقاء خطيبتي وإبتزازها جيدا ، وثم شفاء إبنة بلتر ، وثم التجوال في القارة لزرع القطع المخفيه ، وبعدها الإعداد للحرب لسنتين ، وثم الإلتحاق بالأكادمية للحصول على القطع المخفية داخلها .
كان الكثير من العمل في إنتظار لويس ، وكان لديه القليل من الوقت ، ورغم وقته الضيق ، كان الأشخاص بقربه يتابعون إزعاجه بإستمرار ، مما زاد الغضب في داخله .
" هل أقتلهم وانهي المهزله ؟ ".
كانت فكرة جريئة تدور في عقل لويس ، لكنه سرعان ما أبعدها .
" إن قتلتهم للتو فسيأتي البقية خلفهم ، وستستمر الدورة في التكرار ويضيع وقتي أكثر " .
كان حكم لويس ، هو إنهاء العلاقات غير الضرورية ، ومنع الوقت من الضياع ، وكان هذا الحكم الأكثر عقلانية بالنسبة له .
خرج لويس من غرفة التدريب بعد الإستحمام ، ليجد بلتر أمامه .
" مرحبا بخروجك سيدي الشاب !! ، الآنسة لينا على وشك الوصول ، هل تريد الترحيب بها ؟ " .
تعجب لويس من سؤال بلتر ، هل يجب عليه الترحيب بأخته ؟ ، أليسة هذه وظيفة الخدم ؟ ، اما يقوم بوظائف الآخرين ؟ ، حاليا الوقت يكاد يضيع منه ، وهو مشغول بأموره الخاصه ، فهل سيقوم بوظائف الخدم الآن ؟ .
" لا ، هي تعرف القصر أفضل مني ، لذا دعها وحدها فحسب ، سأذهب لتناول الطعام ، لذا لا تزعجوني ! ".
*...* !!!
تفاجأ بلتر من رد لويس .
فيما مضى كان ينتظر أمام البوابة للقاء أخته ، لكنه الآن يعاملها وكأنه لا يريد رأية وجهها .
هاااا
أطلقة بلتر الصعداء ، وأصبحت أفكارها أكثر تعقيدا ، ومع هذا لم تظهر شيء على وجهها ، مثل قاتلة محترفه .
" كما تريد سيدي الشاب ! ".
وبهذا تحرك لويس نحو قاعة الطعام ، وبمجرد وصوله ، فتح الباب ودخل دون إهتمام .
كان هناك هالة من الكرامة والكبرياء في حركاته ، و مشيته ، مما جعل الخدم لا يستطعون إبعاد أعينهم عنه ، وكأنها مغناطيس تجذبهم .
دخل لويس ، وكانت مائدة كبيرة في إنتظاره .
ظن الخدم أنه هنا ليتأكد من التجهيزات ، قبل وصول أخته كالعاده ، وزاد توترهم وهم يراقبونه يقترب من المائده .
ومع هذا ما حصل بعدها ، لم يكن ليخطر عليهم حتى في الأحلام .
أخرج لويس كرسيا وجلس يتناول الطعام كالمعتاد ، ولم يهتم بالتجهيزات ، ولم يصرخ على الخدم ، ولم يهتم حتى بأخته الكبرى ووصولها لزيارته .
وسع الخدم أعينهم وأصبحوا غير قادرين على إغلاق أفواههم .
" شيء ما حصل لهذا الشيطان الصغير ! " .
" أجل ، يستحيل ألا يهتم بوصول السيدة لينا "
" هل تملك جسده شخصٌ آخر ؟ " .
وسرعان ما هز الخادم رأسه ، وأرسل أفكاره بعيدا ، التملك ؟؟ هذا شيء مستحيل ما لم تحضر آلهة عالية المستوى معك ، وهذا شيء حتى القدسون غير قادرين عليه ، فما بالك بأحمق إندخريستوا .
ولم يعرف الخادم حتى بأن فكرته كانت حقيقه .
وبعد مده ...
كان لويس يتابع أكله ، فُتح الباب بقوه !! ، وكانت لينا تشاهد لويس وهو يتناول طعامه على المائدة بوجه مصدوم ، وكأن العالم إنتهى !! .
" ما الأمر لينا ؟ ، ألم تشاهدي شخص يأكل من قبل ؟ ".
وسعت لينا عينيها من الإجابة غير المبالية لشقيقها الأصغر ، وعرفت سبب ذكر التقرير لكونه يبدوا بأنه شخص آخر .
" مممم ، لا ، أعني ، ألن ترحب بي أمام البوابة كالمعتاد ؟ " .
وبسبب إرتباك لينا ، فقد طرحت ما يجول في عقلها بدون ترشيح .
" هل يجب علي ؟ ، لا أذكر أن شيء كهذا كان من واجباتي !".
يتبع ......