تحركت المانا داخل جسد لويس ، ووصلت لعقله ودارت داخله حتى وصلت لكل خلية في رأسه ، وكان الأمر مماثلا لمسارات المانا .
ورغم أنها كانت كبيرة بالفعل ولم هناك ما يمكن أن يسد مجرى المانا ، إلا أن لويس لم يكتفي بهذا وإستمر في توسعتها بشدة ، وبالطبع تبع هذا ألم شديد ، لكنه محتمل هذه المره .
لم يعرف لويس هل كان هذا أقل ألم أو أنه إعتاد على الألم ، ومع هذا فالجيد جيد بشكل طبيعي ، ولم يهتم أكثر .
ورغم أن الألم أقل إلا أن الوقت المستغرق كان أكثر بكثير .
وكما كان في السابق ، لم يكن العالم رحيما أبدا مع من يجرؤون على تجاوز حدود نوعهم ، وكان لابد من وضع قيود كبيرة على كل نوع ، ومن أجل تجاوزها لابد من الكثير الألم والمعاناه ، ولم يكن لويس إستثناء أبدا .
بل كان الأمر أسوأ للويس ، فقد كان نصف شيطان ونصف إنسان ؛ لذا كان الألم الضعف تقريبا .
وعند وصول المانا لعقل لويس ، وتغلغلها داخله لفتره ، بدأ عقل لويس يترنح ؛ وكأنه يطرق بمطرقة بوزن ألف طن ، ولم يكن هذا فقط ، بل كانت المطرقة تطرق المسامير داخل رأسه .
هذه المره لم يستطع لويس كبح صراخه أكثر ، وبدأت صرخات تشبه الوحوش تتردد داخل الغرفه .
ومن حسن حظ لويس أو من سوئه ؛ بسبب أفعاله السابقة غيَّر الخدم جدران الغرف لجدران عازله ، وبالطبع لم يكن على علم بهذا ، وإلا لصرخ منذ زمن بعيد .
من المعروف أن النمو يتبعه الألم في أي مجال ، إلا أن الألم مختلف حسب مسار النمو ، وكان نمو الكائن ليتجاوز حدود نوعه ، هي الأصعب من بين آلاف المجالات .
عرف لويس هذا ولكنه لم يعتقد أبدا أنه سيكون بهذا السوء ، ولم يكن أمامه سوى الصراخ والتحمل ، ويجب أيضا أن ينتبه للمانا المحيطه حتى لا تتدخل كثيرا ، وألا يفقد تركيزه على جسده أبدا ، وإلا فإن عمله الشاق سيذهب أدراج الرياح .
ومع هذه الفكرة الواضحه إلا أن التنفيذ شيء آخر ، وسرعان ما بدأ لويس يتقلب على الأرض ، ويشد شعره ويخدش وجهه .
كان مظهره أشبه بدودة تتلوى وهي على وشك الموت ، إلا أن عزيمته الفلاذية التي بناها قبل إنتقاله لهذا العالم حافظة على وعيه .
وكما هو معروف فإن شخصية المرء مبنية على تجاربه السابقه ، وتتكون الشخصية بسبب هذه التجارب وتتغير لفقا لها أيضا .
كذلك كانت القنعات تتجذر داخل العقل مع الخبرة المكتسبه طوال الحياة ، وكان من الصعب تغييرها لاحقا ، وهذا موقف لويس الآن .
فالنتائج ستكون حسب تحمله الآن ، لذا لم يرد الإستسلام في منتصف الطريق ، حتى لو كان هذا مظهره الحالي ، فلم يكن يمانع ! ، حتى لو وصفه الآخرون بالمجنون فلم يهتم ! ، حتى لو نظروا له ووجهو أصابع الإتهام إليه فلم يكترث ! .
ما فائدة قناعات الآخرين ؟ ، هل مرُّو بنفس تجاربه ؟؟ ، هل عاشوا مثل حياته ؟؟ ، هل عرفوا أفكاره وقلبه ؟؟ ، إن لم يفعلوا ! ، فما فائدة أن أتبعهم الآن ؟؟ .
لم يكن للأمر أي فائدة بالنسبة للويس بمتابعة الآخرين ، وكذلك لم يكن هناك فائدة في أن يتبعك الآخرون أيضا .
فحتى لو تبعوك ألن يطلبو شيء مقابل إتباعهم لك ؟؟ .
ألن يكون هناك شيء يرغبون فيه منك ، وشيء لن يستطيعوا الحصول عليه من غيرك ؟؟ .
إن كان الأمر هكذا من البدايه ، فلم يجب أن أهتم بهم ؟؟ ، ألن تكون مجرد أدصفقات فقط ، أليس هذا أفضل بالنسبة لي ؟؟ .
لم علي أن أهتم برأي الآخرين ؟ ، في النهاية عند وقوعك في مشكلة ، أو عند إنتهاء فائدتك بالنسبة لهم ، ألن يتركوك أيضا ؟ .
أليس هذا طريق سير العالم ؟ .
إن كان الأمر هكذا ، فكل ما عليك فعله هو السير في طريقك الخاص ، حتى لو كان ضد الآخرين ! حتى لو كان ضد العالم ! حتى لو كان طريقك يلزمك أن تلطخ يديك !.
فلم يكن هناك بشر بدون أخطاء ! لا يوجد بشري نظيف تماما ! .
قد تختلف الأخطاء من شخص لآخر ، لكنها في النهايه تظل خطأ ، ولن يغير شيء هذه الحقيقه ، مهما جملوها !!
قد يكون القاتل آثما لعائلة المقتول ، لكنه شخص جيد لعائلته لم يمانع في تلويث يديه من أجل إطعام عائلته .
قد يكون القديس جيد للأشخاص الذين يشفيهم ، لكنه بلاء بالنسبة للشياطين .
قد يكون الشيطان سيء بالنسبة للآخرين ، لكنه جيد لنفسه ، على الأقل كان يتحرك تبعا لغريزته ؛ حتى لو عرف أن الآخرين سيتأذون بسببه فلم يمانع ، فبالنسبة له إن وقع بين يدي القديس ، هل سيرحمه القديس ؟ أو هل سيستمع لقصته ؟ .
من الواضح أن هذا هراء ، فحتى لو لم يفعل الشيطان شيء سيء للآخرين ، فسيكون مكروها لكونه شيطان فقط ، ألم يمر صاحب هذا الجسد بنفس المعاناة ؛ لكونه نصف شيطان فقط ؟ ، إن لم يكن إبن الدوق ، ونبيلا مرتفع المستوى ، فهل كانت الكنيسة لتبقيه على قيد الحياة ؟ .
الإجابة واضحة حتى لو لم أقل هذا بنفسي .
في النهاية ليس لدي إلا نفسي ، ولا يمكن الإعتماد على أي شخص آخر .
فكل شخص يخونك حسب الظروف ، ومن يخون مرة سيخون ألف مره .
ليس عليك أن تشرب البحر بأكمله لتعرف أن البحر مالح .
يكفي فقط أن أسير في طريقي ، وألا أتبع الآخرين ، حتى لو مت فسيكون نتيجت قرارتي الخاصة ، وليس إتباع الآخرين ، ولن يكون هناك أي ندم ، حتى لو وُصفت بالوحش فلا أمانع .
ومع تأكيد لويس لقناعاته ، إنتهى الألم من صقل العقل وتلطيفه أخيرا .
ثم كان هناك فقط الأعضاء الداخلية الخمس ، وهي الأسهل والأخيرة .
تنهد لويس بإرتياح ، وبدأ فور بآخر عمل ينتظره قبل إنتهائه من ترسيم روحه .
وبعد أربع أيام بالضبض إنتهى لويس من ترسيم روحه وتكييفها مع جسده ، وبمجرد عودته للواقع ، نظر حوله ، وكانت الفوضى تملأ المكان .
قطع لويس أصابعه ، وتحركت المانا في الهواء ، ونظفت الغرفة وجسده .
بالطبع كان لويس يفضل الإستحمام ، لكنه قوطع بقرع باب غرفته .
" من ؟ " .
" أنا سيبستيان سيدي الشاب ، لقد أحضرت ما طلبته مني !! " .
" أدخل ! " .
يتبع .......