254 - المواجهة في خليج شيزكلار

غافيد ليندمان كان على وشك الانقضاض رفقة V.

لكنهما توقفا عندما انفجر غفارديول ضاحكاً من العدم..

"هاهاهاهاهاهاهاهاها!!!!"

لقد ضحك بصوت عالٍ لدرجة أنه هدد بتفجير طبلات آذانهم..

لقد كان متحمساً حقاً، ومنتشياً تماماً..

"لقد كانت بياتريس محقة!!!"

واصل غفارديول الصراخ تحت أنظار غافيد و V اللذان لم يفهمها سبب جنونه.. فإذا به يصرخ..

"أنت حقاً هو الأفضل.. فراي ستارلايت!"

عندما نطق غفارديول اسمي أخيراً، ذهبت كل الأنظار إليّ.. ما جعل كلا الجانبين بحيرة من أمرهم.

على عكس بلودمادير وسنو اللذان تأثرا كثيراً بما حضره الألتراس مبدين مختلف ردود الأفعال.. كان هناك رد واحد أبرزه وجهي منذ البداية حتى النهاية..

لقد كانت ابتسامة..

ابتسامة لم أدرك أنني أصنعها حقاً، ابتسامة سادية مرعبة، أخفت خلفها عطشاً مرعباً للدماء..

"لقد كدت تقتلني بنظراتك تلك حتى الآن، لورد ستارلايت، أتساءل هل تحقد علي؟ هل تريد قتلي؟ لا أعلم.. ربما فعلت شيئاً ما أثار غضبك.. لكنني فضولي بشأن شيء مختلف حالياً.. وهو لماذا بحق الجحيم تضحك الآن وأنت بوضع كهذا؟"

سأل غفارديول، مبدياً فضولاً حقيقياً، ما دفعني لأخطو خطواتي الأولى ناحيتهم منذ بلغت هذه الأرض التي صنعوها بأنفسهم.

"المعذرة أيها السادة الكرام، فيبدو أن هناك سوء فهم."

خطوة تلو الأخرى، اقتربت من بلودمادير وسنو.

"لكن قبل أن أوضح سوء الفهم هذا.. لدي سؤال لك، يا صاحب الضمادات غفارديول."

محدقاً به بأعين اشتعلت بوهج بنفسجي سألت من باب الفضول.

"منذ دخولنا لخليج شيزكلار، كنت قد رصدت كل شيء بالفعل.. جيشكم الذي يبلغ قوامه 35 ألف رجل، وتواجد كل من الهولو واللوردات.. وحتى مخلوقات الكابوس التي خبأتموها هناك بالأعماق."

مستمعين لكلماتي هذه، هم حدقوا بي باستغراب و بضوء جديد، خصوصاً عندما أعطيت العدد الدقيق لقواتهم..

"لكن أنت، يا نصف الشيطان.. أنا لم أشعر بهالتك ولا وجودك، لم أستطع سماع أنفاسك، ولا دقات قلبك.. الأمر كما أنك لم تكن موجوداً من الأساس.. قبل أن أبدأ أريد أن أسألك، كيف فعلتها؟"

لقد كان فضولاً حقيقياً.. فغفارديول هو الوحيد الذي تفاجأت من وجوده، لأنني لم أستطع الشعور بوجوده على عكس البقية.

طوال فترة تدريبي، كنت قد دربت حواسي إلى حد الكمال لدرجة أنني صرت أستطيع رصد أي شيء داخل مجالي..

ضحك هروبه مني عن إخفاء شيء ما، وبالفعل.. غفارديول بصوت عالٍ.

"دقات قلبي؟ أنفاسي؟ أنت مجنون حقاً يا لورد ستارلايت.. أن تذهب إلى هذا الحد، أي نوع من الحواس هي تلك التي تملكها؟"

بابتسامة قذرة، مزق غفارديول الضمادات التي غطت صدره، كاشفاً عن جسد متحور أفرز مادة سوداء قذرة، وبشرة رمادية بعشرات الحفر الغريبة التي امتدت عميقاً داخل جسده.

وما قبع داخل تلك الحفر لم يكن لحماً ودماً، بل مجرد كتلة من القذارة.

"لقد صدقت بكلامك.. لورد ستارلايت، فأنا لا نبض لي، ولا نفس لي، فأنا ميت منذ وقت طويل."

ضحك غفارديول بينما واصل الكلام مطلقاً هالة الظل الهائلة الخاصة به.

"أما هالتي، فاستطيع إخفاءها ببساطة بفضل تأثير مهارة أملكها لهذا لم تستطع كشفي... هاك، هل أنت سعيد الآن؟"

بعد سماع إجابته، أومأت..

"فهمت.. مذهل حقاً."

"حسناً.. أنت ستموت على أي حال لذلك لا ضرر من تحقيق أحد رغباتك قبل حدوث ذلك."

لقد كان غفارديول مقتنعاً بشكل كامل أنه حاصرني.

"أخبرتكم من قبل.. أنتم تسيئون فهم شيء ما هنا."

واضعاً يدي اليمنى على كتف سنو، واليسرى على الخاص ببلودمادير..

تعمقت الابتسامة على وجهي..

"رفيقاي هنا، جاءا إلى هذا المكان كرسل.. بنية الحديث."

بنقرة من يدي، اختفى كل من سنو وبلودمادير بشكل سحري من المنصة، تاركين إياي وحيداً مع الأعداء..

سواء سنو أو بلودمادير..

لم يفهم أي منهما كيف عادا إلى السفينة بقدرة النقل الآني الخاصة بي..

بعدها أبعدتهما بالفعل..

أخفضت ذراعي ببطء، فاتحاً إياهما بوجه خصومي.

"أما أنا، فجئت من أجل غاية واحدة لا غير."

في تلك اللحظة، وتزامناً مع تلك الكلمات.

اظلم العالم، واهتز الفراغ، وصرخت مخلوقات الكابوس برعب، بينما أظلمت وجوه نخبة الألتراس الواقفين أمامي..

مطلقاً العنان لهالتي، سحبت سيوفي أخيراً.. مخرجاً نية القتل تلك التي كبحتها حتى الآن.

"لقد جئتكم اليوم، بنية ذبحكم أجمعين!!!"

"وبالبداية بك أنت، يا ابن العاهرة الذي تسبب بموت دانزو!!"

أمام صراخي الهستيري المصحوب بضغط الهالة المروع، لم يستطع الألتراس فعل شيء سوى إدراك أن خطتهم قد تدمرت تماماً بسهولة شديدة من طرف فرد واحد..

..

"هذا اللعين.. هذه الهالة.."

محدقين بي بكفر، لم يفهم غافيد ليندمان ما كان يراه.

"كيف؟ بحق الجحيم تتجاوز هالته الفئة SS+؟!!"

ما شعر به لم يكن بالفئة SS+... بل تعداها بكثير.. تعداها لدرجة بلوغ الفئة الأسطورية.. الفئة SSS.

ثلاثتهم لم يفهموا ما رأوه، لكنني لم أسمح لهم بالتفكير حتى.

فبلحظة كنت أمامهم، لكن بالموالية.. كنت قد اختفيت تماماً من أنظارهم..

بسيوف اشتعلت بهالة سوداء لا ترحم، أطلقت العنان لكل تلك القوة التي حشدتها حتى الآن..

"10 آلاف خطوة من الظل: موجة الهاوية."

لم أملك الوقت لقتال كل مخلوقات الكابوس بالإضافة إلى الألتراس الواحد تلو الآخر، لذلك قررت نسفهم جميعاً بهجوم واحد فحسب.

هجوم أطلق العنان للفن الأعلى لأسلوب 10 آلاف خطوة من الظل..

موجة الهاوية..

تأثير الضربة قد كان مدمراً، مستعملاً أوراً الظل، مزقت كل شيء داخل ساحة المعركة، قاطعاً مخلوقات الكابوس، والأمواج، والأرض، ونخبة الألتراس كلهم دفعة واحدة.

سلاشات الظل ظهرت من العدم، ومزقت كل شيء بطريقها...

بضع ثوانٍ.. صبغت الدماء مياه البحر، وصرخت تلك المخلوقات المهيبة التي حكمت البحار ذات يوم، بينما ماتت الواحدة تلو الأخرى بعدما دمرهم هجومي الأخير بشكل كامل..

بمجرد ابعادي لمخلوقات الكابوس.. اندفعت وسط مذنب مظلم مستهدفاً غفارديول الذي كان لا يزال يحاول فهم ما حدث..

لكن غافيد ليندمان قد تحرك على الفور منضماً إليه بعدما رآني قادماً.

ساحباً الأثير، هو كان مستعداً للقتال، لكن ذلك لم يعني شيئاً لي، فقد كنت مستعداً لقتالهم جميعاً دفعة واحدة منذ البداية..

"10 آلاف شخص من الظل: المهارة الفائقة: نحت الفراغ."

بتلويحة مزدوجة من سيوفي، أرسلت موجة مزدوجة من أورا الظلام.. موجة هائلة دمرت المنصة تماماً ودفنت لوردات الألتراس عميقاً داخل البحر الشيطاني الذي تبخر من شدة الضغط..

بينما مزقت أعدائي، وجدت نفسي أضحك بجنون..

"أخيراً.."

"أخيراً أستطيع إطلاق العنان لها.. القوة التي بنيتها، والمشاعر التي كبتها.. أستطيع إخراجها كلها الآن!!!"

لم يعد علي التحمل بعد الآن.. هنا بساحة المعركة..

أستطيع أخيراً قتلهم.

"أستطيع قتل أبناء العاهرة جميعاً."

في تلك اللحظة، كنا قد بدأنا رسمياً..

المعركة الأولى، من حرب الظلمات.

الالتراس لم يكونوا يوما قوما يمكن الحديث معهم بالكلمات، هذه حقيقة مسلم بها، حقيقة تم إثبات مدى صحتها اليوم.

فبعدما استدرجوا قوات الإمبراطورية إلى أرضهم، تمكن الالتراس من جعلهم يقعون بالفخ الذي حضروه بعناية.

مياه خليج شيزكلار قد انفجرت بشكل عجيب، مفرجة عن أهوال البحر التي اختبأت بالأعماق.

مخلوقات الكابوس البحرية الهائلة قد شنت هجوما موحدا بوقت واحد، مسببة كما مرعبا من الدمار لأسطول الإمبراطورية.

كان المنظر مرعبا بحق، لوحة موت مثالية رسمت هناك وسط البحار.

المجسات واللوامس قد التفت بشكل محكم حول السفن مغرقة إياها الواحدة تلو الأخرى بمن فيها.

كوارث بحرية كان معظمها في الفئة S وما تجاوز ذلك.

والأسوأ أن أعدادهم قد تجاوزت المئات، ما جعل البحر يعج بهم.

"كيف تمكن الالتراس من السيطرة على هذا العدد بحق الجحيم؟!!" صرخ أحد قادة الجنود الإمبراطورية، ماسحا الدم من وجهه ومحاولا قطع تلك المجسات التي هددت بإغراق سفينته.

لطالما استعمل الالتراس مخلوقات الكابوس بالحروب، لكن لم يسبق لجانب الإمبراطورية رؤيتهم يسيطرون على ذلك العدد الهائل منهم.

خصوصا مخلوقات الكابوس البحرية، تلك التي عاشت بالأعماق وكثيرا ما ظهرت بالسطح.

وحوش من عالم آخر بدت شبيهة بالكراكن، وبعضها مجرد مسوخ بحرية شابهت أسماك القرش العملاقة.

تلك الوحوش قد اختبأت بعيدا بالأعماق، بينما تم حجبهم تماما عن الإمبراطورية، وهذا ما جعل سنو والآخرين غير قادرين على إدراك وجودهم.

بنفس وقت انقضاض مخلوقات الكابوس، استغل جانب الالتراس الفرصة ورجموهم بالمدافع السحرية، والأسهم والقذائف.

هجمات مدمرة نزلت من السماء مثل الأمطار من شدتها وكثرة أعدادها.

من الأسفل، من الأعلى.

تم الإغلاق على طليعة الإمبراطورية من كل مكان.

لكن ورغم الوضع المزري، إلا أن المعركة لم تكن من جانب واحد.

فسرعانما تفرق أعضاء الفرقة الخاصة بكل مكان مساعدين السفن الأخرى التي تعرضت لبطش العدو.

فينيكس كان بمثابة بركان متحرك، بركان صب نيرانه داخل البحر مبخرا إياه رفقة كل مخلوقات الكابوس التي سبحت بداخله.

من جهة أخرى، استعمل سنو ليونهارت ترسانته الكاملة من العناصر، مفجرا كل ما وقف بطريقه.

القديسات يوراشا بالإضافة إلى أوريل، كلاهما قامتا بصب القوة المقدسة باستمرار لمسافات طويلة جدا مشكلين دروعا حول جنود الإمبراطورية، دروع لم تحمهم فقط من الهجمات التي شنها الالتراس، بل قامت بعلاج جروحهم أيضا.

كل هذا بينما اقتحمت سفينة الطليعة الخاصة ببلود مادير خط وحوش الكابوس بالقوة، محاولين بلوغ فراي.

"علينا أن نسرع! فراي ستارلايت يقاتل قادتهم بمفرده هناك!" صرخ سنو ليونهارت، بينما صر بلودمادير على أسنانه "أعلم ذلك عليك اللعنة!".

مستجمعا أورا الضوء، لكم بلود مادير للأمام، متسببا بموجة من الدمار التي شقت البحر من أمامه.

"مالذي يفكر به ذلك الفتى بالضبط؟!" أن يبقى وحيدا هناك، محاطا بثلاثة وحوش من الفئة SS وأعلى.

ومخلوقات الكابوس فوقها.

مهما نظر بلود مادير للأمر، ذلك بدا كانتحار له.

لقد تم خداعه تماما من الأعداء، لم يتوقع أنهم قد يجهزون فخا كهذا، كما أنه لم يفهم حتى كيف جعلهم فراي يعودون إلى السفينة بلمسة واحدة منه.

"لا داعي للقلق، فراي يصمد بشكل جيد هناك".

واقفة فوق صاري السفينة بالأعلى، المكان الذي أعطاها نظرة شاملة لساحة المعركة.

كانت سانسا تمطر جيش الكابوس من حولها بواسطة أقواس الظل القاطعة خاصتها.

بنفس الوقت، قامت باستدعاء مجسات الظلال الخاصة بها لتتصارع مع أي كائن تجرأ على لمس سفينتهم.

أعينها الشيطانية قد كانت مركزة بعيدا بين مئات الوحوش البحرية.

كانت سانسا ترصد من وقت لآخر انفجارات الأورا العنيفة لهجمات فراي، هجمات تسببت بكم هائل من الدمار.

رغم أنه بدا لها مثل نقطة صغيرة من تلك المسافة، إلا أنها استطاعت معرفة وضعه بشكل شبه مثالي.

"يصمد بشكل جيد؟ ألم تري من هم أعداءه؟!" صرخ سنو من بعيد، مواصلا التلاعب بالعناصر الواحد تلو الآخر.

من جهة أخرى، أوريل بلاتيني حاولت دعم فراي بقوتها المقدسة، لكن المسافة قد كانت كبيرة جدا ما جعلها غير قادرة على تقديم الكثير.

"سأذهب وأساعده.. أثق أنني أستطيع بلوغه بسرعة لخطوة الفراغ".

قرر سنو الاندفاع بحزم، من أجل دعم فراي الذي قاتل وحيدا.

لكن مجموعة كثيفة من الظلال قد التفت من حوله مانعة إياه من الذهاب.

لقد كانت سانسا.

"ما يجب عليكم التركيز عليه الآن هو العدو من حولكم، أسطول الإمبراطورية لن ينجو إذا ما قررتم الاندفاع بعيدا تاركين إياهم بالخلف".

بينما تحدثت، كانت سانسا لا تزال تصنع المزيد والمزيد من شفرات الظل التي سقطت من السماء ممزقة مخلوقات الكابوس.

"فراي قوي، لن يسقط بسهولة.. تأكد أنه لو كان بخطر الآن، لكنت قد ذهبت إليه على الفور بنفسي بدل البقاء بجانبكم." بين حياة 100 ألف رجل، وحياة فراي.

سانسا لم تكن لتتردد ولو للحظة واحدة باختيار فراي.

لذلك عدم تحركها حتى الآن قد كان خير برهان أن اللورد ستارلايت لا يزال بخير.

"لقد بدأت الحرب بشكل رسمي، وبكارثة لجانبنا.

فراي يقاتل هناك وحيدا لكي يقلب الكفة لصالحنا، لذلك لا تتجرأ على رمي مجهوداته هباء بتدخلك الذي لا داعي له".

أولوية فرقة الطليعة الخاصة حاليا كانت جعل الأسطول يخرج بأقل ضرر ممكن من موجة الكابوس التي تعرضوا لها، استعدادا للمعركة التي ستتلو ذلك مباشرة ضد أسطول الالتراس.

حسب ما قاله فراي، أسطول الالتراس يضم 35 ألف مقاتل.

بمعنى آخر، هم يتفوقون عليهم عدديا بالفعل ناهيك عن مخلوقات الكابوس.

بهكذا مواقف، المسؤولية تقع عليهم هم لقلب الطاولة.

هذا ما أرادت سانسا أن تجعل أمثال سنو وأوريل يفهمونه.

بلودمادير لم يستطع سوى أن يشير لكم كانت الأميرة محقة، فقد قالت الكلمات التي يفترض به هو قولها.

"جميعا، فالتركزوا على العدو من حولنا مخلوقات الكابوس هي أولويتنا القصوى حاليا!!" لم يكن هنالك مجال للخطأ بموقفهم، في تلك اللحظة.

أخذت الفرقة الخاصة بقيادة بلودمادير مسؤولية الحرب بأكملها على عاتقهم.

"لننتهي من هذا الجانب بسرعة، فلا يروقني أن أرى أحد تلاميذي يقاتل وحيدا".

مستعملا قوته الكاملة، كان فينيكس صنلايت الأكثر فعالية داخل ساحة المعركة، فنيرانه تعتبر بمثابة العدو الطبيعي لوحوش الكابوس البحرية.

مسابقين الزمن، حاول جانب الإمبراطورية الخروج من حالة الحصار التي فرضت عليهم بأسرع وقت ممكن، من أجل ما كان قادما، ومن أجل فراي.

هذا الأخير قد قاتل بعيدا عنهم، متوليا أقوى الالتراس بمفرده.

رغم أن سانسا قد أظهرت ثقتها به، إلا أن ذلك لم يروي حقيقة القلق الذي تنامى بداخلها مع كل ثانية مرت.

أعينها الشيطانية واصلت محاولة رصده طوال الوقت، ما جعلها بالكاد تقاتل بقوتها الحقيقية ضد مخلوقات الكابوس.

جسدها كان هناك بينهم، لكن وعيها قد ذهب لمكان آخر بالفعل.

باللحظة التي تشعر فيها بأنه معرض للخطر ولو قليلا، هي كانت مستعدة للذهاب إليه على الفور، حتى لو عنى الأمر التخلي عن البقية.

يمكن القول أن فراي ستارلايت قد خفف من الضرر الذي تعرض له الأسطول بشكل كبير.

فقتله لذلك العدد من مخلوقات الكابوس هناك بالمقدمة.

قد كان السبب الذي جعل الهجوم الذي قد تعرضوا له أضعف بكثير مما كان مخططا له من قبل عدوهم.

لولاه، لكان الهجوم أشد فتكا بكثير.

هذا لوحده قد غير الكثير، ناهيك عن صده لقادة الأعداء لوحده.

أينما ذهب، وأينما ارتحل، بدا وكأن فراي قد قدر له دوما المصير نفسه.

مصير حيث يقاتل أكثر من أي شخص آخر، ينزف أكثر من أي شخص آخر، ويقتل أكثر من أي شخص آخر.

كان دائرة كررها فراي كثيرا مؤخرا.

لكن على عكس سابقاتها، هو رحب بها هذه المرة، بل أرادها، وتعطش لها.

وهذا ما يفسر تلك الابتسامة الملعونة التي علت وجهه منذ بداية المعركة، ابتسامة دموية روت الكثير.

مهما بدت المعارك الأخرى وحشية تلك التي جرت بخليج شيزكلار، فهي لم تبلغ نصف ما بلغه ذلك الصدام الذي جمعه بهم.

وسط البحر الهائج، بين مخلوقات الكابوس التي صرخت بدون توقف عندما تم تمزيقهم نتيجة التعرض لبطش تلك السيوف السوداء.

خاض اللورد ستارلايت معركته الخاصة، المعركة التي انتظرها منذ وقت طويل.

مستعملين المياه من تحتهم كموطئ قدم، وكأن أرض صلبة قد صنعت من أجلهم.

تلاحمت قوتان مظلمتان، اثنان من الهالات السوداء التس تصادمت بشدة، لتبادل شديد السرعة جرى بين اثنين من الوحوش التي لم ينطبق عليها المنطق البشري.

فراي تلاعب بسيوفه وكأنها امتداد لجسده، مواصلا تقطيع غفارديول الذي استعمل قبضاته لصدها.

التبادل كان سريعا جدا، ورغم وحشيته، الآن الابتسامة لم تفارق وجوههما.

غفارديول استعمل الظلال، مطلقا إياها من داخل جسده نحو فراي، لكن هذا الأخير قد قطعها بسهولة شديدة.

"لقد اخترقت للفئة SS+ إذا.. غفارديول، أفترض أن التدريب بهيلموند قد أفادك كثيرا!"

بوووم مرسلا موجة مظلمة من أورا الظلام ذي الفئة SSS الواحدة تلو الأخرى، ضغط فراي بشدة، بينما وجد غفارديول نفسه يتراجع.

"كم كان الوقت الذي قضيته هذه المرة هناك؟ سنة واحدة؟"

بوووم!! "سنتان!؟"

بوووم!! سواء الدارك سيستر، أو باليريون.

كلاهما مزقا لحم غفارديول الصلب باستمرار، بينما عجز لورد الالتراس حديثا عن الرد حتى ما جعل الابتسامة على وجهه تتصدع شيئا فشيئا.

خصوصا عندما أظهر فراي معرفته المسبقة بهيلموند، وأن الوقت هناك يمر بشكل أبطأ بكثير.

مهما حاول ضرب خصمه، كان الأمر ينتهي بذراعه ممزقة أكثر بكل مرة، ما جعل دمه يتسرب دون توقف.

لكن الضرر كان سطحيا جدا حتى الآن.

"أنت تتكلم كثيرا، لورد ستارلايت! اعترف أنك أغرب خصم أقاتله فوق هذا الكوكب حتى الآن".

رغم الضغط الجنوني الذي سلطه فراي، إلا أن غفارديول لم يبدو منزعجا كثيرا.

"أراك تعطي نفسك ما هو أكبر من حجمك، أظن حقا أنك تستطيع الفوز؟" هالة غفارديول تضخمت بشكل مرعب، بينما تحولت الظلال من حوله إلى مادة سوداء شديدة الصلابة.

تلك المادة واصلت التشكل من داخل جسد غفارديول.. تحديدا من داخل الحفر السوداء التي تواجدت بكل أنحاء جسده.

"أنت لا تعلم كم هو مرعب هذا العالم الذي نعيش به... لورد ستارلايت، وقوتك هذه التي تفخر بها ما هي سوى شيء تافه.. أمام القوة الحقيقية!!" مطلقا العنان لها، شكل غفارديول مئات المسامير السوداء بواسطة تلك المادة، مطلقا إياها نحو فراي.

الهجوم قد كان خارق السرعة، سريعا لدرجة أن فراي لم يستطع أن يراه قادما حتى ناهيك عن صده.

نتيجة لذلك، هو تعرض لضرر مرعب.

كان الهجوم وحشيا، ومرعبا.

فعشرات الحفر الدموية قد تشكلت الآن فوق جسد فراي، لدرجة أن إحدى المسامير المظلمة قد اخترقت عينه اليسرى مشكلة حفرة دموية على وجهه.

دماء فراي قد تسربت بغزارة، بينما انهار جسده للخلف ببطء.

غفارديول ضحك بجنون، بعدما قلب الطاولة على عدوه بهجوم واحد.

"أنت أضعف مما ظننت.. لورد ستارلايت!!! هكذا لن يختلف مصيرك عن مصير صديقك ذاك الذي جئت من أجل الانتقام له!" بعدما دمره بذلك الهجوم، ظهر هذه المرة غافيد ليندمان خلف فراي.. ملوحا بسيف الإثير مستهدفا رقبته من أجل قتله.

كان الهجوم سريعا، وفراي قد بدا بحالة مزرية.

بعدما كان السيف على بعد لحظات قليلة فقط من قطع رقبته، غفارديول رآها.

رأى الشيء الذي جعل ضحكته الهستيرية تختفي تلقائيا.

فحتى بوضعه ذاك، بعشرات الحفر الدموية التي عصفت بجسده، لدرجة أن إحداها قد دمرت عينه اليسرى بالكامل.

وحتى عندما سقط فراي ليندمان أمام سيف غافيد ليندمان، إلا أن تلك الابتسامة الباردة على وجه فراي ستارلايت لم تختفي مطلقا، بل زادت اتساعا ورعبا.

ذلك المشهد و لسب ما، قد جلب القشعريرة لغفارديول.

ذلك التوتر قد كان بمحله.

غافيد ليندمان قد كان على وشك قطع رقبة فراي، إلا أن تيار الزمن قد تجمد باللحظة الأخيرة، ليتوقف الأثير مجبرا أمام وجه فراي.

الوقت نفسه قد تم تجميده لثانية، ثانية لم يستطع فيها لا غافيد ليندمان ولا غفارديول الحراك.

ثانية واحدة قد بدت تافهة جدا، لكن بمعارك من ذلك العيار.. هي كانت قاتلة.

فعندما تجمد الزمن، فراي كان الوحيد الذي واصل الحركة بحرية تامة.. وكان قوانين الطبيعة لا تعني شيئا له.

بتلك الثانية الواحدة، فراي صد الأثير بالدارك سيستر، ثم بتلويحة من باليريون هو ترك شقا دمويا مرعبا على صدر غافيد ليندمان، جاعلا لورد الالتراس ينزف بشدة غير قادر على الرد حتى.

ثم بنفس الوقت... وقبل أن تنتهي الثانية الواحدة.

ظهر اللورد ستارلايت أمام غفارديول، هذا الأخير رآه بوضوح.

فالزمن قد توقف عن المضي قدما، بشكل سحري لجسده ولا وعيه.

بتلك الثانية الواحدة، بدا العالم وكأنه قد تحول لمجال فراي الخاص.

مجال يفعل به ما يشاء.

محدقين ببعضهم البعض، وبعينين محقونة بالدماء، غفارديول لم يفهم ما كان يحدث.

نظيره فراي، بحفرة الدم الذي واصل التسرب من عينه المفقودة بدا مرتاحا وكأنه لم يصب بالمقام الأول.

ثم بضربة خاطفة شديدة السرعة.

شعر غفارديول بصدره يتحطم، عندما طعن فراي باليريون عميقا بداخله.

تلك الطعنة كانت آخر ما فعله فراي قبل أن تنقضي تلك الثانية الواحدة التي جمد بها الزمن بواسطة مهارته الجديدة.. لقطة الشاشة.

بمجرد عودة تيار الزمن للمضي قدما، سقط غافيد ليندمان متمسكا بالشق العظيم على صدره.

أما غفارديول وفراي، فقد وقفا كلاهما أمام الآخر.

ثم بدون سابق إنذار، توهج باليريون الذي كان لا يزال مغروسا داخل جسد غفارديول مطلقا شعاعا عظيما من الأورا المظلمة.

ضربة مرعبة دمرت جسد غفارديول من الداخل، وخرجت من ظهره مغلفة كل ما تواجد بالأسود.

نتيجة لتلك الضربة الوحشية، غفارديول نزف قدرا مرعبا من الدم الأسود من فمه بينما سقط على ركبة واحدة أمام فراي، مبديا وجها اعتصره الألم.

لورد الالتراس صرخ بشدة، مثل وحش جريح تعرض للتو لألم لم يختبر مثيله من قبل.

راكعا أمام فراي.

هذا الأخير ضحك بهدوء.

"لقد تحدثت عن القوة، يا نصف الشيطان".

محدقا به من الأعلى، وكأنه يتعامل مع مجرد حشرة.

أخرج فراي سيفه من داخل جسد غفارديول، قبل أن يضعه داخل فم خصمه ممسكا إياه من وجهه.

"دعني أريك شيئا مثيرا للاهتمام".

وكأنها كانت تنتظر أمره.

اشتعلت نار بنفسجية فوق جسد فراي، ملفة حول جروحه الدموية بشكل سحري.

ثم بدون سابق إنذار، وتحت أنظار غفارديول الحائرة.

اختفت إصابات فراي بشكل كامل، بل تجدد لدرجة أن عينا جديدة قد ظهرت بدل القديمة، ليعود فراي لأفضل حالاته وكأنه لم يصب بالمقام الأول.

"أخذ مني الأمر 8 أشهر لبلوغ هذه القوة التي استهزأت بها".

سلاش!!

2025/07/31 · 102 مشاهدة · 3034 كلمة
Song
نادي الروايات - 2025