#منظور سيبستيان #
إستيقظ كبير الخدم سيبستيان قبل الفجر كعادتعه ، وبدأ عمله مثل أي يوم ، وبالطبع لم ينسى شتم الأحمق الذي يخدمه .
كان الأبله لويس ثالث أبناء رئيس العائله ، وكان أغبى إنسان واجهه سيبستيان حتى الآن ، وقد إعتقد بصدق أنه لن يواجه شخص أغبى منه لبقية حياته .
فقد أمضى لويس حياته كله في ثلاث أشياء رئيسيه ، ولم تكن شيء جيدا حتى بالكلمات الفارغه .
النساء ، الكحول ، القمار .
إن حصل أن سألك إبنك ذات يوم كيف يصبح لقيطا أحمقا ؟؟
فأخبره أن يكون ودودا مع العناصر الثلاث السابقه ، وينتي الأمر ، تهانين أصبحت لقيطا يسجله التاريخ في هذه المرحله .
وكذلك كان لويس ، رغم موهبته الخارقه ، وجسده المبارك ، كان أحمقا غير مسبوق ، ومضيعة للموهبة التي ولد بها .
ومع هذا لم يستطع سيبستيان إلا أن يتنهد ، فقد كان لويس نصف شيطان مكروه من الجميع منذ طفولته .
وربما كان هذا سبب وصوله لهذه الحاله ، مع كره عائلتهِ له .
تابع كبير الخدم عمله ، وهو يفكر في مثل هذه الأفكار عديمة الفائده ، حتى سمع صوت باردا وهادءا يناديه .
سيبستيان !!
كان صوت لويس يناديه !
وسع كبير الخدم عينيه في صدمه ، وتعجب من تغير صوت سيده ، بالطبع الذي تغير ليس الصوت نفسه ، بل الجوهر الذي يحمله .
بفضل كون سيبستيان قاتلا محترفا ، فقد كان قادرا على التعرف على التغيرات الصغيره في حركات الوجه ، والصوت ، وغيرها ، وكانت هذه أشياء ذات ضرورة قصوى في عمله .
بالطبع مع خبرته العميقة في هذا المجال ، سمع الكثير من الأصوات ، وحكم على الشخص مبدئيا من صوته .
وحتى الآن كانت الأصوات الباردة التي سمعها لرجال أقوياء بما يكفي لتحريك القارة بأكمالها ، وخالية من المشاعر .
لكن صوت سيده الشاب بدى أكثر برورة بأشواط ، وكذلك هدوءه الغريب ، الذي يبدو مثل الهدوء قبل العاصفه .
بدأت المشاعر التي أخفاها سيبستاين بعمق في الظهور ، وكان أولها هو شعور بدائي إعتقد أنه فقده منذ زمن بعيد .
كان ' الخوف ' !! ، الذي نسيه سيبستيان منذ زمن بعيد .
إبتلع سيبستيان لعاب جاف وتحرك ليواجه مصدر هذا الصوت ، ورغم أنه لم يلاحظ إلا أن ذراعيه إرتجفتا لبعض الوقت .
" ما الأمر سيدي الشاب ؟؟ "
بعد وصول بلتر لغرفت لويس ، سأله مباشرة عن سبب إستدعاءه .
" أخرج هذه العاهرات من غرفتي ، وغير السرير أيضا ، لديك خمس دقائق " .
صدم سيبستيان مرة أخرى ، الفتى الصغير الذي كان خائفا منه سابقا ، لم يعد موجودا وكأنه شخص آخر ، وفوق هذا الصوت البارد والوجه الهادء بدون أي مشاعر ، جعل الرعب يترسم في قلب بلتر .
تحرك بلتر بسرعة لينفذ الأوامر وكأنه ممسوس بشيء ما ، ومع خبرته كقاتل محترف ، عرف أن ما وصله لم يكن طلبا أو إلتماسا صغيرا ، بل كان أوامر من كيان لا يمكن رفضه .
شعر سيبستيان بأن حياته ترتبط بكيفيت إرضاء الشاب الصغير أمامه ، ولم يكن هناك مجال للتفاوض أو الرفض لأوامره .
وبعد إنتهاءه بسرعه تحدث بلتر مجددا " هل هناك أي شيء آخر سيدي الشاب ؟؟ " .
كان بلتر يحاول معرفت مزاج الشاب أمامه ، وكانت محاولته فشلا طبيعيا ، فلم يتفاعل لويس بأي شكل ، وكانت نظرته ممله ، وكأنه ينظر للرمل خارج منزله ، وبعد لحظه حصلت ظاهرة غريبة أمام بلتر جعلته يرتجف دون أن يدرك نفسه .
تحركت المانا في الهواء بناء على رغبت الشاب أمامه ، وكأنه أمر مسلم به .
بالطبع لم يهتم لويس بهذا ، لكن سيبستيان كان مختلفا .
تحريك المانا في الهواء بناء على فكرة أو رغبة فقط دون إستخدام المانا في الجسد كان مستحيلا عمليا .
فقد كانت المانا في الهواء لا تتحرك إلا بتفاعلها مع مانا أخرى خاضعة لشخص آخر ، وحتى مع الأبحاث التي أجرتها الإمبراطوريه وبرج السحره في كل مكان ، وصلوا الى أن الأمر مستحيل ما لم تكن تنينا حاكمُ كل المانا .
والآن شاب في السادسة عشر من العمر جعل هذا المستحيل ممكنا ، ومع هذا الإنجاز لم يرف له جفن وكأنه أمر طبيعي .
حتى أن بلتر شك في أنه نصف تنين وليس نصف شيطان ، ومع هذا لم يهتم لويس بأفكار بلتر وتابع كتابته على الورقه وسلمها لبلتر .
" أحضرها في أربعة أيام ، أو أكتب خطاب إستقالتك ! "
كان لويس يعتقد أن الكفاءه مهمة للغيايه لذا وضع حدا زمنيا سخيفا لهذه المهمه ، وهو يعرف أن شهرا لن يكون كافيا لجمعها ، ولكن بلتر أساء فهم لويس .
《 إن لم أكن مفيدا فلا حاجة لي للبقاء على قيد الحياة 》.
كان هذا فهم بلتر ، ففي عمل كقاتل إن لم تنجز المهمة فيجب عليك إنهاء حياتك .
وبعد رؤية المطلوب في الورقة لم يستطع بلتر سوى أن يشعر بالرعب ، فأغلب العناصر مواد شديدة السمية ، وإن تم مزجها مع بعضها فلابد أن السم المكون منها سيقتل حتى رئيس الدوقيه في لحظه ، وبدأت الأوهام تتشكل في رأس بلتر .
- هل يريد أن يغتصب كرسي الدوقيه ويقتل عائلته ؟؟
- هل يريد إغتيال الإمبراطور ؟؟
- هل ، هل ،من الممكن ، هل يريد ؟؟؟ .
والكثير غيرها ، لذا لم يسعه سوى السؤال ، وكان هذا خطأ كبيرا منه ، كما كشف له المستقبل القريب .
" هل لي أن أسئل بشأن إستخدامك لهذه المواد السامه ، سيدي الشاب ؟؟ "
وبمجرد إنتهاء سؤال بلتر ، برد الجو في الغرفه ، وشعر بضغط كبير غير معلن ، وتغيرة النظرة الممله في عينين الشاب أمامه ، وبدأ ينظر له بإشمأزاز ودنيويه .
إنتشر الخوف في جسد بلتر ، وندم على سؤاله ، حتى مع خبرته عرف أنه غير مسموح بمعرفة نية العميل ، أو المشكلة الخصة به ليتقدم للطلب ، وبعد هذا أتى الصوت البارد ليأكد شكوكه .
" هل أنت في موقف لسؤالي عن نيةي في إستخدامه ؟؟ "
أحنى بلتر رأسه وإعتذر ، وتحرك بسرعة وكأنه يهرب لينفذ الأوامر ، وكان يريد الإعتذار عن خطئه بأفعاله ، وإنهاء مهمته بسرعه ليأكد فائدته .
فمثل هذه الكائنات ليس لها مشاعر ، وكانوا يهتمون بالفوائد والخسائر ، لذا إن أثبت فائدته فيمكنه التمسك بالشاب وضمان مستقبل مشرق ، على الأقل ، ألن يكون هذا أفضل من الموت الآن ؟؟
يتبع ......