كانت لينا تتوق إنتظار شقيقها الأصغ لها أمام البوابة كالمعتاد ، لكنها لم تعثر عليه ، وبد السؤال عن مكانه ، ذهبت لرؤيته مباشرة .

لكن إجابة لويس قطعت آمالها كما يقطع السكين الساخن الزبد .

الآن لم يعد هناك أي أثر لشقيقها الصغير السابق ، وما كان أمامها كان أشبه بجبل جليدي غير مبالي .

نظرت لينا لعيني شقيقها الصغير ، ورأت الامبلاه متجذرت فيه ، وكانت نظرته الباردة كأنها تنظر لدواخلها .

****

# منظور لينا إندخريستو #

إنتهيت أخيرا من عملي في الأكادمية ، والغريب أنه أصبح مملا جدا بالنسبة لي ، لم أستطع أن أعرف السبب الدقيق لهذا الشعور الغريب ، في السابق كان عملي في الأكادمية ممتعا ، حيث أنظر لتقدم الأطفال الموهيبين ، وكذلك تقديم الإستشارة والإرشاد لهم .

وكانت مرشحة القديسة ' ماريا ' تأتي إلي دائما لطلب المشورة ، كان الأمر ممتعا حقا في السابق .

لكن الآن رؤية وجهها يجعلني أشعر بالغثيان ، وكأني على وشك التقيؤ .

وبعد إنتهاء عملي ذهبت مع خادمتي وركبة العربة لمقابلة لويس أخيرا .

" سيدتي هل هناك ما يزعجك ؟؟ " .

سألتني خادمتي الشخصيه ، وكان القلق واضحا في عينيها ، فبعد أن خدمتني لأكثر من خمس سنوات ، يبدوا أنها لاحظت إنزعاجي .

لم أصدق أني قد أظهرت مشاعري أمامها حقا ، فمع وصولي لقمة الدائرة السادسة ، أصبحت قوتي العقلية كبيرة جدا ، وكذلك أصبح تحكمي في السحر ومشاعري كبيرا أيضا ، فإن فقدت مشاعري وأصبحت عاطفيه ، فسيقلل هذا من كفائة السحر المستخدم .

" لا ، ممم ، أنا فقد أتسائل عن تغير لويس !؟ "

وسواء عرفت قلقي أم لا ، قامة الخادمة بمحاولة مواساتي .

" لا أعتقد أن لويس سيتجاهل الآنسة الشابة ، ألم تكن الآنسة الوحيدة التي تعاملت معه بدون تمييز ، وعاملته على أنه جزء من العائلة ؟؟ ".

طعنت كلمات الخادمة ضميري ، وأوقفتها قبل أن تتابع المزيد .

هاااااا ....

أتعامل معه على أنه جزء من العائلة ؟ وبدون تمييز ؟ ، هل كنت أفعل هذا حقا ؟؟ .

إن سألت ، فلن أستطيع أبدا أن أقول نعم ، كذلك لا أستطيع أن أقول لا .

صحيح أني لم أعامله على قدم المسواة ، وصحيح أني لم أساعده بشكل مباشر من قبل ، كما أني تعاملت معه على أنه كائن حي ذكي ، وليس حشرة مثل الآخرين ، لاكن هل يمكن القول أني كنت جيدا معه ؟؟.

ظهرت إبتسامة إستنكار على شفتي دون أن أدرك ذلك .

" حسنا ، الآنسة الشابه ، مهما كان الماضي ، فهو ماضٍ بكل الأحوال ، ألا يجب أن نركز على المستقبل بدلا من الندم على ما فات ، ألا يمكن إصلاح الوضع بدلا من الندم ؟؟ ".

هههههههههه .

ضحكت بقوة بعد سماع نصيحة خادمتي ، لم أعرف أنها حكيمة أبدا ، ومع هذا ، كان كلامها صحيحا .

ألا يمكنني أنا ولويس فتح صفحة جديده ونسيان الماضي ، حتى لو كان يستغرق المزيد من الوقت ، فنحن إخوة تسري نصف الدماء المتشابة في عروقنا على الأقل .

ومع مضي الوقت ، شاركت المزيد من المحادثات التافهة مع الخادمة ، وتغير مزاجي قبل ان أدرك .

وبعد بضع ساعات من الركوب ، وصلت العربة أخيرا لقصر المنفى ، القصر الذي أقابل به لويس عادة .

فتح الباب وأعلن السائق وصولنا .

وبمجرد نزولي مع اليسيا ، كان خدم القصر يصطفون لتحيتنا ، لكن الغريب أن شخصا ما كان مفقودا .

نظرت يمين ويسار ، ولم يكن لويس مرئيا في أي مكان .

" بلتر ، أين لويس ؟؟ " .

تحرك لساني وخرجة كلماتي بدون إدراك مني ، لم أتوق أبدا أن لويس لن يكون حاضرا للترحيب بي .

سابقا كان لويس هو من يقف أمام بوابة القصر ، وكانت عيناه تتلألأ في كل مرة يقابلني ، لكنه الآن لم يكلف نفسه عناء الحضور لإستقبالي حتى !! .

حسنا ، من الممكن أن يكون مريضا ، أو حصل شيء ما منعه من الحضور ، أليس هذا شيء يحصل أحيانا ؟؟ .

هدأت لينا نفسها بإفتراضتها الخاصه ، وخلقت الأعذار لغياب لويس ، فعند قدومها ، كان ترحيب لويس بها دائما أمام البوابه .

وقد كانت تشعر بالتفوق والمتعة بسبب ذلك ، وكان الفراغ الذي تركه لويس مؤلما للينا ، فقد إعتبرت وجود لويس أمرا مفروغا منه ، كما أن وجود شقيق صغير وجميل يرحب بها ، كان أمر ممتعا للعين ، وكان يدفء قلبها ، فقد أحبت لويس كثيرا .

وفي السابق عندما كان طفلا ، كانت تحضره لغرفتها ، وتنام معه وكأنه دمية محبوبه .

ولكنه ترك أمرها للخدم ، وكأنها ضيف غير مرحب به ، وبالطبع كانت وقاحة لأدب النبلاء .

ولم تدرك لينا ، أن إرسال رسالة لتقول أنها ستحضر بعد أسبوع بشكل تعسفي ، كان أكثر وقاحة ، ولكنها إعتادت على هذا الأسلوب في معامل لويس ، وبما أن لويس لم يشتكي فقد إعتبرت أن لويس يوافق على سلوكها ، ولم تفكر حتى في تصرفتها .

" السيد الشاب يتناول الطعام الآن ! "

ومع إجابة بلتر الصادمه ، تغيرت تعابير الخادمة الشخصيه للينا ، وكذلك أظلم وجه لينا ، وشعرت أن سكينا تطعن قلبها .

مضغت لينا شفتها السفليه ، وقبضت يديها بقوه حتى أصبحت عظامها شديدة البروز .

لم تعرف لينا شعورها أو مايحصل معها ، فقد كانت تجربة جديدة تماما على لينا ذات الأربعة والعشرين عاما ، لكنها شعرت بالضيق في قلبها ، وكان شعورها بعد الراحة يزداد في الوقت الحقيقي .

" حسنا ، السيدة الشابة لينا ، أنا وجميع الخدم نرحب بك في القصر ، أتمنى أن تتصرفي براحتة و تعتبر القصر منزلك " .

رحب بلتر بي لكني لم أستطع سماع كلمة مما قاله ، وكان سؤال واحد فقط في ذهني .

" لماذا ؟ ، لماذا ؟، لماذا ؟، لماذا ؟، لماذا لم يأتي لويس ؟ رغم أنه بخير وبصحة جيده !! ، مالذي حصل حتى لا يهتم لويس بحضوري؟ ، أين حصل الخطأ ؟ ، ألم أكن أريد تحسين علاقة به أكثر ؟ ، إذن ، لما لا يهتم لويس بحضوري حتى ؟ "

ومع تزايد الأسئلة في عقلي ، أدركت أني لا أستطيع الحصول على إجابة الآن، وكان الوحيد الذي يستطيع إعطائي الجواب الذي أريده هو لويس ، شقيقي الأصغر .

لذا تحركة لمقابلة لويس ، ومن حديث بلتر ، كان لويس في قاعة الطعام .

كانت خادمتي إليسيا تتبعني ، وتغير وجهها عند رأية الصور المعلقة في ممر القصر .

" سيدتي ، أين ذهبت الصور الموجودة في الممر سابقا ؟؟ " .

سألت الخادمة لكني لم أهتم ، وكان كل ما أريده رؤية لويس حالا ، حتى أني لم أفكر في شيء لقوله عند لقاءنا ، وكان إعتقادي أن كل شيء سيحل بنفسه عند لقائه .

وصلت لقاعة الطعام ، وفتحت الباب بسرعه ، ورأيت لويس يأكل بوجه خال من التعابير ، وعينين باردتين وخاويتين .

" ما الأمر لينا ؟ ، ألم تشاهدي شخص يأكل من قبل ؟ ".

صدمتني كلمات لويس ، الذي بدى وأكنه شخص آخر تماما ، وتحول عقلي للون الأبيض ،ولم أستطع التفكير في أي شيء ، وخرجت الكلمات دون إدراك مني .

" مممم ، لا ، أعني ، ألن ترحب بي أمام البوابة كالمعتاد ؟ " .

أدركت أنني كنت متسرعة في الحديث ، وبعد سكب اللبن من الكوب ، كنت أنتظر إجابة لويس ، مع أملٍ على تحسن الأمور ، لكن الإجابة التي تلت ذلك قطعت كل آمالي ببرود .

" هل يجب علي ؟ ، لا أذكر أن شيء كهذا كان من واجباتي !".

يتبع .......

2024/07/25 · 117 مشاهدة · 1195 كلمة
Ms_kende_2020
نادي الروايات - 2025